كثير ما تمر أمام أعيننا العديد من اعمال مصورين عالميين أو محليين، فنتلمس منها أنها تعود للمصور الفلاني دون ان نبحث عن توقيعه او أسمه؟
او عندما تشاهد فلمآ أو تستمع شعرآ وتُصغي لموسيقى تعلم وتشعر أنها لفنان معين دون غيره!
من أين أتى هذا التنبؤ والإحساس؟
أغلب الفنانين وعلى كل الأصعدة المتنوعة للفن يتميز بأسلوب يفرزه عن أقرانه وسلوك جمالي يختص به دون غيره وهنا تكون هذه الميزة هي سمة أختص بها هذا الفنان أو ذاك أثرت عطاءه الفني وقيمة مضافة للسرد الجمالي المرسل من خلال عمله.
وبما ان التصوير الضوئي هو فرع من فروع الفنون الجميلة، أو الأدب الرفيعة كما كان يسميها العرب وهي: (الرسم والشعر والنثر والنحت والتمثيل والموسيقى والبناء/العمارة)، وغاية هذه الفنون مجتمعةً هو الجمال. ينطبق أيضا على الفن الضوئي مفهوم السمة كأقرانه من الفنون الأخرى، علاوةً على سحر الضوء الذي هو سر وروح هذا المجال الإبداعي لذا كان لزامآ على المصور أن يكون له أسلوب يتميز به عن الأخرين، وينفرد بسرده البصري، المعبر عن مكنون روحه والباعث لترجمة مشاعره، والمحاكي لفلسفته.
السمة هي تلك الاحاسيس المتولدة والمنبعثة من كادر ما، والمحركة لمكنون التذوق لدى المصور، والانطباع الجمالي الذي تحفز في عقل الفنان، والتي بمجملها سوف تنعكس على روحانية العمل فيكون مفعم بالحياة نابض بالوجدان، ملهم للأخرين، مما يستدعي المتلقي ان يتوقف ويتمعن في ذلك العمل.
كل ذلك نستطيع ان نسميه روح وروحانية العمل، والمحرك الفعلي، والجاذب اللاإرادي للمتلقي والأسلوب الممتزج مع ملاكات وعناصر العمل الفني.
السمة: هي الطقس الوجداني الذي تقيمه الروح مع الكادر لممارسة نزعة إنسانية، والأصحار عن معنى ميتافيزيقي، وبيان حالة تلامس الجميع للتعاطف معها.
تأتي السمة بأشكال مختلفة وحسب اختيار المصور نفسه، حينما يشعر انها تترجم وتعبر عن شخصيته كفنان. لربما تكون من خلال زوايا معينة، أو بعد بؤري ما، او اختيار محور من محاور التصوير، وبعض الأحيان تكون عن طريق المعالجة الرقمية.
المهم في كل ذلك، ان هناك لمسة وأسلوب انتزعه المصور من خلال خبرة، او ممارسة، أو وجهة نظر يريد إيصالها للجمهور والمتذوقين بكل درجاتهم. انعكس من خلجات روحه وفكره، لينطبع على أصل العمل، فيزيد من قيمة المد البصري، والتجلي الضوئي والبعد الفني، لتكون سجية تنسحب على كل أعماله.
وهذه الحقيقة لا تأتي أو تتولد، حتى يكون المصور على قدر عالي من الثقافة البصرية، والإحساس العالي، والشعور الفياض بالأشياء، والإدراك والتذوق الجمالي مرفوع النسبة داخل الفكر والروح.
لذا تجذب تلابيب قلوبنا بعض الصور دون غيرها، بسبب هذه الميزة وغيرها، إذا ما أخذنا بالحسبان، ان اللغة السردية ليست الوحيدة التي تعبر عما يجول في الخواطر
والوجدانيات، بل للصورة القوة على المنافسة في سرديتها، من خلال النص الضوئي، والمتوازية بخط مجاور للأدب، في طرح القصص والقصائد بغير لسان، سوى لسان الضوء الذي أصبح يحسب له حساب النص الأدبي، إذا ما أحُسن توظيفه بعبقرية، ليتجلى بكلمات ليست كالكلمات، وعبارات ليست كالعبارات، بل أجزل وأعمق وأصدق، وأكثر واقعية، وصدقآ، فهي مُشاهدة بالعين لتناغي الفكر، وتتودد لخلجات الإنسان المتلقي، لتنتزعه من سباته، أو غفلته، وتوجهه نحو الهدف السامي لأصل فكرة العمل الفني.
السمة: هي الحياة الماورائية للصورة، تُدرك عقلآ، وتشعر بها حسآ. وهي تلك البصمة الجينية للوليد الجديد، الذي يشبهك ولا يشبه غيرك، التي تثبت أنك أنت أباه، بل هي الأسلوب العميق الذي يعبر عن عشقك للضوء ومكنون سره المستتر.
ماذا يتحقق للمصور من السمة ؟
أول ما يتحقق للمصور منها، التفرد في الأسلوب، وعدم التكرار لمعايير مصورين أخرين،يظن أن نجاحهم بأسلوب ما، سينعكس على عمله ويصيبه نصيب من ذلك النجاح، وهذا وهم، بل أن السمة، ستصنع منك شخصية مستقلة بذاتها، من دون التبوتق بسنخ مصور سبقك بالتجربة وصنع له طريقاً مغاير يحسب له، فإنك إن فعلت ذلك ستكون صدىً راجعً منه وتمسخ شخصيتك الفنية. كما أنها تخلق لك نمطآ فكريآ، بواسطته تستطيع ايصال رسالتك الإنسانية، إذا ما أخذنا أهمية الفحوى والمرتكز الأساسي من العمل وهدفه،وتصنع منك شخصية يحسب لها التقدير والأحترام لدى الأخرين.
ــــــــــــــــــــــــــ
سِمَة:- جمع سمات(لغير المصدر):
1 – مصدر وسَمَ.
2 – علامة، وتأشيرة :- سِمَة دخول
• سِمة شخصيَّة: خصلة أو سجيَّة / ما يمكن أن يعتمد عليه في التفريق بين شخص معيَّن وآخر.