تُنشِّطُ ذاكرة العالم بمخطوطات جلال الدين الرومي
لا يزال نداء جلال الدين الرومي: “تعالَ.. تعالَ، لا يهم من أنتَ، ولا إلى أي طريقِ تنتهي، تعالَ.. لا يهم من تكون” الذي خاطب به جميع المعتقدات والأعراق، يلقى الصدى حول العالم رغم مرور ستة قرون على وفاته.
تحول الرومي بعد وفاته بقرون إلى رمز التصوف والمحبة الخالصة بين البشر ولا يزال يُستثمر في العصر الحديث كدلالة على جوهر الدين الذي تحضر فيه محبة الله لا الخوف منه، وها هو اليوم، قبيل ذكرى ميلاده بقليل (17 ديسمبر)، يطلق الحدث مرة أخرى.
إذ تعمل تركيا حالياً على إدراج مجموعة مخطوطات الشاعر والعالم الصوفي جلال الدين الرومي ضمن سجل “ذاكرة العالم” التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو”، بالإضافة إلى أرشيف صور السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، حسب ما أعلنه رئيس اللجنة التركية لدى الينوسكو أوجال أوغوز.
وصرح أوغوز لوكالة “الأناضول” أن الفريق التركي يجمع مخطوطات الرومي بمشاركة 10 دول، لتنضم إلى سبعة آثار تُركية ضمن قائمة الينوسكو.
ولفت إلى أن الاجتماع الأول في هذا الشأن، عُقد في أنطاليا التركية بحضور فرنسا وإيران وألمانيا وبلغاريا وأفغانستان، وهي دول تمتلك مخطوطات الرومي بهدف تقديم تلك المخطوطات لاحقاً لتسجل في “ذاكرة العالم”، وهو سجل أدرجته يونسكو عام 1992 بهدف حماية التراث الوثائقي العالمي من التلف.
وتسعى تركيا في الآن ذاته إلى ترشيح أرشيف صور السلطان العثماني عبد الحميد الثاني (تولى الحكم عام 1876 حتى عام 1909).
ووصف أوغوز تُركيا بأنها “بلد محوري ونقطة التقاء للعديد من حضارات العالم التي استضافتها على مر التاريخ”، مُستهجناً قلة عدد الآثار التركية ضمن قائمة التراث العالمية، موضحاً أن هناك في المقابل عدداً لا بأس به من آثار تعود لدول بحوزتها ميراث تاريخي أقل من تركيا، مثل فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا وإسبانيا.
وأضاف أن اهتمام المؤسسات التركية والوعي الشعبي بخصوص الحفاظ على الآثار كان مُنخفضاً في السنوات الماضية، ولكن الحال تغير خلال الـ12 سنة الأخيرة، وهذا ما دفع تركيا لترشيح آثار تاريخية سنوياً لقائمة التراث العالمي ليونسكو، حتى بلغ عددها اليوم 17، آخرها موقع “غوبكلي تبه” في ولاية شانلي أورفة، كما لفت أوغوز إلى وجود 16 أثراً تركياً لدى قائمة التراث العالمي غير المادي للمنظمة.
وتأتي تركيا ضمن المراتب الخمس الأولى التي تمتلك آثاراً تاريخية ضمن قائمة التراث العالمي غير المادي، وفقاً لأوغوز.
وقد أطلقت اليونسكو سجل “ذاكرة العالم” عام 1992 لـ “الوقاية من فقدان الذاكرة الجماعي”، بحسب المنظمة، وحفاظاً على الآثار التي على وشك الزوال نتيجة الحروب والكوارث الطبيعية، وحمايتها عبر رقمنتها. تتمثل رؤيتها بأن التراث ينتمي إلى الجميع، ويجب أن يكون متاحاً للجميع كذلك.
يضم سجل ذاكرة العالم 427 وثيقة، منها ذاكرة قناة السويس (مصر)، وإسطوانات الموسيقي كارلوس غارديل (أوروغواي)، والقوائم الذهبية للامتحانات الإمبراطورية في عصر أسرة كينغ (الصين).