مصطفى رعدون
كنا نسبح في ( البركة ) البحيرة مجانا ، ونتسابق نحو الاماكن الأعمق ، والشاطر من يستطيع الوصول الى الديسة في الوسط ، اما من الجورة او القرنة ، او من جهة المقيل ، وعند وصوله الى الصف ( حجارة كبيرة مرصوفة ) يصيح انا اقف على الصف ، وعند مروره قرب النيلوفر يقطف زهرة صفراء ، كعين الشمس ، دليله على الوصول لاعمق بقعة في البحيرة ، وكان البعض يسد أذنيه وهو مبللا ويصيح بأعلى صوته : ( يا حجرة الصوااان ،،،،مرقي المي من الداان للدااان ) ويتراشق الماء مع الآخرين ، لم تكن الديسة المتمركزة في قلب البركة ، الا بقايا حجارة كبيرة مرفوعة وسط الماء ، كانت طاحونة على الماء في عهود أفامية الغابرة أيام السلوقيين والرومان والبيزنطيين ، وأيام من توالى على هذه الديار ، ولم يكن الصف سوى الجدار الكبير لسدة البحيرة في تلك العهود ، غير أن بعضهم في مئات السنين اللاحقة وسع مساحة البحيرة شمالا وغربا ، وبنى في زاويتها الغربية الشمالية طاحونة على الماء ،لا زالت عامرة ، و بقيت تعمل حتى بداية الستينات من القرن الماضي ، وأذكر أني زرتها مع بعض أهلي حيث طحنا عليها دقيق القمح ، و كان الطحان ( عزيز الكردي ) وشاهدت جغلها تمر منه المياه مسرعة نحو الاسفل ، حيث كانت تدير العجلة الخشبية الكبيرة ، المربوطة تحت حجر الطاحون الكبيرة التي لا تزال موجودة في مكان ما من الطاحون ،
نبات النيلوفر اجمل ما في البحيرة ، بوروده الصفراء الجميلة ، وبأوراقه التي تلامس سطح الماء كأنها تسبح ، على شكل القلوب ، وكان بائع ( العليكه ) يجوب الطريق الملتف حول البركة ، وينادي على بضاعته ( يلله يا عليكييي،،،عليكي يا اولاد ،،) وكان يبيع بفرنك كمية كافية من حلوى العليكة التي سرعان ما توضع على عود ، فتصبح مصاصة ? ، حيث كان يحمل صدر العليكة على رأسه ، ويحمل في يده الحامل الخشبي الخفيف بارجله الثلاث ، الذي يضع عليه صدر العليكي اثناء البيع ،
كنا نمضي الساعات صيفا على شواطئ البحيرة ، وكانت الشمس تلوحنا حتى ان بعضهم كانت وجوههم تتقشر من تأثيرها ، ثم نعود الى بيوتنا بعد أن يمضي الوقت الطويل ، وقد هدنا الارهاق والتعب والجوع ،،،،،
أيام الولدنة ، في البال لا تمحي ذكراها الايام ،،،،،
مصطفى رعدون،
الجمعة /2018-11-16/ – – –