ولد في جنين الصمود، وانبثق كزيتونة من عبق أصالة أرض فلسطين يحمل عشقاً للخط العربي، ومن قصبات خيراتها سطر بها أروع الحروف، ولا زال يحلم أن تظل راسخة مثل رسوخ الزيتون في عمق التاريخ … من هذا وكله، ورغم قساوة الظروف التي يعيشها هناك بدأ الأستاذ محمد شلبي يخط أجمل الحروف متحلياً بثقافة خطية، ودراسة علمية فنية لكل ما يبدعه من لوحات تجسد وبقوة ذلك العشق لأرضه الحبيبة فلسطين، كما تحمل رسالة إنسانية رائعة تحبب المتلقي ليس فقط إلى خطوطه، ولكن تقدم رسالة مبدعة راسخة تستلهم مدى كفاحه لتبقى زيتونة الوطن متجذرة في أرض الوطن، وتمنح خيرها للجميع، فتعالوا بنا نتعرف إليه عن قرب …
* الاسم الكامل: محمد احمد محمد شلبي
* اسم الشهرة: أبو وسيم
* تاريخ الميلاد: 20/3/1973
* مكان الميلاد: عرابة – جنين / فلسطين
* مكان الإقامة: رام الله – فلسطين
نبذة عن مشوارك الفني والمهني؟
بدأت مشواري الفني خلال مرحلة الدراسة الابتدائية، فقد شهد لي المعلمين بأن خطي جميل، ورسوماتي متقنة، وبناء عليه كنت أهتم بالخط والرسم أثناء وقت الفراغ، وكنت أخط قائمة أسماء المتفوقين بالمدرسة على لائحة الشرف، وأنفذ الوسائل التعليمية من خطوط ورسوم توضيحية طيلة فترة وجودي بالمدرسة. وبعد نجاحي بالثانوية العامة عززت موهبتي من خلال الدراسة التخصصية، فالتحقت بكلية الفنون الجميلة بجامعة النجاح، وخلال فترة دراستي كنت اشارك بالمعارض الفنية التي تقيمها الكلية، إضافة الى مشاركتي بتخطيط ورسم لوحات الاحتفالات ومهرجانات التخرج. وبالرغم من دراستي في مجال الفنون الجميلة إلا أن شغفي وميلي لإتقان الخط العربي كان كبيراً، فعكفت على دراسة الخط العربي بشكل عصامي وعملت في دار الخط العربي للدعاية والاعلان بنابلس كخطاط ورسام، حيث كنت أقوم بخط وزخرفة بعض المساجد واللوحات الدعائية بشكل يدوي لعدم وجود الحاسوب في ذلك الوقت بشكل كبير، إضافة إلى رسم المناظر الطبيعية، ورسم الوجوه، وعمل البوسترات والشعارات من جهة أخرى، ورسم صور الشهداء والرموز الوطنية والجداريات من جهة ثالثة. ولا أنسى أنني قمت بالمشاركة في تأليف منهاج الفنون مع السلطة الوطنية، ورسم بعض المناهج الأخرى من أدلة وكتب وما بها من رسوم توضيحية. اضافة الى ما سبق فأنا أقوم بتدريس الفن في العديد من المراكز الفنية والمخيمات الصيفية والمنتديات.
أما بالنسبة لمشواري المهني فبعد حصولي على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة عام 1996، عملت كمعلم للتربية الفنية في مدارس السلطة الوطنية لمدة عام واحد فقط، وخلال هذا العام شاركت في مؤتمر تربوي كبير حول تطوير المناهج، فكانت مشاركتي بعنوان “الفن في خدمة التعليم” الأمر الذي سلط الضوء علي لأصبح بعدها مشرفا للتربية الفنية المركزي في الضفة الغربية بمدارس وكالة الغوث لمدة عشر سنوات، وخلال هذه الفترة حصلت على درجة الماجستير من جامعة النجاح بالإدارة التربوية، ودرجة ماجستير أخرى من جامعة اليرموك بالفنون المعاصرة، إضافة إلى حصولي على درجة الدبلوم العالي بالتأهيل التربوي، وودرجة الدبلوم العالي بالاشراف التربوي، وغيرها من الدورات المتقدمة والشهادات.
ومنذ عام 2008 وحتى الآن وأنا أعمل كرئيس لقسم الفنون التطبيقية في كلية مجتمع المرأة برام الله. اضافة إلى ما سبق فقد عملت كمحاضر غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة، وكلية فلسطين التقنية للبنات.
وها هي باختصار …
* المؤهلات العلمية:
2006- 2008: ماجستير فنون معاصرة – جامعة اليرموك – الأردن
2002- 2004: ماجستير إدارة تربوية – جامعة النجاح – نابلس
2002- 2003: دبلوم إشراف تربوي- معهد التربية – الأونروا – الأردن
1999- 2000: دبلوم تأهيل تربوي – معهد التربية – الأونروا – الأردن
1992- 1996: بكالوريوس فنون جميلة- جامعة النجاح – نابلس
الخــبرات:
2008- الآن: رئيس قسم الفنون التطبيقية – كلية مجتمع المرأة / وكالة الغوث – رام الله
1999- 2008: المشرف المركزي للتربية الفنية في الضفة الغربية- مركز التطوير التربوي- وكالة الغوث- القدس
1998- الآن: محاضر غير متفرغ – جامعة القدس ، جامعة القدس المفتوحة ، كلية فلسطين التقنية
2000- 2002: رسام ومشارك في تأليف منهاج الفنون والحرف الجديد- وزارة المناهج الفلسطينية- رام الله
المشــاركات الخطية:
حتى اللحة لم يشارك خطاطنا بأي معرض للخط العربي داخل فلسطين لندرة وجودها، بينما شارك بالعديد من معارض الخط العربي الدولية، منها على سبيل المثال:
2005 المشاركة في معرض اساتذة الخط العربي – الكويت
2006 المشاركة في كتابة مصحف الشام – حلب/ سوريا
2007 المشاركة في المهرجان الدولي الاول لفن الخط العربي والزخرفة الاسلامية -الجزائر
2009 المشاركة في معرض القدس حروف في القلب -دبي
2010 المشاركة في معرض ملتقى الكويت الرابع للفنون الاسلامية – الكويت
2011 المشاركة في المهرجان الثقافي الدولي للخط العربي – تلمسان / الجزائر
2011 المشاركة في ملتقى الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف في العالم – السعودية
2013 المشاركة بمهرجان القاهرة الدولي الأول لفن الخط العربي
اضافة إلى مشاركته بمعارض ومسابقات خطية دولية كالمسابقة التي ينظمها مركز الأبحاث للفنون والثقافة الاسلامية بإستانبول / تركيا، ومسابقة البردة في أبو ظبي، ومسابقة سوق عكاظ بالسعودية، وبينالي الشارقة وغيرها العديد.
س: حدثنا عن عالم الخط العربي والشرقي والأسلوب الفني الذي تنتهجه في فنونك الخطية؟
يكتسب الخط العربي مكانة لائقة بين البشرية.وينال شهرة واسعة يوماً بعد يوم على الصعيدين العربي والعالمي، فقد استطاع جذب أنظار العالم الغربي، وعمالقة الفن لجماليته، وحظي بمتابعة لائقة، وحضور كبير داخل أروقة المعارض الدولية. وهو يعد من الفنون الإسلامية العريقة التي سخرت لخدمة الحضارة الانسانية بحيث وظف الفنان كل طاقاته وخياله وابداعاته لكتابة اللوحات الخطية في الأماكن المقدسة، والأبواب، والجدران، والعمائر ليشكل بصمة مميزه له. كما يعد الفن الصامد في وجه متغيرات العصر، وهو العمود الفقري للفنون الإسلامية وهويتنا العربية الاسلامية، وهو الجمال الذي نلمسه بكل حرف من حروف لغتنا العربية بكل تجلياتها وحيويتها.
أما بالنسبة لأسلوبي الفني الذي انتهجه في الخط العربي، فهو عمل لوحات خطية بتكوينات مختلفة وتصميمات شرقية متنوعة، وهذه اللوحات تجمع بين أصالة الخط العربي وجماليته، ومكانته العربية والشرقية والاسلامية من جهة، وبين إبراز مكانة دولة فلسطين الثقافية، والاعتزاز بها وترسيخ محبتها في قلوب الناس وأذهانهم من جهة اخرى. وهذه الأعمال يمكن لها ان تكون رسالة حب وسلام، وأن تعبر عن رسالة انسانية ووطنية لكل العالم، حيث تجسد قوة التمسك بالأرض، وتأكيد حق العودة. بالإضافة الى كتابة لوحات خطية من الآيات القرآنية والأقوال والحكم والأبيات الشعرية المؤثرة التي لها رسالة إنسانية رائعة.
س: ما هي الخطوط التي تتقنها، وما هي طموحاتك المستقبلية التي تنوي تجسيدها على المستويين العام والشخصي؟
أتقن بشكل عام معظم الخطوط، إلا أنني أجد نفسي مبدعاً أكثر في خطي الديواني الجلي، والخط الكوفي.
أما عن طموحي العام: فهو النهوض بهذا الفن العربي الشرقي داخل فلسطين، والسعي لنشر هذا الفن الخالد بين الاجيال القادمة.
أما الطموح الشخصي: فهو أن أكون علماً مضيئاً في سماء فلسطين بشكل خاص، وعالمياً بشكل عام. واقامة معارض خطية داخل فلسطين وخارجها بشكل جميل يواكب العصر والتطور. وأن أعمل لرفع اسم بلادي عالياً في كل المحافل الخطية التي أشارك بها، وهو حلم جميل، يتطلب مني كل جهد ووقت، ويحتاج مني دراسة متعمقة للرقي بأدواتي وخطوطي، لأرسم من خلالها إن شاء الله حرفاً ناصعاً على طريق حرفنا العربي الأصيل.
س: كيف ترى التوجه الجماهيري العام نحو الخط العربي وسط المعاصرة الفنية الحاصلة في الفضاء الفلسطيني؟
بالنسبة للتوجه الجماهيري في فلسطين نحو الخط اليدوي فهو دون المتوقع، وخصوصاً في ظل وجود الحاسوب، وغياب ثقافة فن الخط العربي اليدوي من التدريس والممارسة اليومية، وقلة وجود المعارض المهتمة به، الا ان هناك بعض الاشخاص المعجبين بالخط العربي اليدوي، ويقتنون بعض اللوحات الخطية ليزينوا بها جدران مكاتبهم وبيوتهم.
س: كلمة ختامية تود الاشارة من خلالها على ضرورة التعامل مع الخط العربي، وماذا تقول للمقبلين على دراسة هذا الفن الجميل؟
يعد الخط العربي من الفنون الجميلة الراقية التي تشحذ المواهب، وتربي الذوق، وترهف الحس، وتهذب الأخلاق، وتغري بالجمال والتنسيق. وتظهر أهمية تدريس الخط من خلال الصفات الخُلقية والتربوية التي يكتسبها المتعلم أثناء تعلمه الخط، ومنها على سبيل المثال: النظافة، والترتيب والتنظيم، والتمعن، ودقة الملاحظة، والمحاكاة، ومراعاة النسب، والانتباه، والصبر، والتأني، لذلك كله ادعو الجهات الرسمية أولاً الى إدخال الخط العربي ضمن المنهاج المدرسي، واقامة المراكز التخصصية لتدريسه، واقامة المعارض الفنية له، واجراء المسابقات لتشجيع ممارسته والنهوض به، وأدعو الطلاب الاعزاء وذوي الموهبة والمهتمين بهذا المجال الى الاقبال عليه، واشباع هذه الهواية بالمثابرة على التمرين والتدرب المتواصل، والانصات لشروح الاستاذ على رسم الحرف في جميع اوضاعه.
ولا أنسى أخيراً بتوجيه كلمة شكر ومحبة وتقدير إلى المسؤول عن موقع هبة ستوديو الأخ حسن أبو عفش لما يبذله من جهد كبير لتسليط الضوء على قضايا الخط والخطاطين.
الفنان محمد شلبي ينتصر لفلسطين في لوحات تنهض فوق «الكوفي»
2015-11-26
كتب يوسف الشايب:
استطاع الفنان والخطاط محمد شلبي، وفي معرضه الشخصي الأول، الذي احتضنه متحف محمود درويش بمدينة رام الله، قبل أيام، التنويع على الخط العربي، وبالتحديد الخط الكوفي، للخروج بلوحات فنية مدهشة، تتجاوز الخط بمفهومه الكلاسيكي، لكنها تحافظ على روحه.
ولعل استخدام شلبي لبرامج متخصصة على الحاسوب، والخروج بحالة من الدمج ما بين التكوينات الهندسية والألوان، هو ما جعل منها لوحات أكثر منها مجرد عبارات خُطت بهذا النوع من الخط.
وحول انحيازه لهذا النوع من الخطوط من بين الخطوط العربية، قال شلبي: الخط الكوفي هو الخط الشهير عند العرب، والذي كُتب القرآن فيه لمدة 500 عام .. اخترت الخط الكوفي للربط بين تاريخه وبين فلسطين.
وكشف شلبي: للخط الكوفي قرابة المائة نوع، منها الخط الأندلسي، والخط القيرواني الهندسي، والخط المشجر، والخط المورق، والخط المملوكي، وغيرها … قمت باستخلاصها جميعاً بأشكال فنية غلب عليها الطابع الهندسي، حتى اعبر عن رسالة وطنية، فكل اللوحات تحتوي على كلمة فلسطين، منها “فلسطين محبة”، و”فلسطين سلام”، و”فلسطين وطن”، و”فلسطين بوابة الأرض إلى السماء”، و”فلسطين العودة”، و”فلسطين حرة عربية”، وغيرها الكثير من العبارات التي تتحدث عن حب الأرض وحق العودة.
لقد حمّل شلبي لوحاته ببراعة بنكهة الأرض، وجعلها تعبق برائحة الهيل العربي المنساب من بين خطوطها.
وشدد شلبي على سعيه إلى أن تخرج لوحات فلسطين في أجمل ما يمكن أن تكون عليه، وأنه منحاز لجمالية الخط، ولقدرة الفنان على تطويعه تشكيلياً، مشيراً إلى انه شارك في كتابة أكبر مصحف في سورية العام 2006، وكان له مشاركات دولية عديدة.
وكان حضور الفنانة دورين منيّر، والتي قدمت وصلات على العود، رافقت المعرض، حضوراً مميزاً، وهي التي اشتهرت كممثلة مسرحية، ودرست الفنون في القاهرة، لترسم بريشة عودها لوحة فنية خاصة، تُكمل بهاء لوحات شلبي.
يذكر أن شلبي حاصل على درجة البكالوريوس في الفنون التشكيلية من جامعة النجاح الوطنية، وحاصل أيضا على درجة الماجستير في الفنون المعاصرة من جامعة اليرموك الأردنية، وحائز على جوائز عدة، من بينها الجائزة الدولية الثانية في تركيا، إضافة إلى مشاركاته العديدة في معارض دولية مختلفة.
وكان شلبي قدم العديد من اللوحات ذات الصلة، والتي دمج فيها ما بين الخط الكوفي، والتراث الفلسطيني المستوحى من التطريز، واشتهرت له لوحة بعنوان “وحبوب سنبلة تموت”، مستوحاة من أشعار الحاضر الغائب محمود درويش، وكأنه بلوحاته الفلسطينية بامتياز، ينخرط في النص الدرويشي ليصرخ: “إن الليل زائل”، و”نيرون مات ولم تمت روما .. بعينيها تقاتل”.