مصطفى حمد..الفارس الضوئي الذي ترجل عن صهوة الفن باكراً..
– بقلم المصور: فريد ظفور
المجد لكم أيها الفارس الضوئي..بوثبتكم صارت الفوتوغرافيا العربية واحدة..يطل الوجه العربي المضمخ بعبق الأرض وأريج الفوتوغرافيا وشيم وفروسية المصور مصطفى..الذي مدَّ للتاريخ ذراعين مفتوحتين على الورد والزيتون ..فقد عانق الزمان وكتب إسمه في سفر التاريخ وفي القلوب مدناً من ياسمين وندى..تتسع وتكبر على إمتداد الفضاء بالشبكة العنكبوتية..تتسع وتكبرعلى إمتداد حدقة عدسة الكاميرا فتحت له شبابيك الحياة الضوئية..عانقت وجهه العربي الأسمر المتلون بلون تراب الأرض الممتدة سهولاً من القمح والورد والأقحوان والريحان والزيزفون..فقد ترعرع في حقول الآباء والحضارة البابلية والسومرية فأثمرت بذوره ونضجت أعطياته الفنية في بساتين الأمهات ..أعطوا من عظمة التضحية مقداراً وفيراً ومن أريج البطولة والإقدام مقداراً فكانوا الزمكان والتاريخ قلادة عشق أسطوري في ملحمة جلكامش في بلاد الرافدين وفي عنق الوطن المزنّر بالرجال..فياأيها الفارس الذي يقود سفائن الشهادة وترك بذور التصوير تنبت في حقوله بتضحيات الأصدقاء الأوفياء..فأنت من زرع حبة قمح فنية فوتوغرافيا فأنبت الوادي العربي سنابل معرفية تشكيلية تكوينة ضوئية..
تُهامسنا حكاياتك المعرفية الضوئية وتُسكرنا أنفاس أعمالك الفنية..التي تحملنا إلى عالمك عالم عشتار..شرعنا ندخل الفصل الأول من ذكراك السنوية الأولى ..نلمملم شموعنا ..وأزهارنا..وذكرياتنا..نتخيل بأنا نعيش معك حدث البدء..ونشتعل بنارك.. ولأننا زهرات اللوتس الفرعونية..وأننا زيزفون في قصرك تروينا أنهارك الفنية والتشكيلية الضوئية..ننقش آجُرَ صفحات مدونتك عرب بكس بأجمل اللمسات..ياحرّز العشق والموت ..المحفوظ بقلوبنا ..ياسهلنا الفسيح ..ياأصعب لغز في الأحاجي الفينيقية..نثرت الورود التكوينية البصرية الضوئية من فردوسك ..وكلمح البصر غادرت فرحتنا..وهجرت أسطورتنا..فلقد توجناك ملك للفوتوغرافيا ..منذور لله أنت فقد وهبانك للتاريخ أسطورة عشق غامض…وأسميناك فارس الضوء..
– يكبرُ فينا الحزن بصمت قاتل..وتكبر فيه أحزان أهله وعشاق الفن الضوئي..فتفتح زمن يملؤه الدمع..والسند والعزاء فيه يلخص حزن الفن الضوئي ..هو عزاؤنا في الأزمنة الصعبة بأهله وذويه وأصدقائه ممن أكملوا الرسالة ورفعوا الراية..فما أقساك من ذكرى يايوم السادس من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2017م .. فلقد زلزلت أفئدتنا وأصابت كبد العالم الفوتوغرافي فإختطفت من بساتين الفرح مصطفى حمد ..بزهرة شبابه وجذوة عطائه ونقائه وذكائه..فالأوراق تنضب والأقلام تجف والكيبورد تتعطل دون أن نصل إلى التعبير عن فداحة الحدث الجلل الذي هز نفوسنا ..فسلام الله عليك يامصطفى يوم ولدت ويوم تبعث حيَّا..و لاغرابة إن بكت عيون المصورين والمصورات في مشرقه ومغربه فارساً ضوئياً تدرب وتربى في كنف أسرة فاضلة وفي بيت الرجولة والشهامة..عائلة ثكلت بإبنها البار مصطفى سرعان ماتحولت إلى بيت واحد يبكيه بالدم والدمع ..فبدا في أبهى حلة وأجمل صورة صادقة للوحدة والمحبة ..رسم فريق عرب بكس وأسرته ملحمة حب للراحل من خلال تعلق حميمي صادق برسالة وفكرة الفقيد الذي حمل من الخصال أجملها ومن البطولة أشجاها ومن الشجاعة أعظمها ومن الكبر والعنفوان والفن والتشكيل والتكوين ماتجاوز حدود الزمان وأبعاد المكان. لم يكن مصطفى مصوراً عادياً وإنما مفكراً موسوعياً شملت أعماله شتى المجالات والمدارس الضوئية..
– إن عظمة أية أمة هو ذكاء أبنائها وعلمهم وثباتهم على الجدّ والعمل..فالشباب أمل الحاضر في المستقبل وأمل المستقبل في الحاضر..والمصور هو الأساس وإعداده اليوم هو إنارة الغد فإن حسنت..توهجت الإنارة وسطع الضوء وإن ساءت ضعفت وذبل النور وإنتشرت الظلمة والتخلف..لأن الشباب ثروة وثورة ..وإذ يعزو شرف الريادة والتجدد ومجده وجماله إلى الشاب الراحل مصطفى حمد دون غيره ..فليس القصد تقليل دور وشأن البقية..لأن الشباب هو المتن وتلك الإبداعات التي قدمها مصطفى هي مقدمات وحواشي وخواتم لبناء صرح فوتوغرافي عربي شامخ..فهو النور وهم الظل والتدرجات الرماية ..ولكي تستكمل الحياة الضوئية جميع معداتها ومقوماتها من ذخائر جسدية وروحانية كما اللحم والدم يزخران بالحركة والحرارة ..لأن العقل ثورة على كل مجهول..ولنتذكر أيها الزملاء المصورين والمصورات ..بأنكم بفضل ما قدمه الراحل مصطفى.. هو وفريق عمله في عرب بكس..من علم ومعرفة وخبرة وتقنية فوتوغرافية لعشاق الفن الضوئي ..بقدر مازاد عبء الواجب عليكم نحو الوطن ونحو الفن الضوئي الذي تنتمون إليه ..فإستعدوا لتؤدوه على أطيب الوجوه وأكملها..فلا نهوض لفن أو لأمة دون العلم والأخلاق الحميدة..فإنشدوا الكمال العقلي والخلقي..و ستلاقون في كل أدوار الحياة التي تمرون بها موضوعاً وصورة لتأخذ وتعمل..وحقيقة لتبحث وفوتوغرافيا لتحبوها وتخدموها..لأن الشباب ربيع العمر فيه تزدهر الأعمال وتشحذ الهمم وتثمر الجهود..فأنت الكبير ..الكبير ..الذي حمل في أعماقه معنى الحياة الضوئية..وتبقى المسافة إليك جسور الشهداء وأنت المتكئ على قمة الخلود الأبدي..وإذا ما ظمئت أرواحنا ..مددنا لأعمالك عيوننا وملأنا من عطاياك شرايين وجودنا الفني .لأنك وحدك القابض على حبة الرمل المعطرة بعبق الشهادة..فالشهادة إختصار حرٌ للزمن في وقفة عزّ تتجّمد فيها عقارب الساعة عند حدود الخط الفاصل بين الموت والولادة..وهم أعظم تجليات العبور من الحاضر إلى المستقبل..وأجمل تجليات الفرح القدسي وهم يتفجرون مع الشظايا تدرجات رمادية وألوان طيفية في أجواء الراحة والسكينة الفوتوغرافية..فقد كنت عبقري في موقعك الإلكتروني وعبقري في الشهادة ..
– وعبقري خالد في رحاب سماء الفن الضوئي العربي..
لقد أظهر المصور العربي في عالم الديجيتال وقبله في عالم اللون الأحادي وبعده في عالم التدرجات اللونية ..بطولات وأعمال ولوحات ضوئية عالمية خارقة سجلت في حافظة الخلود بمداد من ذهب..فإنطلق الفارس الضوئي مصطفى بقوة لا تلين وإرادة المصورين والمصورات ليفجر فينا إرادة الإبداع والعطاء والتألق الفني..وجعلنا نتلمس بأيدينا طريق النجاح والتفوق على عقدة الأجنبي..بعد أن بعث فينا روح التحدي ..روح الفارس الفوتوغرافي العربي ..لذلك ما أن أشرقت شمس مدونة ومجلة وموقع عرب بكس وإنطلقت عبر الشبكة العنكبوتية لتحقق ريادة في السوشيل ميديا في مواقع التواصل الإجتماعية المتنوعة..وذلك بفضل التعاون الذي هو زينة الإنسان ورمز المروءة والعطاء..والتعاون شمعة يشعلها المصور الواعي من أجل أخيه المصور وبالتعاون يعمل الجميع على صياغة لون جديد للحياة الضوئية ..قائم على الإبداع والمحبة والغيرية والتعاون الإيجابي المثمر..القائم على البر والتقوى..وعلى أن يتم العطاء برغبة صادقة ودون أية منة..لدفع مصاعب الحياة الفنية ويكون لبعضهم الآخر نصيراً وظهيراً ..لأن الوقت مادة الحياة وحافز التطور والدافع للرقي والتقدم..لأن العمل يرفع شأن الإنسان المصور ويبني الأوطان ..وهذه قصة المصور الراحل مصطفى حمد التي لم تقتصر على الكتابة والصور فحسب وإنما جمع وترك لنا من الشواهد والأمثلة والموضوعات والصور الفنية بتقنية عالية وبتكوين تشكيلي راق إرتقى ليصل سلم العبقري آنسل آدمز ..مما جعل أعماله حديقة وارفة الظلال المعرفية البصرية ومتنوعة المشارب والمدارس والثمار الضوئية..ليجد فيها شبابنا بغيتهم من الفائدة العلمية والمتعة البصرية لتكون قريبة إلى نفوس الشباب وسهلة في متناول الجميع..فألف تحية لروح الفارس الرمز الذي أعاد للفوتوغرافيا العربية أمجادها..وإلى المعلم الفذ الذي تخرج من مدرسة حضارات بلاد الرافدين ومن أكاديمية وأبجدية الفن الضوئي للعالم إبن الهيثم.. والتي شعت تعاليمه لكل الدنيا..وختاماً نرفع الأذرع بالدعاء ليجعل للراحل مصطفى الجنة مثواه وليُلّهم أسرته وأصدقاؤه الصبر والسلوان لمتابعة مسيرة عطائه الفني الضوئي..ولكن لولا الأمل لبطل العمل ..وإنها إرادة الحياة ..ولادة فحياة ثم ممات ..ولكن غداً سيكون أبهى وأجمل لأننا محكومون بالأمل لمتابعة الطريق الفوتوغرافي الطويل الذي رسمه لنا الفارس الراحل مصطفى..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصور والصحفي / فريد ظفور – رئيس تحرير مجلة فن التصوير