“قبل ما أنسى” وثائقي سوري يحصد جائزة الإخراج في مهرجان “سيمي” السينمائي في اليونان
2018-10-15
نال فيلم “قبل ما أنسى” للمخرجة السورية الشابة “رزان حسان” جائزة أفضل إخراج في مهرجان (Symi International Film Festival) في اليونان، الفيلم الوثائقي القصير (12 دقيقة) يتحدث عن إحساس شابة سورية (هي مخرجة الفيلم ذاتها) بالحنين لذكرياتها وارتباطها الشعوري بالأمكنة التي شهدت مرابع طفولتها ويفاعها وشبابها ومنعت من العودة إليها بعد تهجيرها.
وهي وإن عادت فلن تجد شيئاً من هذه الأماكن التي تحولت إلى ركام وأنقاض دارسة.
وينتهي الفيلم بصورة إيجابية تؤكد أننا نستطيع أن نصنع ذكرياتنا أينما حللنا رغم المصاعب والآلام، وتم ترشيح الفيلم لجائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان “سانت لويس انتيرناشيونال فيلم فيستيفال” -أميركا بانتظار أن يشارك في مهرجانات سينمائية قادمة في أنحاء مختلفة من العالم.
لم تكن رزان قد تجاوزت 16 من عمرها عندما بدأ شغفها بالسينما، وكانت تهوى حضور الأفلام السينمائية إلى جانب ميلها للكتابة والتعبير عما يجول بخاطرها، وخاضت آنذاك أول تجربة فنية كانت عبارة عن فيلم قصير بعنوان “مرآتي”، وهو حصيلة ورشة أنجزتها بنفسها للتدريب ككورس في المونتاج، وتمكنت آنذاك من تحديد خياراتها واتجاهها نحو السينما.
وروت المخرجة الشابة لـ”زمان الوصل” أن ميلها منذ البداية وبعد اجتياز المرحلة الثانوية كان باتجاه السينما، رغم أن مجموعها كان يؤهلها لدراسة العمارة، لافتة إلى أن الظروف في سوريا كانت سيئة منذ وعت الحياة.
وباتت السينما -حسب قولها- طريقة للهروب من الواقع المر وانعدام القدرة على التغيير وفقدان الأمل بالنسبة لجيلها من الشباب.
بعد دراستها الإعلام لسنة واحدة حاولت المخرجة الشابة تصوير فيلم في دمشق فجوبهت بعقبات كثيرة اضطرتها للتخلي عن الفكرة والخروج من سوريا إلى تركيا حيث عاشت مع عائلتها لسنة واحدة، تعاونت خلالها بشكل حر مع عدة قنوات هناك ومنها العربية في إنتاج ريبورتاجات صغيرة، ولكن حلم دراسة الإخراج السينمائي لم يبارح خيالها، فبدأت بالبحث عن دراسة أكاديمية، غير أن الظروف في تركيا كانت قاسية، مما جعلها تهاجر مع والدها عبر قارب غير شرعي إلى هولندا في رحلة جعلتها في مواجهة مع الموت عام 2015.
بعد استقرارها نسبياً في هولندا وتجاوزها لعقبة اللغة والاندماج عملت “رزان” كمتطوعة في منظمة متخصصة بعرض أفلام عالمية في مراكز اللجوء، حيث يتم دعوة اللاجئين والهولنديين لحضورها من خلال شاشات عرض ضخمة، وتقدمت بعد ذلك إلى وظيفة في مهرجان “إدفا” في امستردام وهو أكبر مهرجان للأفلام الوثائقية في العالم لمدة ستة أشهر اكتسبت خلالها خبرة في مشاهدة الأفلام وتقييمها، والتواصل مع المخرجين والمهتمين بالفن السابع في العالم، وغيّرت هذه التجربة من رؤيتها للأفلام الوثائقية، وهذا ما دفعها للتفكير بانجاز فيلم وثائقي.
ولفتت محدثتنا إلى أن مهرجان “أدفا” تضمن الكثير من الأفلام عن الحرب السورية وهموم اللجوء ووصلت من خلال متابعتها لهذه الأفلام إلى حالة نفسية متعبة جعلتها تحلم بالكوابيس -حسب قولها- وباتت فكرة الحنين إلى الوطن والذكريات والأماكن التي غادرتها تؤرقها، وحينها قررت إنجاز فيلمها “قبل أن أنسى” كمحاولة لاسترجاع هذه الذاكرة والخروج من حالة الأسى والصراع الداخلي المرير الذي كان يعتمل في داخلها.
وأوضحت “رزان” أن فيلمها الذي أُنجز بإمكانيات مادية بسيطة هو بمثابة توصيف لإحساس أي إنسان يبتعد عن ذكرياته، وخصوصاً أن كل السوريين المغتربين الآن في جهات الأرض باتوا يشتاقون لأشياء لم يعد بإمكانهم العودة إليها.
وأشارت إلى أنها أجرت بحثاً عن موضوع الذاكرة قبل إنجاز الفيلم، واكتشفت أن كل ذكرى في دماغ الإنسان مرتبطة بمكان حدوثها.
تابعت أن “ابتعاد السوريين عن أماكن ذكرياتهم ساهم في إحداث شرخ في حياتهم، إضافة إلى تأثر هذه الذاكرة بأكثر من عامل خارجي يذكرهم بمأساتهم على الدوام.
وكشفت مخرجة الفيلم التي تعيش في مدينة “امستردام” أن من أولى الصعوبات التي واجهتها في إنجاز فيلمها الناطق باللغتين العربية والإنكليزية هو حالة الاستنزاف النفسي الذي عانته باعتباره يروي قصتها الشخصية، ويستكنه مكامن الألم الداخلي.
وأردفت المخرجة الشابة أن الفيلم هو دعوة لنسيان كل التشوهات التي عشناها كسوريين في السنوات الماضية، والتصدي لنظرة الإعلام الغربي وحتى العربي الذي يحاول أن يكرّس صورة نمطية عن الإنسان السوري الذي اضطرته الحرب إلى الهرب من الموت ليعيش كلاجئ.
وتتمثل هذه الصورة -حسب قولها- في قولبة السوريين إما ضحايا أو إرهابيين، بينما هم في المحصلة بشر لديهم أسر وأطفال وذاكرة طافحة بالحنين.