دمشق الشام شريف مع Jalal Shekho
الفول النابت ، أكلة دمشقية شعبية عريقة …
“كلاوي … الفول النابت”.. أكلة “شامية” تدفع برد الشتاء
الجمعة 28 كانون الثاني 2011
تنتشر في “دمشق” عربات “موسمية”، تبيع منتجات مميزة لضمان جذب الزبائن على اختلاف أذواقهم، فهذه “العربات” تعتني بالأكلات الشعبية وما تداعب به ذاكرة الناس، فمن “العرانيس” إلى “التوت الشامي” مرورا بـ”التمر هندي” وصولا إلى “الفول النابت” الذي يقدم في وعاء صغير مصحوبا بكأس “ماء الفول المغلي”- أو مايسمى “مرقة” وتوابل أخرى.
“eSyria” جال في المناطق المحيطة بقلعة “دمشق” وبعض الأزقة القديمة والحارات الشعبية التي يتمركز بها بائعو “الفول النابت”، والتقى الآنسة “نبال كرم” –طالبة جامعية- التي بدأت بالقول: «تصنع أمي هذه الأكلة في المنزل، ولكن هنا لها مذاق خاص، ربما لخبرة البائع أو لأني أجتمع وصديقاتي على العربة بعد يوم الجامعة الطويل، وعلمت أن طبخها منزليا يستلزم وضع مادة “القلي” بنسبة قليلة وهي تخفف من المذاق الطيب للفول».
أما السيد “عمار زرزور” صاحب أحد المحلات في سوق العصرونية، فقد تحدث بالقول: «اعتدت صباح كل يوم تقريباً في الشتاء؛ أن أتناول “صحن فول وكأس مرقة”، وهذه العادة مستمرة معي منذ /9/ سنوات، والحقيقة أن كثير من التجار والعمال الذين يعملون في السوق؛ وعدد من المتجولين والمتسوقين والسياح الذين يزورون “مدينة دمشق القديمة” يحبون تناول “صحن فول” من إحدى العربات المنتشرة في السوق.
ويمكنني القول أن صحن الفول وخصوصاً في الشتاء يمنحني الدفء والقوة لإكمال يوم عمل طويل وبارد».
أما البائع “أيهم العجلان” –صاحب عربة فول نابت- فقد تحدث عن تجاوب الناس مع ما يقدمه فيقول: «يأتي كثير من السياح إلينا كذلك
الفول النابت مع “المرق” |
أبناء البلد على السواء، فالسياح يتعجبون من بساطة ما نقدمة وغرابته فيتذوقونه بدافع الفضول، والبعض يعتبر “الفول النابت” طعام تراثي.. يحرك الذاكرة ويعود بالناس إلى أيام المكانة الكبيرة التي يحتلها في فصل الشتاء وخاصة أيام الأعياد والمناسبات، حتى صار لنا زبائن يثقون بنا وبنظافة وجودة ما نقدمه».
ويضيف “العجلان” فيقول: «أبيع في أيام الشتاء مالايقل عن /8/ كيلو من الفول بشكل يومي، ويستمر العمل من العاشرة صباحا إلى الحادية عشر مساء، وذروة البيع في أيام العطل، وفي أوقات الظهيرة، وحتى ساعات الليل المتأخرة..».
موقع “eSyria” التقى البائع الجوال “أبو محمد كريمي” -صاحب عربة للبيع الفول النابت”، والذي بدأ بقوله: «أعمل في هذه المهنة منذ خمس سنوات، فأقدم الفول المسلوق في هذا الوقت من كل عام، أشتريه –بالنظر إلى أن أجود أنواعه تأتي من حلب وإدلب- ثم أقوم بنقعه في الماء لمدة لا تقل عن يوم كامل، لأسلقه بعد ذلك مدة ثلاث ساعات أو أكثر قليلا، وذلك على نار “مرتفعة” كي يصبح طريا ويحافظ على مذاقه في الحين ذاته، ويقدم طازجا وساخنا– فـ”حلة” اليوم لا تبقى إلى الغد- ويوضع إلى
السيد “أبو محمد كريمي” |
جانبه السماق والملح والكمون وأحيانا بعض الإضافات حسب طلب الزبون».
“المرقة” -الماء المستخدم لسلق الفول والذي يقدم معه- يحدثنا “كريمي” عن طريقة تحضيره فيقول: «ننظر في البداية إلى وضع كمية ماء تتناسب مع كمية “الفول” المراد تحضيره، ثم يكون إعداد “المرقة” ناجحا عندما يكون لونها بنيا “فاتحا”، فاللون الغامق المائل إلى السواد يعني أن الفول غير مطبوخ بالطريقة المثالية التي تبقي على طعمه، ثم يضاف إلى المرقة الكمون والملح والليمون الطبيعي أو ملح الليمون؛ وذلك عند تقديمه للزبون».
السيد “محمود عطارنة” – مزارع وبائع خضار- تحدث لنا عن “رحلة الفول النابت” منذ بدء حصاده قائلا: «الفول الأخضر هو المادة الأصل للفول النابت، ويكون موسمه في الشهر الثالث من كل عام، مستمرا حوالي ثلاثة أشهر، يباع الفول خلال هذه الفترة أخضرا لأجل الطبخ، ويخصص المزارعون كميات أخرى منه “للتيبيس”، فيتركون “عرق الفول” داخل قشرته –قبل قطافه- لمدة شهر في الشتاء، أو أسبوعين في الصيف، ويتبع ذلك لدرجة حرارة الجو والرطوبة.
بعد ذلك يتم فصل القشرة عن الثمرة الأصل، ليبدأ سعر الكيلو من الفول اليابس أيام الموسم /60/ل.س، إلى أن يصل في
الفول الأخضر |
أواخر تلك الأيام إلى /110/ل.س، وتتفاوت الأسعار بحسب النوع والجودة».
الجدير بالذكر أن الفول يعد (*) من الأطعمة الأكثر غنى بالبروتينات والأملاح المعدنية مثل الحديد والفوسفور، فهو يقاوم التوتر والإجهاد الذي يصيب الجسم، كما يعتقد انّه يحتوي على مركّبات كيماويّة معقدّة تقاوم أمراض السرطان التي تصيب الفّم، ويفيد القلب ويحافظ على مستوى السكّر في الدّم، وغير ذلك من الفوائد الصحية.
*: موقع “بوابة الأسرة- أسرتي” الالكتروني