أصوات كاتبات من العالم تتردد في 7 مدن مغربية
يعتبر الملتقى الدولي لكاتبات العالم من أهم التظاهرات التي تعتني بالإبداع النسائي، وتوفر له مساحة للترويج له سواء أكان أدبا أم مسرحا أم نقدا أم فكرا أم تشكيلا وغيرها من ضروب الفكر والفن والأدب. وإن كانت هذه التظاهرة نسوية فإنها لا تتوقف عند تلك الحدود، حيث تسعى إلى إبراز الدور الفاعل للمرأة المبدعة في مختلف أنحاء العالم ولمختلف الشرائح. وأقيمت هذه التظاهرة الثقافية العالمية في دورتها الـ13 مؤخرا في المغرب وهي المرة الأولى التي يزور فيها الملتقى دولة عربية وأفريقية.
تطوان (المغرب) – اختتم يوم أمس الاثنين 29 أكتوبر الملتقى الدولي الثالث عشر لكاتبات العالم، الذي انطلقت فعالياته الخميس الماضي في مدينة تطوان تحت شعار “بالكلمة تصنع المرأة عالما يسوده السلام”، وتوزعت جلسات على 6 مدن مغربية أخرى هي: المضيق وشفشاون والعرائش وطنجة وفاس والرباط.
واشتملت على أمسيات شعرية وندوات وموائد مستديرة وتوقيع كتب ومناقشة قضايا الكاتبات العالميات وآفاق عملهن الإبداعي. وهذه هي المرة الأولى التي تستضيف فيها دولة عربية الملتقى الذي ينظم على مستوى عالمي.
جسور التواصل
قالت الكاتبة البيروفية إليزابيث ألتا ميرانو، مؤسسة الملتقى الدولي لكاتبات العالم، في افتتاح الملتقى بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان “إن المغرب يشكل إرثا حضاريا وإنسانيا عميقا، وإن هذا الملتقى العالمي يشكل مناسبة أخرى لمد جسور التواصل ومناقشة قضايا المبدعات العالميات”.
واعتبر محمد سعد الزموري، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، أن هذا الملتقى، الذي عرف مشاركة كاتبات من أوروبا وأميركا اللاتينية والمغرب وبعض البلدان العربية، فضلا عن حضور وجوه ثقافية وأكاديمية وجمعوية، يشكل حدثا مهما باعتباره يتم لأول مرة بالمغرب ويجمع مبدعات من كافة الدول.
وتابع الزموري “إن هذه التظاهرة الثقافية العالمية ترمز إلى ما يمثله بلدنا من موقعه وإشعاعه بروح الانفتاح على القارات وعلى الثقافات، وسعيه إلى تمتين جانب الحوار بين الحضارات والشعوب”.
وأشار الزموري إلى أن “ما ميز الملتقى هو الاحتفاء بالرائدة المفكرة والأكاديمية فاطمة المرنيسي التي قدمت الكثير لقضايا المرأة وأسهمت في رد الاعتبار إليها”. وفي إطار انفتاحه على مختلف المدن المغربية، حل الملتقى العالمي ضيفا على مدينة المضيق يوم الجمعة 26 أكتوبر 2018 مقدما مجموعة من فقرات برنامجه الثقافي والفني.
وعرف هذا البرنامج الذي سهرت جمعية العمل الثقافي بالمضيق على تنزيله إقامة مجموعة من اللقاءات الأدبية والفنية أبرزها مائدة مستديرة حول موضوع “اللغات المتعددة للفنون: الأدب والفن التشكيلي والنحت والموسيقى والرقص”، شاركت فيها كاتبات من دول الأرجنتين والبرازيل وإسبانيا والمكسيك، كما أقيمت لقاءات تواصلية بين مجموعة من الكاتبات بالمؤسسات التعليمية بمدينة المضيق. فيما احتضن فضاء مسرح لالة عائشة بالمضيق معرضا تشكيليا للفنانة المكسيكية سوليداد فيلاسكو.
وعرف برنامج الملتقى في المدينة على غرار برامجه في المدن الأخرى إقامة محاضرة رئيسية حول الجسد في الثقافة المغربية، علاوة على تقديم كتب وتوقيعات لكاتبات عالميات من المغرب والأرجنتين والبرازيل وبورتوريكو وكولومبيا إضافة إلى أمسية شعرية لشاعرات من البيرو وفنزويلا والدومينيكان.
تكريم المرأة
كرم الملتقى ضمن فعالياته اسم المفكرة والكاتبة المغربية الراحلة فاطمة المرنيسي (1940 – 2015) التي تعتبر من أبرز الكاتبات النسويات عربيا وعالميا، علاوة على أنها عالمة اجتماع، كرست جل كتاباتها لقضايا الإسلام والمرأة وتحليل تطور الفكر الإسلامي والتطورات الحديثة، وإضافة إلى عملها في الكتابة قادت المرنيسي مشوارا طويلا من الكفاح في إطار المجتمع المدني من أجل المساواة وحقوق النساء.
من جانبها، أكدت الشاعرة فاطمة الزهراء بنيس، رئيسة الملتقى الدولي الثالث عشر لكاتبات العالم، أن “الملتقى يشكل هذه السنة نسخته العربية والأفريقية الأولى في المغرب، بعدما جرى تنظيمه في كل من الأورغواي سنة 2000، والأرجنتين سنة 2001، وبورتوريكو سنة 2003، والمكسيك سنة 2004، كما انتظم في إسبانيا سنة 2006، وفي فنزويلا سنة 2008، وكولومبيا سنة 2010، وبنما سنة 2012، وكوبا سنة 2014، والولايات المتحدة سنة 2016”.
الملتقى كرّم المفكّرة المغربية الراحلة فاطمة المرنيسي، التي قدمت الكثير لقضايا المرأة، وأسهمت في رد الاعتبار إليها
وأضافت بنيس “يهدف الملتقى إلى الاحتفاء بالأدب النسائي كقيمة إنسانية، وعلى قدرته في تدوين الماضي واستشراف المستقبل وإعادة اكتشاف الآخر برؤية متجددة وطرح القضايا الراهنة للنساء في العالم”.
وأشارت بنيس إلى أن الملتقى “يمد آفاق التواصل بين كاتبات من بلدان عالمية شتى، ويعزز الحوار الثقافي بين الحضارات والشعوب”. لافتة إلى أنه يحتفي هذا العام بالرائدة المفكرة والأكاديمية المغربية الراحلة فاطمة المرنيسي التي قدمت الكثير لقضايا المرأة وأسهمت في رد الاعتبار إليها.
يذكر أن الدورة الثالثة عشرة من الملتقى الدولي لكاتبات العالم نُظمت بالتعاون بين كل من جامعة عبدالمالك السعدي وسفارة بنما بالمغرب ورابطة أدباء الشمال وجمعية العمل الثقافي بالمضيق ومعهد ثيربانتيس بتطوان. وجمع الملتقى حوالي 120 كاتبة من مختلف بقاع العالم، إلى جانب ثلاثين كاتبة مغربية من جميع مدن المغرب ومن مختلف الحساسيات الفكرية والإبداعية.