المصور المبدع حسين محمد..
عينٌ على حمص العدّية وأخرى على مدينة مصّياف في محافظة حماه..
بقلم المصور: فريد ظفور
- متسلقاً موشحات قمره الضوئي الفضية المتوهجة..ليعتلي بنشوة الأيام مقامات الروح عند المشاهد لأعماله..يدندن على أوتار النور والضوء ..فيطربنا بتدرجاته الرمادية وبسلم التدرجات اللونية..فيسكرنا بخمرة أعماله الفوتوغرافية ويداوي سقمنا المعرفي البصري ببحر عطفه الإبداعي..فتعالوا نفترش الأرض بسندس أخضر ونقطف الورود والرياحين والجوري والياسمين لنرحب بالمصور حسين محمد..
- في زمن الديجيتال والثورة الرقمية زمن إستسهال التصوير والنشر عبر الشبكة العنكبوتية..وإمتطاء صهوة التصوير الفوتوغرافي دون دربة أو مهارة ..صار الحديث عن التصوير حديثاً ذا شجون وبات بمقدورنا أن نقرر وبكل أسف ألا ما أكثر التصوير وأقل المصورين..ولكن علينا بألا نقع فريسة لليأس والتشاؤم فرحم التصوير لاتزال خصبة ومعطاء وكذلك باتت الدروس والفيديوهات والورشات والمعاهد والكتب كثيرة للمساعدة على تعليم فن التصوير ..وتمنحنا من حين لآخر موهبة تتفتح أزهارها الضوئية على العطاء والأصالة الفنية وتترعرع في أحضان الإبداع الخلاق والتكوين الجميل فنكون على موعد مع ولادة مصور حقيقي تطمئن له النفوس والأرواح وترتاح له العيون..ولعل الفنان حسين محمد واحد من المواهب التي تشتغل على موهبتها بصدق وإخلاص ..وما بين عشق التصوير الفلمي العادي والملون وتصوير الديجيتال(الرقمي)..تنهض موهبته وإبداعاته التكوينية وتشكيلاته البصرية المميزة..وبلغة بصرية إنسيابية شفافة يشكل وينسج الفنان حسين لوحاته الضوئية معتمداً على البساطة والعمق أساساً ومنطلقاً لبناء تكويناته الضوئية وصوره الفوتوغرافية..
- التصوير رفيق يصاحب العاشق منذ نعومة أظفاره الإبداعية وحتى تجاوزه معظم ثيمات وفنون التصوير ومدارسه..ينتقل خلالها من تصوير البورتريه فالطبيعة فالأطفال فالتصوير المقرب فالتصوير المفاهيمي..والخ مروراً بكل تقنيات الكاميرات والعدسات والإكسسوارات المرافقة..بعد إجتيازه إمتحان التقويم من الأهل والأصدقاء والمختصين بعالم الفوتوغرافيا وتجاوزه الطريق بنجاح..وها قد شارفت أشهر السنة على الإنتهاء ولم يبق سوى شهرين وعلقت برامج الرحلات والتسفار والتصوير بشكل نسبي..لكن حكاية المصور حسين قصة من نوع آخر فقط عشق التصوير الفلمي ردحاً من الزمن أيام اللون الأحادي وتدرجاته الرمادية بين الأبيض والأسود..وبعده التصوير الملون وتدرجاته اللونية..والحق يقال بأنني مذ عرفت الصديق المصور حسين في ثمانينات القرن الماضي وهو له بصمة مميزة في عالم الطفولة ولمسة إبداع في تصوير الأطفال ..قلما نجد لها عين ذكية وسرعة إلتقاط في اللحظة المناسبة المعبرة عن حركة الطفل..وتتالت الأيام واللقاءات ..وفجأة إعتكف في كنف فنه القديم ورفض تسليم أسلحته القديمة من معدات الأبيض والأسود والملون الفلمية ..رافضاً ركوب الموجة..ولكن صفعة التطور ومواقع التواصل الإجتماعي وسرعة التواصل والإتصال عبر الفيس والواتس والأنسغرام وغيرها من السوشيل ميديا وإنحسار دور المطبوعات الورقية وشلل شبه كامل بالتصوير الفيلمي جعله يعاود أدراجه ويلتحق بركب التطور والحضارة ومجارات الزملاء في عالم تصوير الديجيتال والعالم الرقمي..وإنطلق قطار التصوير مجملاً بفركوناته كل يوم بلوحة ضوئية فوتوغرافية منجزة بتقنية الديجيتال ..وهكذا فتح الباب على مصراعية ليثبت موجوديته بين أقرانه من المصورين ..والحق بأن عيناه ثاقبتان ولقطاته لها تميز ولمسة سحرية ..وبدأ يبذل جهود مضاعفة ليطمح لنيل المراتب المتقدمة في عالم الفن الرقمي..مستعيناً بملاحظات وتوجيهات بعض الزملاء والأساتذة ممن سبقوا في عالم الأنترنت والتصوير الرقمي وبكل حيثيات العمل الفوتوغرافية من الكاميرا وحتى نقله وإنتشاره على الشبكة بلغة بصرية تكوينية تشكيلية بسيطة وجميلة تلامس شغاف القلب والبصر معاً..فنطالع على صفحته بشكل شبه يومي أعمال وصور تحمل في طياته عبقرية الفنان ولمسة الحنان لكي يوصل رسالته البصري للمتلقين عبر الفيس ..وقد أضحت لوحاته بمثابة أيونات يستخدمها زملاؤه خلفيات لبروفايلهم الشخصي..وبعد مرور الأعوام يقدم صوره واثقاً من نفسه ومن النتيجة…فما أوقفه سؤال ولا إستعصى عليه جواب ..فهو دائب البحث والتجوال والعمل..متجدداً كل يوم يحاول طرق أبواب التصوير ليكتشف كنهها..ولابد أن ينال كل مجتهد نصيبه من الإجتهاد والعمل..ويوم قطاف ثمر الجهود بات قريباً..فمن درس وتعب في خدمة فن التصوير سوف يفوز وينجح بالقريب العاجل..ونتمنى له مسقبلاً ضوئياً مشرقاً وعطاءً دائماً من الإبداع والتألق..
- سوف تستمر صور الأطفال بالإبتسامة المرسومة فوق شفاهم ضمن كوادره التصويرية والدم ينبض تحت بشرة وجوههم..والرياح تحرك الأغصان ومجموعة من الفراشات تتهيأ للرقص فوق الأزهار..والعصافير والعنادل تغرد فوق البساط السندسي الأخضر ..بينما جدول الماء ينساب هارباً خلف التلة المزدانة بغابات الكتستناء والصنوبر..ولكن عدسة الفنان حسين وحدها ترصد كل تحركات الكائنات ..ولأن الفن الضوئي يحفظ وهو الشيء الوحيد المحفوظ بدفاتر الذكريات وبألبوماتها..ويحفظ بذاته حكماً بالرغم من كونه في الواقع لا يدوم أكثر من حامله ومن مواده (اللون – الصورة – الكاميرا- العدسة ..الخ)..وتلك الفتاة محتفظة بوضعيتها منذ أخذت لها اللقطة..وهي لم تتعلق بمن صنعها..والهواء يحتفظ بالنفحة والحركة والنور التي كانت من زمان ولم يعد يتعلق بمن كان يتنفسه..فالشيء منذ البداية مستقل عن نموذجه ومستقل عن الآخرين..الذين هم أشياء فنية..موديلات ونماذج وأشياء للتصوير..والشيء ليس أقل إستقلالاً عن المشاهد أو السامع ..وهما دلالة إذا توفرت لهما القوة..فما شأن المبدع حسين محمد..فالشيء مستقل عن المبدع بسبب الموقع الذاتي للمبدع الذي يحفظ بذاته مايحفظ..أو الأثر أو الصورة الفنية التي هي كتلة من الإحساسات المشكلة في الصورة أي مركبة من المؤثرات الإدراكية والحسية..وهي كائنات تحمل قيمتها بذاتها وتتعدى أي معاش ويمكننا القول بأنها تقوم بدون الإنسان المصور لأن الإنسان سواء منحوت من صخرة أو مشكل في صورة..أو مدون عبر كلمات فإنه يبقى مركباً من المدركات والإنفعالات لأن الأثر الفني الضوئي كائن إحساسي ولا شيء غير ذلك فهو موجود بذاته كمصور..لأن الصور العظيمة جميلة بحد ذاتها ..ولكن كلما بذل الإنسان جهداً في التمتع والتبصر برؤية الأعمال العالمية التي تنتشر على الشبكة العنكبوتية كلما كانت النتيجة أجمل والإبداع أكثر..وقد ينسى النقاد والمشاهدين بعض الصور ولكنهم لن ينسوا بأن الأعمال العظيمة تفتح الباب على مصراعية للحديث عن قضايا الفوتوغرافيا بالعالم وسبيل تعلم الشباب هذا الفن الرائع..الذي يصب في خانة السهل الممتنع..
- وفي ختام هذه القراءة لايسعنا إلا أن نشّدَ على يَدّ المصور حسين محمد..المصور الفنان ونبارك له فواتح أعماله الفنية الضوئية وبإنتظار الغيث أن ينهمر مطراً ضوئياً غزيراً وخيراً إبداعياً عميقاً..من هنا ندلف أخيراً للقول بأن الفنان حسين محمد يستحق منّا الشكر والتقدير لما قدمه في خدمة الفن الفوتوغرافي ..آملين بأن ينصفه القائمين على الفوتوغرافيا وعلى الثقافة والفن في سورية وغيرها من البلدان..
- حتى تبقى عينه على مدينة حمص العدّية والعين الأخرى على مدينة مصّياف في محافظة حماه..فالأرض ظامئة هنا والقلوب ظمأى هناك..
ــــــــــــــــــــــــــــملحق مقالة المصور حسين محمد ـــــــــــــــــــــــــــــ
المصور : حسين محمد
مواليد عام ١٩٦١م
بدأ التصوير بالمرحلة الأبتدائية في سبيعينيات القرن الماضي
درس في كلية الاداب في جامعة دمشق