* أمجد سيجري
كرونولوجيا Chronology وهو علم تحديد الاحداث حسب الفترة الزمنية وفي هذه المقالة لن أتعامل مع كرونولجي كامل للبشرية لصعوبة الحصر لذلك ساكتفي النقاط الاساسية من حياة البشرية المتمثلة بالجنس البشري و الاستقرار و التمدن :
أولاً : اقدم الأجناس البشرية تجنباً للإطالة سأذكر الرئيسية منها :
1- اقدم جنس بشري منقرض تم اكتشاف رفاته هو الهومو هابيليس Homo habilis أو الإنسان الماهر يعود ل 2.3 – 1.4 ﻣﻠﻴﻮﻥ اقدم رفات له تم العثور عليها في شرق افريقيا في تنانزانيا في العام 1962 .
2- ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺑﺤﻴﺮﺓ ﺭﻭﺩﻭﻟﻒ ﻫﻮﻣﻮ ﺭﻭﺩﻭﻟﻔﻴﻨﺴﻴﺲ Homo rudolfensis هو منقرض يعود لشرق القارة الإفريقية عاش قبل 1.9 مليون سنة أقدم احافيره كانت في كينيا.
3-هومو ايركتوس Homo erectus أو إنسان جورجيا او الانسان المنتصب ﻋﺎﺵ ﻗﺒﻞ 1.8 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺳﻨﺔ ﻣﻀﺖ، ﻭﻗﺪ ﻋﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﻝ ﺃﺣﺎﻓﻴﺮﻩ ﻓﻲ ﺟﻮﺭﺟﻴﺎ ﻋﺎﻡ 1991 ﻡ ﻭﺑﺠﻮﺍﺭﻫﺎ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻭﻋﻈﺎﻡ ﺣﻴﻮﺍﻧﻴﺔ .
4- ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﻫﻮﻣﻮ ﺇﺭﻏﺎﺳﺘﺮ ، ﻫﻮ ﻧﻮﻉ ﻣﻨﻘﺮﺽ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ الحالي ﻋﺎﺵ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺷﺮﻕ ﻭﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻗﺒﻞ 1.9 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺳﻨﺔ ﻣﻀﺖ وسني بالعامل لوجود ادوات بدائية بجانبه.
5-إنساﻥ ﻫﺎﻳﺪﻟﺒﻴﺮﻍ Homo heidelbergensis أو ﻫﻮﻣﻮ ﻫﺎﻳﺪﻟﺒﻴﺮﻏﻴﻨﻴﺴﻴﺲ ﻧﻮﻉ ﻣﻨﻘﺮﺽ ﻣﻦ ﺃﺷﺒﺎﻩ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، يعتقد ﺃﻧﻪ ﺍﻷﺻﻞ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻹﻧﺴﺎﻥ ﻧﻴﺎﻧﺪﺭﺗﺎﻝ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺗﻌﻮﺩ ﺃﺣﺴﻦ ﺑﻘﺎﻳﺎﻩ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ 600 ﻭ 400 ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ ﺗﺘﺸﺎﺑﻪ ﺗﻘﻨﻴﺎﺕ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﺘﺼﺐ ﺇﻳﺮﻳﻜﺘﻮﺱ .
6-إنسان الﻧﻴﺎﻧﺪﺭﺗﺎﻝ Homo neanderthalensis ﺃﻭ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺒﺪﺍﺋﻲ ﻫﻮ ﺃﺣﺪ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺟﻨﺲ ﻫﻮﻣﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻮﻃﻦ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻭﺃﺟﺰﺍﺀ ﻣﻦ ﻏﺮﺏ ﺁﺳﻴﺎ ﻭﺁﺳﻴﺎ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﺗﻌﻮﺩ ﺁﺛﺎﺭ ﻧﻴﺎﻧﺪﺭﺗﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺟﺪﺕ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻟﺤﻮﺍﻟﻲ 350,000 ﺳﻨﺔ ﻣﻀﺖ ﺍﻧﻘﺮﺽ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻧﻴﺎﻧﺪﺭﺗﺎﻝ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻗﺒﻞ ﺣﻮﺍﻟﻲ 24,000 ﺳﻨﺔ ﻣﻀﺖ .
7- الإنسان العاقل الأول Homo sapiens idaltu ﻫﻮ ﻧﻮﻉ ﻣﻨﻘﺮﺽ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻹﺳﻢ ﺍﻟﻤﻌﻄﻰ ﻟﻌﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺎﻓﻴﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺍﻟﻌﺜﻮﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﺎﻡ 1997 ﻓﻲ ﺃﺛﻴﻮﺑﻴﺎ ﺗﺮﺟﻊ ﻫﺬﺓ ﺍﻟﺤﻔﺮﻳﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ 160,000.
– الإنسان العاقل الحالي Homo sapiens هومو سابينيس ﺃﻇﻬﺮﺕ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻷﺣﻔﻮﺭﻳﺎﺕ ﻭﺗﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﺤﻤﺾ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﻟﻠﻤﺘﻘﺪﺭﺍﺕ ﺃﺩﻟﺔ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻗﺒﻞ ﺣﻮﺍﻟﻲ 300 ﺃﻟﻒ ﻋﺎﻡ .
ثانياً : الإنتقال الأول في العالم من الجمع والصيد الى الاستقرار والتجمعات البشرية و القرى والمدن الكبرى :
– بدأ البشر في السكن بالكهوف منذ 40 الف سنة وكانت حياته تعتمد على الصيد والجمع والتنقل الدائم فقد وجد من هذه الكهوف ملجأ له من الأخطار المحدقة به في العالم البري وتدل رسومات الكهوف على هذه الحياة التي مر بها الانسان العاقل في تلك المرحلة واقدم هذه الرسومات الكهفية عثر عليها في كهف ال كاستلو في اسبانيا تعود ل40 الف سنة.
– عاش الإنسان حياة الكهوف التي في مناطق مختلفة في العالم وأشهرها كانت في بلاد الشام فقد كان أول ظهور لما يسمى اليوم كلمة ثقافة في سوريا وكانت تسمى ” الثقافة الكبارية ” وسميت كذلك لان اقدم أثر لهذه الثقافة كان في منطقة شرق البحر الابيض المتوسط بجانب مغارة كبارة جنوب حيفا امتدت هذه الثقافة من 18000 ﺇﻟﻰ 12500 ق. م
شملت هذه الحضارة كامل بلاد الشام تميزت بجمع الحبوب البرية والصيد وتدجين بعض الحيوانات كالكلاب بالاضافة لإستخدام عدد من الادوات كالقوس والسهم بالاضافة لعدد من الأدوات الحجرية المختلفة الاستخدام واشهرها ادوات حجرية مستخدمة لطحن الحبوب ويعتقد ان هذه الثقافة كانت الشرارة الاولى لقيام عصر النيوليت ” الفخار ” .
– تلت هذه المرحلة مرحلة الثقافة النطوفية وهي ثقافة اخذت تسميتها من أقدم معالمها في وادي النطوف جنوب بلاد الشام وتعتبر إمتداد للثقافة الكبارية السابقة لكن يميزها عنها عدد من الامور المهمة أبرزها إمتداد هذه الحضارة على مساحات واسعة من وادي النيل الى شرق الفرات كما تميزت بتحسن مناخي مما دفع الانسان لترك حياة الكهوف وبناء البيوت والقرى حيث عُثر على اقدم هذه القرى في بلاد الشام في تل أبو هريرة و أريحا كما عثر على عدد من القرى تحمل الطابع النطوفي في كل من وادي النيل في حلوان ومناطق متفرقة من بلاد الرافدين حيث بدات معالم الثقافة النطوفية منذ الألف العاشر قبل الميلاد حتى الألف الثامن قبل الميلاد وفي هذه الثقافة بدأت حياة الاستقرار و تبلور تدجين الحيوان الذي بدأ في الثقافة الكبارية الزراعة وتدجين البذور لزراعتها واشهرها تدجين القمح بالاضافة لصنع الادوات الخاصة بالزراعة التي إتصفت بالدقة الهندسية ومنها المناجل وبدأت مع حياة الاستقرار التطلع نحو الخلق والوجود بالتالي بدأت تبرز الطقوس الدينية أبرزها طقوس عبادة الاجداد التي وجدت اثارها في تل اسود في سورية فكانت تقطع رؤوس وتطلى الجص لان الإعتقاد السائد حينها ان الرأس مركز الروح او الحياة فكان النطوفيون يحتفظون بها وعبادتها حيث وجد عدد من هذه الرؤوس في الموقع المذكور ويصنف هذه الفترة بالعصر الحجري الحديث ماقبل فخاري.
في الألف السادس قبل الميلاد مرت المنطقة بجفاف دفع الناس من الانتقال من قراهم القديمة المعتمدة على الأمطار الى اطراف الأنهار .
حيث نقل الأنسان معه مهاراته الخاصة في الزراعة والتدجين مع أضافة تتطورات عامة على هذه المواضيع السابقة للتتناسب مع الظروف البيئية والاقتصادية الجديدة كمعرفتهم للري الصناعي أي “الزراعة المروية” بدلا من الزراعة البعلية ويمكن أعتبار وهذا دليل على وجود سلطة سياسية تدير هذه التقنية الجديدة أما العمارة فقد ظهر تنظيم معماري للقرى والذي تمثل في البيوت الخاصة بالسكن وقد استخدام الجص في الأرضيات وزودت البيوت بالمواقد لأغراض الطبخ والتدفئة.
بعد اللجوء إلى ضفاف الانهار والانتقال من الزراعة البعلية الى الزراعة المروية عرف العالم اقدم المدن بالشكل المتحضر الذي نعرفه اليوم فكان اقدم تجمع حضاري مدني في تل براك شمال سوية حيث تعود حضارة هذا التل لعام 6500 ق. م وهو امتداد لثقافة تل حلف حيث كشفت التنقيبات الاثرية ان تل براك تطور كمركز حضاري بشري في وقت أبكر من المراكز الحضرية في جنوب بلاد الرافدين كمدينة اوروك التي بدأت في الالف الرابع قبل الميلاد ويسمي علماء هذه المرحلة بثقافة اوروك للتاثير الكبير الذي لعبته تلك المدينة على المنطقة بالرغم من اسبقية تل براك الحضارية لهذه المدينة لكن تأثير اوروك كان الأكبر والاوسع والمسيطر .
بينت التنقيبات في تل براك وجود جدران تمت احاطة المدينة بها تعود لألف الخامس قبل الميلاد بالاضافة لمساحة سيطرت عليها هذه المدينة تصل الى نحو 55 هيكتار واستمرت هذه المدينة بالتوسع حتى وصلت إلى 130 هيكتار في العام 3800 ق. م في عصر اوروك الوسيط .
كما وجدت عدد من الأصنام تدل على تطور طرق العبادة في تلك المنطقة كما تشير المكتشفات حسب موقع اكتشف سوريا الاثري على العثور على معابد أهمها معبد العيون الشهير وسلسلة من المعابد مشيدة فوق مصطبة عالية أحدثها لا يتعدى 4000 ق.م مع ملحقاتها من المخازن، وتبين طرق البناء إلى تقدم واضح من الناحية المعمارية، كما عرف تل براك في أواخر عصر ثقافة أوروك صناعة الأختام وطبعات سدات الجرار الفخارية بالإضافة إلى صناعات معدنية وأدوات صوانية وأدوات من حجر السبج وحين حلت حضارة “جمدة نصر” محل حضارة أوروك في جنوبي بلاد الرافدين استمرت حضارة أوروك في تل براك وتابعت تجارتها بالمعادن والمواد الأخرى التي نقلت من الأناضول، وكان من أهم المواد المستوردة النحاس، في حين كان الصوف السلعة المفضلة محلياً في الألف الرابع قبل الميلاد.
وبالنسبة للكتابة كان يعتقد أن موطن هذا الإنجاز الحضاري جنوب بلاد الرافدين المكتشفات الاثرية في هذا التل حسب موقع اكتشف سورية الاثري صرح عن إكتشاف كتابات تصويرية ترجع لزمن أقدم من عصر أوروك نفسه.
بالتالي تكون مدينة تل براك أقدم مدن العالم قاطبة ويشير مخططها وأبنيتها وثروتها من الذهب والعاج إلى نظام مدني متطور سبق نشوء الكتابة نفسها التي كانت اهم مفاصلها في الكتابة المسمارية في اواخر الالف الرابع قبل الميلاد في جنوب بلاد، الرافدين..