المصور السوري #هشام _ زعويط Hisham Zaweet ..
عيّنُ نسر من السماء و يّدُ فنان في الأرض ..
بقلم المصور : فريد ظفور
- شرعت أكتب الفصل الأخير من مسرحية الضوء..ململماً شموعي وأزهاري وذكرياتي..كنت مشتاق لأعرفكم على عوالمه الفوتوغرافية ..تهامسني حكايات صوره وتسكرني أنفاس تدرجاته اللونية والرمادية..فلنهنأ بتكوينات أعماله ..بقصائد صوره التي لابحور فيها ولا أوزان عروضيه..صاغتها عين نسر يحلق في سماء الفن الضوئي ويد فنان ضوئي تشكيلي ..أفلحت بإيصالنا إلى شاطيء الأمان..بإبتسامته الساحرة..يتهافت عطر الزنابق والزيزفون والريحان..ومع إطلالة ذكرياته على شرفات حارة دمشق القديمة حيث الياسمين يقدم باقاته البيضاء ليرحب بالفنان هشام زعويط..
- باديء ذي بدء ماهي فلسفة الصورة..التي هي إبداع المفاهيم ..لأن مفهوم الصورة هو ذلك الإصطلاح المنطقي..لأن للمصور ثمة شخصية مفهومية تكوينية..تسقط الزمكان ..الذي يغدو أبرز حادثاته أو لقطاته الضوئية..لأن المصور لايكتفي بإعطاء ذاته بل يتدخل في عملية إستكناه غيره من الفنانين..ولا أهمية لفلسفة الصورة أو المفهوم عنها منقطعاً عما يمفهمه..ثم ينخرط في تكوين ذاته عبر تكوينه لغيره..وقلما يتورط المصور في صياغة هيئة أو صورة مجردة له..بل تراه يجري وراء اللقطة أو الحدث..في كل سبيل وإتجاه..لأنه ليس ثمة وحدة سكونية لمفهوم الصورة..وأقصى مايفعله المصور مع العالم المحيط و مع أفكاره..هو أن يجعل الصورة أو الشيء لا يأتي إلا ومعه نظامه وتقنياته وتشكيلاته..أو هكذا يُخيل لنا لأن نظام الصورة هو صورة أيضاً..ومصطلح فلسفة الصورة يفتح على حقبة المعرفة الفضائية الكونية الراهنة والقادمة..والمفهوم الضوئي يعصى على الكليات لأنه يتشبث بفرادته الضوئية..فالكلي لم يعد يعني شيئاً ويفهم على ضوء التجريبية أيام اللون الأحادي عندما كان المصور ينجز تحميض وطبع أفلامه بمختبره بنفسه..وبعدها أصبح من الصعوبة والحاجة للمخابر زمن التصوير والطباعة الملونة..وهكذا حتى دخل التصوير الرقمي عالم الفوتوغراف..وإختصر المواد الكيميائية وبقيت الرياضيات والفيزياء وأصبحت المصفوفات والخوارزميات (صفر واحد وواحد صفر..)..من حيث هي الوطن الوحيد للحواسب..من المتناهي واللامتناهي..فكل مفهوم صار يعمر مسطحاً ويقتطع بروفيلاً من المادة أو (بيكسل Pixel) من مربع أو مستطيل.. ..الذيوالبيكسل هو أصغر عنصر منفرد في مصفوفة صور نقطية أو في عتاد توليد صور، أي أنه أصغر ما يمكن تمثيله والتحكم في خصائصه من مكونات الصورة على الشاشات بتقنياتها المختلفة، وأصغر ما يمكن مسحه وتخزين بياناته في الماسحات الضوئية، أو في مستشعر الكاميرات الرقمية..وتلك المادة التي لم تعد توجد هي نفسها إلا معمارية منخرطة في صيغة هندسية ما ..وتلك المعمارية ماهي إلا أضوائها أو تدرجاتها..أو خطوط أضواء..تسريعية دائماً ..فلا التأمل ولا التفكير ولا التواصل في عصر الأنترنت عصر التواصل اللاتواصلي..لكن إذا لم تعد الفلسفة الضوئية بمثابة مفردات تتعامل بها المباديء الأولى أو الكليات ولايعني بأنها كلية الكليات ..لكن سيجعل الكليات مفاهيم تتشابه وتتعرض مثل المصور للتغيير ( للميلاد والنماء والفناء)..
- مع المصور هشام زعويط لامستحيل مع الإرادة..فهذا المصور العصامي الذي قدم نفسه فجأة دون تطبيل وتزمير..معلناً خطوة ثورية جريئة ورائدة في التصوير الجوي..وتبسيط أساليب تعليمها ..كاسراً فيها المألوف والمتحجر والروتيني..ومؤكداً عبر مسيرته الضوئية بأن الحياة بحر صعب المراس وأنه كمصور لايختلف عن شيخ همنغواي الروائي الروسي..في لعبة التحدي الكبرى وأن مباديء وأسس التصوير ليست بعبعاً أبداً ..فرحلة الفنان هشام بدأت في الحارات الدمشقية العتيقة وفي بساتينها وأنهارها..وكانت لجولاته مع والده بترحال شبه دائم تعطيه الجرئة والأفكار والغنى البصري والثقافة الفوتوغرافية الفنية الجمالية ..علاوة عن متابعاته للمجلات العربية والأجنبية وللكتب المختصة بالفن الضوئي وبتقنياته وبمدارسه ..وأيضاً متابعة أعمال كبار الفنانين بالماضي والحاضر ومواظبته لحضور المعارض الضوئية والتشكيلية ..كلها شكلت عنده معيناً لاينضب من الثقافة البصرية وتكوينات الصورة ..وأعطته بعداً جديداً في عالم الفوتوغرافيا وفي الساحة السورية ..فكانت العزيمة الصلبة والإرادة الحديدية هي التي ألهمته الدرب وكانت الدافع القوي الذي شحذ عزيمته زألهمه الصبر والدأب في عمله حتى وصل إلى ماوصل إليه الآن بالرغم من الإمكانات المادية المتواضعة..ونأمل أن يمد الله في عمره وأن يزيد من طموحه وصبره ليستطيع أن يكمل مسيرته ويكمل ما بدأبه لتحقيق الهدف الذي نصبوا إليه جميعاً لخدمة الفوتوغرافيا..فلهشام زعويط أسلوب فوتوغرافي خاص ولتكويناته لذعة مميزة يعرفها كل من تابع أعماله بمعارضه وكتبه وعبر صفحته على الفيس وغيرها ..يزرع الزعويط على شفتيك دائماً الإبتسامة والأمل ويدفعك لمشاركته السخرية على بعض موضوعاته وأشخاصه..التي تأخذ الطابع القصصي والتعليمي..وهشام رحالة دائم في أرض الله الواسعة تجده كالسندباد كل يوم في مكان لاتعيقه العوامل المناخيه الطقسية بل تزيده إصراراً بالبحث عن المجهول والغريب في كل لقطة..
- لقد كان الحظ بجانب المصور الفوتوغرافي السوري هشام زعويط،والذي عمل مع المصور الفرنسي.. يان أرثوس برتران.. بالتحضير والتنظيم والتنسيق للتصوير الجوي الذي أقيم فوق سماء سورية في شهر أكتوبر للعام 2008م وكان ذلك تحت شعار و مظلة إحتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية..ولكن هل سبق وشاهدت الأرض بعيني نسر من السماء كما شاهدها الفنان زعاويط..و هل رأيت لقطات للأرض من السماء، كما لو أننا لم نراها من قبل… ولن تنتهي أو تتوقف الأسئلة حيال ما صنعه الفنان هشام زعويط مع العملاق..المصور الفوتوغرافي الفرنسي: يان أرثوس برتران، الأكثر حضوراً في عالم الدفاع عن البيئة وعن الأرض وعن الإنسان الذي يدفع ضريبة أفعاله المجحفة بحق كوكبنا الأرض..ولقد إكتشف الفرنسي برتران ومن خلال الصورة أن حياة البشر على كوكب الأرض لم تكن بخير، ولن تكون كذلك في المستقبل ..ولعل كتابه الأرض من السماء ليس عملاً فيناً، بل إنه قصة مصوّر ..ولديه اأفكاراً، أعطت معنى للصورة بكل كيانه، وصارت هي حياته، لإن الأرض بحد ذاتها عمل فني ضوئي تشكيلي بصري..ولكن مرافقة زعاويط لخبير وحصيف وفنان متمرس مثل برتران..لهو بحق متعة ذاتية وإكتساب خبرة ومهارة بصرية وضوئية وتكوينية ..سيما ومراقبة ومشاهدة كيفية أخذ اللقطات وبأي كاميرات وما نوعها وما هي العدسات والفلاتر وغيرها من المعدات اللازمة للتصوير الجوي..شكلت جميعها فرصة ذهبية نادرة لاتقدر بثمين ..وجعلت منه واحد من القلائل الذين شاهدوا السماء السورية بعيون فنان وبرؤية نسر..والتجربة سمحت له بالتعرف عن قرب على مصور بأهمية الفنان العالمي “يان أرثوس برتران” وعلى طريقة عمله وإدارة المهام التي يقوم بها، والكثير من التفاصيل الفنية الأخرى. وعن أهمية العمل كفريق متكامل يقوم فيه كل بدوره وواجبه ليتم إنجاز المهمة المطلوبة بالشكل الأمثل..و غدت الصورة المادة الأهم في إعلام اليوم ومحوراً أساسياً في عمل مؤسسات الإعلام والإعلان على اختلاف أنواعها وأشكالها. وهي أهم وسيلة ذات وظيفة اتصالية لها تأثير قوي في حياتنا عبر الميديا والسوشيل ميديا..ويصف المصور الفنان زعويط ..الأستاذ “جورج عشي”..بأن “هشام” يتمتع بعين فنية ثاقبة تجعله يختار إضاءاته وزواياه وتأطير مواضيعه بدقة محترماً بذلك المتلقي لصوره،و إلى جانب كونه صديقاً ورفيقاً الدرب الصعب ..فإنه يتمتع بحس فنان مرهف وصحفي متمرس له باع طويل في هذا المضمار..وأذكر بأنني تعرفت على الفنان هشام في ثمانينات القرن الماضي من خلال معارض نادي فن التصوير الضوئي في دمشق وكذلك كوني كنت مراسل مجلة فن التصوير الورقية اللبنانية في سورية..فالحق يقال بأنه كان الشاب الأكثر تألق وتميزاً على أقرانه..ومضت السنون حتى إلتقينا بمدينة حمص عام 2009م ..أثناء إقامة معرضه عن الدراسة والتدريس وعن التعلم و التعليم والتربية..في صالة صبحي شعيب ( نقابة الفناني بحمص )..إضافة لمتابعتي لأعماله في الفيس بوك وغيره من مواقع التواصل الإجتماعي عبر الشبكة العنكبوتية..فقد صور السحر في “سورية” الجميلة بسهولها وجبالها ووديانها وأنهارها وبحرها وباديتها، بأهلها الطيبين وناسها وأوابدها، صورها بشغف الفوتوغرافي العاشق الذي لا يرى من معشوقته الكاميرا إلا الجمال، فالذي لا يعشق الجمال لا يبدع فناً.. ولطالما امتزج عمله الدؤوب بالحب النابع من عقله وقلبه فستكون النتيجة ملامسه للعقل والقلب بالتأكيد وتوصل الرسالة البصرية الضوئية كاملة غير منقوصة..
- لاشك بأننا أمام نجم فوتوغرافي سوري وعربي وعالمي متميز أثبت جدارته في الأعوام الأخيرة كواحد من جهابذة الفن الضوئي والرقمي..فالمعرفة ليست شكلاً ولا قوة..بل هي وظيفة..ولعمري بأن الفنان المصور هشام زعويط..وظف أعماله بشكل جيد..و يستحق منَّا شهادة تقدير ووفاء وشكر لما قدمه ويقدمه في سبيل رفعة ونصرة الفن الضوئي الأحادي اللون والملون والرقمي..وأضحت أعماله الفنية التكوينية والتشكيلية البصرية منارة عزّ ومركز هداية وإستقطاب لعشاق الفن الضوئي محلياً وعالمياً ..أفلا يستحق التقدير والتكريم هذا الفنان الذي نذر نفسه لخدمة الفوتوغرافيا ..سؤال برسم المعنيين بالشأن الثقافي البصري ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ ملحق مقالة الفنان هشام زعويط ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ