الجامع الأزهر
الجامع الأزهر | |
---|---|
|
|
إحداثيات | 30.024474°N 31.154524°E |
معلومات عامة | |
القرية أو المدينة | القاهرة |
الدولة | مصر |
تاريخ بدء البناء | (359 – 361 هـ) / (970 – 972 م) |
المواصفات | |
عدد المصلين | 20000 |
عدد المآذن | 4 |
النمط المعماري | فاطمي |
الجوائز | جائزة الملك فيصل العالمية في خدمة الإسلام |
ويكيميديا كومنز | الجامع الأزهر |
الجامع الأزهر (359 – 361 هـ) / (970 – 972 م).[1] هو من أهم المساجد في مصر ومن وأشهر المساجد في العالم الإسلامي. وهو جامع وجامعة منذ أكثر من ألف سنة، وقد أنشئ على يد جوهر الصقلي عندما تم فتح القاهرة 970 م، [2] بأمر من المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر، وبعدما أسس مدينة القاهرة شرع في إنشاء الجامع الأزهر، ووضع الخليفة المعز لدين الله حجر أساس الجامع الأزهر في 14 رمضان سنة 359 هـ – 970م، وأتم بناء المسجد في شهر رمضان سنة 361 هـ – 972 م، [2] فهو بذلك أول جامع أنشى في مدينة القاهرة المدينة التي اكتسبت لقب مدينة الألف مئذنة،[nb 1] وهو أقدم أثر فاطمي قائم بمصر. وقد اختلف المؤرخون في أصل تسمية هذا الجامع، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمنا بفاطمة الزهراء ابنة النبي محمد وإشادة بذكراها.[3]
بعد الانتهاء من بناء المسجد في 972، وظفت السلطات 35 عالم في مسجد في 989، ويعتبر المسجد ثاني أقدم جامعة قائمة بشكل مستمر في العالم بعد جامعة القرويين. وقد اعتبرت جامعة الأزهر الأولى في العالم الإسلامي لدراسة المذهب السني والشريعة، أو القانون الإسلامي.[4]
أُمِّمَت جامعة متكاملة داخل المسجد كجزء من مدرسة المسجد منذ إنشائه، وعينت رسميا جامعة مستقلة في عام 1961، في أعقاب الثورة المصرية لعام 1952.
صلاح الدين الأيوبي والسلاطين الأيوبيون السنيون الذين أتوا من بعده تجنبوا الأزهر على مدى تاريخ طويل، وقد أهمل المسجد بالتناوب وبشكل كبير؛ لأنه تأسس باعتباره مؤسسة لنشر المذهب الإسماعيلي، [4] وقد أزيلت مكانته باعتباره مسجدًا شيعيًّا وحرم الطلبة والمدرسون في مدرسة الجامع من الرواتب.[5]
في عهد السلطنة المملوكية عُكِسَت هذه التحركات، حيث بلغ الاهتمام بالأزهر ذروته، وكان ذلك بمنزلة العصر الذهبي للأزهر، وقاموا بالعديد من التوسعات والتجديدات التي طرأت على البنى التحتية للمسجد، كما أظهر الحكام في وقت لاحق من مصر بدرجات متفاوتة الكثير من الاهتمام والاحترام للمسجد، وقدمت على نطاق واسع مستويات متفاوتة من المساعدة المالية، على حد سواء إلى المدرسة وإلى صيانة المسجد.[2]
اليوم، لا يزال الأزهر مؤسسة لها تأثير عميق في المجتمع المصري ورمزاً من رموز مصر الإسلامية.
التسمي
ة
تأسست مدينة القاهرة بواسطة جوهر الصقلي، وهو قائد فاطمي رومي من أصل يونان[؟]ي من جزيرة صقلية، [6][7][8][9][10][11] وأطلق عليها اسم المنصورية، وأعدت المنصورية لتكون مقراً للخلافة الفاطمية المتواجدة في تونس، وقد استخدم المسجد لأول مرة في عام 972، وسُمّي في البداية بجامع المنصورية، وقد كانت تسمية المسجد باسم المدينة التي يتواجد بها ممارسة شائعة في ذلك الوقت، مع دخول الخليفة المعز لدين الله لمصر قام بتسمية المدينة بالقاهرة، وهكذا أصبح اسم المسجد جامع قاهرة، في أول نسخه من المصادر العربية.[12]
اكتسب المسجد اسمه الحالي، الأزهر، في وقت ما بين الخليفة المعز، ونهاية عهد الخليفة الفاطمي الثاني في مصر العزيز بالله، [12] والأزهر معناه المشرق وهو صيغة المذكر لكلمة الزهراء، والزَّهْرَاءُ لقبُ السيدة فاطمة بنتِ الرسول محمد، [13][14] زوجة الخليفة علي بن أبي طالب، وقد ادعى المعز وأئمة الدولة الفاطمية أنهم من سلفهم؛ وهي نظرية واحدة لمصدر تسمية الأزهر، [15][16] هذه النظرية، ومع ذلك، لم تُؤَكَّد هذه النظرية في أي مصدر عربي، وقد استُحْسِن دعمها كلياً، وقد نفتها مصادر غربية في وقت لاحق.[17]
نظرية بديلة هي أن اسم المسجد اشتق من الأسماء التي قدمها الخلفاء الفاطميين إلى قصورهم، القريبة من المسجد والتي سميت بشكل جماعي بالقصور الزاهرة تيمنًا بالحدائق الملكية بها، التي اختيرت من قبل العزيز بالله، وقد انتُهِىَ من القصور وغُيِّر اسم المسجد من جامع القاهرة إلى الأزهر.[12][18]
أما اشتقاق كلمة جامع من جذر الكلمة العربية الجامعة، وتعني «الجمع»، ويتم استخدام الكلمة للمساجد التي تجمع الكثير من الناس. بينما في اللغة العربية التراثية اسم الأزهر تم تغييره إلى جامع الأزهر، ونطق كلمة جامع هي تغييرات كلمة جماعة “في لهجة مصرية. [nb 2]
التاريخ
في عصر الدولة الفاطمية (التأسيس)
الخليفة الفاطمي المعز لدين الله، إمام إسماعيلية الرابع، قام بغزو مصر عن طريق قائد قواته جوهر الصقلي، الذي نجح في انتزاعها من سلالة الإخشيديين، [19][20] وبأمر من الخليفة، أشرف جوهر على بناء المركز الملكي “للخلافة الفاطمية” وجيشها، وقد بني الأزهر كقاعدة لنشر مذهب الشيعة الإسماعيلية،[19][21] الذي يقع بالقرب من مدينة الفسطاط السنية، وقد أصبحت القاهرة مركزا للطائفة الإسماعيلية الشيعية، ومركز للدولة الفاطمية.[22]
كما أمر جوهر، ببدأ بناء مسجد كبير للمدينة الجديدة، وقد بدأ العمل في 4 أبريل، 970 [17] وقد تم الانتهاء من المسجد في عام 972، وعقدت أول صلاة جمعة في 22 يونيو 972 خلال شهر رمضان.[17][23]
سرعان ما أصبح الأزهر مركزا للتعليم في العالم الإسلامي، وصدرت التصريحات الرسمية وجلسات المحكمة التي عقدت هناك، [19] وخلال الحكم الفاطمي، أصبحت التعاليم السرية سابقا من المذهب الإسماعيلي (كلية القانون) متاحة لعامة الناس، [24] وقد عين المعز القاضي النعمان بن محمد القاضي، مسؤولا عن تدريس المذهب الإسماعيلي،[24] وقد كانت بعض الفصول تدرس في قصر الخليفة، وكذلك في الأزهر، مع دورات منفصلة للنساء، [25][26] وخلال عيد الفطر عام 973، رُسِّمَ المسجد مسجدًا رسميًّا لصلاة الجماعة في القاهرة بأمر من الخليفة المعز وابنه عندما أصبح بدوره الخليفة، جعلوا خطبة الجمعة خلال شهر رمضان في الأزهر.[27]
كما جعل يعقوب بن كلس، الموسوعي والفقيه والوزير الرسمي الأول للفاطميين من الأزهر مركزا رئيسيا للتعليم في القانون الإسلامي في عام 988، [28] وفي السنة التالية، وُظِّفَ 45 عالمًا لإعطاء الدروس، وإرساء الأساس لما يمكن أن يصبح الجامعة الرائدة في العالم الإسلامي.[29]
ووُسِّع المسجد أثناء حكم الخليفة العزيز (975–996). ووفقا للمفضل، أنه أمر بترميم أجزاء من المسجد تصدعت بقياس ذراع واحدة كحد أقصى. كما استمر الخليفة الفاطمي القادم، الحاكم بترميم المسجد وتوفير باب خشبي جديد في عام 1010. ومع ذلك، شهد عهد الحاكم إكمال مسجده الذي سمي تيمنا به، ومنه فقد الأزهر مركزه كمسجد صلاة الجماعة الأولي في القاهرة. في أيار/مايو 1009 أصبح مسجد الحاكم بأمر الله المكان الوحيد لخطب للخليفة وخطبة الجمعة. بعد عهد الحاكم، استعاد الأزهر مكانه في عهد المستنصر، وقد نُفِّذَت إضافات وتجديدات على المسجد، وقد أضيفت الكثير من التجديدات في عهد الخلفاء الفاطميين الذين أتوا من بعده.[30]
في البداية كان الأزهر يفتقر للمكتبة التي أنشئت في وقت لاحق من تشييده، وقد وهبت للأزهر من قبل الخليفة الفاطمي في 1005، الآلاف من المخطوطات التي شكلت الأساس لمجموعتها،[31] وكانت الجهود الفاطمية لإقامة الإسماعيلية الممارسة بين السكان، ومع ذلك لم تنجح جهودهم إلى حد كبير، [22] الكثير مما يتعلق بتجميع المخطوطات فرقت في الفوضى التي تلت سقوط “الخلافة الفاطمية“، [31] وأصبح الأزهر مؤسسة سنية بعد ذلك بوقت قصير.[22]
في عصر الدولة الأيوبية
كان صلاح الدين الأيوبي الذي أطاح بالفاطميبن عام 1171 معادياً لمبادئ التعاليم الشيعية التي طرحت في الأزهر أثناء الخلافة الفاطمية، وقد أهمل المسجد خلال حكم السلالة الأيوبية لمصر، وحظر صدر الدين بن درباس الصلاة فيه، وهو قاضٍ عين من قبل صلاح الدين الأيوبي، [32] والسبب في هذا المرسوم قد يكون تعاليم الشافعي بتحريم الصلاة في بلد واحد يقيم خطبتين، [33] أو عدم الثقة في مؤسسة شيعية سابقة لمؤسسة سنية جديدة، [31][34] وبحلول ذلك الوقت، انتهى مسجد الحاكم الأكبر وجرت فيه صلاة الجماعة في القاهرة وعقدت هناك.[32]
بالإضافة إلى تجريد الأزهر من مركزه كمسجد صلاة الجماعة، أمر صلاح الدين الأيوبي أيضا إزالة شريط فضة أدرجت فيه أسماء الخلفاء الفاطميين عليه من محراب المسجد. وقد أمر أيضا بإزالة شرائط فضية مماثلة من المساجد الأخرى بلغت قيمتها 5000 درهم، [30] لم يتجاهل صلاح الدين الأيوبي تماما صيانة المسجد ووفقا للمفضل أن إحدى مآذن المسجد رممت خلال حكم صلاح الدين.[30]
كما عانى مركز التدريس في المسجد، [32] وتعرضت مكتبة الأزهر التي كانت مجهزة بشكل جيد للإهمال، ودمرت مخطوطات تعاليم الفاطمية التي عقدت في الأزهر، [31][35] كما شجع الأيوبيون تدريس الفقه السني في المدارس المعانة، التي بنيت في جميع أنحاء القاهرة، [32] وسُحِبَ تمويل الطلاب،[32] ولم تعد تعقد في المسجد، واضطر الأساتذة الذين قد ازدهروا في ظل الفاطميين إلى البحث عن وسائل أخرى لكسب عيشهم.[35]
ومع ذلك ظل الأزهر مركز فقه اللغة العربية، ومكاناً للتعليم طوال هذه الفترة،[32] في حين أوقف النظر في فصول الدراسية الرسمية، كما ألقيت الدروس الخاصة في المسجد، ويوجد تقارير تفيد بأن أحد العلماء، ربما البغدادي، درس عددا من المواضيع مثل القانون والطب في الأزهر، وقد أمر صلاح الدين بأن يدفع له راتبا قدر ب 30 دينار، الذي ارتفع إلى 100 دينار من ورثة صلاح الدين الأيوبي،[36] ولم تكن هذه الكليات قد أنشئت في مصر وقت فتح صلاح الدين، وقد بنيت الكليات الست والعشرين في مصر، بينها المدرسة الصالحية خلال عهد صلاح الدين والحكام الأيوبيين الذين أتوا من بعده.[37]
اعتمد الأزهر في نهاية المطاف الإصلاحات التعليمية التي فرضها صلاح الدين على غرار نظام الهيئة التدريسية، وتحسنت حظوظه في عهد المماليك، الذين أعادوا رواتب الطلاب ورواتب الشيوخ (أعضاء هيئة التدريس).[31]
في عصر الدولة المملوكية
أعيد تأسيس الصلاة في الأزهر أثناء حكم المماليك بأمر من السلطان بيبرس في 1266، التي كانت قد حرمت في عهد صلاح الدين بسبب التعاليم الشافعية، التي ينتمي إليها صلاح الدين ويليه الأيوبيون، تنص على أنه مسجد واحد فقط ينبغي أن يستخدم لإلقاء خطبة الجمعة في المجتمع، أما المذهب الحنفي، التي ينتمي إليه المماليك، لم يضع أي قيد من هذا القبيل،[34] ومع التوسع السريع في القاهرة، والحاجة إلى مساحة المسجد سمح السلطان بيبرس إلى تجاهل تاريخ الأزهر، واستعاد المسجد شهرته السابقة. وقد أمر السلطان بيبرس وسلاطين المماليك، بعودة رواتب الطلاب والمعلمين، فضلا عن بداية العمل لإصلاح مسجد الأزهر، الذي أهمل منذ ما يقرب من 100 سنة.[38] ووفقا للمفضل، أن الأمير عز الدين أيدامور الهيلي بنى منزله بجوار المسجد، لمراقبة إصلاح المسجد. وقد كتب تقي الدين المقريزي تقارير تفيد بأن الأمير أصلح الجدران والسقف، فضلا عن توفير الحصير الجديد. وألقيت الخطبة الأولى منذ عهد الخليفة الفاطمي الحاكم، وقد وقع ذلك في 16 كانون الثاني/يناير 1266، وقد ألقيت الخطبة على منبر جديد انتهى قبل الخطبة بخمسة أيام.[39]
وقد تسبب زلزال عام 1302 بأضرار كبيرة لحقت بالأزهر وعدد من المساجد الأخرى في جميع أنحاء الأراضي المملوكية. وتم تقسيم مسؤولية إعادة الإعمار بين الأمراء من السلطنة وقائد الجيش والأمير سالار، الذي أسندت إليه مهمة إصلاح الضرر [2]، وكانت هذه الإصلاحات والإضافات الأولى منذ عهد بيبرس، [40] وبعد سبع سنوات تم بناء المدرسة الأقبغاويه، على طول الجدار الذي يقع في الشمال الغربي من المسجد، وتمت إزالة أجزاء من جدار المسجد لاستيعاب المبنى الجديد، وبدأت أشغال بناء مدرسة أخرى، سميت بالمدرسة الطيبرسية في 1332-1333. وقد اكتمل هذا المبنى في 1339-1340، وبني أيضا هيكل للمسجد، ونافورة للوضوء.[39] وقد بنيت كل المدارس والمباني المكملة للأزهر، بمداخل وقاعات صلاة منفصلة.[40]
على الرغم من أن المسجد قد استعاد مكانته في القاهرة في عهد المماليك، إلا أن أعمال التصليح والعمل الإضافي، نفذت بأوامر من هم في مواقع أقل من السلطان، وقد تغير هذا في ظل حكم الظاهر برقوق، أول ملوك مماليك الشركس، الذي أولى استئناف الرعاية المباشرة خلال نهاية حكم المماليك. وأدخلت تحسينات وإضافات من قبل السلاطين قايتباي وقنصوه الغوري، كل واحد منهم أشرف على العديد من الإصلاحات وبناء المآذن.[41] وقد كانت ممارسة شائعة بين سلاطين المماليك لبناء المآذن، وينظر إليها على أنها رمز القوة والطريقة الأكثر فعالية في تدعيمه لمنظر مدينة القاهرة، وتمنى كل سلطان أن تكون له لمسة مرموقة في الأزهر.[41]
على الرغم من أن مسجد الأزهر كان جامعة رائدة في العالم الإسلامي واستعاد الرعاية الملكية السامية، إلا أنه لم يتفوق على المدارس الأخرى، كمكان مفضل للتعليم بين النخبة في القاهرة. واستمرت سمعة الأزهر بوصفه مكانا مستقل عن التعليم، في حين أن المدارس الدينية التي تم بناؤه خلال حكم صلاح الدين الأيوبي كانت مندمجة تماما في النظام التعليمي للدولة.[2] واستمر الأزهر في جذب الطلاب من مناطق أخرى في مصر والشرق الأوسط، وتجاوز بذلك أعداد الذين يحضرون المدارس الدينية الأخرى، [42] ونظمت الهيئة الطلابية للأزهر في الأروقة على طول الخطوط الوطنية، وجرت دراسة فروع القانون الإسلامي. ومتوسط الدرجة المطلوبة هو ست سنوات دراسة.[31]
في القرن الرابع عشر، حقق الأزهر مكانة بارزة بإعتباره مركز لدراسات القانون واللاهوت واللغة العربية، وأصبح قبله الأنظار للطلاب من جميع أنحاء العالم الإسلامي.[31] ومع ذلك، بلغ الثلث فقط من العلماء (علماء المسلمين) في مصر الذين قد حضروا للتدريس في الأزهر [42]. وفي تقارير محمد ابن إياس أن المدرسة الصالحية، كان ينظر إليها كقلعة للعلماء في نهاية عهد المماليك.[43]
في عصر الدولة العثمانية
خلال بداية عهد الخلافة العثمانية في سنة 1517، وعلى الرغم من فوضى معركتهم للسيطرة على مدينة القاهرة، أظهر الأتراك احتراما كبيرا للمسجد وكليته، على الرغم من توقف الرعاية الملكية المباشرة له، [31][42] وعلى سبيل المثال السلطان سليم الأول، أول حاكم عثماني لمصر، حضر الأزهر لصلاة الجمعة، خلال الأسبوع الأخير له في مصر، لكنه لم يتبرع بأي شيء لصيانة المسجد.وفي وقت لاحق حضر الأمراء العثمانيين بانتظام لصلاة الجمعة في الأزهر، ولكن نادرا ما يتم تقديم الدعم لصيانة المسجد، على الرغم من أنهم وفروا رواتب للطلاب والمعلمين، على نقيض عهد المماليك التي أجريت فيه الكثير من التوسعات والإضافات.[42]
على الرغم من هزيمتهم على يد سليم الأول والعثمانيين في عام 1517، ظل للمماليك تأثير خاص في المجتمع المصري، ليصبحوا بايات (“مشايخ”)، تحت السيطرة العثمانية، بدلا من أمراء على رأس إمبراطورية.[42] ويعتبر خاير بك أول حاكم لمصر في عهد سليم الأول بعد يونس باشا وهو أمير مملوكي انشق إلى العثمانيين خلال معركة مرج دابق، [44] وعلى الرغم من أن المماليك قاموا بثورات متعددة لإعادة السلطنة، بما في ذلك اثنان في عام 1523، [45] العثمانيين امتنعوا عن التدمير الكامل للمماليك على هيكل السلطة في مصر
وقد عانى المماليك من خسائر – اقتصادية وعسكرية على حد سواء – في أعقاب انتصار العثمانيين، وهذا ينعكس في عدم وجود المساعدات المالية المقدمة إلى الأزهر في أول مئة عام من الحكم العثماني. وفي القرن الثامن عشر، استطاع نخبة من المماليك باستعادة الكثير من نفوذهم، وقاموا على وجه التحديد في تقديم تجديدات عديدة في جميع أنحاء القاهرة والأزهر.[42]
وقد قام القازدوغلي بك المملوكي، بالعديد من الإضافات والتجديدات في وقت مبكر من القرن 18. وتحت إدارته، أضيف رواق للطلاب المكفوفين في سنة 1735. وقام أيضا بإعادة بناء أروقة تركية وسورية، وكلاهما قد بنيت في الأصل في عهد قايتباي.[46]
وتعتبر هذه بداية لأكبر مجموعة من التجديدات يمكن القيام بها، نظراً للتوسعات الكبيرة التي أجريت على يد عبد الرحمن كتخدا، وقد عين كتخدا (رئيسا للإنكشارية) في 1749، وشرع في عدة مشاريع في جميع أنحاء القاهرة والأزهر. وتحت إدارته، بنيت ثلاث بوابات جديدة: باب المزينين (بوابة الحلاقين)،[47] حتى اسمه لأنه سيتعين على الطلاب حلق رؤوسهم خارج البوابة، التي أصبحت في نهاية المطاف المدخل الرئيسي للمسجد؛ باب الصعايدة، [47] المسمى لشعب مصر العليا، وفي وقت لاحق، أنشئ باب الشربة (بوابة حساء)، من حساء الأرز وهو من الأغذية التي هي غالباً يتم تقديمها إلى الطلاب، [47] وأضيفت قاعة للصلاة في جنوب المكان الأصلية، وضوعفت أيضا حجم المساحة المتاحة للصلاة. وقام كتخدا أيضا بتجديد أو إعادة بناء العديد من الأروقة التي تحيط بالمسجد. ودفن ضريح كتخدا في الأزهر؛ في عام 1776، وأصبح كتخدا الشخص الأول (والأخير) الذي يدفن داخل المسجد منذ نفيسة البكرية، التي توفيت حوالي عام 1588.[48][49]
خلال الفترة العثمانية، استعاد الأزهر مركزه كمؤسسة يفضل التعلم بها في مصر، متجاوزة المدارس الدينية التي وضعها صلاح الدين الأيوبي، ووسع الأزهر بشكل كبير من طرف المماليك. وبنهاية القرن الثامن عشر، أصبح الأزهر مرتبطًا ارتباطًا وثيقا بعلماء مصر،[43]، وقد كان للعلماء القدرة على تأثير على الحكومة بصفة رسمية، مع عدة شيوخ عينوا للمجالس الاستشارية التي قدمت تقارير إلى باشا (أي حاكم فخري)، الذي بدوره عين لمدة سنة واحدة فقط، [50] هذه الفترة شهدت أيضا تم إدراج دورات تعليمية أكثر لتدرس في الأزهر، مع العلم والمنطق ضمت الفلسفة في المناهج الدراسية.[51] وخلال هذه الفترة، شهد الأزهر أول رئيس الجامعة ليس من مذهب المالكي وهو عبد الله الشبراوي، التابع للمذهب الشافعي،الذي قد تم تعيينه رئيسا للجامعة،[52] وقد انتظر اتباع مذهب المالكي منصب رئيس الجامعة حتى عام 1899 عندما تم تعيين سالم البشري لهذا المنصب.
كان الأزهر أيضا بمثابة نقطة محورية للاحتجاجات ضد الحكم العثماني لمصر، سواء من داخل العلماء ومن بين عامة الناس. وكانت هذه الاحتجاجات الطلابية التي عقدت في الأزهر شائعة بين عامة الناس، وقد أغلقت المحلات التجارية في محيط المسجد أحيانا تضامنا مع الطلاب، [53] كما كان أيضا العلماء في بعض الأحيان قادرين على تحدي الحكومة.
ما بين 1730–1731، قام آغاوات العثمانية بمضايقة السكان المقيمين بالقرب من الأزهر أثناء ملاحقة الهاربين الثلاثة. وأغلقت البوابات في الأزهر احتجاجا لذلك، وأمر الحاكم العثماني آغاوات الامتناع عن الذهاب قرب الأزهر، خوفاً من قيام انتفاضة كبرى، وقد حدث اضطراب آخر في عام 1791 تسبب فيه مضايقات الوالي قرب مسجد الإمام الحسين، ثم ذهب إلى الأزهر لتبرير موقفه. وقد أقيل الوالي بعد ذلك من منصبه.[54]
الحملة الفرنسية
- مقالة مفصلة: الحملة الفرنسية على مصر
قام نابليون بغزو مصر في يوليو 1798، ليصل إلى الإسكندرية يوم 2 يوليو والانتقال إلى القاهرة يوم 22 يوليو،[55] وفي محاولة لاسترضاء السكان المصريين والإمبراطورية العثمانية، ألقى نابليون خطابا في الإسكندرية والذي أعلن فيه عن مدى احترامه للإسلام والسلطان:
في 25 تموز أنشأ نابليون ديوان يتكون من تسعة شيوخ الأزهر المكلفين بإدارة القاهرة، وهي أول هيئة رسمية من المصريين منذ بداية الحكم العثماني، [55][57] وهذه الممارسة لتشكيل مجالس وضعت بين أيدي علماء المدينة، وشكل أول مجلس في الإسكندرية، وشمل لاحقا جميع أنحاء مصر الخاضعة للإحتلال الفرنسي، [58] وقد سعى نابليون أيضا لفتوى من أئمة الأزهر، التي من شأنها تنص بجواز الولاء لنابليون بموجب الشريعة الإسلامية، لكن بدون جدوى.[56]
وباءت جهود نابليون للفوز على المصريين والعثمانيين بالفشل ؛ وقد أعلنت الإمبراطورية العثمانية الحرب في 9 سبتمبر 1798، وبدأت ثورة ضد القوات الفرنسية من الأزهر في 21 أكتوبر 1798، [59][60] وقام المصريون المسلحون بالحجارة والرماح فقط بأعمال بطولية ضد جيش نابليون الجرار، [61] وفي صباح اليوم التالي اجتمع الديوان مع نابليون في محاولة للتوصل إلى نهاية سلمية للأعمال العدائية، وقد غضب نابليون في البداية، لكنه وافق لمحاولة التوصل إلى حل سلمي، وطلب من شيوخ الديوان تنظيم محادثات مع الثوار، وقد اعتبر الثوار هذه الخطوة إشارة ضعف بين الفرنسيين، ورفضوها، [62] وعلى إثر هذا أمر نابليون بإطلاق النار على المدينة من قلعة القاهرة، وتهدف مباشرة إلى الأزهر. وخلال التمرد قتل إثنين إلى ثلاثمائة جندي فرنسي، مع إصابة 3،000 مصري، [63] وقتل ستة من علماء[؟] الأزهر بعد أن وضعت ملخص الأحكام ضدهم، [64] وقد ألقت القوات الفرنسية القبض على كل مصري شارك في المظاهرات ووضع في السجن، وإذا وجد عنده سلاح يقطع رأسه، [65] وقد دنست القوات الفرنسية المسجد عمدا، ومشوا فيه بأحذيتهم والبنادق المعروضة. وقامت القوات بربط خيولها في المحراب ونهب أرباع الطلاب والمكتبات، ورموا نسخًا من القرآن على الأرض. ثم حاول قادة الثورة للتفاوض على التسوية مع نابليون، ورُفِضَ طلبهم.[63]
وقد فقد نابليون احترام وإعجاب المصريين بعد قيام الثورة، بعد أن كان يحظى باحترام كبير في مصر، وقد حصل على نفسه لقب السلطان العظيم بين الناس في القاهرة، [66] وفي مارس 1800، أغتيل الجنرال الفرنسي جان بابتيست كليبر على يد سليمان الحلبي، وهو طالب في الأزهر. وبعد عملية الاغتيال، أمر نابليون بإغلاق المسجد، وظلت أبوابه مغلقة حتى وصول المساعدات العثمانية والبريطانية في أغسطس 1801، [57] وقد فقد المسجد الكثير من محتوياته بغزو نابليون.[57]
استفاد الأزهر كثيرا من ابتكار آلة الطباعة الحديثة، التي أضافت بدورها بُعْدًا آخر في مجال التعليم، وقد تحولت المناهج الدراسية من محاضرات عن طريق الفم وتحفيظ للدرس بالنص، على الرغم من أن المسجد قد اكتسب مطبعة خاصة به في عام 1930.[67]
عند انسحاب الفرنسيين، شجع محمد على باشا إنشاء التعليم العلماني، والتاريخ، والرياضيات، والعلوم الحديثة وقد اعتُمِد على المناهج الدراسية التي كانت تلقى قبل عام 1872، تحت إشراف جمال الدين الأفغاني، كما أضيفت الفلسفة الأوروبية لبرنامج الدراسة.[67]
محمد علي والاحتلال البريطاني
بعد انسحاب الفرنسيين، قام الوالي محمد علي بتعيين نفسه خديويًّا (أميرًا) على مصر، وسعى لتوطيد سيطرته على مصر الحديثة التي أسسها، ولتحقيق هذه الغاية فقد اتخذ عددا من الخطوات للحد، والقضاء في نهاية المطاف على قدرة علماء الأزهر للتأثير على الحكومة. وفرض ضرائب على أراضي رزقة (وهي أراضٍ تابعة للمساجد) والمدارس الدينية، كما قام أيضا بأخذ جزء كبير من مداخيل الأزهر، [57] وفي يونيو 1809، أمر بمصادرة جميع أراضي رزقة وضمها إلى أملاك الدولة في خطوة أثارت غضبا واسعا بين العلماء، ونتيجة لذلك، قام عمر مكرم بثورة في يوليو 1809، وقد فشلت الثورة ونفي مكرم، حليف العلماء، إلى دمياط.[68]
سعى محمد علي أيضا إلى الحد من نفوذ شيوخ الأزهر بتوزيع المناصب داخل الحكومة لأولئك الذين تلقوا تعليمهم خارج الأزهر. وبعث الطلاب إلى فرنسا تحديدا، ليتكونوا تحت نظام تعليمي غربي، وقام بإنشاء نظام تعليمي يستند إلى هذا النموذج وموازيًا إليه، وهكذا تجاوز نظام الأزهر.[57]
واستهلت مشاريع الأشغال العامة الرئيسية تحت حكم إسماعيل باشا، حفيد محمد علي، بهدف تحويل مدينة القاهرة إلى الطراز الأوروبي، [69] هذه المشاريع في البداية كانت ممولة من مصنع القطن المزدهر، لكن في نهاية المطاف عصفت ديون ضخمة للبريطانيين بتلك المشاريع، وأصبحت تلك الديون ذريعة لبريطانيا باحتلال مصر عام 1882، بعد إجبار إسماعيل باشا على دفعها في عام 1879.[69][70]
كما شهد عهد إسماعيل باشا أيضا بعودة الرعاية الملكية السامية إلى الأزهر، واستعاد إسماعيل باب الصعايدة (بني لأول مرة في عهد كتخدا) والمدرسة الأقبغاوية، كما واصل توفيق باشا، ابن إسماعيل، الذي أصبح بدوره الخديوي عندما أطاح بوالده نتيجة للضغط البريطاني، استعادة المسجد، وقام توفيق بتجديد قاعة الصلاة التي أضيفت في عهد كتخدا، بمحاذاة الواجهة الجنوبية الشرقية من القاعة والشارع الذي يقع وراءها، وإعادة تشكيل عدة مناطق أخرى من المسجد. ونجح ابن توفيق، عباس الثاني خديوي مصر والسودان في عام 1892، بإعادة هيكلة الواجهة الرئيسية للمسجد وبنى الرواق الجديد واستمرت التجديدات التي كتبها جده إسماعيل. وتحت حكمه، استعيدت لجنة حفظ الآثار الفنية العربية (شكلت في البداية تحت الاحتلال الفرنسي)، وأيضا استعاد الصحن الفاطمي الأصلي، وكانت هذه التجديدات اللازمة على حد سواء بمساعد تحديث الأزهر وتنسيقه مع ما أصبح مدينة عالمية.[71]
كما استمرت مجموعة كبيرة من الإصلاحات التي بدأت في ظل حكم إسماعيل باشا في ظل الاحتلال البريطاني، [72] ومع قدوم شيخ الأزهر محمد المهدي العباسي، وضعت مجموعة من الإصلاحات تهدف إلى توفير هيكل للممارسات الوظيفية في الجامعة وكذلك لتوحيد امتحانات الطلاب في عام 1872، وقد بذل المزيد من الجهد لتحديث النظام التعليمي تحت إدارة حلمي خلال الاحتلال البريطاني، [73] وجُمِعَت مخطوطات المسجد في مكتبة مركزية، وحُسِّنَت أيضا المرافق الصحية للطلاب، ووضع نظام عادي من امتحانات. وفي عام 1885، وضعت كليات أخرى في مصر مباشرة تحت إدارة الجامع الأزهر.[72]
وخلال فترة سعد زغلول كوزير للتعليم، قبل ان ينتقل إلى قيادة الثورة المصرية عام 1919، بذلت جهود أخرى لتعديل السياسة التعليمية للأزهر، [73] وأيده التيار المحافظ في سياسته، في حين لقي سعد زغلول معارضة الأصولية الإسلامية في المسجد، خصوصا التي تبناها الإخوان المسلمون، والتي تأسست بدورها في عام 1928، [72] وقد جذبت المدرسة طلاب من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك طلاب من جنوب شرق آسيا وخاصة أندونيسيا، وتوفير موازنة لنفوذ الوهابيين في المملكة العربية السعودية.[74]
في عهد الملك فؤاد الأول، صدر قانونان من شأنهما تنظيم الهيكل التعليمي للأزهر. وأول هذه القوانين، في عام 1930، وينص على تقسيم المدرسة إلى ثلاثة أقسام: اللغة العربية، الشريعة، واللاهوت، وأن يقع كل قسم في مبنى خارج المسجد في جميع أنحاء القاهرة،[73] بالإضافة إلى ذلك، كانت الامتحانات الرسمية مطلوبة لكسب شهادة في واحد من هذه المجالات الثلاثة من الدراسة، [75] وبعد ست سنوات، صدر القانون الثاني الذي نقل المكتب الرئيسي للمدرسة لمبنى شيد حديثا موازيًا لشارع المسجد، وأضيفت هياكل إضافية في وقت لاحق لاستكمال إدارات المباني الثلاثة.[73]
كما بدأت الأفكار التي ينادي بها العديد من الإصلاحيين نفوذا في في وقت مبكر من القرن العشرين، مثل محمد عبده ومحمد الأحمدي الظواهري وغيرهم من المفكرين، تترسخ في الأزهر، وفي عام 1928، عين محمد مصطفى المراغي رئيسا لجامعة الأزهر وهو من أتباع محمد عبده. وقد عارضت الغالبية العظمى من العلماء تعيينه، [75][76] بدأت إدارة المراغي وخلفائه سلسلة من الإصلاحات والتحديثات التي طرأت على المسجد وجامعته، وتوسيع البرامج التعليمية خارج إطار الموضوعات التقليدية. وقد كره الملك فؤاد المراغي، وقام باستبداله بعد سنة واحدة من تعيينه وعين الظواهري مكانه، ولكن المراغي عاد إلى منصب رئيس الجامعة في عام 1935، وظل بمركزه حتى وفاته في عام 1945. وتحت قيادته، وُسِّعَت مناهج الأزهر لتشمل لغات غير العربية والعلوم الحديثة.[77] كما واصل الظواهري -الذي كان قد عارضه العلماء من في وقت مبكر من القرن العشرين-، الجهود المبذولة لتحديث وإصلاح الأزهر، بعدها بفترة أسند مركز رئيس الجامعة للمرة الثانية للمراغي، وهو أحد أتباع محمد عبده وتلامذته.[76]
الأزهر وثورة يوليو
في أعقاب الثورة المصرية عام 1952، التي قامت بها حركة الضباط الأحرار بقيادة محمد نجيب وجمال عبد الناصر، والتي أدت إلى سقوط النظام الملكي المصري، خلال هذه الفترة تمت مراحل فصل الجامعة عن المسجد.[67][78] وقد تم ضم الكثير من الممتلكات التي تحيط بالمسجد وهدمها لتوفير مساحة للحرم الحديث، وفي عام 1955، لم يعد المسجد بمثابة مدرسة، وتم إنشاء كليات رسمية للجامعة في عام 1961،[73][78] وفي عام 1961 صدر قانون ينص على فصل الأدوار المزدوجة للمؤسسة التعليمية والمؤسسة الدينية التي لقيت آذانا صاغية في جميع أنحاء العالم الإسلامي، [79] القانون أيضا ينص على إنشاء إدارات علمانية داخل الأزهر، مثل كليات الطب والهندسة، والاقتصاد، وتعزيز الجهود في التحديث للمرة الأولى بعد الاحتلال الفرنسي،[80][81] وقد أدت إصلاحات المناهج إلى نمو هائل في عدد الطلاب المصريين الذين حضروا إلى المدارس، وعلى وجه الخصوص الشباب الذين يحضرون المدارس الإبتدائية والمدارس الثانوية داخل منظومة الأزهر، وبحسب إحصائيات عدد الطلبة الذين حضروا إلى مدارس الأزهر الابتدائية والمدارس الثانوية ارتفع من أقل 90,000 طالب في عام 1970 إلى 300,000 طالب في وقت مبكر في الثمانينات، إلى ما يقرب من 1 مليون في أوائل التسعينات، ويتجاوز 1.3 مليون طالب في عام 2001.[82][83]
وقد واصل جمال عبد الناصر خلال فترة توليه منصب رئيس الوزراء، والرئيس في وقت لاحق، جهوده المبذولة للحد من سلطة علماء الأزهر وإلى استخدام نفوذهم لمصلحته، [84] وفي عام 1952، أُمِّمَت الأوقاف ووضعت تحت سلطة وزارة الأوقاف التي أنشئت حديثا،[85] مما قطع من قدرة المسجد للسيطرة على الشؤون المالية، [86][87] وألغى المحاكم الشرعية، ودمج المحاكم الدينية مع النظام القضائي للدولة في عام 1955، مما يحد بشدة من استقلال العلماء،[85][87] وفي عام 1961 صدر قانون الإصلاح، الذي ينص ببطلان قانون أصدر في وقت سابق من عام 1936 الذي يضمن استقلال الأزهر، وأصبح لرئيس مصر سلطة تعيين شيخ الأزهر، وهو موقف أنشئ لأول مرة أثناء الحكم العثماني.[88][89][90]
وواصل الأزهر، الذي ظل رمزاً للطابع الإسلامي للأمة والدولة، التأثير على السكان بينما لم يصبح قادرا على فرض إرادته على الدولة. وتعرض الأزهر بشكل متزايد إلى بيروقراطية الدولة بعد الثورة وتوقف استقلال منهجه ووظيفته كمسجد،[91] كذلك أضعفت سلطة العلماء بإنشاء الوكالات الحكومية المسؤولة عن تقديم تفسيرات للقوانين الدينية،[92] في حين أن هذه الإصلاحات قُلِّصَت جذريا باستقلال سلطة العلماء، كما كان لها تأثير بإعادة ترسيخ نفوذهم بإدماجهم في جهاز الدولة،[93] كما ينص قانون إصلاح العلماء لعام 1961، بتخصيص موارد الدولة لهم، مع أن خزينة المال كانت خارج سيطرة الأزهر،[94] في حين سعى جمال عبد الناصر إلى إخضاع العلماء تحت الدولة، لم يسمح بالمزيد من الاقتراحات المتطرفة للحد من نفوذ الأزهر. مثل اقتراح طه حسين في عام 1955. حيث سعى حسين إلى تفكيك نظام الأزهر للتعليم الابتدائي والثانوي وتحويل الجامعة إلى كلية اللاهوت التي ستدرج ضمن النظام التعليمي الحديث، والعلماني، وقد عارضه العلماء على هذه الخطة، على الرغم من أن خيار عبد الناصر للحفاظ على مركز الأزهر يرجع إلى اعتبارات سياسية شخصية، مثل استخدام الأزهر بمنح الشرعية للنظام، من شأنه أن يؤدي إلى معارضة العلماء.[95]
الدين في مصر | |
دين الدولة | |
الإسلام | |
الأديان في مصر | |
الإسلام المسيحية – اليهودية |
|
مؤسسات دينية | |
الأزهر الشريف دار الإفتاء الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية |
|
منظمات دينية | |
الجامع الأزهر الدعوة السلفية الإخوان المسلمون الجماعة الإسلامية الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية أقباط المهجر مدرسة الإسكندرية المسيحية المجلس الملي العام |
|
ديانات مصرية قديمة | |
آتونية – التاسوع المقدس ديانة قدماء المصريين |
|
ديانات غير معترف بها | |
قاديانيه – بهائية – ديانات اخرى | |
بوابات | |
بوابة الأديان :: بوابة مصر |
أصبح الأزهر في هذه الفترة بشكل كامل كذراع للحكومة، [85] ثم استخدم لتبرير تصرفات الحكومة. على الرغم من أن العلماء كانوا قد أصدروا في وقت سابق أن الاشتراكية لا يمكنها أن تتوافق مع الإسلام، لكن بعد الثورة والاستصلاح الزراعي، أصدر علماء الأزهر أحكامًا جديدة تتوافق مع عبد الناصر مع تبريرها دينيا وسموها الاشتراكية الإسلامية، [85][96] وأصبح استخدام العلماء بمثابة قوة موازية لجماعة الإخوان المسلمين، والحد من النفوذ الوهابي في المملكة العربية السعودية، [97] وألقى باللائمة في محاولة اغتيال ناصر على منظمة الإخوان المسلمين وحُظِرَت، وقد احتاج عبد الناصر إلى دعم من العلماء كما أنه بادر باعتقالات جماعية من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، [85] وعلى إثره خففت بعض القيود المفروضة على الأزهر. علماء الأزهر بدورهم أيدوا باستمرار عبد الناصر في محاولاته لتفكيك جماعة الإخوان المسلمين، واستمر الحال على ذلك في الأنظمة اللاحقة، [92][98] وعلى الرغم من الجهود المبذولة من الأزهر لتشويه سمعة الإخوان المسلمين، استمرت جماعة الإخوان المسلمين في عملها، [99] كما قدم الأزهر أيضا شرعية للحرب مع الكيان اليهودي في عام 1967، معلنا الجهاد ضد الكيان اليهودي.[100]
بعد وفاة عبد الناصر في عام 1970، وأصبح أنور السادات رئيس جمهورية مصر العربية، وعبر السادات عن رغبته باستعادة الأزهر كرمز للقيادة المصرية في جميع أنحاء العالم العربي، قائلا ان ” العالم العربي لا يمكن أن بعمل بدون مصر والأزهر “،[101] وزاد هذا الإعتراف من النفوذ المتزايد لجماعة الإخوان المسلمين، وقد خفف السادات عددا من القيود المفروضة على الإخوان والعلماء ككل. ومع ذلك، أطلقت حملة في سبتمبر 1971 على الصحفيين والمنظمات على السادات ومهاجمة مواقفه بشكل مفاجئ. وكجزء من هذا الجهد المبذول لإسكات الانتقادات لسياساته، وضع السادات عقوبات ضد العلماء الذين انتقدوا أو تناقضوا مع السياسات الرسمية للدولة. كما واصل استخدام علماء الأزهر كأداة من الحكومة، [84] مما أثار انتقادات بين عدة مجموعات، بما في ذلك الجماعات الإسلامية وغيرها الأكثر اعتدالا،[100] اتهم شكري مصطفى، وهو شخصية إسلامية مؤثرة، علماء الأزهر من تقديم الأحكام الدينية لغرض وحيد وهو راحة الحكومة، [101] عندما أقدم السادات لصنع السلام مع الكيان اليهودي، في حين إعتبرته الغالبية العظمى من السكان المصريين عدوا، قدم الأزهر مرسوما ينص على أن الوقت قد حان لصنع السلام.[100]
بعد اغتيال السادات، أصبح حسني مبارك رئيسا لمصر في عام 1981، وواصل الأزهر بمنح الشرعية الدينية لما تمليه الحكومة، [84][102] وقد أعطى نظام مبارك نتيجة ذلك المزيد من الحكم الذاتي إلى المسجد ورجال الدين،[102] وخلال عهد جاد الحق علي جاد الحق، شيخ الأزهر في الفترة من 1982 حتى وفاته في عام 1996، الذي أكد بدوره عن رغبته باستقلال الأزهر عن الدولة كغيره من علماء الأزهر،[103] وانتقدته سياسات الدولة عن تحريض الطوائف الإسلامية المتطرفة، [104] وقد أمر جاد الحق الحكومة أنها إذا رغبت من الأزهر مكافحة فعالة للجماعة الإسلامية في مصر، يجب عليها (الحكومة) أن تعطي للأزهر أكبر قدر من الاستقلالية عن الدولة والسماح لجعل الإعلانات الدينية دون تدخل من الدولة، [105] وفي عهد مبارك، تنوزل عن عدد من سلطات الدولة إلى الأزهر، وخلال بداية التسعينات، قدمت تعديلات على قوانين الرقابة الموجودة وأعطي للأزهر القدرة على فرض رقابة على كل المطبوعات والإعلام الإلكتروني. على الرغم من أن القانون ينص على أن الأزهر قد يشارك في كتابة شكوى فقط، على سبيل المثال، أرسلت النصوص التلفزيونية بشكل روتيني إلى الأزهر للموافقة عليها قبل أن تبث.[106]
واصل الأزهر عقد مراكز عليا للسلطات الدينية السنية الأخرى في جميع أنحاء العالم، بما أن السنيين يشكلون الأغلبية العظمى من مجموع السكان المسلمين، وقد كان للأزهر تأثير كبير على العالم الإسلامي برمته،[107] بالإضافة إلى كونه السلطة الدينية داخل مصر، وقد طلب من الأزهر استشارات للأحكام الدينية من خارج مصر. فمثلا قبل “حرب الخليج[؟]“، طلب فهد بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية من شيخ الأزهر بدلاً من مفتي عام المملكة العربية السعودية، فتوى تأذن بتمركز قوات أجنبية داخل المملكة،[108] على الرغم من تواجد إثنين من أقدس الأماكن الإسلامية داخل المملكة العربية السعودية، في عام 2003، طلب نيكولا ساركوزي عندما كان وزير الداخلية، إصدار حكم من الأزهر السماح للفتيات المسلمات عدم ارتداء الحجاب في المدارس العامة الفرنسية، على الرغم من وجود “المجلس الفرنسي للإسلام“. وقدم شيخ الأزهر مرسوما قائلا فيه أنه في حين أن ارتداء الحجاب واجب إسلامي، المرأة المسلمة في فرنسا ملزمة باحترام واتباع القوانين الفرنسية. وقد تعرض شيخ الأزهر للكثير من الانتقادات داخل مصر، كتعريض المبادئ الإسلامية لراحة الحكومة الفرنسية.[109]
بعد عام 2011
لم يتأثر الأزهر بالثورة المصرية التي شهدت إزالة حسني مبارك كرئيس لمصر عام 2011، وأسفرت انتخابات الحكومة الطلابية في الأشهر التي تلت الثورة في فوز ساحق لجماعة الاخوان المسلمين، [110] بعدها اندلعت احتجاجات تطالب المجلس العسكري الحاكم لمصر باستعادة استقلال المسجد عن الدولة، وقد كُلِّف المسجد نفسه بكتابة مشروع قانون من شأنه منح الأزهر استقلالا أكبر من الحكومة،[110] في غضون ذلك، حل مؤتمر نقاش في الأزهر حول مستقبله ودوره الشرعي داخل الدولة، [111] وقد أدت وجهات النظر المختلفة حول دور الأزهر في المستقبل في مصر تأتي من عدة أحزاب، بما في ذلك المنظمات الإسلامية الرائدة مثل الإخوان المسلمين، الأصوات الليبرالية التي ترغب في رؤية الأزهر يقف كحصن ضد الإسلاميين المتطرفين في تشددهم، ويأمل الأزهر أن يصبح مستقل تماما عن الدولة، وله سيطرة كاملة لوضعه في الوزارات الدينية للدولة المالية، والقيادة، وأبعد من ذلك.[112]
العمارة
الهندسة المعمارية للأزهر ترتبط ارتباطًا وثيقا بتاريخ القاهرة. واستخدمت مواد مأخوذة من فترات متعددة من التاريخ المصري، من “قدماء المصريين”، من خلال القاعدة اليونانية والرومانية، إلى الحقبة المسيحية القبطية، في بنية المسجد المبكر، والتي استفادت من الهياكل الأخرى الفاطمية في أفريقية، [113] وفي وقت لاحق من إضافات الحكام الذي تعاقبوا على مصر، وبالمثل تظهر تأثيرات من داخل وخارج مصر على حد سواء. أقسام المعرض المسجد العديد من هذه التأثيرات مزجها معا في حين أن البعض الآخر مصدر إلهام واحد، مثل القباب من الفترة العثمانية والمآذن التي بناها المماليك.[114]
بني المسجد في البداية على شكل قاعة للصلاة مع خمسة ممرات وفناء مركزي متواضع، ومنذ ذلك الحين وُسِّع المسجد عدة مرات مع منشآت إضافية محيطة تماما بالهيكل الأصلي، [115] شكل العديد من حكام مصر في الفن والهندسة المعمارية للأزهر، من المآذن أضيفت من قبل المماليك، وبوابات المضافة أثناء الحكم العثماني للتجديدات الأخيرة مثل تركيب المحراب الجديد،[116] كما أن بعض المآذن أو القباب الأصلية قد نجا، مع بعض المآذن الحالية التي قد أعيد بناؤها عدة مرات.[29][117]
العهد الفاطمي
كانت تبعيات المسجد محاطة بالكامل واستخدمت على مر الزمن، [115] كان الهيكل الأصلي 280 قدمًا (85 مترًا) في الطول و227 قدمًا (69 مترًا) في العرض[29]، ويتألف من ثلاثة أروقة معمدة تقع حول فناء، [18] في جهة الجنوب الشرقي من الفناء، بنيت قاعة الصلاة الأصلية على هيئة بهو معمد، مع خمسة ممرات عميقة،[48][118] بقياس 260 قدمًا (79 م) في الطول و75 قدمًا (23 م) في العرض، وكان جدار القبلة منحرفًا قليلاً عن الزاوية الصحيحة،[116] وأعيد استخدام الأعمدة الرخامية لدعم الأروقة الأربعة التي تؤدي لقاعة الصلاة من مواقع موجودة في أوقات مختلفة في التاريخ المصري، من العصور الفرعونية من خلال الحكم الروماني للهيمنة القبطية،[116][119] التي أدت إلى ارتفاعات مختلفة من مستوى الأعمدة باستخدام قواعد متفاوتة السماكة، [116] كما تظهر التأثيرات الخارجية الجص من العمارة العباسية والقبطية والبيزنطية.[120]
وقد بني في النهاية ما مجموعه ثلاث قباب، وهي سمة مشتركة بين أوائل المساجد في شمال أفريقيا، على الرغم من أن أيا منها قد نجا خلال التجديدات التي لحقت بالأزهر،[120][121] وسجل المؤرخ المقريزي أنه في القبة الأصلية التي بناها الصقلي كتب فيها[122]:
وقد لقي الصقلي رعاية شرفية من المعز، وقد عينه، “سكرتيره الخاص” ويعتبر الصقلي أول شخص يحصل على منصب سكرتير قبل أن يصبح منصب عام.[123]
المحراب الأصلي، كشف عنه في عام 1933، لديه شبه قبة فوقه مع عمود من الرخام في كل جانب،[124] وقد كانت الزخارف الجصية المعقدة سمة بارزة في المسجد، فقد كانت كل الجدران والمحراب مزينة بالنقوش،[25] وقد كتب على المحراب مجموعتان من الآيات القرآنية المدرجة في قوقعته، والتي لا تزال سليمة، أول مجموعة من الآيات هي أول ثلاث آيات من سورة المؤمنون:
المجموعة الثانية من الآيات 162، 163 من سورة الأنعام:
هذه النقوش هي القطعة الوحيدة الباقية من الديكور التي ترجع إلى العهد الفاطمي.[124]
أضيفت الساحة المركزية المعبدة من رخام بين 1009 و1010، [125] وأضيفت أيضا الممرات التي تحيط الفناء لها عارضة مقوسة الشكل مع نقوش جصية. وقد بنيت الأقواس في عهد الحافظ لدين الله من الحلي والجص،[126] وقد أعيد بناؤها في عام 1891 باستخدام نوعين من الحلي، [126] يظهر أعلى مركز القوس الأول ويتكون من رونديل غارق والفصوص الأربعة والعشرين. وأضيفت زمرة دائرية من زخارف نباتية في عام 1893، أما الزخرفة الثانية المستخدمة، التي هي ما بين كل قوس، تتكون من منافذ ضحلة تحت غطاء مخدد تشكل سقف أعمدة متشاركة، والتي تحيط بها مجموعة من الكتابات القرآنية بالخط الكوفي. أضيفت النصوص القرآنية بعد حكم الحافظ خلال الفترة الفاطمية،[126] وتصدرت الجدران على شكل نجمة مع زينة للشرفة على ثلاث مستويات،[126] الممر الجنوبي الشرقي من الفناء يحتوي على المدخل الرئيسي إلى قاعة الصلاة. بوابة تأطير الفارسي، التي قوس مركزها لها ممر مستطيل تفتح إلى قاعة الصلاة.[126]
رُكِّب باب خشبي جديد ومحراب خشبي جديد في عهد الحاكم بأمر الله في 1009، [127]. وفي سنة 1125، شيدت قبة إضافية في عهد الحافظ لدين الله، بالإضافة إلى ذلك، فقد أمر بإنشاء ممر رابع حول الفناء، أما الشرفة فقد بنيت على الطرف الغربي من الصحن.[120][128]
الإضافات المملوكية
عين صلاح الدين في البداية وزيرا من طرف أخر الخلفاء الفاطميين العاضد لدين الله (الذي كان يثق بصلاح الدين ولا يمكن أن يتلاعب به بسهولة)، وانهارت الدولة الفاطمية خلال عهد صلاح الدين الأيوبي وسلالته، وقام صلاح الدين الأيوبي في مصر، بالتحالف مع الخلافة العباسية السنية في بغداد،[129] ولعدم ثقته بالأزهر الشيعي تاريخا، خسر المسجد هيبته أثناء فترة حكم صلاح الدين،[31] ومع ذلك، استعاد المسجد هيبته خلال فترة المماليك الذي قاموا بسلالة من الترميمات والإضافات للمسجد، والإشراف على التوسع السريع في برامجه التعليمية، [130] ومن بين الترميمات التي قام بها المماليك تعديل المحراب، مع تركيب الرخام الملون لواجهته.[116]
في عام 1339، بنيت قبة ومئذنة لتغطية المدرسة الأقبغاوية، التي تحتوي على قبر أمير أقبغا عبد الواحد،[131] وتعود تسمية المدرسة الأقبغاوية لمؤسسها، أقبغا عبد الواحد، لتكون مسجدا قائما بذاته ومدرسة، وقد أصبحت المدرسة متكاملة مع بقية المسجد،[115] أما: المدخل، وجدار القبلة، والفسيفساء والزجاج في المحراب مع القبة الأصلية يرجع تاريخها إلى الفترة العثمانية.[131]
في عام 1440، بنيت المدرسة الجوهرية وتحتوي على قبر الأمير جوهر القنقبائي،[132] الذي كان يشغل منصب الخازندار (المشرف على خزائن الأموال السلطانية) أثناء حكم السلطان المملوكي الأشرف سيف الدين برسباي،[131][133] وكانت أرضية المدرسة من الرخام، والجدران تصطف مع الخزائن، وزينت المطعمة مع خشب الأبنوس والعاج والصدف، وغطيت حجرة القبر بواسطة قبة صغيرة مزخرفة.[131]
المدرسة الطيبرسية
- مقالة مفصلة: المدرسة الطيبرسية
وفي عام 1309، بنيت المدرسة الطيبرسية، التي تحتوي على قبر الأمير علاء الدين طيبرس، [131][132][134] وقد بنيت أصلا لتعمل كمسجد مكمل للأزهر ومنذ ذلك الحين دمجت مع بقية المسجد، [40] ودرست المذاهب المالكية والشافعية في هذه المدرسة،[40] وتستخدم المدرسة الآن للاحتفاظ بالمخطوطات من المكتبة.[40]
ذكر المقريزي أن المدرسة كانت تستخدم فقط لدراسة المذهب الشافعي، في حين أن مؤرخا عن ابن دقماق ذكر أن واحدا من إيوانات المدرسة كان لتعاليم الشافعي حين أن الآخر كان لتعاليم المالكي.[135]
أعيد بناء المدرسة بالكامل في عهد عبد الرحمن كتخدا، ولم يتبق سوى الجدار الجنوبي الشرقي والمحراب وهى القطع الوحيدة الأصلية الباقية من عهد الأمير علاء الدين طيبرس، [131] والمحراب بقياس 1.13 مترا في العرض و76 سم في العمق. وعلى كل جانب من المحراب يقف عمود من الحجر السماقي بارتفاع 2.78 متر (9.1 قدم). وتوجد فوق الأعمدة رسمات مزخرفة بأشكال هندسية ملونة،[135] وأضيفت نصف قبة في أعلى المحراب داخل القوس الخارجي، ويحيط بهذا إطار خارجي مستطيل، ويعتبر هذا المحراب الأول في مصر الذي استخدم هذا النوع من الإطار، [136] وقد وصف المؤرخ كريزويل هذا المحراب بأنه “واحدة من أرقى التحف المعمارية في القاهرة.”[135]
مئذنة قايتباي
بنيت في عام 1483،وهي على شكل عمود أسطواني ينقسم إلى جزئين مثمنين، ومئذنة قايتباي تتكون من ثلاث شرفات، تدعمها مقرنصات،[137] وشكل سقفها معقود الهوابط الذي يوفر الانتقال السلس من سطح مستو لمنحني واحد،[138] (وسجل أول استخدام له في مصر في 1085)،[139] الجزء الأول مثمن، زين بلوحات عارضة مقوسة من كل جانب، مع مجموعة من ثلاثة أعمدة لتفصل كل لوحة،[137] أما الجزء الثاني وهو أيضا مثمن فصل عن الأول بشرفة زينت بضفر، [137] الشرفة الثانية تفصل هذا الجزء مع جزء أسطواني في نهاية المئذنة، وزينت بأربعة أقواس. فوق هذا توجد الشرفة الثالثة، التي توجد في أعلى جزء من المئذنة.[137]
ويعتقد أن المئذنة أقيمت في منطقة من مئذنة الطوب الفاطمية في عهد سابق، التي أعيد بناؤها عدة مرات. الحسابات المعاصرة تشير إلى أن المئذنة الفاطمية كان بها عيوب عند بنائها، ويلزم إعادة بنائها عدة مرات، [117] بما في ذلك مرة واحدة تحت إشراف صدر الدين الأذرعي الدمشقي الحنفي، وهو قاضي القضاة خلال فترة حكم “السلطان بيبرس“،[113] وقد أعيد بنائها مرة أخرى خلال عهد برقوق في 1397، وقد بدأت المئذنة تميل بزاوية خطرة، وأعيد بناؤها في عام 1414 بأمر من تاج الدين الشاوباكي، والي ومحتسب القاهرة، وبنيت مئذنة قايتباي في موقعها اليوم، كجزء من إعادة بناء مدخل المسجد في عام 1432.[117]
باب الجندي
مباشرة عبر فناء مدخل باب المزينين نجد باب الجندي (باب قايتباي)، الذي يؤدي بدوره إلى الباحة الرئيسية من قاعة الصلاة، وقد بني عام 1495.[116]
مئذنة الغوري
وقد بنيت المئذنة مزدوجة الرؤوس في عام 1509 في عهد قنصوة الغوري،[116][140] وتقع على قاعدة مربعة، الجزء الأول منها مثمن، وقد قوست جوانبه الأربعة بعارضات زخرفية، وفصل عن جوانبه المتجاورين بعمودين،[137] أما الجزء الثاني، فصل عن الأول بشرفات مكعبة تدعمه مقرنصات، كما أنه أيضا مثمن زين بالقيشاني الأزرق، ويتكون المستوى الثالث من عمودين مستطيلين مع الأقواس على شكل حدوة حصان على كل جانب منها توجد مهاوي. ويعلو الجزء الثالث مربع يحمل اثنين من الرؤوس كمثرية الشكل تحمل كل منها هلالاً نحاسيًّا.[137]
التجديدات العثمانية والإضافات
قدمت عدة إضافات وترميمات خلال عهد الخلافة العثمانية في مصر، وأنجز الكثير منها تحت إشراف عبد الرحمن كتخدا الذي ضاعف تقريبا حجم المسجد،[141] وأضاف ثلاث بوابات وهي[48]:
- باب المزينين، الذي أصبح المدخل الرئيسي للمسجد،
- باب الشربة
- باب الصعايدة
وأضاف كتخدا عدة أروقة، بما في ذلك واحدة للطلاب المكفوفين من الأزهر، فضلا عن تجديده خلال الفترة العثمانية، [49] وأضاف كتخدا أيضا قاعة صلاة إضافية جنوب القاعة الفاطمية الأصلية، مع محراب إضافي، لمضاعفة مساحة قاعة الصلاة الإجمالية.[49][141]
باب المزينين
- مقالة مفصلة: باب المزينين
هو أكبر وأهم الأبواب الثمانية للجامع الأزهر وهو المدخل الرئيسى للجامع ، سبب تسميته بهذا الأسم أن المزينين كانوا يجلسون أمامه من أجل حلق رؤوس المجاورين،[47] وهو نموذج للعمارة العثمانية في القاهرة،[115] ويعود الفضل لبنائه إلى عبد الرحمن كتخدا عام 1753.[142][143]
مئذنة قائمة بذاتها، بناها كتخدا، وقفت في الأصل خارج البوابة. وقد هدمت المئذنة قبل افتتاح شارع الأزهر من قبل توفيق باشا خلال جهود التحديث التي وقعت في جميع أنحاء القاهرة.[71]
التخطيط الحالي والهيكل
المدخل الرئيسي الحالي إلى المسجد هو باب المزينين، والذي يؤدي إلى فناء من الرخام الأبيض في الجهة المقابلة من قاعة الصلاة الرئيسية،[115][144] إلى الشمال الشرقي من باب المزينين، نجد الفناء المحيط بواجهة المدرسة الأقبغاويه؛ وفي جنوب غرب نهاية الفناء نجد المدرسة الطيبرسية، [40] ومباشرة عبر الفناء من مدخل باب المزينين نجد باب الجندي (بوابة قايتباي)، الذي بني عام 1495، ويقف فوق مئذنة قايتباي،[115] ومن خلال هذه البوابة نجد موقع باحة قاعة الصلاة.[116] وقد غير المحراب مؤخرا إلى رخام عادي مواجه مع نقوش ذهبية.[116]
مرصد الأزهر
افتتح شيخ الأزهر أحمد الطيب مرصد الأزهر باللغات الأجنبية في الثالث من شهر يونيو 2015 ليكون أحد أهم الدعائم الحديثة لمؤسسة الأزهر وقد وصفه بأنه عين الأزهر الناظرة على العالم، لا سيما وأنه يعمل بثمان لغات أجنبية حية (الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، الإسبانية، الأوردية، الفارسية، اللغات الإفريقية، الصينية)، يقوم من خلالها بقراءة وتتبع ما يتم نشره بهذه اللغات عن الإسلام والمسلمين مع التركيز على ما ينشره المتطرفون من أفكار ومفاهيم مغلوطة. وذلك متابعة منه لما يحدث في العالم من مستجدات وقضايا يعمل على رصدها ومتابعتها وتحليلها أولاً باول والرد عليها بموضوعية وحيادية لنشر الفهم الصحيح لتعاليم الإسلام ووسطيته ومن ثم مجابهة الفكر المنحرف والمتطرف وتفكيكه لتحصين الشباب من مختلف الأعمار من الوقوع فريسة في براثنه.[145]
يتكون المرصد من مجموعات من الشباب والباحثين الذين يجيدون العديد من اللغات الأجنبية إجادة تامة يعملون بجد ودأب على مدار الساعة كخلية نحل ليرصد بدقة كل ما تبثه التنظيمات المتطرفة ويتابع كل ما ينشر عن الإسلام والمسلمين في العالم على مواقع الانترنت وصفحات التواصل الاجتماعي ومراكز الدرسات والأبحاث المعنية بالتطرف والإرهاب ودراسة أحوال المسلمين والقنوات التليفزيونية وإصدارات الصحف والمجلات باللغة العربية وثمان لغات أجنبية حية، ويرد عليها من خلال لجان متخصصة، ليغلق على الإرهابيين والمتطرفين وأصحاب الآراء المتشددة جميع المنافذ التى يتسلل منها إلى عقول الشباب، وليحث المسلمين في الغرب على الاندماج في مجتمعاتهم واحترام قوانين البلاد التي يعيشون فيها.[146][147]
شيخ الأزهر
- مقالة مفصلة: قائمة شيوخ الأزهر
شيخ الأزهر هو أعلى مركز في هيكل إدارة الجامع، وقد كان النظام المتبع أن ينتخب من بين كبار العلماء، وقد أنشئ منصب شيخ الجامع الأزهر في عهد الحكم العثماني ليتولى رئاسة علمائه، ويشرف على شئونه الإدارية، ويحافظ على الأمن والنظام بالأزهر.
أسماء شيوخ الأزهر[148]:
|
|
|
|
|
هيئات الأزهر
- مقالة مفصلة: هيئات الأزهر
|
|
التكريم
نظراً للقيمة الأثرية والتاريخية للجامع الأزهر، وكنوع من تسليط الضوء على أحد المعالم المصرية العريقة، فقد تم تزيين وجه العملة الورقية المصرية فئة خمسون قرشاً برسم صورة الجامع الأزهر في أكثر من إصدار، فيما يحمل ظهر الورقة الحالية صورة لرمسيس الثاني.[149]
معرض صور
-
المنظر الداخلي للمسجد في العصر العثماني تحديدا 1880.