فى حضرة أمير الشهداء، القديس مارجرجس الملقب بـ”سريع الندهة”، مد البابا ثيؤدوروس الثانى، بطريرك الكاثوليك، عصا رعايته، وأخذنا فى جولة داخل أروقة الكنيسة المدوّرة الوحيدة فى مصر، التى يعود تاريخها لألفى عام.
كنيسة ودير ماجرجس بمصر القديمة
تأسست الكنيسة فى القرون الأولى لوجود وانتشار المسيحية فى مصر، وفوق جزء من قلعة وحصن بابليون الرومانى البيزنطى القديم، ويقول بطريرك الروم الأرثوذكس إن الكنيس من المبانى الأثرية الفريدة من نوعها فى الشرق الأوسط، وجزء مقدس من أرض مصر، لأنه أحد الأماكن التى زارتها العائلة المقدسة خلال فترة لجوئها وتجوالها فى مصر، كما أنه المكان الذى سُجن فيه القديس “مارجرجس”، ولهذا يُعرف بين المصريين بأنه مكان لتحقيق الأمنيات.
يتحدث البطريرك بلغته اليونانية، ويترجم له القس داماس كينوس “سورى الجنسية”، عن كنيسة مارجرجس، واصفا إياها بـ”المنبع السرى للشفاء وتحقيق الأمنيات”، فالقديس صاحب الكنيسة لا يرد مريضًا ولا يخذل من قصده.
ويشير البطريرك فى حديثه الروحانى عن المكان، إلى أن الدير لا يمثل فقط أثرًا تاريخيًا مهما بالنسبة للمجتمع اليونانى والقبطى فى مصر، وإنما يعد من أهم المعالم الدينية المسيحية فى قارة أفريقيا بكاملها، إذ يأتى إليه آلاف المسيحيين والزائرين للصلاة وطلب الأمنيات، خاصة فى ذكرى مولده يوم 23 أبريل من كل عام.
ويشرح بطريرك الروم، البابا ثيؤدورس الثانى، تاريخ الدير، مشيرا إلى أنه يضم أيقونات قبطية لقديسين مهمين، تعود للفترة بين القرن الحادى عشر والقرن الخامس عشر الميلاديين، إضافة إلى سبع كنائس صغيرة تمثل أيام الأسبوع، وبه برجان رومانيان كان النيل يمر قديما بينهما، كاشفا عن مفاجأة مهمة وهى أن أقدم مقياس لنهر النيل يوجد داخل الكنيسة.
فى منتصف الكنيسة سترى منبرًا مبنيًا على ثلاثة عشر عمودا، الأول فى المقدمة يرمز للسيد المسيح، والاثنا عشر الباقية ترمز للحواريين، وهم تلاميذ المسيح، إلا أن كل الأعمدة بيضاء عدا اثنين، الأول أسود يرمز إلى يهوذا الاسخريوطى الذى خان المسيح بحسب الرواية المسيحية المعتبرة من كل الطوائف، والآخر رمادى اللون رمزا لـ”توما الشكاك”، كما يضم الدير آثارا تعود لعصور وأزمنة مختلفة، فضلا عن أن أيقونة للسيدة العذراء سُمّيت بـ”عذراء القاهرة”، بعدما كانت تُعرف بـ”عذراء أثينا”، وهى أيقونة نادرة.
توابيت قديسين من الجرانيت المصرى
يضم التوابيت عددا من التوابيت لقديسين مؤثرين فى تاريخ الكنيسة، مصنوعة من الجرانيت المصرى المميز والفاخر، ويقول البابا ثيؤدوروس إن “هذه الكنيسة توحد اليونانيين والعرب، فبها منبران، أحدهما يُتلى عليه الإنجيل باللغة اليونانية والآخر بالعربية، فضلا عن أنه يستقبل آلاف المسلمين والمسيحيين”.
داخل الكنيسة، وفى مقابل الباب من الجهة الأخرى، ستجد ثلاثة هياكل: هيكل العذراء مريم فى الوسط، وعلى يمينه هيكل القديس يوحنا المعمدان، وعلى يساره هيكل القديس مارجرجس، وفى الكنيسة أربعة هياكل أخرى، إذا نظرت لأعلى قليلاً ستجد الأيقونات مرسومة فى ألواح حتى لا تتضرر من أثر الرطوبة وعوامل التعرية.
عقب الجولة، وقف البطريرك يلتقط صورًا تذكارية مع محبيه، وودع الجميع بعصا رعايته التى استقبلهم بها، وهو يطلب السلام لمصر، ويبتسم لحمامة حطت فى ركن منزوٍ من الدير وكأنها تؤكد دعوته وتشهد عليها، أو كأنها روح “مارجرجس” التى سمعت الندهة فلبّتها كما هى عادة “سريع الندهة”.