الكابتن المبدع #حسام_ الدين_ الضاهر..
فنان تشكيلي سوري يعشق اللوحات الفنية الشرقية..
بقلم المصور: فريد ظفور
- كحلم أبيض تحت سماء مرصعة بالنجوم..الألوان تنبجس من كل مكان..من الإطار الذي يحدد اللوحة ومن القماش الذي يحجب الماورائيات..دلني أيها المساء على دروب الفن ..دليني أيتها الريش إلى جبالك الفنية الوعرة..دلني ياقلب على الحب المعرفي الفني لأحاول رؤية العالم أكثر جمالاً وإشراقاً..فلو كان بيدي لفتحت أقفاص الشعوب وشددت قوس الحرية الفنية من طرفيه..ولنضوت عباءة الليل الحالك عن هذا العالم ..وأزلت بجوارحي وبجوانحي آثار الدمار وأنقاضه الثقيلة التي تقف خلف الجدران..لعل الفر اشات تقوم من ثباتها ويعلو صوت الطفولة في الأوطان السعيدة..لكنني وحيداً وغريباً كنافذة مشرعة في غابة لانهائية من الأشجار ..ورغم هذا الزحام ووحشة الطريق ينبثق شعاع أمل بقدوم فجر جديد يحمل في طياته بذور الأمل بغد أفضل..مزروعة فيه ورود ورياحين تشرين..فتعالوا معنا لنفرش الفل والياسمين والزنبق والخزامى والجوري لنرحب بالكابتن الفنان التشكيلي السوري..حسام الدين الضاهر..
- الصورة توضح اللوحة التشكيلية الفنية ولكنها تعطيها بعداً آخر للقصة والحكاية والتكوين ..وتمنح للشخصيات والأمكنة ملامحها ووجودها وتكسوها مسحة من التاريخ البائد..وتصنعها داخل إطار المكان ..وهذا مايعبر عنه الفنان حسام الضاهر ..بالقلم والفرشاة والألوان المائية والزيتية..وماقدمه من تقليد وتجديد للوحات التي رسمها رحالة ومستشرقي وفنانين من الغرب أثناء زيارتهم للشرق..وكان يتابع تفاصيل الحياة اليومية مع الفنانين لينقل لنا مجموعة الإنفعالات والشاعرية وتلك الإضاءات وذلك الإنسجام والتوحد بينه وبين الصورة الأصل ويكاد يشعرنا بأنها صورة فوتوكوبي عن العمل الفني الشرقي للفنان الأصلي..فكل مايبوح فيه النسخ من مرح وحنان وذكريات للشرق الجميل وبيئته المتفردة..وبذلك يجعل المتلقي بخياله صورة ذهنية إيجابية يؤولها حتى ولو كانت غريبة عن إطاره المعتاد ..طالما أنها تثير فيه مختلف المشاعر الإنسانية من فرح وإندفاع وحزن وتفاعل مع العمل..وبذلك يجعلنا الضاهر نتأمل أعماله ليؤكد لنا بأنه ليس هناك قبيح بالفن ..إلا ما إفتقد لملامح خاصة وبدون حقيقة ظاهرة أو باطنة…فالقبيح في الفن..هو المصطنع والغير حقيقي..أي بأن يكون جميلاً وغير معبر ومتكلف وغير طبيعي..يبتسم دون مبرر ويحاول الظهور دون سبب ويتعالى ويترفع دون داع ..أي هو كل مايفتقد للروح وللحقيقة أو كل من يكذب ويستعرض للجمال وللوجاهه..
- كانت لفائف البردى بمصر الفرعونية القديمة تزخر بالرسومات الملونة المتداخلة مع النصوص..وكذلك التراث الإسلامي وقبله البزنطي تستوعب وتهضم فنون الحضارات السابقة والوافدة..وظهر في فترة الغزو المغولي مدرسة تشكلت مراسمها في بغداد والموصل..ومن ثم في الأندلس والمغرب العربي..وفي سورية ومصر إبان الحكم المملوكي..وهكذا ظل فن الزخرفة وفن الكتاب والتشكيل والأيقونات والمخطوطات في مد وجزر وهبوط وصعود تبعاً لعافية وتماسك الحضارة العربية وإعتلالها وإنكسارها أمام جحافل الغزاة من الخارج..وتوارت الشخصية العربية الفنية إبان الغزو العثماني..وكانت أول آلة طباعة لخدمة الكنيسة بأول القرن السابع عشر..وعند دخول نابليون غازياً عام 1798م..أحضر معه آلة الطباعة لمصر..وأصبحت نواة مطبعة الدولة في بولاق بزمن حكم محمد علي..وإقتصر ميدان الفن على الرسامين والمصممين الأوروبيين الوافدين مع جيوشهم..وبقي الأرمن هم الصناع المهرة للرواسم أو الكليشيهات اللازمة للطباعة..ولعل للدكتور طه حسين اليد البيضاء في وضع رسوم الفنان حسين بيكار عام 1944م..لغلاف سيرته الذاتية: الأيام..حيث قدم أجواء صعيد مصر والبيت الريفي من الداخل والجامع الأزهر والقاهرة القديمة..وكذلك قدمت رسومات للأطفال في مجلة سندباد الصادرة عام 1952م..وأيضاً مجلة علي بابا عام 1946م..وأيضاً الرسومات بكتب دار المعارف القاهرية..التي شكلت وعي وجدان الأطفال والشباب..الذين كبروا وبدأوا يرسمون لوحات أصبحت فيما بعد تلميذة للرسوم الإستشراقية التي رسمت لقصص العرب..والتي لم تكن محايدة ولا توثيقية في بعض الأحيان بل تخدم أهداف مشغليها..ولم يكن ممكناً تكوين ظروف ملائمة للجيل ليخلق تياراً عاماً مؤثراً أو أن يصل إلى نتائج راسخة…ولكن أهم ما أداه الجيل للمهنة هو الإقلاق المستمر بالتجريب المتوالي والمراجعة المتكررة لما هو مستقر ونمطي..والإستفادة من نشر طبعات للوحات مشرقية من الإنتاج الأجنبي..أو الإقتباس منه وإتسمت أعمال التشكيليين العرب بملامح لمحاولات متواضعة لإكتشاف التراث الحضاري الشعبي وتقصي جذورة داخل الوجدان المعاصر..
- لعل لسحر الشرق وخياله المتمثل فى قصص ألف ليلة وليلة، الذي جذب الكثيرين من الفنانين الغربيين ودفعهم ليذهبوا إلى الدول العربية وتحديدا لمصر ولـ قاهرة المعز .. لنقل هذا السحر الكائن فى الأزياء الشعبية والأحياء والأزقة القديمة وفنون العمارة الإسلامية التى كانت مركز عيون المجتمعات الأخرى ومدار كل الأنظار والأبصار..و إستطاعت التعرف على الحياة المصرية فى القاهرة القديمة، وأسواقها والمهن اليدوية وعادات أهلها وتقاليدهم وبضائعهم ومتاجرهم بريشة الغرب، فلم يكن التصوير ذات جودة آنذاك وكان الرسم أكثر دقة وجودة فى نقل طبيعة الحياة..وكان الفنان: ديفيد روبرتس الرسام الإسكتلندى من المستشرقين البارزين الذي اشتهر بمجموعة لوحاته التوثيقية عن مصر وبلدان أخرى فى الشرق الأدنى..وكذلك رسم روبرتس بعض المناطق التاريخية بالقاهرة والجيزة الفرعونية ، متأثرا بالعمارة المصرية والإسلامية وفنونها على كافة أشكالها، وكانت مصر فى بؤرة الأحداث فى ذلك الوقت وكان الرحالة وجامعوا التحف ومقتنوها ومحبى الآثار يتواجدون بها إما لمشاهدتها أو لشرائها والحصول عليها ..ولكن الفنان : لودفيغ دويتش .. الذي كان والده يعمل فى محكمة نمساوية.و على علاقة جيدة مع المستشرق رودولف إيرنست، وكذا بالعرب.وأيضاً المستشرق الغربي البريطانى : والتر تيندال الذى سحرته القاهرة التاريخية فجسد حياة المصريين وعمارتهم فى الفترة من 1900 وحتى عام 1915، ببراعة تصويرية مستخدما الألوان الزيتية، فى رسم لوحاته.وكذلك الاسترالى: ألفونس ليوبولد .. وقد عاش فى مصر أيضا فى الفترة من 1863 حتى 1929م و له باع فى الرسم بالألوان المائية والزيتية.والفرنسى: جان ليون جيروم رسام ونحات ، أحد أبرز المستشرقين الذين قدموا إلى الشرق العربى والإسلامى فى القرن التاسع عشر، ومجموعة رسوماته تتناول رسومات تاريخية وأساطير الإغريق والشرق، وكان جيروم يقوم بتصوير المشاهد التى كان يراها ثم يرسمها فى لوحات وعندما عاد إلى باريس أرسل للخديوي إسماعيل ألبوما من الصور الفوتوغرافية لكل أعماله، وقد دُعّى جيروم مع عدد من الفنانين الفرنسيين إلى افتتاح قناة السويس عام 1869 م..وهكذا عبر تلك المحطات الفنية الفنان الضاهر وبإشتياق مكبوت داخل تعبير نمطي شخصي جسده الفنان حسام الضاهر بإستنساخ وإعادة تشكيل وتلوين أعمال معظم الفنان الغربيين الذين رسموا الشرق..
- ومنذ ماينيف على الربع قرن كانت ريشة الفنان الضاهر تتراقص إبداعاً وحيويتاً بإنتاج الأعمال الإستشراقية لكبار الفنانين في هذا المجال..بيد أنه لزاماً علينا التذكير ببدايات الفنان حسام الضاهر على يدي النحات والتشكيلي والمصور والمربي الأستاذ نبيه الحسن ..حيث أخذ اللبنات والمباديء الأولى منه ثم تابع تطوره الفني في مركز صبحي شعيب وبعدها أكمل مسيرته في السلك العسكري..فقد كانت لوحاته تنتشر في أرجاء المحال وصالات العرض والطلب عليها كثير..وكانت تنقل عن طريق لبنان إلى الدول الأوروبية..وهكذا إرتبطت تجربته الفنية بمفردات فنية عديدة التي أدخلها في لغته التعبيرية البصرية الفنية والتي قلما نجد أمثاله قدموا أشكالاً جديدة في التعبير ..فكانت خصوصيته وسعة إطلاعة على الأيقونات واللوحات والكتلوكات والكتب الشرقية التي تحمل رسومات كبار الفنانين المستشرقين..فقد قدم لوحات ملحمية تملك الأصالة والخصوصية وتقديم الحداثة الفنية بكل خصائصها..وتحمل الرموز المختلفة التي جعلت لوحاته عميقة في صياغتها اللونية ..قادرة على التعبير عن الموضوعات المنقولة بحرفية ودقة فائقة..وإغناء العمل بالرؤى والأساطير الشرقية..وقد حفلت تجاربه الفنية الإبداعية بموضوعات إجتماعية وبيئية قدمت لنا الكثير من الموضوعات الحياتية في ذلك الزمن ..علاوة عن صلته الوثيقة بالتراث العربي والمحلي ومشاهد من الأحياء القديمة والمناظر الريفية التي أعطاها تأليفاً بديعاً وجديداً..
- وندلف أخيراً للوصول إلى محطة النهاية بتقديم شيء يسير عن أعمال ومواهب ولوحات الفنان السوري حسام الضاهر الذي يستحق كل إحترام وشهادة تقدير وإكبار وإعجاب لماقدمه للفن التشكيلي والتوثيقي والإستشراقي من خدمات ستبقى منارة هداية للأجيال القادمة ولشباب المستقبل من فنانين ضوئيين وتشكيليين عشاف الفن البصري ..فكل التحية للفنان الضاهر آملين بأن يأخذ حقة من التقدير والإحترام وأن يعودا لنا من جديد عبر لوحات فنية جميلة وبديعة ينتظرها عشاق فنه وأعماله التشكيلية..
ــــــــــــــــــــــــــــــــ ملحق مقالة الفنان التشكيلي حسام الدين الضاهر ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للمزيد من الأعمال على الرابط: