“أياد السليم”… توثيق الحياة البرية السورية
الأربعاء 18 نيسان 2012
دراسته للهندسة في “لندن” لم تثنه عن حبه للحياة البرية، بل زادته تعلقاً بمتابعة مكنوناتها واكتشاف ما ندر فيها.
الباحث البيئي “أياد السليم” من المتابعين المواظبين على معرفة حقيقة وخفايا الحياة البرية في “سورية” عموماً و”طرطوس” خصوصاً، لإدراكه ما تملكه هذه الحياة من نباتات وحشرات وحيوانات برية، فهي الهاجس الذي أرق تفكيره، وهنا يقول خلال لقائه موقع eTartus بتاريخ 1/4/2012: «إن بيئة “طرطوس” خصوصاً والبيئة السورية “عموماً، غنية بالكثير من الحياة البرية غير الموثقة أو المأرشفة بطرق علمية تظهر خيرات هذه البيئة التي أراها مميزة عن باقي البيئات والحياة البرية في دول أخرى. وهذا ما دفعني منذ مراحل عمري الأولى للانتباه والتجول في أرجاء الطبيعة البرية وإدراك ماهيتها، وزاد وعظم هذا الدافع خلال فترة دراستي في “لندن” حيث وجدت الكثير من المراجع والكتب التي تعنى بالحياة البرية لكل دولة ضمن أهم وأشهر المكتبات العالمية هناك، وما حز في نفسي عدم وجود أية مراجع علمية تتحدث عن بيئتنا “السورية” بشكل عام ولو في جزئيات صغيرة، ما دفعني للبحث في الحياة البرية وطرق التعامل معها وكيف يمكن توثيقها ضمن أسس علمية لا تقبل الشك، وهذا ما دفعني للبدء بتجربتي البحثية في المغترب كمرحلة أولى ضمن جميع مكنونات الحياة البرية. وبعد عودتي من الاغتراب وجدت نفسي في بيئة خصبة غنية تكثر فيها النباتات الطبيعية والحشرات البرية والحيوانات، ما زاد من عزيمتي ومنحني الحافز للبدء بعملية بحث في الحياة البرية “السورية”، فزرت الكثير من المناطق والمحافظات بقصد توثيق حياتها البرية، ومنها محافظة “دير الزور” عندما سمعت عن مشاهدة ما يسمى “أسد الفرات” النادر، فجهزت نفسي ووضبت ما يلزمني من كمائن وهي عبارة عن مجسمات طبيعية تتداخل مع الطبيعة لإشعار الحيوان الذي سيتم مراقبته بأن كل شيء طبيعي وعادي من ضمن حياته البرية المعتادة، إضافة إلى كاميرات المراقبة والتصوير ذات الدقة العالية، وكانت تجربة ناجحة في حينها».
* ضمن ثورة مواقع التواصل الاجتماعي وعدد زوارها الهائل، صنعت لأعمالك الكثير من الصفحات، فما هي ماهيتها ومضمونها؟
** أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ذات أهمية كبيرة لا يمكن لأحد تجاهلها مقارنة مع مواقع التصفح الأخرى، وهذا ما دفعني لإنشاء حوالي سبع عشرة صفحة تحت عنوان عريض “الحياة البرية السورية” بهدف الوصول إلى أكبر عدد من المتصفحين، وهذه الصفحات منظمة ومبوبة بشكل مناسب ومتناسق فيما بينها وكأنها صفحة واحدة متشعبة، حيث يمكن ولوج المتصفح إلى جميع الصفحات التي يرغب بقراءة مضمونها بقليل من التقنية والجهد.
* تحدثت ضمن صفحاتك عن العديد من الاكتشافات في حياتنا البرية، وهذا يعني أن ما توصلت إليه عمل غير مسبوق، هلا حدثتنا عن هذا؟
** أجل لدي الكثير من النباتات المكتشفة والموثقة بشكل علمي في صفحات الحياة البرية، فمثلاً زهرة “البيوني” يوجد لدي ألبوم صور كامل عنها، مؤلف من عدة صور خلافاً لبقية المواقع التخصصية التي تكتفي بنشر صورة أو صورتين عن الموضوع الذي تطرحه، وجميع الصور من أرض الواقع وهي موثقة ومأرشفه بطريقة جيدة ومناسبة للمتصفح، وهنا يمكن القول إن هذه الزهرة غير مصنفه عالمياً. إضافة إلى زهرة “الأوكد” أو “العنطريف” التي وجدتها في البيئة الطبيعية لبعض المناطق في المحافظة وخاصة قرية “بملكة” بجانب مدينة “طرطوس” وهي أيضاً غير مصنفة عالمياً، ولي شرف اكتشافها وتصنيفها. ناهيك عن صفحة خاصة بالفطر البري بمختلف أنواعه التي تصل إلى حوالي /130/ نوعاً تعرفت عليها في بيئتنا البرية بعمل وجهد فردي، ومنها حوالي ثلاثين صنفاً غير معروفة عالمياً، لذلك عمدت إلى تصنيفها وفق طعمها ونكهتها ودرجة سميتها وتسميتها وأرشفتها بطريقة تضمن حق الاكتشاف لي ولبلدي مستقبلاً.
* كيف تعاملت مع هذه الفطور لمعرفة درجة سميتها ومن ثم تصنيفها؟
** في البداية حاولت التعاون مع مختلف الوزارات المعنية بالحياة البرية لإمكانية توثيق هذه الحقائق والاكتشافات العلمية بشكل علمي ممنهج لا يحتمل الخطأ، وذلك بعد اخضاعها للتحاليل المخبرية أو تجربة فئران المخابر، ولكن للأسف لم تكن تجربة جيدة بالنسبة لي، لعدم توافر فئران تجارب يمكن الاعتماد عليها في تذوق الفطور لمعرفة أنها سامة وما هي درجة سميتها، وهنا فكرت في استخدام فأر بري عادي، ولكني عدت وفكرت أنه من الممكن أن يمتلك نوعاً من المناعة المكتسبة من حياته البرية، لذلك عدلت عن الفكرة، وأصبحت أخوض التجربة على ذاتي، حيث أحضر الفطر إلى المنزل وأتناول منه القليل وأنتظر حوالي أربع ساعات للتأكد من سميته أو أنه يصلح لتناوله، وأوثق هذا ضمن صفحة خاصة بهذا النوع على “الفيسبوك” بعنوان “فطور سورية”.
* على ماذا تعتمد للتأكد من أن النبات الذي تكتشفه غير مصنف عالمياً؟
** عند أرشفتي للنبات أبدأ بالبحث عنه في مختلف المصادر والمراجع العربية والعالمية والمواقع الالكترونية، لمعرفة ماذا يتوافر عنه من معلومات أو لمعرفة إن كان مكتشفاً سابقاً أم لا، وهذا ما يجعلني متأكداً من فكرة تصنيفه أو لا، ففي طبيعتنا مخزون هائل من النباتات والأعشاب البرية غير المكتشفة أو المعروفة عالمياً، وبحثي فيها وخلالها لتوثيقها سيكون في يوم من الأيام اكتشاف يسجل باسمي إن شاء الله.
* خلال حديثك تحدثت عن محطة فضائية تعنى بالحياة البرية وتكون منافسة لقناة “ناشيونال جيوغرافيك”، فهل توضح لنا هذا؟
** خلال فترات بحثي الطويلة صورت الكثير من أفلام الحياة البرية بواسطة كاميرات خاصة بهذا العمل وضمن أساليب عمل مبتكرة، كوضع وتثبيت كاميرات ضمن أوكار بعض الزواحف أو على أغصان الأشجار أو بمواجهة زهرة تنمو، إضافة إلى بث تلفزيوني من منطقة لمنطقة أخرى، عملي في هذا المجال ومحبتي له جعلتني اخترع عدسة تصوير أهم ميزاتها أنها تعطي بعد وضوح كامل إضافة إلى ما يعرف بالفريم “ايقاع كامل”، وهذا مكنني بشكل عام من اقتناء ما يقارب /500/ ساعة تصوير لهذه الحياة وروائعها.
وفي لقاء مع المهندسة الزراعية “هبة سلهب” من مديرية “زراعة طرطوس”، حدثتنا عن فوائد تصفح صفحات “الحياة البرية” للباحث “أياد السليم”، وهنا قالت: «ما أراه في أعمال الباحث “أياد” هو توثيق غني ومصور بشكل دقيق للتنوع الحيوي الحيواني والنباتي في بلدنا، فهو يعرج من خلال صفحاته المتشعبة على كافة مستويات التطور الإحيائي بدءاً من الفطور والحشرات وحتى الكائنات الراقية كالأشجار والفقاريات. فضمن ما يمكن وصفه اكتشافات في الحياة البرية السورية، هي بلا شك تجربة مميزة على الأقل من ناحية تفرده في التوثيق المصور والمنشور، أما من ناحية الاكتشاف العلمي فهذا يحتاج إلى إسناد علمي موثق بالمرجعيات ومحكم من قبل أكاديميين اختصاصيين، خصوصاً أن بعض علماء النبات عملوا على تصنيف أغلب الأنواع البرية في منطقتنا».
وتتابع في حديثها عن امكانية وصف أعمال وأبحاث السيد “أياد” في الحياة البرية، إن كانت اكتشافات هاوٍ أم باحث مختص، فتقول: «يصعب التحديد في ضوء ما تم نشره من مقالات صحفية أو منشورات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، فهو حتى الآن لم يقدم لنا مادة علمية متكاملة، حيث يجب على الباحث استخدام الاسم العلمي “اللاتيني” للنبات مع تصنيفه
الواضح- نوع- جنس- فصيلة- وخصائصه النباتية والبيئية، وأنا لا أعني أن الأستاذ “إياد” لا يمتلك هذه التفاصيل، ولكن أتحدث عما تم نشره حتى الآن. فعند المرور بالصفحات الخاصة بالباحث لا نستطيع أن ننكر الجهد الواضح المبذول في إعداد وجمع الصور والمعلومات، فنحمد الله على وجود من يلقي الضوء على بيئتنا الخضراء ويقدمها بشكل بسيط وجميل يستقطب الأنظار من مختلف الشرائح، فالباحث اعتمد على المعلومات المحلية أو الشعبية القريبة من الناس أكثر من المعلومات النباتية أو الطبية مثلاً، واستخدم تسميات مبتكرة مستوحاة من شكل النبات أو أزهاره، وفضل فرز بعض النباتات الزهرية وفق رأيه الخاص، فمثلاً اعتمد خاصية اللون في تصنيف الزهور، وجمع النباتات التي تؤكل في مجموعة واحدة».
|
|