عاش بصخب ورحل بلا ضجيج ، حنا مينة أستاذ جيلين روائيين في سورية، الرجل الذي خلد مدينتنا وأهلها كما لم تستطع كل السلطات المتعاقبة عليها، رغم أنهم كانوا يمتلكون كل شيء وليس له سوى هذا القلم .. عندما التقيت العظيم نجيب محفوظ في القاهرة عام 1988 قال لي : سلم لي على أخويا حنا، وأنا أرشحه لجائزة نوبل.. ومن حسن حظي بعد بضع سنوات من تورطي بالكتابة صرت صديقه ونديمه ، فتعلمت منه، كما تعلمت من الكبار الذين رحلو قبله، رغم أنهم كانوا أصغر سنا، ساخرا بذلك من نصائح الأطباء من حيث أن التدخين والكونياك والنساء والسهر وقلة الأكل لاتقصر العمروإنما تطيله، كما كنت أقول له ضاحكا كلما رفعنا الأنخاب .. إنه زوربا السوري كما كان يحب أن ندعوه، و” شيخ الرواية السورية ” كما أطلقت عليه خلال تقديمي له بمناسبة “مسابقة حنا مينة للرواية والقصة” التي اقترحتها على وزيرة الثقافة السيدة نجوة قصاب حسن وكنت رئيس لجنة التحكيم فيها فكانت أول جائزة أدبية تطلقها الوزارة..
لقد حصل حنا على كل مايرغب به رجل من دون أن يكون لديه مال أو سلطة، وهذه عبرة للأجيال السورية بأن القلم مازال له حضوره وتأثيره، وأن المبدع الراحل كان أمينا لرسالة أجداده الذين وضعوا أول أبجدية للإنسان، هناك على شاطئ اللاذقية حيث ماتزال روح المعلم حنا ترقص على رماله .. سنداوم على ملء كأسك وقراءة رواياتك أيها الغائب الحاضر بيننا ..