5- حمام بني هارون في ولاية ميله بالجزائر
5- الجزائر جنة الله في الارض
كثيرا ما تستوقف المرءَ مواقعُ سياحية أخاذة تسيطر على وجدانه وعقله، وتأسره بجمالها وسحرها، فيتعلق بها ويتمنى زيارتها مرات ومرات، ولا شك أن مشاعر الإعجاب تلك تسكن النفس بفعل تنوع العناصر التي شكلت الصورة الجميلة وتولِّد العشق الطبيعي. حمام بني هارون أحد تلك المواقع النادرة في الجزائر التي كلما زرتها ازددت حبا وهياما بها، وأصررت على زيارتها ثانية وثالثة، كما أنك لن تستطيع أن تتجاهلها وأنت تقصد وجهة عبرها، فكل شيء فيها يتحداك ويدفعك لاكتشاف أسرار سحرها، وأخذ قسط من الراحة
في مرتعها الجميل، والاستمتاع بهوائها النقي.
رائحة شوائها اللذيذ تنفذ دون استئذان إلى أعماقك تستفز حمى النهم فيك، وتستنفر معدتك مسيلة لعابك، وكأنها تدعوك على استحياء لمأدبة غذاء أو عشاء شوائية خالصة، ومن دون أن تشعر تجد نفسك ملبيا للدعوة بكل ارتياح وطيبة نفس.
طبيعة ساحرة وموقع أخاذ يشد الأنظار، يأسر القلوب ويحرك الوجدان ويسحر العقول ويلهم الشعراء، إنه الإبداع الإلهي يتجلى في صور الطبيعة الخارقة الجمال.
حمام بني هارون، هذه البقعة التي استلقت بين جبلين وكأنها تحتمي بهما، وهَبها ذلك الموقع وقارا وهيبة وأهداها خضرة دائمة على مدار السنة، وأسدل عليها وساما من الرونق والهدوء، يمتد أسفلَها وادٌ رقراق يغازلها بمياه تنافس الفضة في صفائها، وتسابق الريح في مجراها، مياه تسخو بعذوبتها على الجميع، فالكل يقصدها لغرضه، فهي مورد شرب للبعض ومصدر سقي للفلاحين، ومقصد للحيوانات التي تروي ظمأها منها ومسبح للشباب صيفا، ومرتع للصيادين الذين يجدون فيها فضاء للغوص بصناراتهم في أعماق الحياة.
تحيط بالحمام جبال راسيات تحاول بشموخها معانقة السحاب ومناطحة السماء، تحاصر المكان وتحفه بصخورها الثابتة حفاظا منها على عذرية الطبيعة وسرمدية سحرها.
المصدر/ صحيفة الخبر