تشتهر الأسواق العربية القديمة بطابعها الخاص والمميز، فيمتاز كل سوقٍ بأشياء تختلف عن الأسواق الأخرى، سواءً بأشكال بنائها أو بما تحتويه أو بما مرت عليه من عصورٍ قديمة ومتفاوتة، وتأتي اسواق حمص القديمة في مقدمة الأسواق العربية والإسلامية من نواحٍ كثيرة كاتساعها وطابعها الأصيل الذي احتفظت به، ولها مزايا رائعة ومختلفة عن غيرها.
ما تتميز به اسواق حمص القديمة
تتميز اسواق حمص القديمة بسقوفها الإسطوانية وعقودها الحجرية المقببة الضخمة والتي صُممت خصيصاً لحماية المتسوقين والزوار من العوامل الجوية كحرارة الصيف وبرد الشتاء.
واجهات الأسواق فخمة وأقواسها رشيقة وتعطي انطباعاً بكونها خرجت من عصور القرون الوسطى.
وبما أن هذه الأسواق تتلاقى فيما بينها ستجد عند مفرق الطرق قبةً كبيرة تتوجه كقبة مسجدٍ كبير.
وإن نظرت إلى معالم السوق أكثر ستتفاجأ بتصميمه الفريد حيث سترى أشعة الشمس تتسلل من فتحاتٍ مربعة الشكل تم ثقبها في قنطرة السوق لتنير الشارع البازلتي لتتعايش مع الظلام الذي لا تندمج معه بل تعطيه طابعاً فريداً ومميزاً.
ماذا يمكن أن نجد في اسواق حمص القديمة؟
في اسواق حمص القديمة ستجد كل ما تريد فهو يحتوي على كل شيء شرقي ومحلي وقديم.
حيث تتنوع البضائع في دكاكين كثيرة كصغيرة يجلس خلفها البائع وأخرى يعمل بها مباشرةً تحت أعين زبونه.
فترى الأقمشة الحريرية معروضة تزين الدكاكين بألوانها وأنماطها المختلفة هي والكثير من أنواع القماش كالمقصبة والجوخ والشاش والآشيات والأصواف. إضافةً إلى أسواقٍ خاصة للسجاد الشرقي الثمين والعطور والصاغة والتوابل .
فعندما يسير الشخص في هذه الأسواق يتراءى أمام عينيه تاريخٌ قديمٌ فيستطيع لمسه ومعاينته بيديه ورؤيته بعينيه وسماعه بأذنيه، وكأنه مر عبر العصور والأزمان خلال مسيرته في هذه الأسواق القديمة المميزة.
تأسيس أول جمعية اقتصادية في اسواق حمص القديمة
في عام 1885م ظهرت أول جمعيةٍ اقتصادية تساهم في صنع منسوجاتٍ وطنية مضارعة للمنسوجات الأوروبية ولها الأفضلية في الإتقان والمتانة، وظهرت هذه الجمعية في هذه الأسواق باسم (الجمعية الاقتصادية لتحسين المنتوجات الحمصية)، وكان لها تقدماً كبيراً ونجاحاً مرموقاً وباهراً.
تنظيم اسواق حمص القديمة
لم يتغير تنظيم اسواق حمص القديمة عن الماضي فما زال يعتمد في تنظيمه على نوع السلع والبضائع.
ستجد هذه الأسواق كل ما تريد ومهما كان من مستلزماتك الخاصة حتى مستلزمات منزلك، كالثياب الجاهزة والثياب الداخلية وأغطيةٍ للرأس وأحذية وجوارب وقبابيب وحقائب، وأيضاً شرقيات ونحاسيات وأقمشة مختلفة ومتنوعة وستائر وفضيات وثريات حتى الحلي الذهبية وكل ما يحتاجه منزلك من صمديات وشمعدانات وغيرها.
ويعرض هناك ايضا كل ما تريده من مستلزمات الكلفة والتطريز والعطور وغيرها من مختلف السلع المنوعة والكثيرة.
ولم تكن اسواق حمص القديمة في الماضي لبيع السلع فقط! بل كانت منتديات يتم بها تداول القضايا اليومية ومركزاً لحل الخلافات والمشاكل وبها يتم تنظيم عقود القران وغيرها من النشاطات الاجتماعية الأخرى. وذلك وفقاً لمصادر التاريخ الاجتماعي للمدينة.
وما زالت بعض من هذه الأسواق محتفظةً بهذه الوظائف الاجتماعية ولكن بطرقٍ مختلفة عما كانت تقوم به في العصور القديمة.
من أهم اسواق حمص القديمة
من أشهر اسواق حمص القديمة سوقٌ معروف وهو سوق (القوافة) أو (النوري) والذي يجاور باب الجامع النوري الجنوبي.
وكان يُعرف في السابق باسم سوق (السلحفة) وذلك بسبب سقفه الذي يشبه ظهر السلحفاة .
فقد كان قائماً على عوارض خشبية مقببة بألواح التوتياء، وكانت فيه مقاهٍ عديدة (كالزرابلية والفاخورة).
أما اسمه (القوافة) فقد سُمي بذلك نسبةً لإشغاله من قبل الحرفيين الذين كانوا يعملون في صناعة الأحذية
وفي أيام الباشا عبد الحميد الدروبي جرت بعض التحديثات المعمارية على هذا السوق.
كإبدال الأرضية المرصوفة بالكتل الحجرية والتي كانت صعبة المسلك، وتم استبدالها ببلاطٍ حجري أملس ومشذب.
تميزت المحلات بأقواسها الحجرية بأشكال نصف دائرية وعلى عضائدها توضعت أشكال هندسية تاجية عليها بعض الزخرفة البسيطة.
وتحيط بأعلى السوق نوافذ للتهوية والإنارة، وقد تميّز البناء المعماري الحمصي عبر القرون والأزمان باستخدام الحجر الأسود في بنائه.
تهدّمت بعض هذه الأسواق بسبب الأحداث المؤسفة التي حدثت في الفترة السابقة.
ولكن تم إعادة بنائها بما يناسب مكانتها التاريخية، وبعد توقفها لبعض الوقت عادت بعضها تفتح أبوابها للزائرين من جديد.
فلن تتوقف الحياة وستعود كما كانت وأفضل بإذن الله وستبقى هذه الأسواق القديمة مركزاً للاهتمام ومعالماً تاريخية على مر الزمان.