“كريكور كيفوركيان”… الدقة والتركيز للاحتراف
السبت 29 حزيران 2013م
أكثر من نصف قرن قضاها المصور “كريكور كيفوركيان” مع آلة التصوير التي لازمته حتى اليوم رغم التطور الذي طرأ على تقنيات التصوير وآلات التصوير نفسها.
وقد تحدّث أحد أقدم مصوري مدينة “القامشلي” الفنان “كريكور كيفوركيان” أو ما يعرف بلقبه الفني “كوكو” لمدونة وطن eSyria وذلك بتاريخ 25/6/2013 وبدأ بسرد حكايته مع فن التصوير عندما قال: «التصوير الفني سيمفونية عذبة، فيها كلّ معاني الحب والجمال، فهي تعانق الروح والوجدان، وتخلد الجمال والزمن في دفاتر الذكريات والأذهان، وتعطي أنقى وأرقى عنوان للحياة، تجمعني مع التصوير آلاف اللحظات الباقية الرائعة. أحببتها فتركت المدرسة من أجلها وعمري 12 عاماً، وما إن أعلنت ترك المدرسة حتّى خرجت “للقامشلي” أتجول بشوارعها وأماكنها الجميلة، ووقفتُ مطولاً عند المحل الوحيد للتصوير بالمدينة، وكان صاحبه المصور “كرنيك” وبعد نقاش قصير انضممت للعمل معه بكل حب وصدق، وبما أن الإصرار كان عنواني لإتقان كل بديهيات وفنون وأساسيات تلك الهواية، قدم لي آلة التصوير كاختبار أولي لتصوير ما يحلو لي، فلم تمض الأشهر الخمسة إلا وأنا متقن 75% من كل
يتجول في كل انحاء القامشلي |
ما يتعلق بذاك الفن الرائع».
ويتابع: «بعد عام من العمل عند “كرنيك” عملت مع مصور آخر من مدينة “حلب” لمدة تقارب الخمسة عشر عاماً، كنت أقوم خلالها بتصوير الحفلات والأعراس والولائم والصور الشخصية وتصوير المناسبات والاحتفالات الوطنية، وفي كل يوم كان يزداد شغفي وحبي لمهنة التصوير، بل كنتُ أجد الحياة كلها في تلك الآلة».
ثم أضاف: «بعد ذلك ذهبت لمدينة “حلب” وقمت بشراء كل ما يلزم لفن التصوير من آلات وحبر وطابعة وأفلام وغيرها وكل ذلك ب700 ليرة سورية وهو ما كان في بداية السبعينيات، وخصصت جزءاً من المنزل للتحميض والطباعة وكنتّ أتجول على الحدائق والمتنزهات والمطاعم والأسواق وكاميرتي معلقة على صدري، وكان الكثيرون يطلبون مني لقطة تذكارية في المكان الذي آتي إليه، فقد كنت الوحيد في المدينة الذي أتجول كمصور، وبذلك كسبت من خلال تلك الجولات علاقات اجتماعية عمرها عشرات السنين، والآن التقي
مع الأطفال يجد سعادته |
بعضاً ممن يطلب مني تصويرهم مع أطفالهم كإعادة لماضيهم البعيد جداً عندما كانوا يصورون عندي وهم شباب».
ويتابع: «فن التصوير يحتاج إلى عنوان عام لتكون الصورة احترافيّة، ما يتطلب الدقة والتركيز، وترسيخ أفكار المشاهدة في الذهن، وقبل كل هذا وذاك يجب التكيّف والاندماج مع الآلة، وتلك مسؤولية المصوّر الناجح، ولظروف البيئة دور مهم في التقاط الصورة المبدعة، فأنا متيّم جداً بتصوير كل ما زين في الطبيعة بقدرة الخالق، علماً أن التصوير سابقاً كان متعباً جداً فكان يتطلب منا التصوير والتحميض والطباعة بمجهود فردي دون الاستعانة بأحد أو بجهاز الحاسوب. لقد رافقتني الآلة طوال السنوات الماضية في أحضان الطبيعة وفي الريف وأغلبية الأماكن الأثرية الجميلة في محافظة “الحسكة”، ومن اجل ذلك لا تزال تلازمني رغم أنني عملت عملاً جراحياً في القلب والطبيب نصحني بالابتعاد عن العمل، ولكن آلة التصوير تبقى حبي وصحتي وسعادتي».
وكان لزميله المصور القديم “وصفي إبراهيم” حديث عن “كوكو” عندما قال: «فنان بكل ما تعنيه الكلمة، مبدع ومخلص للآلة التي يحملها، يتميز باللباقة الفنية والاجتماعية المتميزة، صبور على قطع المسافات والذهاب لأبعد نقطة في سبيل لقطة فنية جميلة، ومن خلال رحلته الطويلة في هذا المجال بنى رصيداً متيناً من العلاقات الاجتماعية».