ملتقى “رواسي”… أثر المكان في صياغة اللوحة التشكيلية
الجمعة 09 أيار 2014م – بيت ياشوط
هناك في حضن الطبيعة وسط غابة شرق قرية “بيت ياشوط” قضاء “جبلة” اجتمع 15 فناناً سورياً في ملتقىً أسموه “رواسي”، فرسا المكان على لوحاتهم دون أن يشعروا به، نقلته أناملهم بعفوية مترجمةً أحاسيسهم التي تولدت من خلال النظر إلى جماله.
يقول الفنان السوري “نذير إسماعيل”: «أنا لا أرسم الطبيعة ولكنني أتأملها».
ويضيف “إسماعيل” في حديثه لمدونة وطن “eSyria” في 2 أيار 2014: «بشكل يومي كنت أراقب شروق الشمس وانتشار الضوء في تلك الغابة التي كنا نعيش فيها، وقد أدى ذلك إلى إغناء ذاكرتي البصرية؛ ما انعكس على لوحتي من خلال الإضاءة اللونية المستخدمة فيها التي دخلت إلى تجربتي في هذا المكان، وهذا ليس اختراعاً خاصاً بي وإنما هو إضافة حسية بصرية، وأجزم أن كل فنان تأثر بالمكان وأضاف إلى تجربته منه».
حمل الفنانون القادمون إلى الملتقى معهم بعض الأفكار لتجسيدها في أعمال فنية، لكن هذه الأفكار ما لبثت أن تلاشت وحلت محلها أفكار أخرى، كما حصل مع الفنان “حسان حلواني”، يقول “حلواني”: «كل الأفكار التي في
القلعة التي كانوا بها شرق “بيت ياشوط” |
مخيلتي تلاشت عندما وصلت إلى منطقة مطعم “القلعة” شرق “بيت ياشوط”، في البداية أمضيت يوماً صامتاً قبل أن تقع عيناي على كتلةٍ حاورتها وحاورتني، ومن ثم استحضرت من المكان فكرة عملي وصقلتها بسحره.
لقد منحني المكان إحساساً كنت قد فقدته منذ 3 سنوات، فنحت من شجر الزيتون عملاً يشبه السنديان الشامخ المنتشر في المكان، وتجسدت خصوصية المكان في جذع السنديان المتجذر في الأرض والشامخ نحو الأعلى، محاولاً الإيحاء من خلال العمل بأننا في حالة مخاض ستنتج عنه انطلاقة سنديانة جميلة ووجوه مبتسمة».
“علا سليمان” وهي خريجة فنون جميلة، استشفت فكرة عملها من المكان، وتقول “سليمان”: «كنت أنوي النحت على الحجر لكنني عندما رأيت هذه الطبيعة وكيف تتحول كل نسمة إلى رقصة دافئة، وتعرفت على العصافير التي
من طبيعة المكان (أوتستراد بيت ياشوط) |
لا تنام، وجدت أن علي أن أصنع عملاً يشبه طبيعة هذا المكان فكانت خشبة الزيتون خياري لنحت وجه سوري بملامح متميزة عن ملامح كل البشر، وحرصت على إبقاء المنحوتة على سجيتها لتبقى قريبة من طبيعة هذا المكان، حتى إنني لم أضف إلى عملي مواد حافظة لكي لا يكون في هذا الوجه أي شيء مصطنع».
المكان فرض حضوره على نتاج الملتقى ككل بحسب فنان الرقة “سالم عكاوي”، حيث يقول: «من الناحية الفنية كان حاضراً بأثره في مختلف الأعمال، فبدا النتاج نتاجاً ثميناً أمام المتلقي، وفي لوحتي بدا أثره من خلال الألوان الزاهية النقية الصافية المستمدة من صفائه (أي المكان).
لقد استعنت بلون الخشب في الطبيعة ولحاء الشجر وتقاطيعه وألوانه الفاتحة وتدرجاتها، وحاولت نقل إحساسي الناتج عن رؤية
المكان إلى اللوحة، حتى يخيَّل للمتلقي أن هذه الألوان طبيعية بالمطلق وتشبه ألوان جذوع الأشجار وغيرها».
فرض المكان الجميل حضوره على كل لوحة أو منحوتة أُبدِعت في ملتقى “رواسي” الذي استضافته قرية “بيت ياشوط”، فللمكان سحر لا يمكن لفنان أن يمضي منه دون أن ينجذب نحوه.