“هيثم الخطيب”.. ذكريات ضوئية بملامح تراثيّة
الخميس 12 نيسان 2018م – جيبول
الكاميرا رفيقته في كل مكان وزمان، وسفير الطبيعة والريف السوري عبر الشاشات وصفحات التواصل الاجتماعي، هو مصور الفوتوغراف “هيثم الخطيب”، الذي يوثّق بعدسته الطبيعة والتراث.
في حديثه مع مدونة وطن “eSyria” بتاريخ 7 نيسان 2018، تحدث مصور الفوتوغراف “هيثم الخطيب” عن نشأته وعلاقته بالكاميرا، قائلاً: «نشأت في أسرة مثقفة وكبيرة وعدد أفرادها كثير، نتنقل بين مدينة “اللاذقية” شتاءً وقريتي “جيبول” التابعة لمدينة “جبلة” صيفاً، حيث كنت الصغير بين إخوتي الكثيرين؛ وهو ما سمح لي بتشرب ثقافات واهتمامات كانت تتجاوز عمري بطبيعة الحال، ودخلت كلية الحقوق بعد نهاية الدراسة الثانوية، وذلك بعد محاولتي دخول كلية الفنون الجميلة، قضيت مدة غير موفقة في الدراسة الجامعية، فتركت الجامعة وعدت إلى ميولي الفنية من الرسم والتصوير، الذي أصبح لاحقاّ مكوناً أساسياً في حياتي، وتكاد تصبح علاقتي مع الكاميرا عضوية، فأشعر بها كطرف من أطرافي، وهي رفيقة درب حقيقية، صنعت مكانة جيدة لي بين الناس، وأشعر بالامتنان لها».
وعن التصوير واللقطة التصويرية الأولى التي قادته إلى تحديد مساره في عالم التصوير، يقول “الخطيب”: «كانت اللقطة الأولى حين كان عمري أربع عشرة سنة بكاميرا متواضعة، فقد كانت أول كاميرا أقتنيها واشتريتها بـ700 ل.س، لكن لا أعدّها “لقطة”؛ لأنني استغرقت سنوات عدة لأخذ ما أعدّه اللقطة الأولى، وخاصة بعد تعاملي مع كاميرات الفيلم الاحترافية التي حققت عبرها اللقطة الأولى عندما وفقتُ بالتقاط صورة بورتريه ناجحة نالت شهرة
منزل تراثي |
بين الأهل والأصدقاء؛ وهو ما دعاني فعلياً إلى التفكير بمجال التصوير الضوئي.
كما أنني لم أتعلّم التصوير الضوئي بأسلوب أكاديمي أو منهجي لعدم وجود جهات واضحة تهتم بهذا النوع من الفنون، فتعلمته بعفوية يقودها الشغف المرافق للدراسة والتدقيق بالأساليب والإرشادات من مجلات ومجلدات التصوير الاحترافية التي أتابعها».
نجد التراث والطبيعة على مرمى عدسته دائماً، ويقول: «إيماناً مني بأن تراثنا مظلوم، وأن أبناء هذا التراث أولى الناس برفع هذا الظلم، كان الاهتمام بالتراث وإعادته إلى الذاكرة البصرية من الأولويات التي عملت عليها، حيث أرى الخطر محدقاً بتراثنا بسرعة اندثاره ونسيانه، فلا أظن أن الناس سيعودون إلى السكن في بيوت ترابية، أو يلبسون الزي التراثي القديم (القمباز والمنديل)، وأجد الحفاظ عليها بأسلوب مقصود أمانة للأجيال القادمة أُسوة بأي حضارة تحترم ماضيها بقدر ما تعمل لمستقبلها.
والطبيعة لها نصيبها من عدستي، فهدفي الأساسي إزالة الجهل والظلم اللاحق ببيئتنا الطبيعة والثقافية والتاريخية والاجتماعية، لدينا من الجمال الخام ما لو قدر له الاستخدام والاستثمار الجيد لجعل “سورية” بمناطقها المختلفة قبلة للجمال والسياحة في العالم، ففي كل شيء حدث قابل للتصوير، لكن أميل بوضوح إلى تصوير الطبيعة الجامدة؛ فالصورة وثيقة ضوئية ودفتر ذكريات مرئي؛ لذا كل شيء يستحق التصوير من منطلق
طبيعة من بيت عانا |
وثائقي، وافتقار طبيعتنا الجميلة إلى من ينقل جمالها جعل التصوير الطبيعي لبيئتنا من صلب اهتماماتي، كما ساهم بيتي الفني “شام إف إم” (تيلي راديو) بنشرها والتعريف بمناطقنا السورية».
ويتحدث عن التقنيات الحديثة وعدم تغلّبها على الموهبة، قائلاً: «أعتمد في الفوتوغراف على التقنيات والتقدم التكنولوجي، نحن في زمن لا يرحم بهذه النقطة، ومن لا يتماشى مع التطور سيخرج من السباق والمنافسة في أي مجال كان، مع قناعتي أنه مهما طرأ تطور على الوسائل والتقنيات، ستبقى للإنسان لمسته الفنية وبصمته الإبداعية؛ فالتكنولوجيا أداة نحن نتحكم بها، وهي غير قادرة على صنع موهبة لمن لا يملكها».
النحّات والشاعر وكاتب القصة القصيرة “أحمد إسكندر سليمان”، يتحدث عن “هيثم” قائلاً: «كانت فرصة التعرف الأولى إلى صور الفوتوغرافي “هيثم الخطيب”، حين تحوّلت إذاعة “شام إف إم” إلى محطة تلفزيونية تبث الصور إضافة إلى برامجها، كانت مع السنوات الأولى من الأزمة السورية التي أحدثت صدوعاً مؤثرة بين الهوية السورية وعوالقها، حيث كانت صوره تؤكد باستمرار الهوية السورية ورموزها التاريخية الماثلة على الأرض وطبيعتها الساحرة، كما يراها سوري نبيل بعين مشبعة بالحب يمكن الشعور به وأنت تتفرج على الصور الملتقطة بعين عاشق.
فقد مثّلت صوره معرضاً متواصلاً لسنوات طويلة شاهده ملايين السوريين، وحين
أحمد سليمان |
تواصلت معه عبر وسائل التواصل، عملت على نقل تجربته البصرية عبر صفحتيّ “الأيقونات السورية” و”فينيقيا”، فأشارك له اللحظات النادرة التي يحرض من خلالها الروح على الانتباه إلى القدرة على الامتلاء بالضوء في كل صورة، والصور التي تؤكد الهوية التي يلتقطها بحب كبير وحساسية عالية، يمكنني بكل دقة القول: إن “هيثم” أحد مقاتلي الضوء السوري في حربه مع الظلام».
يُذكر أن المصور الفوتوغرافي “هيثم الخطيب” من مواليد مدينة “اللاذقية” عام 1977.