“البسّيط”.. قرية تتوسد البحر وتتفيّأ بالغابات
الأحد 20 أيار 2018
رأس البسّيط
تطلّ بلدة “البسّيط” على البحر، وتتميز بشاطئ رملي معدني نظيف يقصده الناس للاستشفاء، فغلب الطابع السياحي عليها، وأثّر تأثيراً إيجابي بأعمال أهلها في السياحة البحريّة والصيد، إضافة إلى أنها تجمع ثالوث الجمال من بحر وجبل وغابة.
مدوّنة وطن “eSyria” زارت بتاريخ 16 أيار 2018 “البسّيط”، والتقت “بسيم هرمز” مختار القرية، فتحدث عن “رأس البسّيط” أو ما يسميه الأغلبية “البسّيط” قائلاً: «هي آخر نقطة في المتوسط من الشمال السوري، وتشرف من الجهة الشمالية على جبل “الأقرع”، ويعدّ شاطئ “البسّيط” من أجمل شواطئ البحر المتوسط لتوفر نظام بيئي جميل، حيث البحر والوادي والجبل، وتغطيه غابات الصنوبر والسنديان وغيرها من قمم الجبال حتى الشاطئ؛ وهو ما يميزها عن باقي المناطق السياحية السورية. كما يتميز الشاطئ بالرمل الأسود المعدني الغنيّ بالحديد والمنغنيز والبوتاس والكبريت، ويأتيه الناس للاستشفاء من بعض أمراض المفاصل والروماتيزم للمشي وحمامات الرمل. تتبع بلدة “البسّيط” إلى المنطقة العقارية “الدفلة”، وتتبعها قرى عدة كـ”المنارة” و”الصفراء” و”الشيخ حسن” و”السنديانة” و”الرويس” و”السكرية” و”بيت بدور” و”الصوانة” و”البدروسية” و”العصفورة” و”الدفلة”، وتبعد خمسين كيلو متراً شمالي مدينة “اللاذقية”. حدودها بريّة وبحريّة، وعدد سكانها يقارب 7000 نسمة».
وعن الزراعة والأعمال التي يقوم بها الأهالي يتابع قوله: «الحمضيات هي الزراعة السائدة في أراضي “البسّيط”، لكن لا يعتمد أبناء القرية في مصدر دخلهم عليها فقط، بل يعتمدون
بسيم هرمز |
الصيد والسياحة، ولا تمثل بالنسبة لهم 2%، كما تشتهر منطقة حوض المتوسط ومنها “البسّيط” بوجود أعشاب ونباتات برية ذات فوائد طبيّة، ونجد في كل الفصول أناس يهتمون بتلك الأعشاب وفوائدها، ويتحينون موعد ظهورها ويجمعونها من جبال ووديان المنطقة. كما أن هناك بعض أبناء القرية والقرى المحيطة يجمعون الأعشاب للاستفادة منها كطب بديل للعلاج بطريقة بدائية، إضافة إلى تصنيع الكريمات الطبية اليدوية».
وعن الخدمات السياحية وغيرها في البلدة، تحدث “نهاد طوالو” رئيس بلدية “البسّيط” قائلاً: «تقوم البلدية بأعمالها كافة، ويوجد سبع مدارس حلقة أولى، ومدرستان للحلقة الثانية، وثانوية، ومستوصف صحي يقدم خدماته على أكمل وجه، ووحدة إرشادية، ومركز للهاتف والكهرباء، ويعتمد ثمانون بالمئة من أبناء البلدة على صيد الأسماك كمصدر دخل لهم، فهم أبناء بيئة بحرية، وقد نجدهم ليلاً ونهاراً في البحر، ويتم تسويق صيدهم في ساحة السمك في المنطقة، وقسم يتم تسويقه في ساحة السمك بـ”اللاذقية” بمزاد علني».
ويضيف: «تتميز البلدة بالسياحة الشعبية، ونسبة السياحة 90% من “اللاذقية”، والنسبة الباقية من المحافظات، ولدينا 3000 “شاليه” مجهزة للأجار في “البسّيط” و”البدروسية”، و2000
نهاد طوالو |
محل تجاري منها موسمي في فصل الصيف، ووجود فندق البسّيط السياحي الذي يعدّ صرحاً سياحياً بارزاً، و”شاليهات” نقابات العمال، لكن تناقصت السياحة في السنوات الماضية، وكادت تختفي لأن المكان كان حاضنة للوافدين من “حلب” وكفريا” و”الفوعة” وغيرها من المحافظات في سنوات الأزمة السورية، حيث يوجد حالياً نحو 1200 عائلة وافدة، إضافة إلى عائلات كثيرة عادت إلى منازلها بعد استقرار الوضع».
أما السبعيني “خليل مهنا”، فيتحدث بشغف عن “البسّيط” ومكنوناتها قائلاً: «هي أنظف نقطة في البحر المتوسط، وسمكها مميز ونظيف، ولا يوجد تلوث أو صرف صحي؛ وهو ما يجعله من أفضل وأندر أنواع السمك. وبالقرب من منزلي يوجد موقع “رأس البسّيط” الأثري الذي يحوي كنائس قديمة ومقابر حجرية وأقواساً رومانية ومغارات كثيرة، لكن نفتقد كثيراً الإمكانيات لإبراز الملامح السياحية لهذا المكان من النواحي كافة، وأذكر مرة عندما التقيت الرئيس الجزائري “عبد العزيز بوتفليقة”، وحين عرف بانتمائي لهذه البلدة، قال لي: “إنها أنظف بقعة على البحر المتوسط”».
يُذكر أن معنى “البسّيط” كما جاء في كتاب الباحث “محمد جميل حطّاب” “معاني أسماء القرى في
من غوغل إيرث |
اللاذقية”: «الرأس هامة الإنسان وأعلى ما في الجسد، ويقال للجزء من البرّ الذي يدخل في البحر فيعلوه رأساً كـ”رأس البسّيط” و”رأس ابن هانئ. والبسّيط: الأرض الواسعة وترجع فترة تأسيسه إلى 1600ق.م، حين أقامت فيه مملكة “أوغاريت” مرصداً لمراقبة مسالك جبل “الأقرع”، وقد أطلق عليه اسم “بوسيدون” من قبل “اليونان” في القرن 8ق.م، و”بوسيدون” هو نبتون إله البحار والماء عندهم».