دمشق-سانا
تميز الريف السوري بشهرة سكانه بامتهانهم بعض الحرف التراثية التي حظيت باهتمام السيدات وخصوصا صناعة أطباق القش.
وقالت فضة فراوي إحدى حرفيات صناعة القش لنشرة سانا المنوعة أنها تجاوزت الثمانين عاما ومازالت تعشق حرفتها التي تعلمتها
منذ صغرها واتقنتها وأن صناعة أطباق القش التي أمضت معها سنين طويلة هي حكاية عراقة تراثنا الريفي الجميل حيث كانت فتيات
القرية يجتمعن ويذهبن جميعا إلى البيادر لجمع عيدان قصل سنابل القمح بعد موسم الحصاد ثم يحملنها إلى بيوتهن من أجل استخدامها
في صناعة أطباق القش التي تحتاج إلى الصبر والجهد حيث يصنعن منها أجمل أطباق القش والسلل اللافتة بألوانها ورسوماتها المختلفة والتي تشبه اللوحات الفنية.
وأضافت فراوي أن القش كان يصبغ بدرجة حرارة عالية بعد أن يقص وينتزع قشره ثم ينشر على الأسطح كي يجف ليصبح جاهزا لاستخدامه
في صناعة الأطباق وأن أدوات الصنع كانت بسيطة مثل المخرز الذي يستعمل في ثقب وثني أعواد القش فهي صناعة يدوية بإمتياز.
وأشارت إلى أن هناك أنواعا عديدة من أطباق القش منها المهفة أو مراة المكحل حيث كانت النساء تستخدمها عند التزين وعادة كانت تصنع للعرائس وهي النوع الصغير من الأطباق حيث تلون المهفة بعدة ألوان ويضاف إليها مقبض جميل من خيوط الصوف أما القبعة وهي وعاء يستخدم لحفظ ونقل المحاصيل فتصنع من القش الخالص وتشبه صناعته الطبق وعادة يبدأ بتشكيل حافة جدار دائري لها عندما ينتهي القعر لتصبح على شكل سلة كبيرة ثم يختم دور النهاية كما يختم طبق القش وأكثر القبعات تصنع ملونة مزخرفة.
أما الجونة فتصنع بنفس طريقة صنع القبعة ولكنها تختلف عنها لأنها تحاط من الخارج بجلد الماعز أو البقر حفاظا عليها من التلف أما الترويج فهو طبق القش الذي يستخدم كمكيال للدقيق ويحمل فيه الدقيق المستخدم عند عملية إعداد الخبز في الطابون.
أما القوطة فهي نوع آخر من طبق القش لكنه محاط بجدار حيث يستخدم لحفظ المواد الغذائية الخاصة كاللوز والفستق والحلوى الجافة واليقطين والزبيب وغيرها وغالبا يستخدم في صنعه القش الملون.
وأردفت فراوي أنها عشقت حرفة أطباق القش وهي لا تعتبرها حرفة بل تراث وتاريخ عريق مليء بقصص وذكريات محببة إليها وخاصة أنها وسيدات القرية كن يغنين الأغاني والأهازيج الشعبية حين يجتمعن أمام بيوتهن أثناء عملهن الطويل في صناعة أطباق القش.
كما أشار ياسين دحبور الذي تعلم الحرفة من والدته فضة إلى أن لهذه الحرفة تراثا جميلا وهو يخشى عليها من الاندثار لأنها ذات قيمة معنوية فهي تعكس فن وحضارة الريف السوري الذي تميز بصناعة أطباق القش وخاصة في منطقة جبل الشيخ دربك -بيت جن -بيت سارة إضافة إلى ريف السويداء.
وأوضح أن هذه الحرفة دخلت في معارض المهن اليدوية التي أقيمت في الخارج حيث شارك في عدة معارض منها معرض دبي وميلانو ومعرض الحرف الذي أقيم في الصين إضافة إلى معارض لبنان والأردن وعمان وأن الذي لفته في تلك المشاركات الإقبال الكبير من الأجانب والعرب الذين عبروا عن انبهارهم بمهارة وجمالية صنع أطباق وسلال القش السورية التي وصفوها بلوحة فنية واقتنوا بعضها ليعلقوها على جدران صالونات بيوتهم وثمنوا عمل السيدة الريفية السورية التي أبدعت في هذه الحرفة التراثية.