المصور محمود أبو حمدة… فنان الزاوية الأخرى
7 يونيو 2016م
لم تشغل الصور الإخباريّة النمطيّة بال المصور الفلسطيني محمود أبو حمدة (26 عاماً)، والذي يقطن في مخيّم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة. اتّخذ محمود لنفسه خطاً مختلفاً يصوّر فيه المنتجات التجارية والمناظر الطبيعية ومشاهد الفلك والسماء بطريقة أوصلت صوره إلى العالمية.
ضجيج الحصار والأوضاع الاقتصادية السيئة التي يمر بها قطاع غزة المحاصر منذ عشرة أعوام، تخطاها جميعاً داخل معمله وعالمه الخاص، الذي أنتج داخله صوراً احترافية تنافس أعمال مشاهير عالم التصوير الفني، وتصوير الطبيعة، علاوة على التعاقد مع بعض الشركات لتصوير منتجاتهم بطرق فنية، للإعلانات التجارية.
عدد من تلك الصور التي التقطها أبو حمدة وضعت على يافطات إعلانية كبيرة للمنتجات، زيّنت طرقات وشوارع قطاع غزة، ما شجّعه على الاستمرار في طريقه، محاولاً التغريد خارج السرب، وتطوير أعماله، عبر متابعة مستجدات عالم التصوير الذي أبحر فيه قبل ثمانية أعوام.
المصور الفلسطيني محمود أبو حمدة متزوج وله طفلان، وهو حاصل على دبلوم في الوسائط المتعددة (Multimedia)، بدايته كانت بسيطة، عندما كان يلتقط الصور باستخدام جهاز الموبايل الخاص به، وكان يتردد على صديق له يمتلك كاميرا ديجيتال بسيطة، يستعيرها منه كي يلتقط بعض الصور.
“كنت أشعر في ذلك الوقت بأن هناك شيئاً جميلاً أصنعه” يقول أبو حمدة لـ”العربي الجديد”، مضيفاً أنه “بدأ في ذلك الوقت بعرض صوره على بعض الأصدقاء، ونشرها في منتديات التصوير المحلية، ومتابعة كل مواقع التصوير العربية والعالمية، حتى أصبح مولعاً بالتصوير وعالمه المثير، خاصةً بعد الثناء الذي حصل عليه من الجميع”.
ويوضح أبو حمدة أنه “اقتنع بضرورة السير في هذا الطريق بعد رؤية طبيعة الصور التي تخرج من غزة إلى العالم، والتي حُصرت في صور الموت والدمار والألم، حيث أراد أخذ منحى آخر في التصوير، عله يصنع شيئاً مختلفاً، فبدأ بخطواته الأولى، حتى أصبح واثقاً من الخط الذي اختاره، بعد أن أثبت نجاحه، ومَكَّنه من التميّز”.
ويشير إلى أنّه “لم يكتفِ بقدر الاحتراف الذي وصل إليه، وأنه ما زال يتابع بشغف كل المواقع والمستجدات في عالم التصوير مترامي الأطراف، إلى جانب قيامه بعشرات التجارب للكثير من الصور، كي يصل إلى أفضل النتائج، تمكنه من ترك بصمة مختلفة في معظم أنواع التصوير، خاصةً تصوير الطبيعة والطعام والمنتجات الغذائيّة”.
الموهبة الجميلة التي يمتلكها أبو حمدة لا تخلو ممارستها من معيقات، حيث يقول إنّ عدداً من المناطق الجميلة تكون بالقرب من حدود قطاع غزة التي يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي، ما يشكل خطراً كبيراً على المصور في بعض الأحيان، إلى جانب ربط تصوير الطبيعة أحياناً بالوضع الأمني، علاوةً على الثقافة الفنية البسيطة، والتي تؤثر على جهد المصور.
أما فيما يتعلق بالتفاعل مع الصور الفنية التي ينتجها أبو حمدة، فيوضح لـ”العربي الجديد” أنه جيد على الصعيد المحلي، ويطمح للمزيد من خلال مواصلة نشر هذا الفن، مبيناً أن له مشاركات واسعة على الصعيد العالمي في مجال الطبيعة، يسعى من خلالها إلى ترك بصمة في كل دول العالم.
أبو حمدة يحمل من خلال أعماله رسالة، يودّ إيصالها للجميع، وهي أنّ الإنسان قادر على صنع الجمال من العدم، واستثمار الجهد، وأن لديه القدرة على صناعة أشياء مفيدة في الحياة، مستشهداً بقول الشاعر الفلسطيني محمود درويش “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”.