رحلة إلى أعماق اللون وأسراره
التاريخ: يونيو ١٥
لكل فكرةٍ لون، ولكل إحساسٍ ينبع من أعماقنا تصنيفٌ لوني.. شخصياً، أعتقد أن الحكمة من تعدّد الألوان في هذا الكوكب هي التأسيس لفكرةٍ أنضجها البشر حضارياً فيما بعد، لتتحوّل إلى ثقافة التنوّع والاختلاف والتعايش أيضاً. اللون هو أحد أهم سفراء الشخصية للعالم الخارجي، هو التعويذة المرتبطة بجوهرها. قد يظن البعض أنني أتحدّث عن «اللون المفضّل» لأي شخص، أو عن هذا السؤال الذي يعبّر عن نمطيةٍ مستهلكةٍ للغاية في أغلب الحوارات الصحافية «ما هو لونك المفضّل؟»! ومن هنا يسعدني أن أخبركم سراً قد يجهله الكثيرون.. لا وجود لما يُسمّى بـ«اللون المفضّل»! هل تشعرون بالدهشة؟ لا داعي لها، كل من يعتقد أن لديه لوناً مفضّلاً «واحداً فقط»، فليتأمّل في حياته اليومية لدقيقةٍ واحدة.. هل هذا اللون هو شعار فريقك المفضّل؟ هل هو لون سيارتك أيضاً؟ ماذا عن ملابسك.. هل تتشارك كلها ذات اللون؟ ماذا عن ألوان أثاث بيتك وحاسوبك المحمول وهاتفك النقال وفناجين القهوة؟ هل يفرض لونك المفضّل نفسه على كافة العناصر المحيطة بحياتك اليومية؟ من النادر أن يحصل ذلك! لكن قد يكون هذا بالفعل هو واقعك! حينها يجب أن تعلم أن الخبراء يضعونك في خانة «المهووسين»! حيث تكمن مشكلتك في وجود خللٍ في التوازن الفكري لديك، نعم.. اللون هو أحد الطرق لتشخيص حالتك النفسية والعضوية أيضاً. هناك باقة من الألوان المفضّلة التي نرتاح إليها، حسب مكان وجودها وكيفيته ودرجة اللون وطبيعة المزاج الذي يستولي علينا حينها، لكن هذا لا يعني تدهوراً في العلاقة مع الألوان الأخرى، حتى تلك التي نشعر ببعض الانزعاج منها! الواقع يخبرنا أن نسبة عظيمة من الأشخاص شعروا بمتعةٍ متباينة لدى تجربتهم ألواناً جديدة في حياتهم. إذا، الألوان المفضّلة ليست صندوقاً حديدياً يحكم علينا أن نعيش داخله إلى الأبد، هناك دائماً فرصة لتطوير علاقتنا مع الألوان واكتشاف مساحاتٍ جديدةٍ في أعماقنا. تجربتنا مع الحياة تزداد اتساعاً مع حجم الثراء اللوني الذي نكتشفه ونتذوّقه، بغض النظر عن قرارنا النهائي الذي يحدّد علاقتنا مع مكوّناته. شخصياً، لا أؤمن بتحليل الشخصيات الشائع من خلال الألوان! فليس كل من يهوى اللون الأزرق عميقاً في فكره، وهناك من يعشقون اللون الرمادي وهم بعيدون كل البعد عن الغموض وأنصاف الحلول! كما أن بعض عشاق اللون الأخضر متطرّفون، ويعتبرون السلام والتسامح من علامات الضعف والانهزامية! وللحديث بقية.. فلاش: للألوان أبعادٌ أكبر وأوسع بكثير من القضبان التي نحاول زجّها فيها! سحر الزارعي – الأمين العام المساعد للجائزة @ SaharAlzarei