مائة وعشرون عملا فنيا، وستة أقسام، وعامان من البحث: تلك هي أرقام معرض “بيكاسو وجياكوميتيرابط خارجي“، الذي يستمر انعقاده حتى 21 مايو 2017، ويستضيفه معرض كراج المطافئ غاليريرابط خارجي، أحد مقرات متحف قطر في الدوحة، وأحد أهم المتاحف العالمية للفن المعاصر. كما يرجع الفضل إلى كاترين غرينير، مديرة مؤسسة جاكوميتي ومديرة المعرض، وإلى متحف بيكاسو الوطني في باريس في تأمين معظم الأعمال المستعارة.
هذا المعرض، هو الأول من نوعه في العالم العربي، يسلط الضوء على صلة الصداقة بين الفنانيْن على الرغم من فارق السن بينهما، وهو عشرون سنة، حيث ولد بيكاسو في عام 1881 وجياكوميتي في عام 1901، وكشفت العديد من الرسائل عن العلاقة المتينة التي كانت تربط بين الإثنين، كما أنهما اشتركا في المعاصرة، وفي ذات البحوث الفنية، وفي هاجسي: الموت والحب.
وبما أن الموضوع جديد نسبيا على سكان المنطقة، فقد نظّمت متاحف قطر مجموعة أنشطة وفعاليات على هامش المعرض لزيادة معرفة الجمهور باثنين من أقطاب الفن في القرن العشرين.
من بين الأعمال الفنية لجياكوميتي التي يضمها المعرض: مجسّم “زهرة في خطر” (1932)، و”امرأة طويلة القامة” (1960)، و”رجل يمشي” (1960)، إلى جانب مجموعة من المنحوتات النادرة، والرسومات التي اكتُشفت مؤخرا، وصور فوتوغرافية، ونُسخ لبعض الأعمال مُصمّمة خصيصا للزوار المكفوفين.
الشيخة راعية الفن
أما غاليري كراج المطافئ في الدوحة، الذي يُقام فيه معرض “بيكاسو وجياكوميتي”، فهو ذو طابع خاص، وقد تم بناؤه في عام 1982، وكان حتى عام 2012 مبنى لإدارة مطافئ العاصمة القطرية، ومن ثم تمّت تهيئته وتحويله إلى مركز للفن المعاصر.
يتبع كراج غاليري في مطافئ العاصمة هيئة متاحف قطررابط خارجي، وهي هيئة حكومية تشرف على كافة المتاحف وصالات العرض في تلك الإمارة الصغيرة التي قررت منذ عام ألفين للميلاد الإستثمار في منصة متاحف، وقد أصبحت تمتلك اليوم واحدة من أغنى مقتنيات الفن الحديث والمعاصر، بموازنة سنوية قدرها مليار ونصف المليار دولار في المتوسط.
يشار إلى أن متحف الفن الإسلامي الذي تم تصميمه على ربى جزيرة الفن في الدوحة هو أهم المراكز الثقافية القطرية، ويبدو في الأفق أيضا إنشاء معلم ثقافي جديد باسم “متحف قطر الوطني”، سيتخذ شكل زهرة صحراوية من البيئة المحلية، من تصميم المهندس المعماري الفرنسي جان نوفيل وبمشاركة مكتب الدراسات المعمارية “إريك ماريا آركتكت أسوسيي” في جنيف.
جدير بالذكر أن الشخص الذي يقف وراء هذه النقلة النوعية الخارقة التي جعلت من قطر قبلة للفنانين وأصحاب المعارض والنقاد وجامعي المقتنيات الفنية، هي الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، 34 عاما، الأخت الصغرى لأمير قطر الحالي، التي تدير هيئة متاحف قطر، وقد اعتبرتها مجلة “آرت رفيو ArtReview” في عام 2013 الشخصية الأولى من بين الـ 100 شخصية الأكثر تأثيرا في مجال صناعة الفن، وهي تُعتبر عالميا إحدى أبرز الشخصيات الراعية للفن في العالم.
المُجسّم العملاق لدمية الدب في المطار
الشيخة المياسة قالت إنها ترغب في تحويل قطر إلى متحف شاسع تحت سماء مفتوحة، بحيث يتم عرض الأعمال الفنية من منحوتات ومنشآت في وسط الأماكن العامة، لكي يتمكّن الجميع من التمتع برؤيتها، وهذه الخطوة تساهم في تمتين العلاقة مع سويسرا بشكل قوي جدا.
وكان أول ما وقع عليه الاختيار للعرض في الهواء الطلق، المجسم البرونزي العملاق لدمية الدب من عمل الفنان أورس فيشر من زيورخ، ويبلغ ارتفاعه 7 أمتار ويزن ما يقرب من عشرين طنا، ولونه أصفر كناري ويعلوه مصباح، ومنه سمي (الدب المصباح)، ومنذ عام 2014، وهذا العمل الفني المتميّز معروض في مطار حمد الدولي في الدوحة، وكان سابقا في “بارك أفينو Park Avenue” في وسط نيويورك.
اللافت أيضا أن أحد أفراد العائلة المالكة في قطر هو الذي اشترى الدب المصباح في مزاد كريستيز بحوالي 7 ملايين دولار، وما هي إلا فترة وجيزة، حتى أصبح نقطة جذب رئيسية وعلامة يتميّز بها مطار الدوحة الجديد، الذي فاقت تكلفة إنشائه 16 مليار دولار، وأطلق على المعلم الفني “دمية الدب العملاق”، وتحول بمرور الوقت إلى أول “سلفي” يلتقطه الزائر حين يصل إلى دولة قطر.