المثير للجدل الكاتب السوري حيدر حيدر .. روايته وليمة لأعشاب البحر .. والمقدسات التي تجاوز عليها وهي وفق مفهوم اسلامي لا فكري .. كانت السبب الرئيسي لمقاطعته فكرياً عند الاسلاميين
ولد الأديب والروائي حيدر حيدر في العام 1936 في قرية سورية صغيرة تقع على هضبة مشرفة على البحر تابعة لمحافظة طرطوس اسمها حصين البحر، وفي قريته تلقى دراسته الابتدائية. بعد اتمام دراسته الاعدادية في مدينة طرطوس في العالم 1951 ينتسب إلى معهد المعلمين التربوي في مدينة حلب حيث يواصل دراسته ويتخرج في العام 1954.
في العام الثاني من الدراسة في المعهد ظهرت ميوله الأدبية، وبتشجيع من مدرّس اللغة العربية ولفيف من الأصدقاء، كتب محاولته القصصية الأولى بعنوان مدارا، فنشرت على صفحات مجلة محلية تصدر في حلب. البدايات الثقافية والأدبية عبر القراءة والمطالعة في ذلك الزمن، جاءت من عوالم الرومانسية العذبة. عالم جبران خليل جبران، آلام فرتر للشاعر الألماني غوته، تحت ظلال الزيزفون، العبرات، النظرات للمنفلوطي. روايات محمد عبد الحليم عبد الله، المازني، احسان عبد القدّوس، يوسف السباعي، محمود تيمور، محمد حسين هيكل، طه حسين وآخرون لا يّتسع المجال لذكرهم هنا.
في مطالع الخمسينات كان المناخ السياسي في سوريا مضطربا، موّارا باتجاهات وأفكار وتنظيمات وانقلابات. اضطراب ما بعد الاستقلال. كما بدت الحياة السياسية آنذاك غارقة في الفوضى والاضطراب بعد الهزيمة العسكرية في فلسطين، وبداية تأسيس المشروع الصهيوني، ونشوء الكيان الإسرائيلي.
في هذا المناخ المضطرب، حيث الديكتاتورية العسكرية للشيشكلي كانت المهيمنة على البلاد، اختار الأديب والروائي حيدر حيدر التيّار العروبي-الوحدوي وانخرط فيه مقاوما للديكتاتورية، مع بقية رفاقه وزملائه من الطلاب، إلى جانب العمل الدراسي في المعهد.
في تلك الحقبة كانت البلاد في حالة غليان وسخط، عبّرت عنها المظاهرات والاضرابات الطلابية والشعبية المعادية للسلطة العسكرية، عدوّة الحرية والديمقراطية.
بعد التخرّج من المعهد وممارسة التدريس لعقد من الزمن، انتقل حيدر حيدر إلى دمشق العاصمة، حيث المناخ الأدبي متوافر من خلال وجود الكتّاب والمثقفين والحركة الثقافية النشطة.
في دمشق بدأ ينشر قصصاً في الدوريات اليومية والشهرية، وكانت مجلة الآداب اللبنانية أبرز المنابر التي كتب فيها قصصه الأولى، التي صدرت في مجموعة حكايا النورس المهاجر في العام 1968.
بعد تأسيس اتّحاد الكتّاب العرب في دمشق في العام 1968، وكان أحد مؤسّسيه وعضوا في مكتبه التنفيذي، نشر حيدر حيدر مجموعة الومض في العام 1970 بين مجموعة من الكتب كانت أولى اصدارات الاتّحاد. في العام 1970 يغادر دمشق إلى الجزائر ليشارك في ثورة التعريب أو الثورة الثقافية كما يسمّيها الجزائريون، مدرّسا في مدينة عنّاية، في الوقت الذي كان يواصل فيه الكتابة والنشر في الدوريّات العربية.
عن تجربته في دمشق خلال سبعة أعوام، وانخراطه في المناخ الثقافي والسياسي، كتب روايته الأولى الطويلة الزمن الموحش. صدرت عن دار العودة في لبنان في العام 1973.
في العام 1974 يعود من الجزائر إلى دمشق. يستقيل من التعليم ويهاجر إلى لبنان. يعمل ردحا من الزمن في إحدى دور النشر مراجعا ومصحّحا لغويّا.
تصدر له مجموعة الفيضان القصصيّة عن اتّحاد الكتّاب الفلسطينيين في العام 1975 من بغداد، وفي العام 1982 يعاد طبعها مع التموّجات في بيروت عن المؤسّسة العربية للدراسات والنشر.
مع بداية الحرب اللبنانية يلتحق حيدر حيدر بالمقاومة الفلسطينية في اطار الاعلام الفلسطيني الموحّد واتّحاد الكتّاب الفلسطينيين في بيروت.
نذر الحرب اللبنانية كانت تلوح في الأفق. حادثة الباص في عين الرمّانة في 13 نيسان 1975 فجّرت صاعق الحرب. ما تلا ذلك من مجريات الحرب وجنونها ووحشيّتها، متوّجا بالاجتياح الإسرائيلي في العام 1982، قوّض لبنان وهشّمه فتحوّل إلى حطام.
هذه الأحداث الدامية عاشها الأديب حيدر حيدر، وكان في قلب حجمها حتى ما بعد خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت.
يكتب في مقدّمة كتابه أوراق المنفى وهو شهادات عن أحوال زماننا: في فسحة السلام والحرب، فسحة الحياة والموت، كان عليّ أن أواصل سيرة الحياة وسيرة الكتابة. بالكتابة ربّما كنت أتوازن وأنا أترنّح، مولّدا من الكلمات هرمونات مضادّة للموت والجنون وضراوة الحنين إلى المنفى. لقد أتى زمن النار وزمن القتل: زمن الهول. نسير في الخطر، وننام في فراش الخطر، ونكتب في جفن الردى والردى حيّ لا يموت.
في زمن الحرب صدرت له التموّجات والوعول، وأعيد نشر رواية الزمن الموحش ورواية الفهد بعد فصلها عن مجموعة حكايا النورس المهاجر، وأعيد طباعة حكايا النورس والومض ثانية عن دار الحقائق في بيروت.
في أوائل الثمانينات يغادر الأديب حيدر حيدر بيروت إلى قبرص ليعمل في مجلة الموقف العربي الأسبوعيّة، مسؤولا عن القسم الثقافي فيها. لكن رحلة قبرص كانت قصيرة لم تتجاوز العامين، يعود بعدها ثانية إلى لبنان.
في هذا المناخ من ظروف الحرب والسفر، كان يكتب روايته الطويلة وليمة لأعشاب البحر مواصلا العمل فيها على مدى عشر سنوات.
بعد رحيل المقاومة الفلسطينية عن بيروت في العام 1982، اثر الاجتياح الإسرائيلي، يعود إلى قبرص ثانية مسؤولا عن القسم الثقافي في مجلة صوت البلاد الفلسطينية. وفي العام 1984 تصدر له رواية وليمة لأعشاب البحر بطبعتها الأولى في قبرص.
في العام 1985 يعود إلى سوريا، حيث يعيش الآن في قريته حصين البحر، متفرّغا للعمل الثقافي في مجال الكتابة والقراءة وترميم ما تبقى من خراب الزمن المضطرب.
بعد عودته إلى وطنه، إثر غياب حوالي أربعة عشر عاماً، صدرت له كتب جديدة هي: أوراق المنفى مقالات وشهادات. مرايا النار رواية غسق الآلهة مجموعة قصص شموس الغجر رواية. كما أعيدت طباعة كتبه في بيروت ودمشق.
ترجمت له قصص إلى اللغات الأجنبية: الألمانية، الإنكليزية، الفرنسية، الإيطالية والنرويجية. كما يجري العمل في ترجمة روايته مرايا النار إلى اللغة الإسبانية.
انجزت في كتبه رسائل جامعية عربية للدراسات العليا والماجستير في أكثر من بلد عربي: المغرب، تونس، الأردن، مصر وسوريا.
مؤلفاته ..
– حكايا النورس المهاجر (قصص) الطبعة الأولى: 1968 وزارة الثقافة السورية-دمشق. الطبعة الثانية: 1977 دار الحقائق-بيروت. الطبعة الثالثة: 1999 دار ورد-دمشق أخرجت كفيلم عام 1972 ونال عدّة جوائز منها جائزة مهرجان لوكارنو، مهرجان كارلو فيفاري، مهرجان دمشق للسينما الجديدة.
– الفهد (رواية) الطبعة الأولى: 1968 وزارة الثقافة السورية-دمشق. الطبعة الثانية: 1977 دار ابن رشد-بيروت. الطبعة الثالثة: 1978 دار ابن رشد-بيروت. الطبعة الرابعة: 1991 دار الحصاد-دمشق.
– الومض (قصص) الطبعة الأولى: 1970 اتحاد الكتاب العرب-دمشق. الطبعة الثانية: 1977 دار الحقائق-بيروت. الطبعة الثالثة: 1999 دار ورد-دمشق. – الزمن الموحش (رواية) الطبعة الأولى: 1973 دار العودة-بيروت. الطبعة الثانية: 1979 المؤسّسة العربية للدراسات والنشر-بيروت. الطبعة الثالثة: 1991 دار أمواج-بيروت.
– الفيضان (قصص) الطبعة الأولى: 1975 اتحاد الكتاب الفلسطينيين-بغداد. الطبعة الثانية: 1982 المؤسّسة العربيّة للدراسات والنشر-بيروت. الطبعة الثالثة: 1986 دار الحوار-اللاذقية-سوريا.
– كبوتشي (سيرة حياة ونضال كبوتشي) الطبعة الأولى: 1978 دار ابن رشد-بيروت.
– الوعول (قصص) الطبعة الأولى: 1978 دار ابن رشد-بيروت. الطبعة الثانية: 1989 دار الحصاد-دمشق.
– التموّجات (قصتان) الطبعة الأولى: 1982 المؤسّسة العربيّة للدراسات والنشر-بيروت. الطبعة الثانية: 1986 دار الحوار-اللاذقية-سوريا.
– وليمة لأعشاب البحر نشيد الموت (رواية) الطبعة الأولى: 1984 قبرص-الناشر: حيدر حيدر. الطبعة الثانية: 1988 دار أمواج-بيروت. الطبعة الثالثة والرابعة: 1992 دار أمواج-بيروت. الطبعة الخامسة والسادسة: 1997 دار ورد-دمشق.
– مرايا النار فصل الختام (رواية) الطبعة الأولى: 1992 دار أمواج-بيروت. الطبعة الثانية: 1995 دار بترا-دمشق. الطبعة الثالثة: 1998 دار ورد-دمشق. – أوراق المنفى شهادات عن أحوال زماننا (وثائق). الطبعة الأولى: 1993 دار أمواج-بيروت.
يضمّ العديد من المقالات التي نشرها في مجلات أدبيّة مختلفة (1987-1974).
– غسق الآلهة (قصص) الطبعة الأولى: 1995 دار أمواج-بيروت. الطبعة الثانية: 1995 دار بترا-دمشق. الطبعةالثالثة: 1996 دار ورد-دمشق.
– شموس الغجر (رواية) الطبعة الأولى: 1997 دار ورد-دمشق. الطبعة الثانية: 1998 دار ورد-دمشق.