جميع الصور بعدسة المصور : عبدالله الجزائري – حصرياً فن التصوير
مراسل : مجلة فن التصوير بالعراق
المكان : مرقد الصحابي زيد بن صوحان
– الزمان: الجمعة – 23- 2- 2018م
تحقيق المصور – عبدالله الجزائري
حملتْ صفحات كتب التأريخ العديد من الأسماء المهمَّة، التي استطاعتْ أنْ تُغيِّر مسار بعض الأحداث، بمواقفها الإنسانيَّة النبيلة، وإيمانها الصادق، تاركة وراءها عبق الوفاء والولاء؛ ليكون سبباً في خلودها، ومنهجاً واضحاً بعدها. واعتزازاً بأولئك العظام، وما كان منهم من مواقف مُشرِّفة في نُصرة أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وتخليداً لتلك المقامات الشامخات، عمل شيعة أهل البيت ومحبيهم على جعل قبورهم مزارات يتبرَّكون بها ومنارات هدى يُستدل بها على الحق والحقيقة، ومن بين أولئك الأبرار (زيد بن صوحان العبدي)، الذي قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من سرَّه أنْ ينظُر إلى من يسبقه بعض أعضائه إلى الجنة فلينظُر إلى زيد بن صوحان»، وقد تحقق قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما قُطعتْ يد زيد في معركة جلولاء، وكان هذا الحديث من مبشِّرات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بدخول زيد بن صوحان الجنة. أمّا اسمه ونسبه، فهو زيد بن صوحان بن حجر بن الحارث بن الهجرس بن صبرة بن حدرجان ابن عساس بن ليث بن حداد بن ظالم بن ذهل بن عجل بن عمرو ابن وديعة بن أفصى بن عبد القيس ابن ربيعة، وقد كنَّى نفسه بـ(أبي سلمان)؛ لفرط حُبِّه للصحابي سلمان المحمدي، كما جاء في كتاب أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين، أمّا أخواه فهما: سيحان بن صوحان، وكان صحابياً صدوقاً، وفارساً صنديداً، شارك في حرب الناكثين حاملاً راية قومه عبد القيس، فنال السعادة بشرف الشهادة على يد الخارجين على إمام زمانهم، ويُقال إنَّه دُفن مع أخيه زيد في قبرٍ واحد كما جاء في طبقات ابن سعد، وأخوه الآخر هو صعصعة ابن صوحان، وكان ممَّن عَرف أمير المؤمنين (عليه السلام) حقَّ معرفته وهذا ما شهد به الإمام الصادق (عليه السلام) حين قال: «ما كان مع أمير المؤمنين (عليه السلام) من يعرف حقَّه إلَّا صعصعة وأصحابه»، وله مسجد في الكوفة، وقبره الشريف في البحرين. كان قبر زيد بن صوحان – إلى زمن قريب جداً – مجرَّد غرفة تتكون من أربعة جدران، تعلوها قُبَّة صغيرة في منطقة غير مأهولة بالسكان تُسمى (كوت الزين)، وفي بداية عام 2013م، تمتْ إزالة البناء القديم والشُروع ببناء المرقد الشريف، وقد بُني على ضريحه مسجدٌ كبيرٌ تتوسطه قُبَّة زرقاء، نُقش عليها عدد من أسماء الله الحُسنى، وأسماء المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام)، وعلى جانبيه مأذنتان عاليتان، طُرّزتا بنقوش إسلاميَّة جميلة، وقد أُحيط المرقد بباحة كبيرة تَسَعُ العديد من الزائرين القاصدين مرقده الشريف، وقد تَمَّ افتتاحه عام 2014م، فأُعطي صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام) – زيد ابن صوحان – النزر اليسير مما يستحقُّه من الاهتمام، فأصبح مرقده الشريف مزاراً تهوي إليه قلوب المؤمنين، مرتويةً من نهر ولائه الصافي لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). وقد وصفه أخوه صعصعة حينما طلب منه عبد الله بن عبَّاس أن يصف له أخاه زيداً، فقال: «كان واللّه يا ابن عباس عظيم المروءة، شريف الأخوة، ذاكراً الله طرفَي النهار وزُلَفاً من الليل، الجوع والشبع عنده سيَّان، لا يُنافس في الدنيا، يهرب منه الدُّعَّار الأشرار، ويألفه الأحرار الأخيار». عدَّه الشيخ الطوسي في رجاله من الأبدال وهم قوم من الصالحين لا تخلو الأرض منهم إذا مات واحدٌ أبدل الله مكانه آخر. وقد كانتْ له مواقف مُشرِّفة بان فيها معدنه الأصيل، وإيمانه الحقيقي، فقُبيل معركة الجمل كتبتْ له عائشة كتاباً جاء فيه: «من عائشة ابنة أبي بكر إلى ابنها الخالص زيد بن صوحان أمّا بعد، فإذا أتاك كتابي هذا فأقدم فانصرنا على أمرنا هذا، فإن لم تفعل، فخذِّل الناس عن علي»، فكتب إليها: «من زيد بن صوحان إلى عائشة ابنة أبي بكر أمّا بعد، فأنا ابنك الخالص إن اعتزلتِ هذا الأمر ورجعتِ إلى بيتك وإلَّا فأنا أوَّل من نابذك»، وفي موقف آخر له، كان زيد بن صوحان يستنهض أهل الكوفة، وكان والي الكوفة أبو موسى الأشعري يُثبِّط الناس عن نُصرة الإمام علي (عليه السلام)، فقام إليه زيد بن صوحان، وقال له: «دع عنك ما لستَ تدركه»، ثُمَّ قرأ زيد قوله تعالى: ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾ ثُمَّ نادى: «سيروا إلى أمير المؤمنين، وصراط سيد المرسلين، وانفروا إليه أجمعين، تصيبوا الحق راشدين».