المصور العراقي الدكتور حسن شبوط Hasan Shaboot ..
- الغيوم عادت الريح تداعبها وتذبل أجفانها النعسى لتسليها..نبضت ساعة الحائط نبضتها قبيل موعد الرحيل..يسير المارة بصمت ..لاتسمع الظلمة سوى هسيس أحذيتهم المطاطية والجلدية..أضواء اللدات والشموع والقناديل تصفي على المكان شاعرية فنية..وجوه المارة يهطل منها العرق الغزير المحمل بماء المطر ..فارس الضوء يتأهب لإفراغ حمولته من الكاميرات والعدسات والمعدات التي كانت رفيقة دربه في صيد فوتوغرافي شبه يومي..غابت كوقت ضائع بعض أيامه..لغة ضوئية حرون لاتطاوعني لنشهر عشقنا تحت الحصاد لأعمال فنان قدم بصمته التشكيلية والضوئية بتكوين بصري وإبداع في فن الفاين آرت ..كيف لا وقد رضع لبن الفن منذ نعومة أظفاره في بيت الأصالة والفنون..فهلموا نفرش الطرقات بالفل والياسمين الشامي لنرحب بالدكتور الفنان المصور حسن شبوط ..
- لابد من أن ننساق إلى التاريخ ومعه لنتعرف على مسيرة الفنان حسن شبوط..ولأن الثقافة تحمل تاريخ وعي ودرجة فقه المعرفة الفنية والبصرية ومدى تجسيدهما سلوكاً وعملاً على المستوى الفردي والمجتمعي والعالمي وعلى المستوى الإنساني في التفاعل والتعامل والتحضير وفي بعض مفارق الطرق تطرح أسئلة ونستنتج أجوبة من خلال الأعمال الفنية للفنان ..المختلطة بالكيفية التي ننظر بها إلى أولئك الذين سجلوا مرحلة ثقافتنا العربية ..التي ترفع أمام أجيالنا وفي وجه ثقافتنا مشكلة حين نتعمق في تأمل الماضي ونستقريء التاريخ ونطرح أسئلة أو نواجه أسئلة مطروحة..فمتى تحل تلك المشكلة الفنية ويؤرخ لثفافتنا عربياً وموضعياً..دارسين مقوماتها ومراحلها ومعطياتها البصرية وتفاعلاتها مع الثقافات الأخرى بوعي ومسؤولية وإتفاق لكي يصبح تواصل فعال بين عناصر شخصيتنا الثقافية البصرية الفنية ..وليصبح هناك تواصل فعال أيضاً بين عناصر شخصيتنا الفنية الضوئية وهويتنا من عادات وتقاليد ومقومات وجودنا الحيوي في إطار وعي معرفي محكم وثقافة بصرية متقدمة..
- ولكن لابد من الولوج ومعرفة ماهو فن ( الفاين آرت Fine-art photography )..عند المصور حسن شبوط .. فهو ليس لعمل صور سهلة .. بل لصنع الاعلانات المعقدة في مجال تصوير الاعلانات وايضاً لصنع صورة الهامية مميزة وقوية بفكرتها قبل طريقة تنفيذها ..لان مثل ما شاهدنا ان التنفيذ كان سهلا. . كذلك لا يجوز مقارنة تصوير الطبيعة او اللاند سكيب او الاشخاص بالفاين ارت فهما نوعان مختلفان من التطبيق ..وقد فضل الكثير من المصورين التصوير مرة واحد كل سنة او مرتين لينتج منها العشرات من الصور وهو في المنزل من خلال برانامج التعديل الشهير كالفوتوشوب أو غيره..وهذا ما أثبت وجوده ونفسه الفنان حسن شبوط كفنان لايشق له غبار في العراق..
- والدكتور حسن شبوط المولود بالنجف الأشرف بالكوفة المدينة العراقية التابعة لمحافظة النجف بمنطقة الفرات الأوسط جنوب العاصمة بغداد، وتبعد عنها بنحو 156 كم و10 كم شمال شرق النجف. ويقدر عدد سكانها بحوالي 230 الف نسمة حسب تقديرات عام 2014م..وقد كانت المدينة عاصمة للخلافة الإسلامية زمن خلافة الإمام علي بن أبي طالب والمركز الرئيسي لوجود الكثير من العلماء المسلمين ..بحيث تقع المدينة على الضفة اليمنى لنهر الفرات الأوسط ( شط الهندية القديم ) شرق مدينة النجف بنحو 10 كم وغرب العاصمة بغداد بنحو 156 كم. وترتفع المدينة عن سطح البحر بنحو 22 م ويحدها من الشمال مدينة الكفل ( محافظة بابل ) ومن الشرق ناحية السنية وناحية الصلاحية ( محافظة الديوانية ) ومن الغرب كري سعد ، ومن الجنوب قضاء ابي صخير ، وناحية الحيرة. وأما مدينة النجف أو النّجف الأشرف إحدى أبرز المدن العراقية ومركز محافظة النجف، تقع إلى الجنوب الغربي للعاصمة بغداد..و يبلغ عدد سكانها 1,221,248 نسمة حسب احصائيات 2011م..و تعتبر المدينة الخامسة من حيث عدد السكان وأيضا أحد المدن المهمة في العراق لوجود مرقد الإمام علي ابن ابي طالب أول الائمة عند الشيعة ورابع الخلفاء الراشدين عند السنة ومركزاً للحوزة العلمية الشيعية في العراق، يرجع تاريخ المدينة إلى العصر الجاهلي حيث كانت مركزاً للأديرة المسيحية وبعد ذلك اصبحت عاصمة الدولة الإسلامية و كانت المدينة تابعة للكوفة، التي يرجع اصل تسميتها إلى المنجوف أي المكان الذي لايصل اليه المياه وللمدينة قدسية عنده المسلمين وخاصة الشيعة كونها مرقد أول الائمة علي ابن أبي طالب ويوجد فيها مسجدا الكوفة والسهلة، يوجد في المدينة عدة معالم تاريخية واغلبها معالم إسلامية، ولا ننسى بأنها اختيرت النجف لتكون عاصمة الثقافة الإسلامية للعام 2012 م..
- كانت أعمال الفنان حسن شبوط ..لاتشير إلى إنتمائه لأي مدرسة فنية ..غير أنها أميل إلى الألوان القاتمة والمعتمة وفي لوحاته الملونة تتوازن العتمة مع الضوء..وتتوازن الألوان الباردة مع الألوان الحارة..الساخنة ..أما في لوحاته وكوادره باللون الأحادي وتدرجات الرمادي بين اللون الأبيض والأسود..فإن الأسود يتوازن مع الأبيض ولكن الأبيض يبدو أكثر سطوعاً في مواجهة الأسود الحالك..الذي ينتشر في خطوط مائلة عمودية أو أفقية أو يتجمع في كتلة واحدة لتروي لنا الحكاية البصرية المعزوفة بكنشرتو الضوء على سلم التدرجات الرمادية ..حيث كان الضوء كبير والعتمة أو الظلمة كبيرة ..الموت كبير والحياة كبيرة..الفرح عميق والحزن والألم عميق..والسعادة لاحدود لها والأمل مزروع في الطرقات لينبت شتلات محبة لأطفال المستقبل..وكان الفنان حسن شبوط يقدم لنا قصيدة شعر ضوئية من شعر اليابان شعر الهايكو..حيث تلتقي الأضداد في كوادرة ولوحاته ذات اللون الأحادي حيث إختصر لنا الزمان والمكان بلغة بصرية بسيطة عبر فيها عن معاناة الناس البسطاء والمقهورين والمعذبين بلغة الأضداد بين الين واليان..بين الأسود والأبيض بين الموجب والسالب..
- ونصل محطتنا الأخيرة في قطار الإبداع عند المصور والرسام حسن شبوط الذي أتحفنا وأمتعنا بوجبة دسمة من الأعمال الفنية الضوئية التي تنم عن فنان متميز بتقنية وحرفية عالية و يحمل في طياته وتحت جنباته إرثاً حضارياً من بلاد الرافدين وما بين النهرين ..أهلته ليقود المشاهد والمتلقي لأعماله لى كنوز معرفية بصرية ستظل رايتها خفاقة فوق ذرى وروابي الفن الضوئي لتكون عبرة ومنارة هداية لكل طلبة العلم والفن البصري من هواة ومحترفين في العراق وبالعالم..ولا يسعنا إلا أن نقدم للفنان حسن شبوط كل الشكر والتقدير لما قدمه ويقدمه لنصرة الفن الفوتوغرافي وعشاقة الكثر في العالم..
ـــــــــــــــــــــ ملحق مقالة الفنان الدكتور حسن شبوط ــــــــــــــــــــــــــــــــ
Hasan Shaboot
الاسم : حسن عبد علي شبوط
من مواليد 1977 في مدينة الكوفة / النجف
حصلت على شهادة الصيدلة من جامعة بغداد / كلية الصيدلة عام 2003م
بدأت بحبي وشغفي بالفن قبل ان اتعلم القراءة والكتابة. قبل ان ادخل المدرسة. فقد تأثرت كثيرا بأخي الأكبر (السيدكريم) وبرسماته الجميلة حيث كان يعلمني مسكة قلم الرصاص ويدربني على الرسم وعرفت حينها ان الله قد رزقنا موهبة الرسم.
من هنا بداء الصراع. صراع مستمر في قلبي بين الفن والدراسة ….. حيث ان روحي تهوى الرسم باستمرار بينما عقلي ومن حولي يوجهونني للاهتمام بالدراسة بشكل مستمر
استمر الحال هكذا ……. الى ان دخلت كلية الصيدلة. وانتقلت للعيش في العاصمة بغداد للدراسة ..
هناك اتحد عشقي للفن مع واجبي الدراسي .. حيث تفتحت امامي طرق أخرى لإظهار الفن . في العاصمة كان يمكن تسويق الفن . في تلك الحقبة القاسية اقتصاديا (وجود الحصار على العراق) وصعوبة المعيشة ومصاريف الجامعة … بدأت برسم اللوحات الزيتية وبيعيها على معارض (شارع الكرادة) في العاصمة لسد بعض مصاريف الجامعة وبنفس الوقت الاستمتاع بفن الرسم.
في نفس الفترة أحببت فن التصوير. فتجدني بين فترة وأخرى استخدم كاميرة ( زينت ) التي تخص عائلتي لأصور بعض من حياتي واصدقائي . لم يكن تصويرا ناجحا تماما ولم يكن بهدف التصوير الفني كان فقط حب في التصوير وتوثيقا للحظاتنا السعيدة.
استمر شغفي في التصوير وتقنياته. بعد التخرج مباشرة اشتريت اول كاميرة رقمية لي عام 2004م وكنت منبهرا فيها ( كامرةميركري 3.1 ميكا بكسل ) . انبهاري بشكل خاص بقدرة الكامرة على اظهار الصورة مباشرة لي بعد التقاطها وحرية القرار بمسحها او اخذ غيرها. انبهرت أيضا بقدرتها على تصوير الفيديو صوتا وصورة ! كان يملئني التعجب حيناستخدمها. كانت صندوقا من السحر بالنسبة لي . صورت بها كل شيء تقريبا (شارعنا , شقتنا , اثاثنا , ادواتنا , كل نخلة امر بها . كل غيمة يعجبني شكلها.) كنت اصور كل شيء وكأني اتملكه حين اصوره .
في هذه المرحلة دخلت مرحلة العمل المهني بالنسبة لشهادتي الأكاديمية وقد اخذت جل وقتي تقريبا.
لكني استمريت في حبي للفن الفوتوغرافي. وتطورت ادواتي حيث امتلكت كامرة سوني sony h7 ذات العدسة الثابتة والزووم البصري يصل الى 20 مرة . كنت اعتبرها من افضل الكاميرات حينها
بعدها تعرفت على عالمال DSLR والكاميرات متغيرة العدسات .. حينها تفتحت امامي أبواب جديدة في عالم التصوير الرقمي وكانت كاميرة الكانون 1000 دي بدايتي في هذا المشوار عام 2010
بعد الكثير من الاطلاع والقراءة. قررت تغيير الكامرة والاتجاه نحو كاميرات القطع الكامل full frame والعدسات الاحترافية
وما زالت كامرة النيكون دي 750 الرائعة هي كامرتي المفضلة مع مجموعة من العدسات الاحترافية ذات الفتحة الواسعة الثابتة والتي تتدرج من البعد البؤري الواسع 14 مم الى البعد البؤري المقرب 200 مم مقسمة على ثلاث عدسات.
قبل الدخول الى أنواع التصوير الفني التي ارغبها او التي اشتهرت بها . اعود على الصراع الذي استمر بين حبي للفن ومهمة الدراسة حيث وصل الصراع الى مفترق طرق في نهاية عام 2014 . حيث انه لا بد من اختيار احد الطريقين : الأول هو استمراري في الدراسات العليا في علم الادوية وهذا الاختيار سيبعدني تماما عن أي هواية
والطريق الثاني كان الغاء فكرة اكمال الدراسات العليا والتوجه بشكل كامل لتطوير هوايتي.
هنا في هذه اللحظة الفاصلة. ولأول مرة في حياتي. فضلت الاستمرار في غور أعماق الفن على مهمة اكمال الدراسة. ولست نادما على هذا القرار لأنه قرار من أعماق القلب.
بالنسبة لأنواع التصوير التي دخلت فيها والفلسفة التي تقف ورائها.
انا على قناعة بان أي فنان فوتوغرافي عليه ان يجرب كافة أنواع التصوير وان يتقنها بشكل أساسي ثم التوجه نحو ما يحب من أنواع التصوير وضد فكرة ان يكون الفوتوغرافي مختص منذ البداية
فالفن الفوتوغرافي يختلف عن (مهنةالتصوير)
انا اعتبر نفسي من نوع (الفاين ارت فوتوغرافي) او الباحث عن الصورة الجميلة باي نوع كانت. فالباحث عن الجمال سيراه في كل شيء.
بدأت مشواري الفني بتصوير ما يمكن ان يكون فنيا في المنزل. واكيد بدأت في عالم الازهار وتكويناتها. ثم تصوير بعض معالم مدينتي
لكن بعد اتقاني لتقنيات التعديل الرقمي توجهت بشكل لا ارادي لإنتاج صورة الفاين ارت عن طريق الصور المركبة حيث استطعت ترجمة الكثير الكثير من افكاري بهذه الطريقة. بل حتى استخدمت معرفتي البسيطة ببرامج التصاميم ثلاثية الابعاد لإنتاج بيئة مشابهه لمكان التصوير بتغيير المكان نفسه والإبقاء على نفس نوعية الضوء والظلال
كانت تجربة شيقة وقد اشتهرت الكثير من اعمالي على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الفوتوغرافية مثل موقع 500pxالعالمي وموقع youpic العالمي
احدى ثمرات هذه التجربة التي حصدتها هي المعرفة الإضافية في فن التكوين البصري. حيث مكنتني من استخدام تكويان مختلفة عند تصويري لمواضيع جديدة. خاصة برحلتي الأخيرة الى سلطنة عمان.
الان انا مبتعد عن انتاج الصورة المركبة ومتجه نحو انتاج معرض صور متكامل بتكوينات متفردة بتعديلات أساسية وبسيطة جدا حيث اعتمد على ما احصل عليه من الكامرة مباشرة.
تخللت رحلتي الكثير من اللقاء المحاضرات والندوات والكثير من الجوائز وشهادات التقدير والاشتراك في الكثير من المعارض والمجلات داخل العراق وخارجه
من المحاضرات التي القيتها (محاضرة عن التكوين الفني في الصورة الفوتوغرافية – محاضرة عن طرق النقد الفوتوغرافي – بحث عن أفضل الطرق للتحكيم على الصور الفوتوغرافية – محاضرة عن مبادئ التصوير بالأبيض والأسود – محاضرة عن مبادئ تصوير البورتريه – محاضرة عن اساسيات التعريض الضوئي – بحث عن الفوتوغراف كفن معاصر) وغيرها.
الأبيض والأسود هو أقرب أنواع التصوير الى قلبي حيث اتمكن من حصر الصراع بين الظل والضوء وما بينهما من رماديات بعديا عن ضوضاء وصخب الألوان.
ما زلت في بداية طريقي في كون هذا الفن الجميل
مع فائق تحياتي وتقدري
المصور: الدكتور حسن شبوط
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ