الفنان السوري النحات نبيه الحسن ..
رؤية بانورامية للمصور الضوئي والمربى والنحات الذي طوع و تحدى الخشب ..
بقلم المصور : فريد ظفور
- بعد أن لملّم فتات نشارة الخشب ..سبك إبداعه بقصيدة ومعزوفة فنية بصرية ..ثم ضم منحوتته النابتة من تراب الأرض..كقماط حفيده الطفل الصغير الذي يبحث عن الدفء في منزل يتشح بالتميز والفن ….مضرج بصباحات الغار والجوري والياسمين وشقائق النعمان..وأرواحهم المبدعة الشامخة منابر نور فوق جبين الأرض ..فوراء كل أمل في وطنه سورية وخلف كل إبتسامة طفل ..فنان يتألق تحت الشمس ..فتعالو نتعرف على مربي الأجيال الفنان النحات والمصور..
- الأستاذ نبيه الحسن..أبا مهيار..
- كم هو ساحر عالمه الجميل ..ومحترفه المتفرد القابع في أركان غرف منزله المزدانه بمنحوتاته الخشبية وبيعض الصور الضوئية..ذلك العالم المعتق بسحر تألق وإبداعه مثلما هو عالم الجوكندا وفينوس وكل ربات العشق الإلهي ..حيث خيوله المبدعة الجامحة بصهيلها المجلجل ..تسابق الضوء والريح والغيوم..قيثارة فنه تطربنا بأنينها وعذاباتها ويحاول متحدياً الصمت ..سارحاً بملكوت سماء الفن يبحث عن الحقيقة المخبأة بأعماق منحوتة شكلتها يده المبدعة بتكوين وهندسة فوق تصور الخيال ..يجعلها تنطق بكل اللغات وحتى بلغة الضاد ..كيف لا ..وهو غواص فني متمرس بتجريد الأشكال وخلق من لاشيء أشكال وأشياء تتحول إلى تحفة فنية ودرة نادرة وكأنها ومضة مستحيل ..تحولت من حلم في خياله وفكره إلى واقع وشكل فني وكأنه مصباح علاء الدين الذي تحرر من سجنه مارد الإبداع ليوقظ شعاع الشمس وفتيل البرق الخاطف..لتذوب أغصان الشجر في شفق اليدين والعينين الساحرتين بحيث تتمايل تكويناته بغنج عابق بالمسك والعنبر والسحر والمرمر..فيا أيها الآسر الجميل أسكرتنا بتماثيلك ومنحوتاتك وجعلتنا نتمايل ثملين من سحر عشق خمرة دنك الفني المميز والمعتق منذ عدة عقود من الزمن..وسيكون من السخف بمكان بأن نعظم منحوته الشخص دون أن نعرف مغزاها..فنحن المتلقين أو المشاهدين لأعمال الفنان نبيه الحسن نفرح بعيوننا على الأقل ونضحك بقلوبنا..لأن العمل الإبداعي يعرفنا بمعنى الحكمة وننزل ونهبط بمستوى العبقرية إلى مستوى التعقل البدائي..لأن التعبير فيها لايمثل لعب عضلات بل يمثل إرتعاشاً روحياً ..حيث الإنتعاش بمتع الحياة الفنية الراقية..لأن التحرر الداخلي للفنان لا يتم إلا بعد درب المعاناة الطويل..لأن نهاية مأساوية الإنسان ليست الفناء بل التحرر..وبذلك تستودعنا أعماله وتكشف لنا عن عبقري وصل زمن الأفوال إلى حكمة درب معاناته الطويل..ولعل معظم العباقرة مرتبطين بهوسهم الإبداعي ومتوحدين ومحبين للإنسانية ووحدهم من قاد الإنسانية إلى مرتبة كشف الذات التام والحب قد بلع أوجه بالكمال وبإنكار الذات والإستغراق..لأن الملوك الأرضيين ينعزلون ليحافظوا على إسطورتهم وملوك الروح يقاسمون البشر آلامهم ويعرضون عليهم صداقتهم البريئة المخلصة..وهكذا كان النحات نبيه يحاول بعض الأحيان كبخ جماح إبداعه ويؤمن له بعض من حياة شبه مستقرة في كنف بيته وسط أسرته الفنية ليتقدم في مدراج الفن التشكيلي والضوئي….
- رغم مرور أكثر من أربعين عاما على العطاء الفني للمبدع النحات نبيه الحسن..إلا أنه حقق تقدماً ملموساً في مدينة ابن الوليد حمص..وواكب الحركات الفنية والتشكيلية المماثلة في سورية والدول الأخرى..وبلا شك كانت بداياته المتواضعة أثناء سنواته الأولى من التدريس التي تعد بمثابة اللبنات الأولى لتوجهه نحو النحت..وقد أضحى الآن علامة بارزة ومضيئة في مجال النحت السوري..والمتتبع لمسيرته الفنية التشكيلية من تدريس مادة الرسم بالمدارس الإعداية والثانوية وحتى إحترافه الفن عامة والنحت والتصوير خاصة..يلمس مدى التطور الذي خققه الفنان نبيه الحسن..فغدت منحوتاته ولوحاته وصوره الضوئية تنطق بالصدق والبساطة في التعبير ونقاء الألوان وتناسقها..وتجانس كتله المنحوته وتوازنها الهندسي..لذلك تناولته الصحف ووسائل الإعلام في الميديا والسوشيل ميديا..وحقق قفزات فنية بصرية رائعة ونال العديد من شهادات التقدير والجوائز.. وأقام وشارك بالكثير من المعارض الفردية والجماعية..وتعد لوحاته إضافة جديدة إلى الحركة الفوتوغرافية ..كما تحلق منحوتاته في الشكل والمضمون لتدخل مع الفنون المرئية البصرية إلى أجواء التأمل الداخلي والنظرة الصوفية سابراً أغوار الطبيعة كاشفاً أسرارها..كما تساعدنا أعماله المنجزة على إدراك مراميها حين تحدثنا بلغتها الصامتة ..لغة التكوين والتشكيل واللون والملمس والتدرج الرمادي ..وتعتبر منحوتاته طليعية فهي لاتصدر موضوعات خارج ذات الفنان وإنما تصور مشاعر وأحاسيس تكمن في صدره ووجدانه كما تكمن الأنغام في الأوتار..ولا يكاد يلمسها العازف بموهبته السحرية حتى تغمر نفوسنا بالشجن..كذلك تجذبنا تشكيلاته النحتية إلى دنيا الماوراء دنيا الأحلام مزيحة الستار عن حقائق كنا عنها غافلين..
- وندلف للقول بأن ماحققه الفنان نبيه الحسن على صعيد التكوين والتشكيل والأداء الجميل لمنحوتاته التي تكون بداية خشبة من جذع شجرة ..ثم ماتلبث أن تتحول إلى قطعة فنية تخرجت من مدرسة إبداع وأيدي الفنان نبيه الحسن..ويعود له الفضل الكبير لتخرج العديد من المواهب الفنية التي شقت طريقها نحو عالم الإبداع والتمييز ..لذلك وجب علينا إحترام وتقدير إبداعه الفني الذي سيبقى منارة لعشاق فن النحت والحفر على الخشب وأيضاً ماساهم به في عالم التصوير الضوئي..
ــــــــــــــــــــــــــ ملحق مقالة الفنان النحات نبيه الحسن ـــــــــــــــــــــــ
نبيه الحسن – ادونيس معلم اول صورة معه 1990 قصابين