الفنان العالمي السوري فاخر القدسي Fakher Alkoudsi ..
تشكيلي ومصور ضوئي عملاقٌ في بلاد عجائب العالم الرقمي…
بقلم : فريد ظفور
- الشتاء ببرده وببرقه يتوعد..تتلألأ الكاميرات والفلاشات في يديه..هذه الظروف ولادة فجرت رحماً وزف الموعد..ويزحف صمت الغربة وينشر جذوره وصوته في الأحشاء والسماء والماء وبكل الأرجاء..هل يردم بوابة النور بسخط العتمة..أو يغرق طوف الحب ويحرق طوف الرحمة..ليبوح الخمس ببشرى الشمس ..ليتزهو ألوان قوس قزح وتنتشر روائح المس والعنبر وتزدان الطرقات بالجوري والخزامى والفل ويعربش الياسمين الشامي على شرفات الأحياء القديمة ويقدم الليمون والنارنج أوراق إعتماده لسفير الضوء للفنان العالمي فاخر القدسي ..
- درس الفنان فاخر القدسي الفنون الجميله عام ١٩٨٤م في إيطاليا..ودرس التصوير الضوئي والإخراج وهندسة ديكور المسرح والسينما والنحت على المعدن و علم النفس في الفن والالوان والتاريخ الفني …فيعرفنا بأن للألوان فلسفـــتها الحقيقــــيـه حيث أن الألوان تؤثر في نفسيتنا فتبعث فينا النشاط أو الهدوء وتدفعنا إلى الاسترخاء أو العمل الجاد او الانفعال. اضافة لتأثيرها في حالتنا الجسدية إذ يمكن لأحادية اللون في المكان أن تسبب تعباً في البصر والرؤيا، ويعتبر الاهتمام بالألوان ظاهرة صحية، والشخص الذي يحب ويتابع تنسيق الألوان في منزله ومكتبه ومحيطه العملي أو الحياتي ، هو بلا شك إنسان يحمل الكثير من الحيوية والثقافة والتنظيم. وهو انعكاس طبيعي لثقافة عالية تتجلى بذوق و بطبيعة الإنسان ونفسيته. بعض الناس يتعامل معها بانطباع نفسي دون التمرس في القراءة أو المعرفة بماهية الألوان ومدلولاتها النفسية. وبعضهم لا يدرك ما هي الألوان الأساسية أو الألوان الثانوية، أو الألوان المتعاكسة أو المتضادة وما هي الألوان المتكاملة والمتضامنة، ..وكل انسان يفضل ويحبذ بعض الألوان وفي الوقت نفسه لا يحب او يرفض ألوانا اخرى. و هو يعود لتداخل الأسباب.. الفيزيولوجية، النفسية، الإجتماعية، الدينية، الرمزية، التذوقية.و ان لكل لون معنى نفسيا يتكون نتيجة لتأثيره الفيزيولوجي على الانسان. . فالألوان منها..مفرحة، مهدئة، مهيجة، محزنة، مشوشة، مقلقة، مؤملة، مخيبة ومها العوامل الاجتماعية : كالآداب، القوانين، التقاليد والعادات لها اثرها في اختيار وتفضيل اللون. فالسواد ليس لون الحداد والحزن عند كل الشعوب كما أن البياض ليس لون الفرح والسرور عند الجميع. والبيئة الجغرافية والأقليمية ايضا لها اثرها في اختيار الألون..و وظائف اللون تختلف بأختلاف الحضارات والمجموعات البشرية: فالأزرق اللون الغالب على رداء العذراء الخارجي يرمز الى النقاء والصفاء ويلمح الأحمر الى العاطفة البشرية والأنهماك الدنيوي ويمثل الأخضر الخصوبة وحالة الأمومة بينما يستعمل الذهبي كأرضية للصورة ليرمز الى ما هو مقدس وغال وعزيز ومتعال.علاوة على الذوق الفردي ودوره في تفضيل لون على لون. وهي حاملة ارث ثقافي من البنى الأسطورية الحضارية التي لها دلالات جمالية.ويعتبر اللون هو جزء مهم من الاشياء المرئية هو ما نراه عندما تقوم الملونات بتعديل الضوء فيزيائيا بحيث تراه العين البشرية وتسمى عملية الاستجابة ويترجم في الدماغ وتسمى عملية الاحساس التي يدرسها علم النفس.واللون له أثر فيزيولوجي ينتج في شبكية العين، حيث يمكن للخلايا المختصة فيها القيام بتحليل ثلاثي اللون للمشاهد، سواء كان اللون ناتجاً عن المادة الصباغية الملونة أو عن الضوء الملون.وأما معانٍ والوان : فهي ترتبط بالحالة الوجدانية, والقيم, والجماعات, و تكون متغيرة بين الثقافات. فمثلا ففي بعض الثقافات اللون الأحمر دافع للحركة, البرتقالي والأرجواني للحالة الروحية, الأصفر للابتهاج, الأخضر للراحة والدفء, الأزرق للاسترخاء, الأبيض يكون إما للنقاء أو الموت. والألـوان في كل مكان من حولنا في بيوتنا، ملابسنا، شوارعنا،سـياراتنا، صـحفنا، مجلاتنا، أفلامنا …كل شيء ملون، يؤثر ويتأثر بذوق الإنسان.و الالوان هي علم خاص له رمزه ومصطلحاته وتاريخه. وعلم الالوان اوسع من المعطيات الفنية او تناسق الالوان معها بل يمتد اثره الى الصحة البدنية والنفسية. .
- كل الذين تصادفهم ظروف صعبة لاسيما في الحروب والكوارث ..يكون أوستراد الهجرة والغربة والهروب والحصول فيزا وعلى الأمن والسلامة هو طريقهم الوحيد..إلا الفنان فاخر القدسي فقد حزم حقائبه وأمتعته وقام بالدوران العكسي والعودة للوطن وهذا موقف لعمري يسجل له..فبعد مايقارب الثمانية أعوام من عمر الأزمة السورية ..ينبغي علينا وقفة تأمل وتبصر وجردة وإعادة حساب سريع في دفتر شيكات عمرنا..فقد غادرنا الكثير وبقي آخرين ..وعلينا إسترجاع شريط ذكرياتنا ..فيها لحظات ما كان يتمنى ألا تمر معه..لحظة فاصلة بين موت وحياة وبين فرح وحزن وصمود وتضحية ومرض وعذاب وفقر وتشرد وجوع..وبين إستقرار وضياع وبين حب وكراهية الأخ لأخيه..والجار لجاره وجشع التجار في الأزمات عبر التاريخ الذي يشكل عبء آخر ..لحظات غيرت وجه تاريخنا السوري المعاصر وستلقي ظلالها على مستقبل الأطفال والبلاد ..وعلى الرغم من قسوة وصعوبة الحياة كانت هناك إرادة تحدي وصمود عند الفنان فاخر القدسي ولكنه أبى إلا أن يكون فاعلاً وله بصمة لزرع الأمل والعمل في نفوس الشباب والشابات مع لفيف من الزملاء ليكون شريكا مع الدكتور هيثم المغربي في ( روبينا ارت ) في دمشق و معهم المهندس : صديق عرنوق والانسة : لين جمران والصديق : محمد المغربي …وبذلك يحق لنا أن نتساءل عما قدمتوه في ( روبينا ارت ) وأيضاً ماقدمه زملاؤهم في المقاهي والمنتديات والأماكن التي كانت بديلاً عن المراكز الثقافية ودور العرض الخاصة والحكومية..فإلى أي مدى إستطاع النتاج الأدبي والفني الثقافي والإجتماعي أن يعبر عن المحنة التي عصفت بالشعب السوري ..من قصة وخاطرة ورواية وشعر وزجل ومسرح وسينما وفن تشكيلي ونحت وتصوير ضوئي وزيتي وأغنية وموسيقى..فلعلهم ساهموا في الوصول إلى صيغة تقترب من الواقع والحقيقة النسبية ليعيدوا ملامح المرحلة الجدية بأقل مايمكن من البكاء والنحيب والتذكير بالمواجع والإستعاضة عنها بأكثر ما يمكن من الإبداع والحب..وبالرغم من أن الطموح يطالب بالكثير وهذا لايقلل مما قدمه الشباب والشابات من إنتاج وإنما علينا أن نعمل على تعميمه وتطويره والثناء عليه ليعكس المحنة والأزمة ويعبر عنها فنياً وأدبياً ولا نهدف أيضاً إلى فتح الجرح والإستمتاع بنزفه وإنما أن نعمل على مداواة أنفسنا بعقلانية وموضوعية تتمثل بقبول الآخر والعيش المشترك وللملمة الشمل وإعادة اللحمة للوطن والمواطن متمثلة فيما نقوله ونكتبه ونقرأه ونسمعه ونشاهدة ونساهم فيه عبر الميديا والسوشيل ميديا عبر مواقع التواصل الإجتماعي كالفيس بوك وتويتير واليوتيوب وأنسغرام وغيرها المتواجدة على الشبكة العنكبوتية في العصر الرقمي عصر الديجيتال والحرب الإعلامية على سورية..
- وندلف للقول بأن فناننا فاخر القدسي قدم رسالة محبة وفرح ونور وسلام..ولو كان بيده لهز الكرة المظلمة بالخيبات بأصابع من نور..من جمال..ليعلو صوت وضحكات الطفولة في الوطن القادم السعيد بعزيمة وبهمة أبنائه..فقد قدم عبر الرسم والنحت والتصوير حديثاً للروح الملونة للأرواح المتعبة والباحثة دوماً عن المستحيل ..فكانت ألوانه الممزوجة موسيقى الأبصار التي يتسلل منها إلى منابع الجمال والإحساس..وكذلك كانت أعماله الضوئية زوبعة من اللون الأحادي وتدرجاته الرمادية التي تذكرنا بالزمن الجميل أيام التصوير الفيلمي بالأبيض والأسود والملون وتلك الحميمية التي كانت بين المصور وأدواته في الإستوديو كالفلاشات والكاميرات والعدسات والفلاتر والعواكس والستانات والخلفيات وماشاكلها..مروراً بالغرفة المظلة وأدوات التحميض والطبع والمواد الكيميائية المظهرة والمثبتة والماء وضوء الأمان الأحمر للورق والأخضر للفيلم والبلورات..إضافة للتكبير وتحميض الفيلم والصور وجهاز التنشيف أو الطنبور والكاش والطباعة وجهاز التكبير والعدسات والورق الصغير والكبير..علاوة على شجون المخابر الملونة زمن التصوير الفيلمي الملون..مروراً إلى العالم الرقمي في تصوير الديجيتال من خلال الكاميرات الرقمية وأجهزة التلفون الموبايل أو التاب أو ماشاكلها..والتي إختصرت المواد الكيميائية وإستعتضت عنها بكرت الذاكرة أو بسي دي أو بأي وسيلة تخزين ..وبذلك كان الفنان فاخر القدسي زوبعة ألوان وأطياف صارخة بتكويناتها وتناغم هرموناتها العجيبة التي تنساب فكرتها أمام الناظر والمشاهد والنتلقي لأعماله الفنية البصرية الضوئية والتشكيلية..مثل فرس أصيل يمرح ويسرح في المروج الخضراء والصحارى ..وهكذا غدا عملاقٌ في بلاد عجائب العالم الرقمي..بما قدمه من أعمال وما قدمه لطلبته من أفكار ودروس وورش عمل تتماشى مع فكره وخبرته وتطوره التقني الذي أحضره معه من بلاد الفن إيطاليا ليفرش ظلاله المعرفية الثقافية على طلبته وعشاق فنه..من هنا وجب علينا بأن نقدم الشكر والتقدير والإحترام لفناننا الرائد الذي يعتبر وجهين لعملة فن التشكيل وفن التصوير الضوئي..وأضحى رقماً مميزاً ومنارة لمحبي الفوتوغرافيا والتشكيل في سورية والوطن العربي والعالم قاطباً..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ ملحق مقالة الأستاذ الفنان : فاخر القدسي ــــــــــــــــــــــــ
Fakher Alkoudsi
الفنان فاخر القدسي :
– انا من مواليد الاسكندريه عام ١٩٥٥ …
بدأت رحلتي في التصوير في أوائل السبعينات من القرن الماضي بكاميرا كنت اخذها من والدي الذي علمني التصوير …
كانت زايس ايكون الصغيره المشهوره ثم بعدها بكاميرا ياشيكا
وفي الخدمه العسكري كنت في لبنان السوريه كميرة زينت الروسيه
وعند سفري الى السعوديه عام ١٩٧٩ تعرفت على صاحب معمل كودك في جده وساعدني على التعرف على وكيل نيكون في جده ١٩٨٠ استطعت أن اشتري اول كميرة احترافيه وهي نيكون F3
ومن ثم العدسات ودمت اعشق السباحه والغوص حيث كنت أعمل في مهنة اللحام الكهربائي تحت الماء في ميناء جده لصالح شركه امريكيه وتعرفت على بعض الأصدقاء لننذهب ونصور في البحر الاحمر غني عن التعريف بجماله وخطورته وايضا في أرجاء المملكه
ثم سافرت إلى إيطاليا للدراسه في الفنون الجميله في روما ….١٩٨٣ حيث بدأت التصوير كهوايه ثم احترافية عملت في مجال البابراتسي لفتره ولم تستمر فيه لنقص أخلاقيات العمل
ثم تعرفت على ابن صاحب معامل كوداك في روما فساعدني في العمل بشكل غير منتظم في داخل الفاتيكان لمدة. اربع سنوات كنت ايضا خلالها عملت في المركز الايطالي العربي في روما من خلاله إلى سفارة الجامعه العربيه كنت من خلالهم اوثق الاحتفالات والمعارض من ثم في الخارجيه الايطاليه لتوثيق الاجتمعات السياسيه التي تنظمها القنصليات والسفارات الموجوده في روما وذلك عبر مكتب خاص بالوزارة الخارجيه …
بعدها عملت مع مجله اسبوعيه صادره عن صحيفة la Repubblica في عمل ريبورتاج عن المهجرين من فيتنام الموجودين بالقرب من مدينة نابولي وكنت دائما اعمل مصور حر و ايضا في مجال الموضه والاستوديهات
وكنت خلالها اسافر في ايطاليا المانيا النمسا وسويسرا خلال دراستي ….
درست الفنون الجميله عام ١٩٨٤ وتخرجت عام ١٩٨٨ خلاله درست التصوير الضوئي والإخراج وهندسة ديكور مسرحي وسينمائية والنحت على المعدن و علم النفس في الفن والالوان والتاريخ الفني …
وحصلت على الجائزه الاولى لطلاب الجامعات الفنون في ايطاليا في النحت على المعادن أغلبها موثق من الصحف المحليه والكاتالوكات..وحصلت على ماجستير وتخصص في النحت على المعادن …
وبعدها اعتزلت تقريبا عن الفن للعمل في شركتي الصغيره للترميم والديكور حتى ٢٠١٢ ولاسباب خاصه عدت الى موطني ….في دمشق تعرفت على عدة اصدقاء من عالم التصوير والفن من خلاله انتسبت الى نادي التصوير الضوئي السوري
وقمت بالاشتراك في بعض المعارض
وكان لي الشرف أن اكون شريكا ولو بنسبه ضئيله في دمشق مع الاستاذ الدكتور هيثم المغربي في روبينا ارت وكان معي المهندس صديق عرنوق والانسه لين جمران والغالي صديقي الحبيب محمد المغربي …..
امنيتي ان تعم ثقافة التصوير الحقيقيه الفنيه في المجتمع العربي وان اكون طرفا إيجابيا في تعليم ومساعدة الجيل القادم مجانا او باسعار زهيده لمن يرغب في امتهان حرفة التصوير الضوئي…….