الفنان الأمريكي باتريك جيليسبي يحاضر في غاليري الفن الآن
قدم الفن الآن – – All art now تجربة جديدة على صعيد الفن المعاصر، وذلك مساء الخميس 17 كانون الأول 2009، حيث استضاف في فضائه الفنان الأمريكي باتريك جيليسبي «Patrick Gillespie»، الذي قدم محاضرته بعنوان «من التصوير الزيتي إلى الفن المفاهيمي»، عبر طرحه لتجربته الشخصية.
«اكتشف سورية» كان من بين الحضور وأجرى هذا اللقاء الخاص مع الفنانة نسرين البخاري والتي تتولى مع شقيقتها عبير البخاري إدارة غاليري الفن الآن.
تعودنا على استقدامكم لفنانين من خارج سورية وتقديمهم تحت مسمى الفن المعاصر، ما خصوصية الفنان الأمريكي باتريك جيليسبي حتى تفكرون أن يستعرض تجربته الفنية في سورية؟
تعرفت على باتريك أثناء إقامتي الفنية في لندن في نهاية شهر تشرين الأول 2009، لتتبلور في ما بعد إقامة حوار فنان – Artist talk – له في -All art now – بدمشق، كوننا نختص في مجال تقديم الفن المعاصر، ومن خلال زيارته لسورية تعرف على حركة الفن التشكيلي السوري، وأبدى اهتمامه بها. ونحن الآن بصدد التحضير لإقامة معرض فني مشترك حول مفهوم فكرة تنقل الفنان بحكم ظروفه المتعددة، وسيضم هذا المعرض الفنان باتريك إضافة لفنانين من فلسطين والعراق ورومانيا وسورية.
أما ما سيقدمه الفنان باتريك جيليسبي عبر حديث فنان – Artist talk – هو حديث يستعرض من خلاله أعماله وتجربته الفنية عبر انتقاله من التصوير الزيتي إلى الفن المفاهيمي – conception art -.
حديث فنان أو – Artist talk – شيء جديد في سورية وخاصة بالطريقة التي يدور بها هذا الحديث، كيف تفسرين أهمية هذا الحديث؟
للـ – Artist talk – عدة وجوه يصوغ من خلالها الفنان حديثه تبعاً لتجربته الخاصة في كيفية تناوله لأعماله وأظن أن هذا الحديث مهم كثيراً للفنانين السوريين. نحن لا نكتفي بالمفهوم السائد للعمل الفني الذي يعلق على الحائط وينتهي الأمر. فمن خلال حديث فنان يتبلور أكثر مفهوم العمل الفني، وخاصة في مجال الفن المعاصر الذي نريد أن نقدمه للمتلقي وذلك لخلق عملية تفاعلية بين الجمهور والفنان والعمل الفني. وما نسعى إليه من خلال هذه التجربة تزويد مكاننا هذا All art now – – والمتلقي السوري بمجموعة أحاديث لفنانين مختلفين، وفي السابق أقمنا في All art now – – حديثاً لفنان بلجيكي، فليس من المهم فقط أن نشاهد العمل الفني المنجز، المهم أن نفهم ونتحاور مع الفنان، وأن نسأله لماذا يعمل بهذه الطريقة وبماذا يفكر.
ما هي حدود الفن المعاصر؟
ميزة الفن المعاصر أنه لا يقف عن حد معين، لذلك بعضهم يقول أن الفن المعاصر أصبح كالدكتاتور بالنسبة لجميع الفنون، وذلك بسبب تنوع المجالات الفنية التي يستقطبها الفن المعاصر، فأنت ترى أعمالاً فيها جزء موسيقي أو جزء مسرحي، ولكنك لا تستطيع أن تقول عنها أنها عرض مسرحي أو عرض موسيقي، بل هي عروض فن معاصر تابعة للفنون البصرية، ومصطلح فن تشكيلي أصبح أقل استخداماً، فنحن الآن نقول فنون بصرية والسبب في ذلك عملية تعدد الوسائط، فالفن التشكيلي كان يعتمد على مجموعة مواد ولدائن مختلفة وعندما انفتح المجال أكثر بعد الستينات أصبح لدينا الفيديو والإضاءة والصوت والأداء، بمعنى أنه أصبح لدينا عرض فيه وسائط متعددة.
لنتحدث عن إقامتك الفنية في لندن، وإطلاعك على الفن المعاصر هناك.
أقمت حديث فنان – Artist talk – عن أعمالي بدعوة من مؤسسة بريطانية في متحف التت مودرن – متحف الفن الحديث – في لندن وذلك في شهر تشرين الأول 2009، وكانت مناسبة جيدة لي وللفنان محمد علي لنتعرف على تطور الفن المعاصر في بريطانيا، وقد فتحت لنا هذه الدعوة الباب واسعاً لنلتقي مع الكثير من الفنانين والنقاد والمؤرخين الفنيين، ودارت بيننا حوارات كثيرة ومنها ما هو عن المشهد الفني في سورية. وتحدثنا معهم حول كيفية القيام بعملنا الفني ومن أين نستقي أفكارنا لنصل بالمحصلة لمقولة تقول «لماذا يعبر هذا العمل عن الفنان السوري».
وتنهي الفنانة نسرين البخاري حديثها معنا بقولها: «لقد درست فن النحت في كلية الفنون الجميلة بدمشق، ولكن ما أقوم به اليوم هي أعمال بُعد ثالث فيها تجهيز فراغ أو أداء أو تجهيز فيديو، فأنا مازلت في مجال البُعد الثالث ولكن مع تطور الممارسة بتنوع أشكالها الفنية».
وفي لقائنا مع الفنان الأميركي باتريك جيليسبي «Patrick Gillespie» تحدث قائلاً: «بدأت بدراسة التصوير والنحت ولكنني لم أكتفِ بالصورة الزيتية كلوحة معلقة على الجدار أو النحت كعمل موضوع بالفراغ، فنحن نعيش في هذه الحياة التي نستمد منها موضوعاتنا الفنية، ونتأثر بما يدور فيها من أحداث غريبة ومختلفة، ومن وجهة نظري الشخصية، كي نكون أكثر قرباً من هذه الحياة، يجب أن نعمل من خلال حواسنا الخمس، والتي من خلالها نجسد ونتأثر بالعمل الفني.
وأضاف الفنان جيليسبي: «عندما ابتعدت عن التصوير والنحت وصالات العرض العادية، بدأت أهتم بالفن المفاهيمي، فالتمثال على سبيل المثال هو كتلة جميلة توضع في مكان ثابت وميت مما يُفقده رونقه مع الزمن، ولكن بالنسبة لأعمال التجهيز في الفراغ أو الأداء أو بعض الأعمال التداخلية -بمعنى أنها تتداخل مع حياتنا- فهي ستصبح أكثر قرباً من المتلقي، ويمكن أن تكون جزء منه.
وتابع الفنان جيليسبي: «ما سأقدمه من خلال حديث فنان، هو هذه المسيرة ما بين التصوير والنحت وصولاً إلى الفن المفاهيمي، ما أريد شرحه هو كيفية الانتقال من الممارسة التشكيلية إلى ممارسة الفن المعاصر لأن الحياة المعاصرة تسير باتجاه أكثر تعقيداً، وأصبحت بحاجة لأدوات تعبيرية جديدة، ولكي نستطيع فهم هذا التعقيد ومجاراته يجب علينا تطوير حواسنا الخمس، هذه إحدى دعائم الفن المفاهيمي، فهو كالحياة في تطورها المستمر الذي سيرافقه تطور في أشكال الفنون وطرق التعامل معها.
وعن مواضيع الفن المفاهيمي يقول: «لا يقتصر الفن المفاهيمي على المواضيع أو الأشكال الجمالية، بل هو يعمل على طرح موضوعات جديدة أكثر حساسية، منها المواضيع الاجتماعية والثقافية والنقدية ليصل للمواضيع الفلسفية، وأصبح الاعتناء بالجانب الجمالي شيئاً ثانوياً أمام المحتوى، لأن أهمية هذا الفن هو بمحتواه وهو المسيطر على العملية الفنية والطريقة التي سيقدم بها الفنان عمله.
كيف ستكون علاقة المتلقي مع «الفن المفاهيمي»
عندما نستخدم الفن ليكون جزءاً من حياة الناس نكون قد حققنا هدفنا في الفن المفاهيمي، ولكن المهم كيف سيتلقى الآخرون تجربتي هذه، ما أسعى إليه هو تحويل هذه التجربة الفردية لتجربة جماعية، وبناء جسر بيني وبين المتلقي، لذا أنا أضع مجموعة من الأشياء والأفكار أمام المشاهد، وأتركه كي يدخل في لب العمل الفني، فالمهم كما قلت هو المحتوى والمفهوم الذي سأقدمه.
مازن عباس
اكتشف سورية