النحات حسام نزهة..
فنان عشق البازلت وصنع المعجزات من حجارته….
بقلم المصور : فر يد ظفور
- وجهه مسقوف بالقبلات ..من الضوء ومن الظل ومن الأحلام والإبداع..موجوع إزميل عمله .. حجارته شطآن وأمواج ونوارس ..تبحث عن درب يلبسه فلكلور بلاده ..عن غيمة يصنع منها أمطاراً ويجدل أنهاراً..موجوعة حجارته ..مركونة في شرفات المحترف تسند آهات الوطن وتسأل آلهة الحجر كيف يسير الضوء بلا ظلال إبداعه..يغسله الفجر ويلبسه قمحاً وأقحوان وزنابق ..تقذفها الريح إلى شطآن الحياة ..وتتصادم بأنات وصراخ الشجر المنحوت بأنامل فنان متألق ..فهلموا بنا نتعرف على المهندس المبدع الفنان..النحات حسام الدين نزهة..
- لم تستقر تجربة الفنان النحات حسام نزهة..إلا بعد أن تجددت أبعاها وأخذت شكلاً مستقراً فنياً فيها الواقع والفلكلور الوافد والتراث والبيئة..بحيث أصبحت أعماله الفنية النحتية لها قدرة على التحول من الخيال إلى الواقع لتكون ملكاً للفنان الذي أضفى عليها مايجعلها تنطق وعلى درجة عالية من التعبير المستقل عن غيره وأصبح له بصمته وشخصيته بين أقرانه من العاملين في فن النحت على الحجر البازلتي وعلى الخشب..وبدأ يعطي ماهو متفرد دون أن يدل على المرحلة المتطورة التي بلغها حيث تجاوز الفنان حسام نزهة مصادر إبداعه مع العودة للجذور وللتراث وللماضي بتعبير جدي مسؤول..معبراً عن رسالة الفن الإنسانية الذي يرى قضية الفن في قضية الآخرين وقضية الإنسان الذي لايمكن أن تعلو رسالة الفن النحتي على المضمون الإنساني..بل هي عملية تفاعل بين الشكل والمضمون والموضوع..وبهذا أعطى الفنان نزهة العطاء المتجدد وأعطى فن معبر ومتميز ووضع أعماله في مستوى التحديات العصرية..وهكذا برهن فناننا بأن أعماله هي إنتاج للجمال يقوم فيها فنان مبدع..ولأن الفن سمة من سمات الإنسان العاقل الذي ترتبط ميزاته بالتفكير والمحاكمة والوعي ..وبهذا السياق يؤكد بأن الفنون البصرية التشكيلية الجميلة لها طريقتها الخاصة في التعبير عن الإنسان السوري وحضارته وعن دوره الأساسي الثقافي الذي يضفي على الحياة جمالاً ومتعة وفائدة ولها تجلياتها المختلفة عبر الزمن والتي لايمكن حصرها في إطار ضيق ..وبذلك أخذ الفنان حسام خاماته البازلتية وأكسبها شكلاً فنياً معيناً وقيمة جمالية مميزة..مستفيد اً من التراث الإنساني للماضي الذي يمثل ذاكرته الفنية والتي دفعته نحو المستقبل ليتابع الإبداع ويجدد القيم في كل المراحل..وليؤكد بأن الفن مرتبط بالإنسان ومعبر عنه..
- وللحديث عن الفنان حسام نزهة شجون وتاريخ ..فقد كان لنا شرف التعرف عليه وزيارته بمرافقة بعض الأصدقاء من بيت حيدر ومع الزميل المصور رياض إبراهيم في محترفه في قرية ضهر بشير بمنطقة الصفصافة التابعة لمدينة صافيتا بمحافظة طرطوس..كان الجو ربيعياً وكانت أعماله تصطف على جانبي الطريق الموصلة إلى مدخل مكان عمله..فقد إنتشرت جنوده الحجرية وإفترشت الأرض ففي الميمنة كانت أجران القمح والمدقات يزدحم فيها المكان ..وكانت المدحلة الحجرية وجاروشة البرغل أو الطاحونة الحجرية أو حجر الرحى هي التي تحتل قسطاً من أرجاء المكان..وعلى مسافة قريبة نشر مجموعة حجارة لتشكل بركة ووضع فيها سمكة حجرية محاطة بإطار من الحجارة المزركشة والمنحوتة..وفي وسطها نافورة ماء حجرية ..وعلى واجهة المكان إنتصبحت منحوتة سيدة الحجر التي تدق في الجرن الحجري والمفارقة كانت الأعمال بالحجم الطبيعي للبشر..وعلى الميسرة كانت فلاحة محفورة من الحجر وهي تخض اللبن ..وثالثة وهي تجرش البرغل..وما إن دخلنا الغرفة التي تشكل مكتباً للفنان حتى فاجأنا بأن الطاولة هي وأدراجها وكراسيها من الحجارة البازلتية الزرقاء..وأيضاً ناعورة وعصفور وبركة ونافورة صغيره وكلها من الحجارة..وعلى طاولته كان فلاح يحرث أرضه على ثورين ولكن من الحجارة..وفي الداخل ضمن قفص كانت الحكاية والرواية فقد حفر ونحت سنسلة حجرية من أربع عقد وبحجم كبير وبوزن أكبر..وأيضاً صنع من الحجارة نرجيلة حقيقية وتعمل ..كل هذا علاوة عن الحفر والنحت على الخشب ..وقد كانت كاميرتي أنا وزميل رياض تسجل وتوثق تاريخ تلك الزيارة التاريخية التي لاتنسى لمبدع وفنان طوع الحجر وعزف لنا أجمل السمفونيات البازلتية القاسية…مخرجاً للنور مجموعة أعمال إبداعية كانت محجاً للقاصي والداني ومحطة إعجاب للكثير من الزوار لمشاهدة أعماله الإبداعية.. ويعتبرالنحت الحجري من أنواع الفنون اليدوية وأقدمها على الإطلاق، فالتدوين والتوثيق … يؤكد وجودها في الأديرة والكنائس والمساجد وفي البيوت العربية القديمة من أجل البناء و الطبخ ..كالجرن والمشربية والمزراب والطاسة أو الكأس علاوة على المعرجلينة والجرن لقشر البرغل والطاحونة أو حجر الرحى وهي من قطعتين..وبعد مرور قرون على ذلك وبقاء كل ما أبدعه الإنسان السوري حاضراً وشاهداً ليس في الذاكرة فحسب بل في كل مرافق الحياة..، والنحت على الحجر… يعتبر فن بين المهنة والتوثيق بل على أرض الواقع، أصبحت مهنة النحت على الحجر مصدراً لرزق العديد من الفنانين والمهنيين الذين يكسرون الحجارة الزرقاء والبحص من أجل البناء القديم … ويستخدم النحت و الرسم على الحجر لصنع تماثسل للزعماء والملوك و لصنع التوابيت للموتى.. ويتم بواسطة مجموعة من الأدوات ..كالإزميل والجاكوش والشاقوف والقدوم والمخل والنضاوي والمهدة …
- وهكذا تكونت و تطايرت الذكريات والأفكار بسرعة من مرقدها كالشرر لكنها كانت مستقرة في زمان ومكان وثقته عدسة آلة التصوير ليبقى خالداً للأجيال في الزمن الحاضر والمستقبل..وفناننا حسام نزهة من القلة الصابرة والمبدعة التي تتقاسم الحياة بصعوبة لتحصيل لقمة عيشها..لكن للصبر حدود ونهاية فقد لاحت في الأفق بشائر الخير والإنتشار لأعمال الفنان عبر الميديا سابقاً في الصحافة ولاحقاً في السوشيل ميديا عبر الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الإجتماعي مثل الفيس بوك..وهكذا سيظل الفنان نزهة أسير الحجارة الزرقاء التي أصبخت قدره ومنطلقه وحياته ومصدر رزقه ومصدر إلهامه وعشقه الأبدي ..
- وندلف للقول بأن الفنان المتألق حسام الدين نزهة ..بيرق مجده يتسامى نحو المجد والأفق..ويتربع على عرش الإبداع من خلال ماقدمه وسيقدمه بالمستقبل لبناة الأجيال ولعشاق الفن التشكيلي النحتي ..ولا يسعنى إلا أن نرفع له القبعة للمهارة المهنية التي قدمها ولمحاكاته الواقع والبيئة الريفية الساحلية السورية وتوثيقها..فكل التحية والتقدير والإحترام لجهوه المبذولة لرفع شأو ومسيرة الفن النحتي خاصة والتشكيلي عامة ..آملين ممن يهمه الأمر ضرورة دعمه والأخذ بيده ليستمر بالعكاء والإبداع..
ـــــــــــــــــــــــــ ملحق مقالة النحات خسام نزهة ــــــــــــــــــــــــــــــــ
