الطباعة ثلاثية الأبعاد – ثورة صناعية جديدة
الطباعة الثلاثية الأبعاد, أو بإسم آخر التصنيع التجميعي, و التي هي تكنولوجية حديثة نسبيا و ذلك ليس لأنها إختراع جديد و حسب, بل لأنها غير معروفة لدى عامة الناس و خصوصا في عاملنا العربي بالرغم من الثورة التي سوف تحدثها قريبا. بكل بساطة, هذه التكنولوجية الآن حتى بدأت تعرف بين الناس و نتنشر في وسائل الإعلام و غيرها بشكل واسع.
أحد مؤسسي شركة 3D Systems, تشاك هال, اخترع نظام التجسيم في عام 1986, و الشركة إلى اليوم ظلت أحد اللاعبين الأساسيين في هذا السوق, بجانب Statasys و Z Crop.
حاليا الطابعات ثلاثية الأبعاد يمكن تشبيهها بأول حاسب شخصي PC تم إطلاقه في الأسواق و الذي هو ألتير و الذي كان بدائي جدا مقارنة بالوقت الحالي, لم يخطر على بال أحد في ذلك الوقت الطرق الهائلة التي سوف تؤثر به هذه الحواسب على حياتنا من جميع النواحي, فقط الناس الذين كانوا متحمسين بالفعل كانوا على دراية ما هو بانتظارنا, أمثال هؤلاء الناس, ستيف جوبز, بيل غيتس و لاري إليسن, بحيث كان لديهم الأفكار التي أعطت هذه التكنولوجية شعلة جعلتها تتوهج عالميا و هم جعلتهم من أغنى أغنياء العالم.
في بداية الثمانينات الحواسب الشخصية من الأبل و الأي بي كانت إم تقدر بحوالي 1000-1500 دولار و التي حاليا تساوي حوالي 2200-3000 دولار في تقديرات اليوم. إذا نظرنا إلى أسعار الطابعات ثلاثية الأبعاد, نرى على سبيل المثال إحدى الشركات الرائدة في هذا المجال (Ultimaker) و التي أسسها الهولندي أريك دي بروين منذ سنتين تقريبا فسعر الآلة الحالي لديهم حوالي 1600 دولار أي أقل من سعر الحاسب الشخصي في الثمانينات, و قد نوه المؤسس الهولندي أنهم يبيعون آلاف الطابعات حاليا و هو شيء مذهل بالفعل كم من الناس يريدون الحصول على هذه التكنولوجية.
الجدير للذكر أنه أصبحت اليوم مصادر غير محدودة للتمعن في هذه التكنولوجية و هناك شبكات مفتوحة عدة للمشاركة و التطوع بالمعلومات بحيث لمن لديه الهواية في هذا المجال يمكنه تركيب طابعته بنفسه. هذا من عدا البرامج المتاحة حاليا لعمل التصاميم ثلاثية الأبعاد و التي يتوفر منها العديد مجانا.
هذه المصادر و الشبكات المجانية تساعد على تطوير هذه التكنولوجية بشكل سريع جدا, من ناحية إنشاء نماذج جديدة, زيادة دقة الطباعة و أنواع المواد الأولية المستخدمة. ففي حين أن أحد ما في مقدونيا قد يقوم يتطوير البرنامج, في الوقت نفسه شخص آخر في مومباي يقوم بعمل إضافات فيزيائية على الرأس القاذف للطابعة و شخص آخر في سنغابور يحمل فيديوهات تعليمية على اليوتوب تعلمك كيف تركب الطابعة بنفسك. بل و هناك مجموعات في المدن الكبرى تحديدا مثل لندن تلتقي بشكل مستمر و إحدى تلك المجموعات هي London Hackerspace على سبيل المثال.
التطوير التطوعي المفتوح للطابعات الثلاثية الأبعاد بدأ في 2009, قبل ذلك, هذه التكنولوجية كانت محمية أي محتكرة من قبل الشركات الكبرى في هذا المجال مع وجود حافز صغير جدا للمشاركة بها, و لكن هذا قد تغير جذريا.
أغلب الطابعات الموجودة في الأسواق حاليا تستخدم طريقة التصنيع و التي يتم فيها وضع طبقات فوق بعضها, طبقة تلو الأخرى حتى يتم تعمير و تشكيل الشكل النهائي المطلوب. و هذا يبدأ ببرنامج تم تطويره من قبل Stratasys و الذي يقوم بمعالجة الملفات ذات نطاق .stl أو الملف التجسيمي stereolithography file بحيث يتم تقسيم التصميم إلى طبقات و يتم تحويل الصور الثلاثية الأبعاد إلى قالب رقمي يتكون من عدة طبقات رقيقة أفقية. بعض الطابعات يمكنها استخدام مادتين مختلفتين في الطباعة, الأولى تستخدم في طباعة الشكل و الأخرى عبارة عن مادة داعمة يمكن التخلص منها و وظيفتها هي الفصل بين الأجزاء المختلفة للشكل المطبوع مما يتيح المجال لطباعة جهاز بأكمله مرة واحدة دون الحاجة إلى طباعة أجزاء مختلفة و من ثم تركيبها.
هذه العملية تدعى بقذف الFDM و التي هي اختصار ل fused deposition modelling أي التشكيل من الترسيب المنصهر. يتم تغذية الطابعة بعبارة عن نوع خاص من البلاستيك و التي يمر بالرأس القاذف للطابعة و الذي بدوره يعمل بشكل أوتوماتيكي بحيث يشغل و يقف تدفق المادة الأولوية بنفسه في حين أنه يتحرك بشكل منتظم.
بعض الطابعات الأخرى يقوم الرأس القاذف بقذف مادة لاصقة تقوم بلصق حبيبات صغيرة كالبودرة و تجمعها حتى تقوم بتشكيل المجسم على شكل طبقات.
تقرير من مجلة تايم
جنرال إلكتريك: الطباعة ثلاثية الأبعاد ثورة صناعية
على العالم أن يستعد لثورة صناعية جديدة؛ هذا ما يؤكده عدد من رؤساء كبرى الشركات العالمية، محرك هذه الثورة تقنيات جديدة أبرزها الإنترنت الصناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد.
ولم تعد أجهزة التيليكس والفاكس والبيجر وغيرها مصطلحات يعرفها كل من عمل في الثمانينيات معروفة حالياً، ومن يعمل اليوم لديه كلمات مختلفة تماماً يستخدمها يومياً في الحياة والعمل مثل الإيميل وغوغل وفيسبوك وتويتر.
المرحلة المقبلة أيضاً لها مصطلحاتها وأبرزها الطباعة ثلاثية الأبعاد، والتي ستغير الصناعة بشكل جذري، حيث تستطيع هذه التقنية طباعة أي مكون صناعي والعمل حالياً على طباعة الأنسجة البشرية.
ويعتمد مستقبل الصناعة على هذه التقنية، والتي ستمكن من طباعة أي شيء من السيارة إلى أجهزة الإنسان كالقلب والرئة.
وظهرت هذه التقنية لأول مرة أوائل الثمانينيات ولكنها وصلت اليوم لتسمح بصناعة منتجات جديدة كليا، ولم تخطر على بال أحد، كما أنها تسرع من دورة الإنتاج ابتداء من التصميم وانتهاء بالتصنيع.
هذه التقنية وهي ضمن منظومة متكاملة تعرف بالتصنيع المتقدم، تسرع بشكل هائل من دورة الإنتاج، وتراهن كبرى شركات العالم على هذه الطابعات التي بدلاً من الحبر والورق تستخدم أي مادة وعلى الإطلاق.
ويراهن الرئيس التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك جيف إيميلت على ثورة صناعية بقيادة الطباعة ثلاثية الأبعاد، حيث يقول “أعتقد أن التقنية في بدايتها، تطبيقاتها الأولى كانت أشكالا بسيطة مثل غطاء الهاتف الجوال، ولكننا بدأنا بإنتاج مكونات أكثر تعقيداً، مصنوعة من المعادن وليس البلاستيك.. لدي إيمان بأنه على مدى الخمس أو عشر سنوات المقبلة، ستوفر الطباعة ثلاثية الأبعاد ثورة في التصنيع، ستمكنك من عمل المزيد في أماكن أكثر ما سيغير الأمور ولكن ذلك سيأخذ وقتا”.
وضمن مصطلحات المستقبل أيضاً الإنترنت الصناعي وهو اندماج بين الآلة والبرمجيات، فكل آلة صناعية أو غيرها ينجم عن عملها بيانات ضخمة، إذا تم تجميعها ثم تحليلها ستوفر معلومات جديدة يتم توظيفها كفاءة أعلى وصيانة أذكي، معنى ذلك أنه لا أعطال مفاجئة على الإطلاق.
مدير عام خدمات الطاقة لدى جنرال إلكتريك السعودية مازن البهكلي يرى أنه على سبيل المثال في التوربينات الغازية توجد الكثير من المؤثرات مثل نوع الوقود ودرجة الحرارة وغيرها من المعلومات التي يمكن تحليلها والعودة بتوصيات للتشغيل والمحافظة على التوربينات لوقت طويل.
الفكر العالمي أو Global Brainهو العامل الثالث الذي سيحدد مستقبل الصناعة والعمل، بفضل تطور شبكات التواصل الرقمية والإلكترونية لن يكون للجغرافيا أي دور بين إدارة الشركات وموظفيها.
وصاحب العمل أمامه العالم بأسره لاختيار المواهب والعكس صحيح، وفي ظل كل هذا ستتغير قواعد لعبة التوظيف، وسيكون قسم الموارد البشرية أمام عالم جديد، فـ Generation X أو جيل المستقبل لا تحركه العلاوات وساعات العمل، بل يحركه الشعور بالإنجاز والرضا، والمحصلة عالم جديد للصناعة والعمل.
ثورة تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد
أحدثت تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد ثورة هائلة في مختلف المجالات الصناعية والطبية والفنية وغيرها. ويتوقع لهذه التقنية أن تدخل مجال الصناعات العملاقة أيضاً مستقبلاً.
شخص ينظر إلى نسخة عن نفسه مطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بعد التقاط صورة له بزاوية 360 درجة.
الطالب جان تورغيرسن من جامعة فيينا حقق مع فريقه رقماً قياسياً بسرعة طباعة مجسمات نانو ثلاثية الأبعاد.
ويلفريد فانكراين، مدير أكبر شركة طباعة ثلاثية الأبعاد في أوروبا (Materialise).
تجارب في مجال الجراحة لاستخدام تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد في عمليات زرع الأعضاء ونقلها.
طفل بيد اصطناعية ذات أجزاء مصنوعة بتقنية الطباعة المجسمة في شركة (MakerBot).
طباعة شعار “نستله” بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.
مجسم ثلاثي الأبعاد معروض في أكبر شركات الطباعة المجسمة في أوروبا (Materialise).
الطفل ستيفنسن جوسيف يتمرن على استخدام يده الإصطناعية المصنوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.
شخص يستعد لإلتقاط صورة بزاوية 360 درجة لتتم طباعة نسخة عنه لاحقاً.
طباعة أجزاء تشريحية معقدة ضمن بحوث استخدام التقنية في المجالات الطبية