ابو رعدون
ابو رعدون خبزاتو درة
شد ابو رعدون ( صمده) الى ظهر دابته التي ركب عليها( حلسها) وكانت طريقة نقل الصمد ، وباقي عدة الفلاحة على ظهر (الكديش) او (البغلة ) ان يربط الصمد بشكل جانبي بحيث تلامس مقدمته الأرض ، خلف الدابة ، اما ( النير ) و( السكة الحديد ) (المسطومة ) و( الكدانة) و (المساس ) والحبل فكل منهم له طريقة خاصة في التحميل ، من خلال الربط الجانبي ، وعلى ظهر الدابة ، حتى لا تفلت منها ولا قطعة ، ويربط الرسن الى الدابة الثانيةالتي تحمل (خرج ) ويركب عليها صاحب الفدان ، فقد يمشي مسافات طويلة ، من قرية الى قرية ، او الى الأراضي الواقعةبعيدا عن ضيعة قلعة المضيق ، ك: ( ابو عطوف ) و (الحميري ) و (السوكرانية ) و ( والشيخ جوبان ،) و ( والطرحان ) و( المنوعة ) و ( والمكرمية ) و( وادي العيس ) و(وادي الجفار و( المغاليض ) و ( بزهرين ) و ( باقللو) و ( ضهر رصيف ) و( الجنينة ) و ( وجورة القتيل ) و( النزاز) و( تل عللو) و ( عين الشمس ) و ( المشنقة ) و ( والغويبة ) و ( وارض الرام ) و( عاشور ) و( رابية المشقوقة ) و( الناعورة ) و ( العبرات ) و( شاهين ) و( عين البيضا ) و( عين الخنزيرة ) ،،،،الخ ،
كان ذلك في زمان الثلث الثالث من القرن التاسع عشر، وكان عدد سكان قلعة المضيق لا يتجاوز بضع مئات من السكان فقط ، حيث كانت البلاد تتبع للامبراطورية العثمانية ، وكانت العاصمة (اسطمبول) مركز الحكم العثماني ، وهي القسطنطينية سابقا ، وقد جرت احداث هذه القصة زمن السلطان عبد المجيد الاول ابن السلطان محمود ، الذي جلس على عرش السلطنة عام (1255) هجري ، حيث كانت تجري حروب بين السلطنة من جهة ، ومحمد علي باشاوالي مصروابنه ابراهيم باشا من جهة اخرى ، وفي زمن الحروب تكون المعيشة صعبة ، والرزق قليل ، ومعاناة الناس شديدة ، فيلجأون الى التقتير على انفسهم ، و(الشد عالجلد ) في طبيعةحياتهم ، وتقل الأقماح (الميرة ) بسبب ذهابها ( للتحصل دار) ويضرب الغلاء اطنابه ، وتتفشى الأمراض ،
وفي هذه الظروف ، كان (ابو رعدون ) يسحب دابتيه (الفدان ) وصمده وعدة فلاحته ، مع السكة ، ويذهب الى الفلاحة ، في الأرض الجنوبية ، ( جورة القتيل ، والطرحان ، وشاهين ) وكان يحب العتابا ، فيمضي فلاحته وهو مستمتع بصمده وفدانه ، ممتشقا مساسه ، الذي يحمل في الرأس الآخر قمشة جلدية ، ليسفق بها الدابة المقصرة ،
وفي هذه الأثناء ، كان ( ابو جورج ) من ( الصقيلبية ) القرية المجاورة لقلعة المضيق من جهة الجنوب ، وقد بنى اهلها أكواخ القصب والزل ، وبيوت الطين بعد هجرتهم من القرى الجبلية الغربية ، وشكلوا قرية جديدة على ( تل الصقيلبية ) قرب عين الورد ، واسموها على اسم التل قبل ان يسكن ، فسكن الذين جاؤوا من مرداش وما حولها في الصقيلبية من جهة الشمال (شمالا ) وسكن الذين جاؤوا من عين الكروم وما حولهاعلى التل من الجهة الجنوبية والشرقية (قبالا) وقد نشأت علاقات حميمية بينهم وبين سكان قلعة المضيق (كجيران ) وكان بينهم صنايعية يعملون بمهن متعددة ، صارت كنيات لهم فيما بعد ، كالصايغ والحداد والنجار والسنكري و الخوري ،،،،الخ ومنهم من سمي باسم البلد التي قدم منها ، كالحموي والمرداشي والانطكلي والقطلبي ،،،،الخ ، كان ابا جورج يبيع الحلاوة والمعلل في القرى المجاورة ، يركب على حماره ، الذي يحمل سريجة فيها علب الحلاوة المربعة من التنك (ربعية ) مغطاة بطباقات ، ويأتي الى قلعة المضيق على الطريق الذي يمر بقرب الفلاحين في الحقول ، ويبدأ بالمناداة على بضاعته : (يا حلاوووي) (يا حلاووي ) ( متل العسل يا حلاووي)
وبينما كان ابو رعدون يفلح الارض الواقعة بين الضيعتين ، مر بقربه بياع الحلاوة ، (ابو جورج ) وعندما اقترب من ابي رعدون بدأ بالصياح والمناداة ( يا حلاووي ) لكن ابو رعدون ليس معه نقود ، ويعيش ظروف صعبة ، ولا يتغذى كما يجب ، حتى انهكه الفقر في تلك الفترة ،مما انعكس ذلك على بنيته الجسمية ، فوهنت عضلاته ، وخارت عزيمته عن ذي قبل ، لكن ابا جورج ظن انه وقع على صيد ثمين ، فوقع نابه على شونة ، ومع تكرار ابا جورج صياحه يا حلاووي ، رد عليه ابا رعدون (عتابا ) بعد ان وضع يده على اذنه وهو خلف الفدان ، وصاح باعلى صوته قائلا:
يوم فراق خلاني ما انت شايف
وصمدي دوم عالفدان شايف
يا بياع الحلاوي مانت شايف
ابو رعدون خبزاتو. دره
فما كان من ابا جورج إلا ان حيد تجاه ابو رعدون مكان فلاحته ، وحلف عليه بالعدرا والمسيح ان ياخد علبة حلاوي ، مربعة بغطاء معدني ، وانه لايريد حقهاحتى الموسم ،
فكان بيت العتابا من ابو رعدون ، ( صرخة مدوية في وجه الظلم الاجتماعي الذي كان يعانيه الناس في تلك الظروف القاسية ، والتي يدفع ضريبتها الافراد من عامة الناس ،،،،،،،
-مصطفى رعدون/الجمعة /9-2-2018/——-
لمزيد من الصور: https://www.facebook.com/1022621564538965/photos/pcb.1086049434862844/1086048528196268/?type=3&theater