عشتروت التدمرية
الاستاذ تيسير خلف
هذا النصب الموجود حالياً في المتحف الوطني بدمشق، والذي عثر عليه في معبد نبّو في تدمر للإلهة الكنعانية الأصل عشتروت، يحوي الكثر من الرموز المعبرة، التي تظهر بوضوح غنى الحياة الدينية في تدمر وارتباطها الروحي مع فينيقيا التي كانت، وفق التقسيمات الادارية الرومانية جزءاً منها، فتدمر كانت ضمن حدود فينيقيا اللبنانية، التي كانت عاصمتها دمشق.
عشتروت هي إلهة مملكة صيدا الرئيسية، ذكرت في ملحمة الملك كرت الأوغاريتي، وعبدت في تدمر كما يوضح هذا النصب الذي أقامه لها بول حازي وتيم بن زبد بول وأسماء أخرى لا تظهر بشكل واضح نتيجة تحطم التمثال إلى أكثر من قطعة. ولكن اسم بول حازي يشير إلى متنبئ للاله بول (بعل) وهذا الاسم هو الصيغة الاصلية لكلمة حيزابون في القواميس العربية التي تعني العجوز الشمطاء، ولكنها في الحقيقة تعني حيزابول المتنبئة والمتكهنة للإله بول (بعل).
في هذه المنحوتة نرى عشتروت جالسة كملكة على عرشها، وعلى يمينها النسر حاملا بمنقاره غص الزيتون دليلا على السلام، رمز قرينها بعل السماوي (بعل شمائين)، وتحت قدميها رجل ربما هو صاحب التقدمة، معبراً عن منتهى الخضوع، وإلى جانبه كلب دليل آخر على الخضوع والامتثال.
وإلى جانبها تقف أتارغاتس بقبعتها المميزة على شكل قلعة، حاملة غص الزيتون، وهي إحدى تجلياتها الكثيرة، وكأن صاحب التقدمة أراد ان يقول لنا إن عشتروت هي نفسها اترغاتس.. هي نفسها الربة السورية الكبرى.
أما الاله نبّو الذي عثر على هذه المنحوتة في معبده التدمري، فهو إله بابلي مختص بالحكمة والكتابة، وقدسه بشكل خاص الكلدانيون، وهو إله يعود بأصوله إلى الكنعانيين – العموريين، ويبدو أن كهنته كانوا يسمون نبويين، أو نبيين.. أي أنبياء متنبئين.