فوتوغرافيا المستعمر كمادة تاريخية
تونس ــ العربي الجديد
28 أكتوبر 2017
تنطلق اليوم سلسلة جديدة من المحاضرات التي ينظمها “النادي الثقافي الطاهر الحداد” تحت عنوان “عيون الذاكرة”، والتي يلقي فيها المحاضر التونسي عماد بن صالح الضوء على تاريخ بعض المدن التونسية من خلال تحليل وقراءة صور مختلفة لهذه المدن يعود بعضها إلى القرن التاسع عشر، حيث يدرس الباحث تاريخ المكان عبر تاريخ التصوير الفوتوغرافي.
يقول بن صالح في حديثه عن مشروع هذه المحاضرات الذي انطلق عام 2015 في “النادي الثقافي الطاهر الحداد” إن الصورة “صارت تجلب أنظار الباحثين كمجال للدرس والاستقصاء وراءها، ومن خلالها يمكن قراءة أبعاد سوسيولوجية وأنثروبولوجية وتاريخية لم تدر في ذهن ملتقطها، حيث أصبحت آلة التصوير عنصراً مشتركاً بين جميع هؤلاء وهم يخوضون تجاربهم الميدانية”.
الحلقة الأولى من هذه السلسلة تبدأ عند الثالث من بعد ظهر اليوم، وستكون مدينة المهدية الساحلية التي تقع جنوب العاصمة هي موضوع النقاش، حيث تعرض صور قديمة لها ويقوم بن صالح بمناقشة تاريخ كل صورة وتفاصيلها وتحليل سياقها الاجتماعي والسياسي والثقافي.
والمهدية شبه جزيرة عاشت تاريخاً غنياً، وكانت من مراكز النضال أيام الاستعمار الفرنسي، وقد دخل إليها التصوير مبكراً، بالتزامن مع دخوله إلى تونس مع وصول الرحالة الفرنسي فيليكس مولان عام 1857، حيث مكث في تونس 18 شهراً جالباً معه الكاميرا وموثقاً للكثير من التفاصيل في تونس من مناظر طبيعية وتراث أثري وإثنوغرافي ومهارات يدوية ومهن ولقطات للحياة اليومية وبورتريهات.
حذا حذو مولان(1802-1879) كثير من المصورين الذي توافدوا إلى تونس ونشروا فن التصوير فيها؛ عن ذلك يشرح بن صالح “منذ ذلك التاريخ دخلت البلاد التونسية عصر الصّورة الآلية مبكّراً، أي منذ ما يزيد عن قرن ونصف. ومنذ ذلك التاريخ وهي قبلة المصورين الفوتوغرافيين على مختلف أجناسهم وأهدافهم وانتمائتهم الفنّية والفكريّة”.
يرى بن صالح إن توافد المصورين هذا “ساهم بشكل وافر في ثراء الأرشيف الفوتوغرافي للبلاد”، وهذا بدوره يشكّل للباحث “منجماً من المعلومات وللمتلقّي دعوة للسفر عبر الزمان والمكان”.