بجهود حثيثة سعى الموسيقي سليمان مامو لاكتساب خبرة فنية في مجال الموسيقا والتعمق فيها عن حب وشغف دفعاه ليشق طريقه ويؤسس فرقة موسيقية تجمع بين الفنون والمواهب المتميزة.
التقيناه ليحدثنا عن بداياته قائلا: منذ الصغر تتلمذت على يد الأستاذ وسام العلي قائد ومؤسس أول أوركسترا عود في سورية, وكنت أحد العازفين في هذه الأوركسترا، وأنا طالب في كلية التربية الموسيقية وأعزف على آلة العود واعمل حاليا في استديو D7 الذي أسسته مع مجموعة من أصدقائي, وقائد فرقة أرابيسك الموسيقية,وأحد المؤسسين في نادي أرابيسك للثقافة والفنون, وقمت بتلحين عدة أغان أبصرت النور والبعض الأخر قيد الإنجاز.
وعن دور الأهل والمدرسة والأكاديمية في انطلاق وتطور موهبته تابع قائلا : يختلف هذا الدور باختلاف الثقافة النفسية والفنية عند الأهل من ناحية طريقة التعامل مع الطفل المبدع واكتشاف ميوله وتحفيزه ومعرفة التعاطي مع تميزه واختلافه كطفل مبدع, وينطبق هذا على المدرسة ونتمنى من الكوادر التربوية تحفيز وتفعيل الأطفال المبدعين ووضعهم في أماكنهم الصحيحة حسب ميولهم واهتماماتهم. أما الأكاديمية فلها دور مهم في نقل موهبة الفنان لمستوى عال وهذا لا يكفي أيضا فالفن علمه بحر لا ينتهي وعلى الفنان دائما الاستفادة مما تعلمه ومارسه لتطويره والإضافة عليه إن استطاع.
.وبالنسبة للصعوبات التي تواجههم كموسيقيين اضاف : بصراحة هناك هوة كبيرة بين الإمكانيات الإبداعية المحلية والاحتضان المؤسساتي الضعيف, وهناك مشكلة في التوجه إلى الإنتاج التجاري وتغييب الإبداع الحقيقي.
تفاوت واضح
وعن رأيه بالفرق الموسيقية وإنتاجها خلال الأزمة قال: أول ما نستطيع قوله هو أن الفرق و الموسيقيين في هذا الزمن يستحقون الاحترام والتقدير على المجهود الذي يقدمونه في هذه الظروف الصعبة، ولكن هناك تفاوت واضح في المستويات مع الاتفاق في تقديم وجه السلام في الموسيقا مقابل وجه الحرب في الواقع, وهذا شيء جميل, و الغريب في السبع سنين من الحرب خلوّ الموسيقا من المواجهة لواقع الحرب, وخلوّها من الخلق الإبداعي, فبالإضافة إلى الشعر وكلمة الأغنية لا نجد جديدا في هذا الواقع الذي نعيشه مما أوصل الجمهور إلى الملل من التكرار والابتعاد عن الواقع, وبرأيه أن من أسباب هذا الجمود الإبداعي على مستوى الكلمة واللحن والأداء استسهال البعض الوقوف على خشبة المسرح الموسيقي واستسهال إنشاء الفرق الموسيقية, و الاستخفاف أحيانا بأذواق وثقافة الجمهور, وهذه مسؤولية كبيرة يجب الانتباه إلى حساسيتها, كما لعبت حالة التبعيات في بعض الفرق والسعي نحو الفردية من البعض دوراً في هذا وفي ظواهر غير صحية كتكرار الأسماء في فرق متعددة ونشاطات متعددة على حساب إغفال أسماء أخرى، ورغم سموّ الهدف وراء ظهور وإنتاج الفرق الموسيقية, لا أجد هذا كافياً.
غياب واضح
وأشار الفنان مامو إلى الغياب الواضح للأغنية السورية الأصيلة والهبوط في مستوى الأغنية بشكل عام من كافة النواحي ,وأضاف :أخشى من اعتياد الناس على الأغنية الهابطة عن طريق تكرار الدارج لهذا النوع الخالي من الكلمة المعبرة الشعرية والأصيلة وغير المبتذلة واللحن الجديد الذي يوظف الكلمة الحداثية ويوصل فكرها إلى الجمهور, كما تلعب شركات الإنتاج والتسويق دوراً في هذا الجمود والهبوط لتفضيل التجاري والربحي على الفني والإبداعي, ولا نرى شركات أو جهات عامة توازي هذه الشركات وتتصدى لهذا الواقع، وأرى أن أكثر ما صدر لائقاً بمستوى الأغنية السورية الحقيقية هو أغاني شارات المسلسلات السورية
اضافة فكرية
وعن رأيه «بالفيديو كليب» حاليا قال : يجب أن يكون إضافة فنية وفكرية وإبداعية حقيقية, وأن يهدف للإضافة للأغنية لا لتسويقها تجارياً فقط, إلا أن أكثره اليوم تجاري تسويقي للأسف.
التلاقي بين الفنون
وعن سؤالنا عن سبب تسمية الفرقة بأرابيسك قال .. الاسم يعبر عن حالة الزخرفة والتشابك والتلاقي والتماسك بين الفنون من موسيقا وشعر وغناء ورسم وتصوير, لأننا نؤمن أن الفن واحد على اختلاف أدوات تعبيره، وأضاف : بالنسبة لتأسيس فرقة أرابيسك في البداية قمت بقيادة فرقة في افتتاح قلعة الحصن وتميز فيها أغنية جديدة باللهجة العربية الفصحى بعنوان جلق الخيرات وأغنية بالشعر المحكي عن قلعة الحصن اسمها (بتلبقلك الضحكة )حيث لاقت نجاحاً كبيرا وكانت الحفلة لائقة بجمال وقيمة قلعة الحصن الحضارية, وقدمنا حفلات أخرى في مهرجان القلعة والوادي وأماكن أخرى في حمص, وواجهتنا صعوبات كثيرة أهمها تبدل الأعضاء نتيجة الهجرات والسفر وظروف الحرب, لكننا قمنا بتجربة مهمة في فرقة اسمها (ألوان) …. كما أن هذه التجارب والمحاولات تمخّض عنها في النهاية تشكيل فرقة ونادي أرابيسك بجهود ذاتية وإمكانات بسيطة, لكن نجاح كل هذا كان بسبب اجتماع الأعضاء المؤسسين من طلاب ومدرسين ومواهب وشعراء ورسامين ومواهب أخرى إخراجية وتصويرية رغبة في محاولة تقديم فن أصيل بشتى أنواعه له رؤىً حداثية تحاول النهوض بالواقع الفني السوري على كل المستويات الممكنة.
تجربة مهمة
وعن أهمية المهرجان الموسيقي الذي يقام سنوياً قال:المهرجان ذو قيمة تاريخية وأهمية فنية فهو أرضية لتقديم الأعمال والأفكار الجديدة, وهو تجربة وإضافة مهمة لجميع المشاركين فرقاً وأفراداً,ومجال للاحتكاك والإفادة لتعدد الفرق والمشاركين الذين نشكرهم لإغنائهم الحالة الثقافية والموسيقية بما قدموه,كما أشكر الكادر الكامل لنادي أرابيسك لما تحدى من صعوبات وظروف, وللالتزام والإحساس العالي بالمسؤولية للوصول لهذا الإنجاز المهم من لا شيء تقريباً.
الحداثة والتراث
أما عن نوعية الموسيقا التي تقدمها الفرقة قال : تقدم فرقتنا الحداثة والتراث, أما الحداثة فهي مبنية على أصالة موسيقانا وعراقتها حيث نحاول أن نقدم رؤيا جديدة للحداثة الموسيقية على مستوى الكلمة وأيضاً لتكون لدينا بصمتنا الخاصة,وإضافتنا للإنتاج الإبداعي السوري,وأما التراث فنحن نقدمه برؤيا جديدة ونحاول أن ندمجه في الواقع الحديث على المستوى النفسي والحسي وتذوق الجمهور له قدر الإمكان,ونحاول إحياء الجميل من هذا التراث السوري العريق والمتنوع.