شكل معرض النحات علي معلا الذي افتتح مساء اليوم في صالة لؤي كيالي بالرواق العربي مشهدية فنية فريدة تفوقت فيها حرفية الفنان وابداعه على طبيعة الخشب الصماء حيث أعطى لمنحوتاته ليونة إنسيابية وموسيقا بصرية مميزة وكأنها احتفاء راقص من بطولة شخوص المنحوتات.
وجعل معلا من أشجار الزيتون الخامة الأبرز لأعماله الثلاثين التي ضمها معرضه حيث أسره الخشب ورائحة الزيتون والسنديان وجاءت بأحجام متوسطة وكبيرة غلب عليها الأسلوب التعبيري والتعبيري الاقرب للتجريد وبمواضيع تراوحت بين البورتريه والأجساد الأنثوية والثنائيات المتقابلة ما بين الرجل والمرأة.
وبدت حرفية النحات معلا ظاهرة من خلال قدرته على دمج الفراغ في حركة وتكوين المنحوتات حتى صار جزءا من فكرة العمل وعاملا بصريا متمما لجماليته محققا التوازن المطلوب إلى جانب الدهشة لدى المشاهد وإثارة التساؤلات والتحليلات لمفاهيمية العمل النحتي المقدم.
وحول اختياره لخامة الخشب قال النحات معلا في حديث لـ سانا “اخترت خامة الخشب لأنها من أهم المواد النحتية التي تواكب الإنسان من بدء التاريخ وهي مصدر للطاقة وتوجد في مناطق محددة من الكرة الأرضية أما الحجر فيوجد في كل مكان” مبينا أن مادة الخشب والعروق الموجودة بها تخدم العمل الفني من كل النواحي البصرية والمادية والفكرة المعنوية لافتا إلى أنه عمل بجميع المواد النحتية لكن مادة الخشب كانت الأقرب له من جميع المواد الأخرى.
وعن الحضور الطاغي للأنثى في منحوتاته أوضح ابن محافظة طرطوس أن المرأة حاضرة في كل أعماله لأن لها قدسية خاصة مشيرا إلى أنها تمثل العطاء والأم والأخت والابنة وهي الجمال بحد ذاته بالمفهوم الوجداني وقال إن “الألهة عند أكثر الحضارات كان يرمز لها بالمرأة إضافة إلى أن العمل الفني يحتاج إلى الجمال وأجمل مخلوق هو المرأة”.
وأوضح معلا أن الحالة الوجدانية في العمل الفني مقترنة بالحالة الفكرية مبينا أن الوجدان هو الأمانة والصدق والضمير لإقناع المشاهد بأهمية وصدق العمل الفني.
وعن رأيه بحالة الفن السوري اليوم لفت معلا إلى أن النحت السوري يمر بمرحلة من أهم المراحل في ظل هذه الظروف الصعبة التي نعيشها وقال “عمل أكثر الفنانين على توثيق المرحلة لنقلها إلى الأجيال القادمة بكل أمانة فمن أهم ما تشهده المرحلة أن يعرض الفنان أعماله ويوثق ما يجول حوله لأن المبدع كالنهر الجاري إذا توقف تعفن وفي هذه المرحلة نحن بحاجة إلى الابداع والفن أكثر لأنها حالة ثقافية صحية تدل على صمود الوطن”.
وعن انعكاس الحرب على عمله الفني أوضح معلا “تأثرت كثيرا لما يحدث في سورية حيث وثقت في أعمالي حالات عدة منها ضحايا الإرهاب وتشييع الشهيد وإعادة نحت تمثال زنوبيا بحلته الجديدة التي ترسل رسالة إلى العالم أن في بلدنا سورية أم الحضارات حيث إلى الآن يعتمد تمثال زنوبيا الذي نحتته الفنانة الأمريكية هارييت هوسمر عام 1853 وهي مقيدة بالسلاسل عندما تم اعتقالها من قبل الرومان ولي عمل آخر من الرخام لتمثال أم الشهداء يتكلم عن الأزمة أيضا”.
ويرى معلا أن هناك تجارب فردية في مجال النحت فهو فن ابداع وليس تكرارا أو تقليدا لافتا إلى وجود نحاتين شباب مميزين في هذا المجال.
وعبر النحات معلا عن تفاؤله بمستقبل النحت السوري لكون سورية بلد الحضارات والتاريخ بحد ذاته من الاكيتو السنة السورية حتى الآن.
وعن رأيه بالمعرض رأى الفنان التشكيلي أنور الرحبي أمين سر اتحاد الفنانين التشكيليين أن تجربة الفنان علي معلا من التجارب الحساسة والمهمة حيث أضاف إلى الخشب قيمة حقيقية لبناء عمل نحتي متكامل ذي امتاع بصري جميل وهذا يحتاج إلى خبرة طويلة في هذا المجال.
وأضاف الرحبي عندما نقف أمام أعماله نجد هناك ألفة من النوع الصعب بينها فهو يقدم حالة إنسانية مؤلفة من شخصه الذاتي إضافة إلى أن الهوا البحري له دور كبير في عناق هذه الأعمال مع طبيعته الخاصة.
يشار إلى أن الفنان علي بهاء الدين معلا من مواليد عام 1960 له أكثر من 150 عملا نحتيا ونحو 12 مجسما لسفن متنوعة وشارك بعدة معارض محلية .
سمير طحان وشذى حمود
“علي معلا”.. السيرة الذاتية في معرض نحتي
الاثنين 10 تشرين الثاني 2014
طرطوس القديمة
قدم الفنان “علي بهاء معلا” سبعين عملاً نحتياً تحاكي مسيرته الفنية وتجسد واقعاً يعيشه في الزمن الراهن، بعد أن تأثر بأحداثه كثيراً حتى إن هذا الواقع طغى على اسم المعرض بالعموم.
فالعنوان العريض “تحية إلى أرواح شهداء عكرمة الأطفال” حاكى أعمالاً وضعها الفنان في مقدمة معرضه النحتي، وتابعها بتنسيق جمالي لتتالي مراحل توالد أعماله من رحم أفكاره، وهنا قال الفنان “علي حسين” رئيس “اتحاد الفنانين التشكيليين” فرع “طرطوس” لمدونة وطن “eSyria” بتاريخ 6 تشرين الثاني 2014: «أنا كفنان تشكيلي معجب بقدرات الفنان “علي” واحترامه للعمل النحتي بمختلف أبعاده، فمن يحترم عمله النحتي يعطي عملاً مدروساً من مختلف النواحي، وهذا المجهود تكلل بهذا الكم الهائل من الأعمال المتنوعة بأساليبها وتكويناتها، وضمن هذا المعرض تظهر قدرة الفنان على امتلاك الأداة المروضة بطريقة صحيحة، والأداة هنا الثقافة والمعرفة الفنية والخبرة التي سخرها لتقديم أعمال بذات إبداعية جميلة، وذلك بدءاً من الواقعية وانتهاءً بالتعبيرية».
أما الفنان “أحمد خليل” فقال: «المعرض برأيي هو “استعادي”، أي عرض الفنان فيه ما أنجزه قبل مدة طويلة، أعاد فيه إلى الحياة ما كان قد فعله سابقاً، إضافة إلى أعماله الحديثة، وهنا يمكن القول إننا نرى سيرة ذاتية خاصة بالفنان.
فهذا المعرض يمتلك من مقومات التجديد والإبداع والإذهال الكثير، أهمها أن ما قدمه على خشب شجرة الزيتون التي تعد شجرة السلام، من أفكار لم نرها سابقاً مقدمة من أي فنان على الخشب أو غيره، إضافة إلى أن تبويبات المعرض وأناقة عرض المنحوتات بهذه الطريقة الرائعة باعتقادي جاءت عفوية نتيجة تراتبية مراحل حياته، التي اعتبر المعرض انعكاساً لها».
وفي لقاء مع النحات “علي بهاء معلا” قال: «يضم المعرض النحتي المعنون بـ”تحية إلى أرواح شهداء عكرمة الأطفال” الذي دعت إليه “جمعية العاديات” بالتعاون مع “مجلس مدينة طرطوس” في صالة المعارض بمدينة “طرطوس القديمة” سبعين عملاً نحتياً على الخشب، تنوعت مواضيعها ومدارس انتمائها، وأهمها ما يحاكي الواقع الحالي، وما يلخص مسيرتي الفنية.
كما أن الأعمال تنوعت بأحجامها وأنواع أخشابها بما تناسب والفكرة المطروحة فيها، كما ضم المعرض أعمالاً توثيقية لمراحل صناعة السفينة الفينيقية وسفينة “الكورينا” البريطانية القديمة المكونة من حوالي عشرة آلاف قطعة خشبية».
ويتابع الفنان “علي”: «في المعرض حوالي عشرين عملاً جديداً، أحاول من خلالها وضع خطوط عريضة لرؤى فنية جديدة وحديثة تختصر تحول الخطوط إلى عمل فني تتناغم فيه الكتلة والفراغ، معتمداً على أدق التفاصيل خلال مراحل إنجازه، أو ما يعرف بالإخراج الفني النهائي».
يشار إلى أن المعرض افتتح بتاريخ 2 تشرين الثاني 2014، واختتم نهاية يوم 6 تشرين الثاني 2014، في صالة المعارض بمدينة “طرطوس” القديمة.
|
|
|