وإنما أولادنـــــا بيننــــــــــــــــا أكبــادنا تمشي على الأرض
إن هبـــت الريح على بعضهم لم تشــبع العين من الغمض.

أطفالنا هم النبتة التي يفني الأهل العمر لرعايتهم وتهذيبهم وتنشئتهم أفضل نشأة ويعتبر الأهل المدرسة الأولى التي ينهلون منها فيغدقون على أطفالهم الحب والحنان والعطف , قامت مديرية الثقافة بحمص في المركز الثقافي باستضافة أ.  عباس سليمان علي ليحدثنا عن هذا الأمر من خلال محاضرة شيقة بعنوان “اللعب واللهو في النمو البدني والذهني” تناول فيها الحديث عن العديد من النقاط :

أكد على ارتباط نواحي النمو عند الأطفال بشكل وثيق وطردي بنوعية الألعاب وأدواتها , واللعب عامل فعال في رفد العمليات المعرفية وتنمية الكفاءات البدنية والحركية والذهنية – كالإدراك – والتصور – التذكر – التفكير – وهو المرتكز الأساسي لإطلاق الخيال الإبداعي .

يرتبط اللعب بالنشاط اللغوي فإصدار الأصوات أو تأدية بعض الحركات يعتبر لعباً عند الأطفال , مع ضرورة تشجيعهم عليه بالابتسام لهم واحتضانهم أو إظهار علامات الرضا والسعادة والثناء , لإعطائهم الدوافع لتعزيز مهاراتهم اللغوية ….

أما عن دور اللعب في النمو وبناء الشخصية : اللعب يؤدي عدة وظائف هامة ولا بد منها في بناء وتنمية الشخصية عند الأطفال هي :

  1. إثبات الكفاءة والمهارات الذاتية عند الأطفال: حيث يتصرفون أثناء اللعب بحرية ويقومون بنشاطهم دون قيود بمعزل عن المفترضات القسرية فيحثهم على التجريب مستخدمين وسائل وأدوات قد تكون مناسبة أحياناً …
  2. تأسيس ودعم مقومات النمو البدني والذهني: نلاحظ أن الطفل يصطنع العوائق للبحث عن إمكانية تجاوزها ذاتياً , يعمل اللعب على دفع الأطفال لملاحظة الطبيعة ويعرفهم على الكثير من العلاقات الرابطة بين المواد والأشياء المختلفة , وهذا أيضاً مما يغني معرفتهم ويعمق إفهامهم ويمكنهم من التوصل لاكتشاف العلاقات بين النتائج ومقدماتها وكيفية حدوث رد الفعل والفعل .
  3. الكشف عن الآفات النفسية والتخلص منها : اكتساب المهارات الجديدة ويمنحهم القدرة على التكيف مع الواقع والمحيطين بهم بعد أن يخلصهم من التوترات ومشاعر الإحباط وخلصت بعض الدراسات والأبحاث إلى اعتبار اللعب أساسيا في تفريغ الشحنات الانفعالية وفي تنقية المشاعر وتدعيم الثقة بالنفس لأن اللعب دور أساسي لابد منه لبناء الشخصية وتعزيز ثقة الطفل بنفسه على المستويين – البدني والعقلي …
  4. في تدعيم الخيال الإبداعي (التصوري ) :خلال اللعب يتقمص الأطفال شخصيات واقعية سبق رصدوا سلوكها , فيلعبون أدوارها بشكل متقن وقد يضيفون عليها الملامح السلوكية كما يرغبون أن تكون عليه تلك الشخصية واقعياً , يعمل ذلك على صقل المشاعر وتنميها وبذلك يمتلك الأطفال القدرة على القيام بالسلوك المناسب تبعاً للمواقف والانفعالات ….
  5. في البحث والاستدلال والاستكشاف: يتطلب لعب الأطفال طاقات ذهنية وقدرات بدنية من خلالهما يستطيعون اكتشاف المحيط , وكم نخطئ إذا لم ندرك أن الأطفال حين يلعبون بحرية واستقلال يحاولون الاعتماد على أنفسهم بما يتمتعون من الطاقات الذهنية والقدرات البدنية غالباً ما يلجأ الأطفال لابتداع ألعابهم من الأدوات المنزلية و غيرها أو يطورون في الألعاب .

إن افتقار الألعاب لما يثير الدهشة والاستغراب  هو مستحدث عامل سلبي في اجتذاب الأطفال واستثارة اهتمامهم , وهذا ما يطفئ عندهم جذوة الصراع المعرفي لذلك علينا اختيار الألعاب الخالية من التناقض والتباين الشديدين في آن واحد لأن ذلك يشتت الانتباه ويثير التوتر ما يستدعي شعورهم بالخوف والنفور .

اللعب الإيهامي : فقد يعتمر الأطفال أوعية الطعام كأنها خوذات جنود محاربين أو يستخدمونها كمقود سيارة ويتقمص الأطفال الشخصيات الواقعية كالطبيب والمعلم والبائع ….ونؤكد على أهمية اللعب لدعم الخيال التصوري ولما له دور كبير  و التأثير البالغ في النمو المعرفي والنمو الانفعالي عند الأطفال , وقد توصل – بياجيه – إلى أن اللعب الإيهامي هو تحول من النشاط الوظيفي العملي إلى النشاط التصوري , وبمعنى أخر تحول من الأفعال إلى الأفكار مما ينمي ويغني القدرات المعرفية التي بدورها تدفع إلى التفاعل مع الواقع بشكل تدريجي وبازدياد مخزون الطفل من الصور الذهنية عن الأشياء والأحداث تزداد القدرة على التعامل مع رموز تلك الصور كبديل عنها نفسها ….

وخلص عباس إلى نتيجة بالقول : أود التأكيد على الدور الهام لا بل الخطير الذي يقع على المربين والراعين للأطفال ليبذلوا غاية الجهد وليوفروا أفضل الإمكانات لما للعب من أهمية بالغة الأثر في تكوين الشخصية ..

فالأطفال بضعة من ذواتنا يبهجون القلوب بحيويتهم وينعشون الأرواح بسعادتهم والأهم أنهم مستقبلنا الذي علينا أن نحسن له التدعيم وأن نسعى دائما وبحرص شديد على تمتينه وتحصينه جسداً وروحاً وفكراً

عاش الوطن بأبنائه وعاشت أجياله رافلة بالعزة والمنعة والسؤدد والخير دائماّ .

مقالتي بجريدة الثورة http://thawra.sy/_archive.asp?FileName=49900863320171109215116