هنا
المصور الصحفي.. كريم صاحب ..
عين ثالثة أطلّت على الحياة الضوئية وأبحّرت في الذّاكرة الفنية البصرية ..
بقلم المصور : فريد ظفور
- أجالس نفسي وأشعر بالعزة والفخار لما وصل إليه مصورونا العرب في التحليق بالعالمية..وأتمنى لكم أيها الساهرون بأن تصل إليكم أشعة المعرفة الفوتوغرافية والوعي البصري إلى كل منزل وجهاز عربي لنتعرف على مزيداً من النجاح والتحليق عند بعض المصورين..أكتب لكم عن فنان رصدت عدسته برمش العيون وعشق الفوتغرافيا حتى الجنون وسجلها في السابق على الورق الحساس والجفون ..وأرسلها بنظراته بكل شجون وجعل بها قلبه مسجون بأحدث صرعات الفنون.. منذ أبد وغابر السنون..حتى أن ربيعاً جاء بعز الخريف موشوماً بالريحان وبالعنبر ..وبالياسمين الشامي يطرق الباب بدفء وإنسيابية عبر شقوق القلب ..أنامله الضوئية تغزل وهجاً معرفياً وتحلق أشعاراً فوتوغرافية..وتعيد طراوة كلماته أيام يبست ..وتعيد كاميرته المجد من المهجر ..لنقدم له قرنفلة الوهج الأكبر..
- للفنان والصحفي المبدع..كريم صاحب ..فتعالوا معتا نرحب به..
- جلست في عطلة نهاية الإسبوع مستلقياً على أريكتي أتأمل ساعة الحائط ..راقبت عقاربها ..وفكرت بأن دورانها الأبدي وأن حركة الزمن الأزلية..عقارب ثلاثة بأحجام و بمهام ثلاث.. حاولت خلسة إيقاف عقارب الزمن في محاولة يائسة ..كي أصطاد منها بعض الوقت لأعرفكم على نجم عالمي فوتوغرافي خاض جولات وصولات في الملاعب الرياضية والمعارك..شاهد الويلات من الحروب والصراعات العنيفة و الدمار والعذاب والقهر والموت ..بل تغلغلت عينه الثالثة ( العدسة) في ثنايا الحياة وإقتربت من الإيقاع اليومي لها..للوجوه الحائرة والحزينة والباسمة والباكية والقلقة والمنفعلة والفاعلة والصامتة والضائعة..وسجلت عدسته أجمل الأهداف التي رسمت البهجة والسعادة في عيون عشاق المستديرة كرة القدم..لقد واكب تحولات العصر للصورة الفوتوغرافية وتطورها ونهضتها..حيث جمدّ لنا أجمل اللحظا ت التي مرت عصفاً على موطنه الأم العراق..
- عاملان من عوامل التحضر والحضارة والتألق ولمعان الوعي عند المصور وهما الثقافة البصرية ..والتجربة العملية ..فحيث وجدا أو وجد أحدهما ..كان للفنان مايعطيه من إبداع وتألق..وهنا يبحر بنا الحديث في موج تجربة الفنان كريم التي قاربت الخمسين عاماً ..تقمص تجاربه منذ زمن الفيلم الأبيض والأسود وزمن الألوان والتحميض والطبع والمعاناة التي كانت تواجه المصورين عامة والصحفيين خاصة..الذين يسبقه الوقت ودائماً محاصرين بالزمن ..ووقتهم كالسيف إذا لم تقطعه قطعك القطار والخبر ..وكما العاملين في حقول إزالة الديناميت الخطأ ممنوع وقاتل أحياناً..ومازال يعطي بكل ثقة وكبرياء الفارس ..وتابع مسيرته وإمتطى صهوة الفن الرقمي وأضحت كاميرات الديجيتال والعدسات صديقة دربه الصخفي في كل موقعة وميدان ..فكيف يمكن التغني بهذه الكاميرا الممشوقة التي تقاسمنا همومنا ومقومات الحياة..في السراء والضراء..فيها بعض من الذكريات مع المصورين والمصورات والمحررين والإعلاميين والعاملين في السوشيول ميديا..وفي مواقع وساحات التواصل الإجتماعي التي قربت المسافات وأظهرت المواهب ومنحتنا سرعة الأخبار بالنشر وبإيصال الصورة إلى شتى أصقاع العالم..وأضحى شموخ الأستاذ كريم صاحب بلا زيف يتحدى بجذورة المتينة كل الصعاب ..ووقف على قدميه رغم المحن والأعاصير التي واجهته..كما شجر السنديان متشبثاً بأرض وتاريخ بلاد الرافدين العريق..ولقد كان لطبيعة عملة مع الوكالة الفرنسية Agence France-Presse بأن عرف وتعلم الكثير من تقنيات ومعدات التصوير الحديثة التي سبق فيها أقرانه..فإكتملت بذلك دائرة معارفه بين القديم زمن الأحادي والتدرجات الرمادية ومتابعته بالفيلم الملون وأطيافه اللونة السبعة..وحتى الزمن الحالي زمن عالم الديجيتال والأنترنت وعصر العولمة وعصر الميديا وعصر الصورة التي أصبحت تحتل السدة الرئيس في كل الأخبار والأحداث الحياتية عند الجميع صغاراً وكباراً وفي شتى أصقاع المعمورة..
- الفنانون الذين يخوضون مغامرات وتجارب فنية جديدة يتمردون على التقاليد الفنية السائدة ويبتكرون وسائل جديدة….والتمرد بحاجة لتوفير المعرفة العلمية حول الشروط الإجتماعية والبيئية والثقافية التي تتم فيها المغامرات والتجارب الفنية الضوئية..ويشترك علم الإجتماع والأدب والفن ..بالنظرة العامة الشاملة ..فعلم الإجتماع جوهرة الدراسة العملية للإنسان في المجتمع ..ودراسة النظم والعمليات والطرق للتكيف مع ظروف مجتمعية معينة..ويهتم بدراسة أنماط الفكر والإبداع وما يطوره الناس خلال حياتهم وتفاعلاتهم من رؤى للعالم وأساليب للتعبير عن هذه الرؤى فنياً..وعلى ذات المستوى الفن والأدب يتمكن من إدراك العلاقات بين عناصر هذا العالم ولملمة شتاته..وإلى تنمية قدرته على إدراك العلاقة بين ماهو ذاتي وماهو تاريخي في مجتمعه..وبذلك نحن بحاجة الى الخيال السوسيولوجي ونعني نوعاً من العقل والفكر الذي يساعد الفنان عامة والباحث خاصة على إستخدام المعلومات وتطوير التفسير والإستنباط..والفنان والأديب يؤسس أعماله على الخيال الذي يكثف الخبرة الجمالية الإنسانية ويصوغها من خلال رؤيته للعالم ..وهو مايدعو للسعي نحو إكتشاف مواقع التمفصل بين عالم الإبداع وعالم التحليل والفهم الإجتماعي للبيئة الحياتية للمصور..والتي تؤدي لمجموعة ملاحظات منها ..أن الفن والأدب هو أحد العلوم المندرجة تحت العلوم الإنسانية…والأعمال الفنية والأدبية لها قدرة غير محدودة على الوصف والتعبير الثري للمشاعر الإنسانية..وهناك ثمة نماذج فنية وحالات أدبية تجسد أكثر من غيرها فرصة لطرح التساؤلات حول مواضع التمحور بين الفن والأدب والسوسيولوجي..أي بين المفكرين والفنانين والأدباء..وتبعاً للإنجازات الفكرية والعلمية والفنية والأدبية المعاصرة ثمة مداخل نظرية تؤسس لدراسات بينية في حقل علم إجتماع الفن والأدب..
- حريٌ بنا هنا ..وبداية أودُّ أن أشكر الأستاذ أديب العاني على جهوده المتواصلة لأكثر من أربعين عاماً ..كان لها الأثر الطيب في إغناء حاسة البصر وثقافة الصورة وفكر المصور العربي أينما وجد من المحيط إلى الخليج ..عبر مقالاته وصوره ومداخلاته وورشاته العملية والتعليمية ورحلاته التصويرية وخدماته التي يقدمها وهو في ريادة إتحاد المصورين العرب..وثانياً الشكر موصولاً لجائزة حمدان وللقائمين عليها الذين عرفوني عن كثب بالأستاذ كريم صاحب من خلال دورتها الحياة سعادة في إمارة دبي عام 2016م وذلك من خلال مداخلة جريئة في إحدى الجلسات الحوارية عن التحكيم..
- إنه فنان يعبر عن الوجود الفني الضوئي ويرمز له بأعماله الغنية التي تحاكي الطبيعة ..إنه طاقة حيوية مزجت روح الشباب وخبرات الكبار..فهو يمثل الأشياء ليست كما هي بل كما يكون وقعها في النفس ..إنه طاقة من الإبداع والحركة والإيقاع والإيحاء ..إنه مرتبط بصيرورة الواقع الضوئي..ويتحلى بأخلاق التواضع والطيبة..صاحب الأصل العريق والنسب الشريف ..وأيضاً تكمن قيمته في عمله وفكره وإنجازاته الضوئية الفنية..لأن مزاياه وخصاله الحميدة كالمحبة والعطف والتعاون هي التي ترفع أسهمه بين زملائه..فيا صديق مهنة المتاعب الصحافة .. وياصاحب درب التصوير الصحفي الطويل..علينا أن نعمل معاً في تطوير العلوم البصرية وفي خدمة الشباب وهواة وعشاق الفن الضوئي..من هنا ندلف للقول بأن الأستاذ المبدع كريم صاحب…صاحب أيادي بيضاء في رفع شأو الفن الفوتوغرافي العربي من خلال ماقدمه من جهد وعمل وأعمال ودروس في إتحاد المصورين العرب..أفلا يجدر بنا بأن نسلط الضوء على جهبذ من المصورين الصحفيين العرب الذين نذروا أنفسهم في خدمة الفن الضوئي..وألا يستحق ممن يهمهم الأمر بتقدير وتكريم فناننا المتألق المبدع الأستاذ كريم ..فلعل كلماتنا هي مفتاح باب المودة وعنوان تذكار المحبة..
ـــــــــــــــــــــــــ ملحة مقالة الأستاذ كريم صاحب ____________
_______