«روح مصر» هو عنوان معرض لعدد من المصورين الفوتوغرافيين المصريين استضافته قاعة «لمسات» في القاهرة. تنوعت الأعمال على مستوى الأسلوب والتناول الفني للصورة، وهو تنوع مرده إلى عدد المشاركين، وهم عشرون مشاركاً، لكل منهم أسلوبه ورؤيته الخاصة في تناول الصورة وإمكانيات توظيفها والتعامل معها، بدءاً من اختيار الموضوع إلى طريقة العرض.
بين الأعمال المعروضة صور بالأبيض والأسود وأخرى ملونة، ذات مشاهد بانورامية، وأخرى تحتفي بالتفاصيل. وتراوحت المشاركات بين الاكتفاء بالمشهد المباشر والتعامل مع الصورة كوسيط فني قابل للتدخل، وقادر على التعبير بلا محاذير. وبين الصور مشاهد للنيل والأهرام وصور لمدن ومناطق مختلفة من مصر.
تقتنص مشاهد أحمد شبيطة السكون وسط الحركة، فيما كان توظيف الظل والنور وتوزيع العناصر أكثر حضوراً في أعمال رمسيس مرزوق. وشارك أيمن لطفي في المعرض بعملين يمثلان أسلوبه في التناول الفوتوغرافي وصرامته في التعامل مع عناصر الصورة وتفاصيلها، وهو أسلوب يعتبر الصورة في النهاية بمثابة منتج فني يمكن الحذف من خلاله والإضافة إليه عبر مراحل الإخراج المختلفة التي تمرّ بها الصورة. وتتمتع صور البورتريه التي عرضها لطفي بطابع خاص له علاقة بثيمة العرض «روح مصر»، بل قد تكون هي أنجح المشاركات التي تحققت فيها هذه الثيمة عملياً إلى جانب مشاركة رمسيس مرزوق الذي استطاع بحسّه السينمائي أن يشكل مشهداً مهيباً بتوظيفه للإضاءة والظل والنور وتوازن الكتل والعناصر داخل المساحة المصوّرة.
وسواء كان الأمر نابعاً من إيمان حقيقي ومخلص بضرورة الحفاظ الأمين على ما اختزنته عدسة الكاميرا كما هو، من دون التدخل في تفاصيله، أو من اقتناع جاد وواثق عند التعامل مع الصورة كوسيط قابل للحذف والإضافة والتوظيف ضمن إطار التناول الفني للموضوع (وهما الأسلوبان اللذان تراوحت بينهما أعمال المشاركين)، تبقى الهيمنة في النهاية للإطار العام للعرض، وهو الرابط الأساس للأعمال وما تنطوي عليه من مفاهيم وقيم قُدّمت من خلال هذا المحتوى البصري تحت المفهوم المحدّد بـ «روح مصر». الثيمة هنا موحية وجديرة بالبحث، سعى المصورون انطلاقاً منها إلى محاولة رصد الروح الفريدة لمصر. والفكرة هنا يمكن توظيفها ضمن إطار بحث أشمل يترك لكل مشارك تقديم وجهة نظره ورؤيته البصرية لصورة مصر أو «روحها»، وهي ثيمة تتجاوز الصورة إلى ما وراءها ويمكنها أن تفتح كثيراً من المسارات المغايرة والمتباينة.
لكن المعرض لم يقدم في الحقيقة سوى صورة أحادية أو صورة سياحية تصلح لأن تكون واجهة دعائية لافتة وجذابة إلى حد كبير. فمصر هنا جميلة وهادئة ومتلألئة بالضياء، بلا صخب أو زحام، بلا عشوائية أو قبح. إنها مصر كما يراها الفوتوغرافيون المشاركون. مصر المنتقاة بعناية والمُفلتَرة عبر العدسة. نحن هنا أمام عدسة أحادية النظرة وانتقائية إلى حد كبير، عدسة تتجنّب النظر إلى الشوائب وتغطيها بطبقة لامعة وبراقة، وهو سلوك نابع من اقتناع شائع عند بعضهم يختصر التناول الفني في جماليات المشهد، حتى لو كانت هذه الجماليات مجرد قشرة خارجية لا تعكس الروح أو المضمون. وفقا لما نشر بصحيفة الحياة.