“عبد الوهاب حقي”: “جميلة بوحيرد” سبب جزائريتي
الاثنين 15 آذار 2010
أديب عرفه أطفال الجزائر “بجدو حقي” من خلال برنامج إذاعي استمر لسنوات يبث هناك، يأتي زائراً إلى مسقط رأسه “دير الزور” كل فترة، لذلك أنتهز موقع eSyria فرصة زيارة الأديب الكبير “عبد الوهاب حقي” الأخيرة إلى مدينته “دير الزور” ليحدثنا عن حياته الحافلة بالإبداع والنجاح حيث يقول:
«أنا من مواليد 1928، أمضيت نصف حياتي في “دير الزور” ثم ذهبت للجزائر للتعليم هناك في بعثة تدريسية رسمية، وعدت في عام 1957، حيث ألفت مسرحية “جميلة بو حيرد” والتي أخرجتها أيضاً وعرضناها في مسرح الهواء الطلق في “دير الزور”، بل وقد قدم هذا العرض في عدة محافظات سورية، وجمعنا من هذا التقديم مبلغاً من المال وجمعت فرقتي المسرحية واسمها “فرقة أصدقاء المسرح” وقلت لهم: ماذا نفعل بالنقود؟، كان الإتفاق أن يتم التبرع بها لثورة الجزائر، وبعد عدة سنوات وعندما زارت المناضلة الجزائرية “جميلة بو حيرد” دمشق سنة 1963 زحف الشعب السوري لرؤية هذه الأيقونة الجزائرية، وكنت مع الجماهير الوافدة لرؤيتها وقد خدمني الحظ بأن استطعت أن أكلمها وكانت “جميلة” حينها مع عدد من الزوار تستقبل الضيوف فقدمت لها مسرحية وألبوم صور ومعه وصل التبرع بالمبلغ للشعب الجزائري، فعانقتني وأخذت تبكي، وقالت لي بالحرف الواحد: “ما كنت أظن أن الناس يهتمون بنا في هذا المكان البعيد”.
فقلت لها: أيتها المناضلة الكبيرة إن المسافات لا تفرق بيننا.
فقالت: لماذا لا تأتي وتعّلم عندنا، فأجبت: بأن ذلك يسعدني لولا أنني أمتلك عقد عمل مع الإمارات المتحدة ومعروف
الأديب “عبد الوهاب حقي” في إحدى مشاركاته الأديبة |
أن من يذهب إلى الإمارات يصبح برجوازياً. قالت: لكن نحن نستحقك، الجزائر تستحقك.
فبعد هذا الكلام مزقت عقد العمل وأمنت المناضلة “جميلة” فرصة عمل لي بالجزائر، وكذلك السكن، وأنا منذ ذلك الوقت وإلى الآن صديق مقرب، وها أنا أقيم بالجزائر منذ 42 عاماً وأعمل بالتعليم، ثم تقاعدت وصرت أعمل في الإذاعة والتلفزة الجزائرية ثم أخذت أعمل في بعض الصحف هناك، وأؤلف الكتب ومجموع كتبي هي 300 كتاب للأطفال، و50 كتاباً للكبار لأنني انشغلت في أدب الأطفال وأصبحت معروفاً لدى الجزائريين “بجدو حقي”».
وتابع “حقي” متحدثاً عن بداية علاقته بأدب الأطفال: «بدأت علاقتي بالأدب بالمصادفة، إذ إن إحدى بنات الجيران طلبت مني قصة فاشتريت لها عدداً من القصص الخاصة بالأطفال، وبينما كنت عائداً في السيارة تصفحتها وإذا بها ملأى بالأخطاء النحوية والإملائية والفكرية وكان ذلك عام 1968 وقررت أن أدخل هذا الميدان».
وكان “لحقي” رأي بما يكتب للأطفال عموماً بينه بالقول: «إن ما يؤلمني هو أن أغلب ما يكتب للأطفال هو مضر لهم، وذلك أن هناك اعتقاد خاطئ هو أن الكتابة للأطفال كتابة سهلة، وهي على العكس من ذلك إذ إن الكتابة للطفل تحتاج إلى
الأستاذ فواز الدلي. |
موهبة وإلى إلمام بقواعد علم نفس الطفل، وإلى بلاغة عالية في اللغة العربية، وتكمن الخطورة في تركيز من يكتب وخصوصاً للبرامج التلفزيونية على الجانب الممتع على حساب المفيد، فترى أغلب برامج الأطفال ترفيهية، غير هادفة، والطفل تترسخ لديه المعلومات بغض النظر إن كانت إيجابية أو سلبية.
وهناك نقطة يجب أيضاً ذكرها هو قلة المراجع التي تخص علم نفس الطفل في المكتبة العربية».
وللأديب “الحقي” أمنية يتمنى أن تتحقق: «أتمنى من الجهات الرسمية تشكيل لجان جادة من أناس لهم القدرة السليمة في الكتابة للأطفال بحيث يكون ما يقدم للطفل جاداً وسليماً، بحيث لا تمر الأعمال المقدمة للأطفال مرور الكرام».
وفي الختام تحدث “حقي” عن علاقته بالمكان الذي ولد فيه حيث يملك ذكريات لا تمحوها سنوات الغربة مهما طالت: «إن علاقتي “بدير الزور” وأهلها هي علاقة حميمية روحية، وأنا أعتبر “الدير” –عدا عن كونها مسقط رأسي- هي قلبي الذي ينبض».
كما التقينا بالأستاذ “فواز الدلّي”، مدرس علوم طبيعية، وصهر الأديب “عبد الوهاب حقي” والذي تحدث عن الجانب الإنساني من حياته: «أعتبر نفسي في غاية التوفيق للصلة التي تربطني بالأديب الكبير “عبد الوهاب حقي” حيث كان
الأديب عبد الوهاب حقي أثناء زيارتنا له |
وما يزال مثالاً في حسن المعاملة، ولطف الحديث، هذا عدا عن معرفته الواسعة التي تغني جلساتنا المشتركة معه، وهو يعاملني كأحد أبنائه، لذا فأنا أكن له كل الاحترام والمودة والمحبة».
ومن مؤلفات الأديب “حقي” على سبيل المثال لا الحصر لأن كتبه تجاوزت 300 كتاب للصغار و50 للكبار نذكر: “صراع: دراسة وتحليل، صنيعة الاستعمار : مسرحية، قوس قزح: مجموعة قصصية، وظيفة شاغرة: مسرحية هزلية، النحو المدرسي: كتاب مدرسي”.