الأرشفة والتصوير : فريد ظفور
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تربة “حامو”.. تجاوزت “بالعجور” حدود الوطن
السبت 09 حزيران 2012
كثيرة هي الخضراوات التي تزرع في قرية “حامو” ولكن عرف عنها تفردها بين جيرانها بزراعة “العجّور”، حيث خرج العجور من بوابة هذه القرية إلى كافة مناطق سورية، بل تجاوزت حدود الوطن لترسل “العجور” المميز بنكهته ولذته إلى كل بقاع العالم.
“eSyria” زار بتاريخ “4/6/2012” قرية “حامو” التي تبعد عن مدينة “القامشلي” ما يقارب 9 كم للوقوف على مراحل زراعة “العجّور” وكان اللقاء مع أحد أقدم زارعيه في القرية السيّد “أحمد عبّاس حمّادي” وبدأ حديثه بالقول التالي: «قريتنا مشهودة لها بأنها الوحيدة التي تزرع مادة “العجّور” وذلك لأن أسباب نجاح زراعتها متوافرة وبالدرجة الأولى توافر التربة الحمراء المثالية لنجاحها، أمّا مراحل زراعتها فتبدأ من فصل الشتاء عندما نقوم بفلاحة الأرض ومن ثمّ سكب الماء عليها بكميّة كبيرة جداً، وبعد ذلك يتطلب أن نترك الأرض لفترة طويلة لحين ارتواء باطن الأرض من المياه بشكل كاف.
أمّا فترة زرع بذر “العجّور” فتكون في شهر نيسان ونقوم بمد الخيوط بشكل مستقيم على طول الأرض وعرضها، ثمّ ننقّط البزر ضمن باطن الأرض على امتداد الخيوط، وبعد التنقيط ننتظر لمدّة 15يوماً وبعد ذلك نقوم بلملمة التراب وجمعه حول الأوراق الخضراء التي ظهرت بعد زرع البذور وذلك عن طريق الفأس من دون أن تتأذى الأوراق».
ويتابع السيّد “حمّادي” حديثه حول زراعة “العجّور” عندما قال: «وبعد عشرين يوماً تتطلب تلك الأوراق التهوية أي إعطائها البرودة تحسباً لعدم تشقق الأرض، ويكون ذلك
السيد احمد حياوي |
من خلال طريقتين القديمة عن طريق الفدان وهي طريقة يدوية ونعتبرها الأفضل لأنها لا تقطّع الأغصان والأوراق، أمّا الطريقة الثانية فعن طريق الجرّار ولكن عند الدوران قد يقطع بعضاً من الأوراق، وبعد أن نقوم بعملية التهوية نترك الأرض لمدّة أسبوع ومن ثمّ نعود فنرى بأن “العجور” بدأ بكثافة مع تلك الأغصان، وكل مراحل الزراعة تستغرق شهرين تقريباً، ففي بداية شهر حزيران يبدأ القطف، وتبقى أصعب مراحله هي المرحلة الأولى فالدقة والتأني هي أساس نجاحه».
ويختتم حديثه عن العجّور عندما تحدّث بالقول التالي: «في هذه الفترة نبدأ بقطفه بشكل يومي، لأنّ التأخير على قطفه ولو بأربع وعشرين ساعة سيتحول العجور الصغير اللذيذ مثل الفاكهة إلى عجور كبير الحجم، وهو أيضاً طيب ولكن الأغلبية يفضلونه صغيراً، وسنكون على هذه الحالة بالقطف حتّى نهاية الشهر الثامن تقريباً، علماً أن زراعته لا تكون في فصل الشتاء لأن البرودة تميت البذرة، فالحرارة العالية هي التي تنجب العجور المثالي، حتّى إنها لا تحتاج لسقاية في هذه الفترة، بل قد تؤثر سلباً على نمّوه وتؤخره.
مازلت أزرع “العجور” منذ عشرين عاماً، إنها مهنتي ورزقي المادي وحبي وهوايتي، وأصبحت أبحث وأتعلق
نبتة العجور |
تعلّقاً شديداً بالأرض التي تنبت “عجوراً”، لقد أصبحت هذه المادة تزرع وتباع بشكل يومي في مدينة “القامشلي”، وتصل إلى مدينة “الحسكة” وبعض المناطق الأخرى، وفي العام /2011/ بدأ “العجور” بالوصول إلى دول وعربية أجنبية، والكثير من العوائل يرسلونه إلى أهلهم وأصدقائهم في المحافظات الأخرى، أمّا أكله عند المساء فيكون أحلى من المقبلات والمكسرات».
المهندس الزراعي “شيار عبد الله” تحدّث عن عوامل نجاحه بالقول التالي: «أهم نقطة تحتاجها هي الأرض الخصبة الصالحة وبالطبع التربة الحمراء، وتحتاج لنسبة معقولة من المياه بحيث تكون معتدلة وفي أوقات معيّنة، حتّى الحرارة يجب أن تكون معتدلة، ولذلك هي تزرع بعد فصل الربيع مباشرة وبالتحديد في شهر نيسان، ولكن قبل ذلك وفي شهر شباط تكون كل موادها جاهزة وفي أكياس النايلون وخاصة البذر، والعجور دائري الشكل من أصناف الخيار ويختلف حجمه بين الصغير جداً والوسط والكبير، ومن أنواعه أيضاً “القتّة” أو كما يقال لها باللغة الكردية “تروزي”، وهذه المادة لا تخلو من بعض الأمراض وخاصة الدود والمَن وهي مادة حيوانية تشبه البرقش تماماً، وإذا ظهرت الأمراض فأنها تظهر في البداية ومع ظهور زهور العجور، ومواد علاجها تتواجد في الصيدليات
المخصصة لها».
أحد بائعي “العجّور” في مدينة “القامشلي” السيّد “جهاد بادي حسو” تحدّث عنه بالقول التالي: «لا يمكن في هذه الفترة من السنة ألّا نستقبله في محلنا، بل هو من الضروريات، وهناك من يطلب حجزه قبل يوم، ليتمّ إرساله إلى محافظات أخرى لأهلهم، ونحن أيضاً نكون متلهفين لحين ظهروه لنستمتع بأكله، أما منبته وتواجده فالجميع يعلم بأن قرية “حامو” هي مصدره الأول والأخير».