الفنانة التشكيلية الفلسطينية الأردنية (سامية طقطق الزرو)، من مواليد مدينة نابلس بفلسطين عام 1938، تخرجت من قسم الرسم والتصوير بالجامعة الأمريكية في بيروت عام 1957، أقامت مجموعة من المعارض الفردية ذات الصلة بمواضيع التراث الشعبي الفلسطيني ، وعملت كخبيرة في ميادين الفنون التطبيقية في أكثر من مؤسسة دولية، لها مُشاركات دائمة في المؤتمرات المحلية والعربية والدولية لاسيما منظمة “إرسيكا” المعنية بالفنون اليدوية المتصلة في العالم الإسلامي.
أعمالها الفنية التشكيلية والتطبيقية، متجاوزة حدود التخصص الأكاديمي الواحد، بل هي موهبة خبيرة ومدربة في ميادينها التشكيلية والتطبيقية ذات النفحات التصويرية، مفتوحة على تقنيات متعددة لفنون النحت والتصوير والحفر والصنائع اليدوية المهنية المتنوعة. تأخذ من التعلم المدرسي الأكاديمي سياقها الشكلي، لتوليف وحدة عضوية في مواضيعها، ومن صنائعها المهنية التطبيقية المتناسلة من وجوه الحداثة الشيئية والتركيبية، بعضاً من ملامحها التعبيرية.
حداثة تركيبية ومُركبة في المواد والخامات والخطوط والملونات، خارجة فيها عن مسارات النمذجة المدرسية والتقليد. تستعير في معالجاتها التقنية، كل ما تصل إليه يدها وذاكرتها الغنية بالأفكار والصور والمرئيات، تجمع الخامات الطبيعية والصناعية المتوفرة لديها، وتُعمل فيها صنيعاً وتشكيلاً وابتكاراً، تجمعها وتعالجها تقنياً وترصفها في بوتقة شكلية حاشدة بالخصوصية وديناميكية العبث، فهي محمولة بالغرابة والرمزية والإيحاءات، والاستخدام الوظيفي للمواد والملونات.
لوحاتها التصويرية غنية بحركية الخطوط والملونات، وتنوع الخامات المستعملة، تُشكل عالماً من الحداثة التجريبية، محمولة بفلسفة العبث الشكلي على سطوح وتقنيات متعددة الصنائع. تصنع منها قصصاً وسرديات بصرية مليئة بمواضيع التراث الشعبي الفلسطيني، ومليئة بتوليفات الزخرفة عموماً والمطرزات الفلسطينية خصوصاً، تسكبها في لحمة تقنية شديدة الخصوصية، قائمة على استراتيجيه الهدم والبناء التشكيلي، والاستعارة المستديمة لعناصر ومفردات شكلية من مخزونها البصري الشخصي، وتهويمات سردية منسجمة مع لمسات الحداثة التجريدية، واللعب على ليونة الحركة الإيقاعية للمواد المنتشرة فوق السطوح ودسامة اللون وشفافيته وتدرجه وانسجامه، ومراوحتها ما بين فنون الرسم والتلوين واللصق من نوع (كولاج) متنوع المتآلفات التجريبية.
وجدت في مدينة القدس مجالاً خصباً لعبثها الشكلي، وفسحة بصرية لتفريغ رؤيتها الفنية، وتفاعلها الوجداني مع قضيتها الفلسطينية، والقدس على وجه التحديد، تجد في ذاكرتها البصرية فسحة لمكان وملاذاً مواتياً لتفريغ انفعالاتها واندماجها بالأحداث الفلسطينية اليومية، عبر مدونات سردية هنا وهناك في حدود السطوح المتاحة والحاضنة لجغرافية المدلول والمعنى. سطوح متسعة لقصص الذات والتراث، قادرة على احتواء مفاعيل الخبرة ولحظات التجلي الشخصي لفنانة تعرف حدود عملها وغايته. نصوص طافحة بالعناصر والمفردات الرمزية، والمعاني الخلفية التي تحشدها داخل أسوار قصائدها البصرية، فيها ما فيها من حداثة تصويرية، مشبعة بأنفاس التجريب والتجريد في وقت واحد.
ومدينة القدس في عمائرها وأوابدها ومعالمها المسيحية والإسلامية حاضرة على الدوام في غالبية أعمالها، تكسوها بحلل لونية متعددة، جامعة لتدريجات الألوان الرئيسة الخمسة (الأحمر، الأصفر، الأزرق، الأبيض، الأسود)، تدخل في عراك التقنية ورصف المفردات التشكيلية فوق سطوح الخامات المستعملة، تبني عالمها الرمزي، وطريقتها في التعبير عن حس الوجود والمواطنة، من خلال أوصافها الشكلية المعبرة عن صدق الحالة وعفوية التعبير وبساطتها. حالات وجدانية حالمة ممتلئة بخصوصية التجريب، ترنو إلى تصوير المشهد العام والخارجي لمدينة القدس المُتخيلة في حلتها الهندسية المتناسلة من مكرر المربع والمثلث والأقواس وأنصاف الدوائر، كوسيلة تقنية للوصول إلى معابر نكهتها التعبيرية الخاصة، بإيقاعات الخط واللون واختيار متواليات الصورة، وتوليف معالم القدس بتقنيات متنوعة راصدة لأزمنة متقلبة، سواء أكانت ليلية مكللة بنورانية القمر الفلسطيني الحزين، أو ملازمة لشروق الشمس وغروبها، أو نهارها المسكون بالحركة، كفسحة تعبيرية مُريحة لتوصيل فكرتها وإحساسها بجماليات المكان الفلسطيني وذاكرته