الفنانة التشكيلية الفلسطينية ” رفيدة سحويل” بلغنا في بحثنا المعمق في وسائط الاتصال المعلوماتية أنها من مواليد قطاع غزة، وأن مواهبها الفطرية دفعتها لدارسة الفنون الجميلة التشكيلية بجامعة الأقصى، والتخرج منها دون تحديد لسنوات الدراسة وميادين التخصص. والمؤكد بوجهة نظرنا الافتراضية أنها اكتسبت بعضاً من الذخيرة المعرفية والخبرات المهنية والأكاديمية. لتخوض غمار ترجمتها العملية كفنانة تشكيلية تروم تقديم مدارات بحثها الشخصي، وتجاربها المفتوحة على التقنيات والجماليات والأفكار. بما تُمكنها مواهبها وخبراتها وتجاربها الشخصية عبر التقنيات المتعددة في ميادين الرسم والتصوير الملون وسواها من فنون مُضافة. لاسيما في مجالات الصورة الضوئية ومنثور الأدب الرمزي التي كانت لصيقة بمراحل تجاربها ولها فيها مآثر وتذكارات.
لوحاتها التصويرية عفوية، وفطرية في مدلولها الشكلي والمعرفي والجمالي. خارجة من عقال التعبيرية الرمزية تارة، والتعبيرية التجريدية في كثير من الأحوال. ومصحوبة باللمسات التجريبية المشغولة وفق مناحي الحداثة التشكيلية، والمعاصرة بالفن بديلا للمدارس والاتجاهات المدرسية الأكاديمية من كلاسيكية وواقعية. متحررة من القيود إلى حدود بعيدة من التجليات، والدخول في مناخات وصفها الشكلي ومعالجاتها التقنية المتنوعة أيضاً. ومنحازة لخيارات دراسية تعلمتها ربما- على أيدي مدرسيها- أولئك المعجبين بفنون الغرب الأوربي والأمريكي ومتاهاتها المفاهيمية والتركيبية.
والتي تُعطي للتقنيات والذات الفردية المغرقة في فرديتها المقام الأول. وأكثر تقليداً لخياراته السردية. ولوحاتها هي أقرب لمجاملات نصية لبعض من تجليات الفكرة والدور الوظيفي للفن التشكيلي الفلسطيني، ومقامه الرفيع في واحة الكفاح الفلسطيني على جبهة الثقافة، وهي غير مقنعة وكافية في أساليب الوصف والمحاكاة لذاكرة المكان الفلسطيني البصرية، بجمالياته الموصوفة وتراثه وصفحات نضاله، سواء أكانت مُتجلية بالطبيعة الخلوية أو المواضيع الاجتماعية وحلتنها السياسية ومسيرة كفاحنا النضالية التي يجسدها المخيم وحالات الصمود والحصار والمقاومة التي لها من العمر عدة عقود.
لوحاتها تأخذ في مسحتها الجمالية وفكرتها التعبيرية مضامين إنسانية، مستعارة من شخوص نسوة هنا، ورمزية نضالية هناك، ولعل الأسير الفلسطيني له حظوة ومكانة في رسومها الجدارية التي تدونها ببساطة وصف ورصف، فيها إحساس طفولي وتعبيرات شكلية ذات صبغة إعلامية، وأشبه بمنشور بصري تحريضي، وتضامني مع قضية الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال الصهيوني. وهي لفته معنوية مهمة في مسيرة النضال الفلسطيني من وظيفية وأدوار الفن التشكيلي الوطنية والاجتماعية.
لوحاتها تدخل سجال الذات الشخصية والبوح القلق، والخجول في مضامين الصورة الذهنية المركبة في خاطر وذاكرة الفنانة البصرية، والباحثة عن رموز قلقة أيضاً، مُعبر عنها بالخط واللون، والمحملة برهافة المساحات المتداخلة فوق توليفات السطوح. تجد لها فسحة مناسبة لتداعيات الريشة المغمورة باللون لرصف مقامات شكلية متوالدة من معين التعبيرية التجريدية. والتي تبقي اللوحة أسيرة لعفويتها وحركتها الدائرة في نشر بيانها البصري، كتداعيات كتل ومزيج ملونات. غير معنية بالنسب الذهبية والحسبة التقنية لمراحل إنتاج العمل الفني، ورصف طبقات اللون فيه وتجانسه. بل هي متروكة للتلقائية المكشوفة على روح الفكرة المسكونة في ذاكرة الفنانة لحظة بلحظة.
نجد في متن نصوصها البصرية ولوحاتها التصويرية، ثمة مناظر مستعارة من محسوسها الشخصي بالأشياء. فهي مزيج من عناصر ومفردات متوالدة من البيوت والأزقة، ومن الطبيعة الخلوية المعشبة بالأزهار والورود، وبشخوص ورموز مروا ضيوفاً قدموا على عجل، واستقروا في مدارات بيئتها الوصفية وتضاريس بيانها التشكيلي. موصولين بحزمة من الخطوط والمساحات الملونة المنتشرة بحرية وحركية فوق مسارات الرصف. محكومة بوصلها التقني مع مركبات دائرة الألوان الرئيسة وتدريجاتها المشتقة هنا وهناك.