عبد المنعم القناوي.. حين تطغى قصص الأعمال الفدائية على موهبة المصور
الأحد 22-12-2013
كتب: أحمد الهواري, آيات الحبال
الفدائي والمصور عبد المنعم قناوي
تصوير : سيد شاكر
تمتلئ جدران بيوت السويس بالصور الفوتوغرافية التي تحكي صمود المدينة، لا تدخل منزلا عاش فيه فدائي ولا ترى صورا توثق آثار قصف المدينة وسنوات حرب الاستنزاف.
تروى الصور حكايات الفدائيين فوق أطلال المدينة المدمرة بأسلحتهم، وصورهم في معسكرات التدريب ومع قادتهم من المخابرات الحربية، ويمتد الخط الزمني للصور لترينا الأبطال جالسين فوق آليات العدو المدمرة منتشين بالنصر.
ومن وقت لآخر تجد صورة توثق جانبا آخرا بعيدا عن البنادق والألغام، فدائيان يلعبان الطاولة علي المقهى، عقد قرآن فدائي، ومجموعة «منطمة سيناء العربية» علي مقهى التلغراف.
الكثير من تلك الصور جمع بينها عامل مشترك، ختم بلون البنفسج علي ظهر الصورة يظهر اسم المصور «عبد المنعم قناوي». يقول «قناوي» أنه كان يمتلك محل «مصوراتي» قبل النكسة، ومع بداية الحرب دمر المحل تماما نتيجة القصف الإسرائيلي للمدينة. التحق «قناوي» بالعمل الفدائي مثل الكثيرون، ولكن خبرته في التصوير الفوتوغرافي، بالإضافة لقوته الجسمانية، كانت عاملا في ضمه لمنظمة سيناء العربية، التي لم يزد عدد أفرادها عن 16 شخصا تلقوا تدريبات متطورة عن تلك التي تلالقاها باقي الفدائيين، وكان من أحد مهامه «التصوير».
ينحصر الحديث عن دور «قناوي»، خلال العمليات الفدائية التي شارك فيها، في أدواره القتالية، يلمع اسمه في تاريخ العمليات العسكرية من خلال دوره في إنقاذ قيادة الجيش الثالث الميداني من التدمير خلال حرب أكتوبر، ويسلط الضوء علي قصة بقاءه في جبل عتاقة 101 يوم كان يقوم خلالها بدور وحدة استطلاع بأقل الإمكانيات. ووسط كل هذا اختفي الحديث عن دوره الآخر. يقول «قناوي»: «لما كنت بقوم بعمليات للمخابرات الحربية كانت إما بصور العملية أو بصور مواقع للعدو. كل النجاتيف بتاع العمليات دي فى قيادة الجيش الثالث الميدانى، لأن محدش كان يعرف إننا بنقوم بعمليات عسكرية، الجرايد والإعلام وقتها كان بيكتب عن العمليات بتاعتنا (قامت القوات الخاصة، الصاعقة أو المظلات، بكذا وكذا). وده كان بأوامر من الجيش. ولكن انا كنت مهتم انى أصور الفدائين وأصور الدبابات اللى دمرانها والأماكن اللى كانت شاهده على المعارك اللى خضناها».
لم يكتب عن منظمة «سيناء العربية»، بحسب «قناوي»، إلا بعد بعد معركة السويس التي وقعت أمام قسم الأربعين وصمودهم في وجه القوات الإسرائيلية ومنعهم لتلك القوات من السيطرة علي السويس. يقول «قناوي»: «ساعتها الجرايد كتبت عنا ولأول مرة يتكشف ورقنا ويتعرف اننا الفدائين اللى كنا شغالين مع الجيش». ومع انتهاء الحرب ووقف نشاط المنظمة وعودة أفرادها إلي أعمالهم التي كانوا يمارسونها قبل الحرب لم يستطع «قناوي» العودة لعمله كـ«مصوراتي» فالستديو الخاص به دمر تماما، فعمل سائق ميكروباص.
في احتفالات نصر أكتوبر عام 1982 بدت بارقة أمل ولكنها لم تؤدي إلي تحقيق الحلم. التقي «قناوي» احتفالات ذلك العام بمحافظ السويس وقتها، اللواء «بكير محمد». يقول «قناوي»: “كان قائدا للشرطة العسكرية وعرف الأعمال البطولية اللى قمنا بيها وقالى طلباتك ايه؟ قلتله أنا كان عندى محل واتقصف وعايز محل تصوير جديد فى مدينة فيصل، وفعلا إدانى محل فى فيصل بثمنه الأصلى، بس كان سكرتير عام المحافظة فى الوقت ده وقف قصادى وعرض المحل للبيع فى المزاد، وقالى خش المزاد وخده ودخلت المزاد واستلفت من طوب الارض وحاربت لحد ما اشتريت المحل فى 12 فبراير 1984. وخلاص بقا المحل بتاعى ولكنه مازال مقفول لانى لما اشتريته مكنش معايا فلوس اشترى الات التصوير وأجهز المحل ومكملتش تصوير والمحل مغلق من يومها».
توقف «قناوي» عن ممارسة التصوير، باستثناء تصوير الأسرة من وقت لآخر، وضاعت نيجاتيفات الأفلام التي كان صورها ولم تطلبها القوات المسلحة. ولم يتبق من الصور التي التقطها للفدائيين والمدينة سوى النذر اليسير الذي يعرضه «سادات غريب» في مكتب والده الفدائي الراحل «غريب محمد غريب»، وبعض الصور المتفرقة في بيوت زملاءه من الفدائيين.