التراث البصري
ويقول البوسطة في حواره مع «اليوم» ردا على سؤال حول دور التراث البصري العربي الإسلامي في عمله الفني؟ وهل يستلهم التراث او ينطلق من مفاهيم معاصرة فقط؟
- في ظل هذا التنقل السريع في كل امور الحياة فإن مجال الاستعارات والاقتباسات مفتوح على مصراعيه في الفن، وكل ما يحسب في التقييم هو مدى صدق النتاج الفني ومدى إدراك الفنان لعمله وادواته وكيفية اخراج العمل للجمهور. المواضيع الفنية تختلف اليوم باختلاف المشاريع التي يؤمن بها الفنان ومدى علاقته بهذا المشروع، قد يتحدث المشروع عن التراث لكن بصورة حديثة وقد يتحدث عن الإنسان وعن البيئة واي مادة بصرية يستطيع الفنان اضافة بعد فني عليها بحيث نستطيع القول إن هذا عمل فني بغض النظر عن الخامة، التي قد تكون تقليدية او حديثة او حتى مبتكرة، المهم هو كيفية تقديم العمل امام الجمهور. فمثلا قد يكون العمل في ابسط صوره البصرية كنقطة او خط لكن كيف قدم الفنان هذه النقطة او الخط للمشاهد هنا يكمن بيت القصيد.
المشاهد اليومية
- كيف تبدأ عملك الفني؟ وما هو المحرض أو الباعث الذي يطلق شرارة البداية؟
- العمل يبدأ من المشاهدة اليومية لمُوتيفات الحياة واستلهامها كأشكال بصرية وكيفية تحويلها لمادة فنية من خلال المعادلات التي تختلج في النفس عن تلك المشاهدات مسببة مادة فنية قابلة للعرض والادراك الحسي، وقد تكون هذه المشاهدات بسيطة في شكلها الخارجي كبقعة لونية او خدش على جدار او حركة يد أو اي شيء آخر أو معقدة التركيب كازدحام الشوارع وتشابك الخيوط او اغصان الأشجار والخ… العمل لا ينتهي لأنه مشروع متواصل مستدام متغير متبدل متلون بتلون الحياة وما يطرأ من تغيير عليها.
التكنولوجيا الحديثة
- في رأيك هل للمعارض التشكيلية دور في تطور المشهد التشكيلي؟
– تتراكم الخبرات والمهارات لدى الفنان من خلال استمراره في عمله واجتهاده وبحثه في كل ما يخص فنه، فلكي يتوج هذا البحث والعمل لا بد له من عرض النتاج امام الجمهور وخوض تجربة ردود الفعل والتفاعل مع الأعمال وما ينتج عنها من قبول ورضا عن النتاج او عدم تقبل، كل ذلك لن يصل له الفنان ما لم يعرض عمله في المعارض الفنية، نعم التكنولوجيا الحديثة أخذت جزءا من عملية العرض لكن لم تلغها بل أصبحت كمرحلة أولى من مراحل العرض ووسيلة انتشار سريعة وواسعة القاعدة والانتشار وهذا ضمن طموحات اي فنان ان ينتشر عالميا فتجد له جمهورا في الخليج وروسيا واليابان وافريقيا وأي مكان على المعمورة.
من أعمال حامد البوسطة
عائلة فنية
- ما هي أهم المحطات في حياتك كفنان تشكيلي؟
- قصتي مع الفن التشكيلي بدأت من أول لحظة أتيت فيها للحياة حيث ولدت في عائلة فنية فوالدي وعمي (عبدالكريم وعبدالمنعم البوسطة)- رحمهما الله – من رواد الحركة التشكيلية في البحرين، مما جعل الفن بالنسبة لي شخصيا مصيرا وقدرا، كانت الغرفة التي نسكن فيها هي المرسم والمكتبة فما ان فهمت العالم فهمته من خلال العمل التشكيلي الذي رأته عيني في طفولتي وبدأت أكبر والعمل يكبر معي، فبدأت بمرحلة الطبيعة وبالأسلوب الانطباعي الذي ما زلت مغرما به، واعشق العمل فيه، ثم الى شيء من السريالية مثلي مثل الكثير من فناني جيلي، ومرورا بشيء من التعبيرية ومن بعدها الولوج في عالم التجريد الذي ما زلت فيه مع ممارستي لتقنية حديثة كالأعمال التركيبية والفيديو والجرافيكس والخ.
ما تفعله الثقافة
- ما هو دور الثقافة في الفنون وفي إنتاج لوحة أكثر غنى لديك؟
- لا نستطيع السير في الطريق دون ضوء واسفار ترشدنا وتبين لنا اين نحن ومن نحن والى اين سائرون وفي اي اتجاه والكثير من الاسئلة التي تأتي بأسئلة أخرى وتجعل منا أكثر عمقا وأكثر دراية وصلابة، تماما هذا بالنسبة للفنان التشكيلي فبدونها يصبح حرفيا أكثر منه فنانا مبدعا، لا بد للفنان أن يقرأ وفي كل مجال ويستنبط ويستشف ويستفيد من كل العلوم ويحاول ان يطبقها في أعماله الفنية.
تشجيع الاستثمار
- في رأيك ماذا يحتاج المشهد التشكيلي في البحرين ليتطور أكثر؟
- يعود تاريخ الحركة التشكيلية في البحرين إلى خمسينيات القرن الماضي إذ تعتبر من أولى الحركات التشكيلية مع الحركة التشكيلية الكويتية، والحركة في البحرين مرت بمراحل وتطورات أثرت الكثير ونوعت الكثير وفتحت الكثير وساعدت الكثير وهذا واجب عليها، واصبحت اليوم حركة فتية وذات غنى كأي حركة عربية أخرى سبقتها بخمسين عاما أو أكثر، إلا إنها بحاجة للجانب الأكاديمي الحاضن والموجه للناشئة، والآخذ بأيديهم، كما من المهم نشر الوعي والثقافة التشكيلية في المجتمع واهمية الدور الذي يلعبه الفنان في بناء مجتمعه، إلى جانب ذلك فإنها بحاجة الى عدد اكبر من دور العرض العامة أو الخاصة وتشجيع الاستثمار في الفن التشكيلي.
الاهتمام بالفن
- كيف ترى المشهد التشكيلي في الخليج؟
- في الفترة الاخيرة زاد عدد الفنانين في الخليج بشكل عام وزاد الاهتمام بالفن من خلال عدة صور ومشاهد متمثلة في المعارض السنوية التي تقام في كل دولة على حدة وفي البيناليات الخليجية والمعارض الفردية والجماعية، كما أن هناك دورا مهما لآرت دبي وآرت أبوظبي وآرت بحرين في اضافة بعد عالمي للحركة التشكيلية الخليجية من خلال مشاركة وعرض اعمال لفنانين خليجيين فيها أضف إلى ذلك المزادات الفنية العالمية واقتناء للبعض من قبل جالريات ومتاحف مهمة، لكن يبقى طموح الفنان اكبر من ذلك متجسدا من خلال المشاركة الجماهيرية لأعماله والاحتفاء بها وما قد تحدثه من أثر في المجتمع يساعد على نهضته وتنميته وبنائه في شتى المجالات كالعلمية والصحية والاقتصادية، بمعنى آخر نحلم بأن تكون للفن مشاركة فعلية في النتاج العام للشعوب الخليجية. وفقا لما نشر بصحيفة اليوم.