الكاتب ممدوح حمادة: مقومات الدراما السورية تجعلها قادرة على الاستمرار رغم محاولات تدميرها
15 أيلول 2014
.يمتلك الكاتب الدرامي ممدوح حمادة قدرة متميزة على التقاط القفشات والافيهات الكوميدية من الواقع ليعيد بناءها دراميا ضمن سياق أحداث محكم ومدار بطريقة فنية عالية من خلال شخصيات مسبوكة ومبنية بكثير من العناية والاقتراب من الناس في الشارع مما يولد حالة تفاعل جميلة بين شخصياته والمشاهدين.
ويأتي نجاح أعمال السيناريست حمادة من لوحات في أعمال سلسلة عيلة النجوم و بقعة ضوء وعالمكشوف وضيعة ضايعة بجزئيه والخربة وأخيرا ضبو الشناتي ليؤكد الموهبة التي يتحلى بها هذا الكاتب الذي لم يبعده تواجده خارج الوطن عن نبض وحياة الناس في بلده لينقل آمالهم وآلامهم بقلمه الساخر الى الشاشة.
وعن مشروعه في الكتابة الدرامية يقول الكاتب حمادة في حديث لمراسلنا «ليس لدي خطة مسبقة في هذا الموضوع بل احاول استشفاف التطور اللاحق أثناء سير العمل لأنه خلال ذلك تتكشف العوالم والأفكار الجديدة والخطوات التي ينبغي القيام بها لاحقا وتظهر أثناءها ايضا الاخطاء ومكامن النجاح في العمل».
ويضيف.. «أسعى لكي يكون في كل عمل أقدمه شيء مختلف عن العمل الذي سبقه وخطوة اضافية في التجربة التي اخوضها ودائما اخضع أعمالي التي قدمتها لمحاكمة اكتشف خلالها الأخطاء التي وقعت بها والفرضيات التي كان يمكن أن أقدمها لأنني في وقت الكتابة لم انتبه لها ولذلك فإنني لا يمكن أن أصل لمرحلة الرضا لأنه بداية الركود والانحدار في العمل الإبداعي».
ويوضح حمادة أن طموحاته كثيرة في مجال الكتابة للدراما ومنها العمل في مجال السينما ولا يظن انه سيتمكن من تحقيقها جميعا مؤكدا أن كل نجاح يتحقق من عمل قدمه يزداد معه منسوب القلق لديه عند كتابة العمل الذي بعده وتبدأ الهواجس من عدم القدرة على تقديم نص افضل من سابقه.
وحول موضوع فرق العمل الجماعية أو الثنائية في الكتابة الدرامية يوضح مؤلف بطل من هذا الزمان بالقول.. «شاهدت عددا محدودا من الأعمال التي اعتمدت على الشراكة في الكتابة ولم أرى بينها مشروعا ناجحا سوى مشروع الكاتبين نجيب نصير وحسن سامي اليوسف اما بقية التجارب كانت فاشلة ومرت دون أن تترك اثرا ولا أدري إن كان هناك مشاريع ورشات سيناريو لاقت النجاح ولم أطلع عليها»، مبديا عدم تفضيله الكتابة الجماعية وجنوحه للعمل الفردي مع احترام جميع التجارب الاخرى.
وعن عمله مع المخرج الليث حجو والثنائيات الفنية بين الكاتب والمخرج يوضح كاتب ضيعة ضايعة أن تلك الثنائيات توطدها نتائج التجارب المشتركة والتفاهم والاحترام المتبادل مضيفا …«تجربتي مع المخرج الليث حجو لاقت نجاحا لافتا اضافة الى الاحترام الذي يتعامل به حجو مع النص الذي بين يديه وتفاصيل اخرى كثيرة تجعل الشراكة معه أمرا يبعث على الاطمئنان والثقة إلى جانب الموهبة التي يتمتع بها والتي تتحدث عنها مجمل أعماله».
وعن قدرته في مقاربة واقع الحياة في سورية رغم بعده عنها يبين كاتب الخربة أنه لا يفكر في هذا الموضوع أثناء الكتابة ويقول.. «اعتمد على التحليل والاستنتاج وعلى تجربتي الشخصية في ظروف مشابهة وعلى ذاكرتي والمعلومات التي اتلقاها من الاعلام ووسائل التواصل وفي نهاية المطاف لا بد من وجود ذاكرة جينية تفعل فعلها دون أن نشعر بذلك».
وحول الأعمال التي قدمها ولامست الأزمة التي نعيشها يشير حمادة إلى أن الجزء الأكبر من مسلسل الخربة كان مكتوبا قبل الأزمة وكانت الاحداث بدأت وقتها في مصر وتونس وليبيا ويقول ..«بناء على ما كان يحدث هناك تخيلت في الخربة ماذا لو امتدت الأحداث إلى بلدنا ولكن الأحداث سبقت التصوير فبدا كما لو أنها عن الوضع العام في سورية».
ويبين حمادة أن الفرق بين الخربة وضبو الشناتي هو أن الأول يعتمد في معظمه على الاسقاطات لأنه كتب في وضع يتم البوح فيه عبر الاسقاطات أما العمل الثاني فكان في زمن كل شيء يجري فيه بصراحة ومباشرة ولا يتحمل الاسقاطات والإيحاءات فكان مباشرا.
وعن المواضيع التي يقدمها إن كانت بطلب من شركات الانتاج أو منه شخصياً يقول كاتب ضبو الشناتي «إن شركة الانتاج تبدي رغبتها بعمل وانا احدد باقي الامور كلها ولا تتدخل الشركة عادة باي شيء يتعلق بالنص وعندما تطلب الشركة المنتجة أي مواصفات معينة فهذا يعني انني لن اكتب».
وحول تاثير الأزمة على الدراما السورية يوضح حمادة أن تاثيرها جاء من ناحية تقلص الامكانيات الانتاجية وعدم توفر الكوادر الفنية التي تشتتت بفعل الأزمة الى جانب المقاطعة التي فرضتها بعض القنوات لكنه رغم ذلك يعتقد ان الدراما السورية حتى الآن ما زالت صامدة رغم تعرضها لمحاولة الحط من شانها والتهجم عليها ولكنها بقيت صناعة توفر قوت مئات العائلات السورية وليس لها أي ذنب فيما يحدث كما أن مقومات الدراما السورية تجعلها قادرة على الاستمرار رغم محاولات تدميرها.
وعن المواضيع التي تطرحها الدراما السورية مؤخراً يرى كاتب مسلسل مبروك أن لكل كاتب الحرية بطرح ما يريده من مواضيع لكنه أشار إلى أن ما يضايقه هو الرسائل السيئة التي تمررها بعض الأعمال الدرامية حيث تقوم عن طريق الاكشن بتمرير رسائل أقل ما يمكن أن يقال فيها أنها مؤذية وكاذبة فهنا الطامة الكبرى فهذه الاعمال عنوان للفن الهابط بغض النظر عن طبيعة العمل ونوعه أو بيئته لان تقييمه يتم بما يحمل من رسائل وبمصداقيته وبنوعيته الفنية وهذه ثلاث علامات يجب أن يحصل عليها أي عمل فني مبيناً أن تدني المستوى في اي جانب من جوانب العمل الدرامي يعني تدني مستوى هذا العمل ككل.
ويتابع.. «هناك مواضيع يمكن وصفها بأنها هروب من الواقع وهناك ما يمكن أن نسميه تردي وفن هابط كما أن الأعمال التي تنتج في الخارج لا بد أن تؤثر على انتماء الدراما السورية لمحليتها في ضوء أولوية التسويق للأعمال لدى شركات الانتاج»، وعن الكتابة المباشرة أثناء التصوير يوضح حمادة أن الكتابة اثناء التصوير قد تجعل الحدث طازجا أكثر ولكن لها مخاطرها الكثيرة لأن ضغط الوقت يدفع احيانا لتقديم تنازلات والاهم من ذلك هو الضغط النفسي والجسدي على الكاتب.
ويرى كاتب سلسلة عيلة النجوم أن مستقبل الدراما السورية مرتبط بمستقبل البلد ككل معربا عن تفاؤله بالمستقبل بالقول .. «إن صاحب الموهبة سيتابع عمله بغض النظر عن النصائح ومن لم تسعفه موهبته سيغادر هذا المجال ولكنني اعتقد أن الكاتب لكي يقدم الافضل عليه أن يمزق اضعاف ما يكتب قبل أن يقدم عمله.
محمد سمير طحان
سانا