رحلتي الرائعة إلى عالم الفطريات في يوم 6 أكتوبر 2003
د .عدنان جواد الطعمة
فطر كراوزه جلوكه
يبدأ موسم جمع الفطريات من شهر تموز و ينتهي في نهاية شهر نوفمبر تقريبا من كل سنة . و في بعض السنوات الأخيرة بدأت الثلوج تتساقط في نهاية شهر سبتمبر الأمر
الذي أدى إلى إتلاف و تجميد الفطريات . وموضوع تساقط الثلوج والأمطار هو من أمر ربنا العلي القدير .
قال سبحانه وتعالى في كتابه المجيد : و علمنا الإنسان ما لم يعلم .
لم تكن لدي خبرة وتجربة واقعية قبل شهر آب 1993 بمعرفة أنواع كثيرة من الفطريات
السامة و غير السامة و غير مقبولة الطعم إلا بعدما إشتركت مع الصديق الألماني
الدكتور توماس و زوجته الكريمة هايدرون و عدة عوائل ألمانية اشتركت معنا في رحلة
للبحث و جمع الفطريات في الغابات القريبة من مدينتنا في يوم على ما أعتقد 24 آب 1993 عندما ذهبنا حوالي 14 شخصا ومعنا صبايا إلى الغابات . وكل واحد منا كان يجمع
ما يعجبه من الفطريات في سلته أو خرجه . وكل واحد منا كان يحمل خرجا و طعاما وخبزا وقهوة وفاكهة وصحنا وسكينا وملعقة و شوكة وكوبا وكاسا للماء الذي نحمله في القناني .
حددنا موعد إنطلاقنا من موقف السيارات أما مدخل الغابة في منطقة ريشت بيرغ التي كنت اسكن فيها بشقة جميلة مطلة على الغابات في الساعة العاشرة صباحا .
شتاين بيلتز صغير
حضر جميع الأصدقاء وكان الصديق توماس يحمل خرجا كبيرا و أيضا كانت زوجته تحمل خرجا كبيرا مملوءا بالقهوة والشاي و الخبز و أدوات المطبخ كالطاوة والملح والبهارات
و السلاطة و غير ذلك . كانت الخطة التي وضعها توماس مع زوجته هي بأن نبدأ بالعاشرة و نسير في طريقنا بين الغابات باتجاه موقع جميل كبير في وسط الغابة نعمل
فطر شتاين بيلتز كبير و يوجد أكبر منه بكثير
نارا و نجلس حول النار على المصطبات من الكونكريت و الأخشاب لنطهي ونطبخ ما جمعنا من الفطريات . وهكذا جمعنا عدة أنواع من الفطريات و عندما وصلنا موقعنا طلب
منا الدكتور توماس أن نضع الفطريات على المصطبات لكي يقوم توماس مع زوجته هايدرون بتعريفنا بكافة أنواع الفطريات السامة وعير السامة إستنادا إلى الكتالوجات
التي معنا. وأغلبنا كان لديه كتالوجا خاصا بالفطريات المصورة . و بعد إنتهاء توماس و هايدرون من محاضرتيهما بدأنا بقص الفطريات الغير سامة والبصل والطماطة . كما قام
عدد منا بجمع الحطب و عملنا في مركز الموقع نارا و هيأنا البراد لغرض عمل شاي أو قهوة . إستمتعنا بهذه الرحلة السعيدة جدا وكانت تلك الرحلة بالنسبة لي الدرس الأول
لتعلم أنواع وأسماء الفطريات . وفي اليوم التالي ذهبت مع زوجتي العزيزة وحملت السكين والكامرة و الكتالوج و بدأت أجمع الفطريات التي تعرفت عليها قبل يوم من
فطر الزبدة
توماس وهايدرون . ثم عدنا للبيت وطبخت الفطريات كلها مع الطماطة والبصل و فص ثوم وليمون حامض ثم طبخت الرز . سألت زوجتي العزيزة هل تخافين أكل الفطريات التي جمعتها اليوم ؟
أجابتني ليش أخاف ، لأني أثق بمعرفتك وأعتمد على خبرتك فشكرتها .
أعود إلى رحلتي الرائعة في يوم 6 أكتوبر عام 2003 فأقول لله الحمد أصبحت خبيرا
فطر بوفيتسه قهوائي و أبيض الصغير جدا منه لذيذ
وعارفا جدا بخمسين نوع من الفطريات . وأنا قررت أن أجمع مائة بالمئة كل فطر أعرفه وكنت أفضل جمع عشرة أنواع التي أعرفها جدا. هناك يا سبحان الله توأمان لكل فطر ،
فطر المظلة شيرم بيلتز لذيذ بهذا الحجم
أحدهما ساما و ثانيهما ممتازا غير سام . وأحيانا ومن خلال عشرات الرحلات لجمع الفطريات كل سنة كنت أجد الإثنين معا ، فإذا راودني أدنى شك في فطر بنسبة 1 بالألف لا أجمعه وأتركه .
لأنه كما قيل في أمثالنا العربية الجميلة : رب أكلة منعتك من أكلات .
فطر سام جدا و لونه جميل جذاب إسمه فليغن بيلتز فطر الذباب
اي رب أكلة تسممك و تقتلك هههههههههه . لذا كنت أترك كل فطر أشك فيه 1 بالألف .
جمع الفطريات هو رزق من الله عز وجل ، مثل صياد السمك الذي يرمي شبكته . و في
فطر بوفيتسه
بعض رحلاتي كنت أبحث ساعات متعددة في الغابات أصعد تل وأنزل من التل أو أصعد إلى مرتفع جبلي وأمشط المنطقة يمينا و يسارا لساعات طويلة لم أجد فطرا واحدا
فليغن بيلتز سام جدا
و أحيانا كنت أدخل إلى الغابة وأمشي إلى اليمين أمتارا معدودة وأجد عشرات الفطريات .
كانت غنيمة رحلتي هذه جدا دسمة لله الحمد والشكر وغنية تكفي لغشرة أشخاص ، إذ أني وجدت أندر الفطريات وأطيبها وأغلاها وهما فطر شتاين بيلتز اللذيذ جدا و فطر
سام أيضا فليغن بيلتز
كراوزه جلوكه الكبير الذي يشبه خلايا الإسفنج ، حيث طعمه جدا لذيذ و نكهته طيبة . بعد أن ملآت سلتي و خرجي بفطريات متنوعة كفطر الزبدة و فطر شتاين بيلتز و فطر
فطر الأحمر سام والثاني الأبيض غير سام
المظلة و فطر براون كابه وفطر شجرة البتولا و فجأ شاهدت في أسفل ساق الشجرة كومة من فطر كراوزة جلوكة باللونين الأحمر والبيجي .وهذا الفطر أكبر فطر عثرت عليه
سام
لحد الآن . فمن حسن الحظ كان معي كيس كبير الحجم جدا . فتحت سكيني و قطعت
الفطر كراوزه كلوكه من الجذر ثم وضعته بحذر وعناية في الكيس . عدت إلى سيارتي ثم
سام
وضعت الخرج والكيس و العصا والكامرة في السيارة برفق . وفي أثناء قيادتي لسيارتي أتتني فكرة بأن أذهب إلى هيئة تحرير صحيفة مدينتنا أوبر هسيشه برسه .و في الحال
جاء صحفي ومعه كامرته وأخبرته أين وجدت هذا الكنز النادر . فقال لي أحمله أنت بنفسك ثم التقط لي هذه الصورة واجرى الحوار القصير معي و شكرني وشكرته .
للآسف الشديد لم أجد في العام الماضي فطريات كثيرة نتيجة تقلبات الجو و سفرنا . أتمنى أن أوفق هذا العام للقيام بعدة رحلات إلى الغابات المختلفة التي أعرفها جيدا لجمع الفطريات .
تقبلوا مني فائق ودي واحترامي : د .عدنان – ألمانيا في 28 يناير 2014